مضار وفوائد الإندومي. المهندس نقولا فيّاض. هامبورغ

يُطلق مصطلح “إندومي Indomie”، وهي كلمة أندونيسية تعني “الشعيرية الأندونيسية”، على النودلز “المعكرونة” سريعة التحضير، قدمتها شركة أندونيسية لأول مرة عام 1969، ثم ابتدأ الانتشار الواسع لتصبحَ أكلة شعبية في معظم دول العالم من أستراليا إلى الولايات المتحدة مروراً بالشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا… أنشأت شركة باينهل العربية للأغذية المحدودة، Arab Bainehal Food  أول مصنع في مدينة جدة في السعودية عام 1994، ليتوسع الانتاج فيصلَ مصر وسوريا ثم السودان واليمن…

ما حقيقة ما يُقال عن الإندومي والمواد الغذائية المماثلة؟

أشيع الكثير عن الإندومي والبيتزا الجاهزة والشيبس والمعلبات ومكعبات المرق بأنواعها… قيل أنها تحوي مواد ضارّة تسبب أمراضاً خطيرة، في حين نفت الشركات المنتجة أية معلوماتٍ ضدها. ما بين التهام والنفي، سنلقي الضوء بشكل مُبسط من مركز فيريل للدراسات على حقيقة تلك المواد الغذائية.

يحتوي قسم كبير من المواد الغذائية المحفوظة على مادة الغلوتمات وهي غلوتمات أحادي الصوديوم، مركب كيميائي Sodium hydrogen glutamate، له الصيغة C5H8NNaO4، يكون على شكل بلورات بيضاء. وهو ملح الصوديوم الأحادي لحمض الغلوتاميك. يستخدم كمضاف غذائي. ويسمى أيضاً E621، ويختلفُ عن ملح الطعام كلور الصوديوم NaCl.

أثارت مادة غلوتمات أحادي الصوديوم جدلاً كبيراً حول تأثيرها على صحة الإنسان، وثمة وجهات نظر مختلفة ومتناقضة تحوم حولها لكن ما حقيقة هذه المادة؟

غلوتامات أحادي الصوديوم، حمض أميني غير ضروري للإنسان، يتواجد في عدة خضروات كالبندورة، وفي جبنة البرمازانو، ونباتات خاصة البحرية منها. عام 1908 نجح برفسور ياباني يُدعى إكيدا باستخلاص حمض الغلوتاميك في الأعشاب البحرية، وكان ذا مذاق مُستساغ فأسماه “أو مامي”! تمت إضافته لطبق الطعام في اليابان ليصبح ألذ حسب وصفه، ويحملُ مذاقاً خامساً جديداً. منذ ذلك الحين أي قبل 111 عاماً، وُصِفّ الحمض بأنه يحتوي على سُمّية حادّة إذا استعمل بكثرة…

الشركات العالمية للأغذية أخذت الاكتشاف وبدأت بإضافة مواد أخرى “غالباً كيميائية”، لتغيير النكهة وجعلها أكثر وضوحاً، والهدف الأول والأخير زيادة البيع والأرباح، وأصبح اسمها اختصاراً MSG. طبعاً خضعت لمراقبة وزارات الصحة في كافة دول العالم المتطورة، لكن لا يوجد ما يؤكد أنّ التقارير والاختبارات التي أجريت على تلك الأطعمة، لم تخضع لضغوطات في الشركات العملاقة وحتى الحكومات… فجاءت معظم التقارير مبهمة ولا تُقدّم ما يُثبتُ دقة ما ورد فيها، حتى أنّ معظم الاختبارات استخدمت فيها الفئران وعندما خضع الإنسان لها، كان عدد الأشخاص لا يتجاوز الـ50 شخصاً وبجرعات صغيرة.

لتحديد الجرعة المميتة؛ وجدت دراسة تحت عنوان(LD50)  أجريت عام 1995، أنّ 50% ممن تناولوا 18 غرام منMSG  كمادة مُنكهة أضيفت للطعام، أدت للموت… التجربة أجريت على الفئران. تقرير إدارة الأغذية والأدوية الأميركي (FDA) نصّ على أنّ “تناول المادة بمستويات عادية لا يسبب أضراراً جسدية”. السؤال: ما الذي يؤكد أن مصانع الأغذية تضع المستويات العادية منها خاصة في الدول التي تكون الرقابة الصحية فيها ضعيفة؟

دراسة أخرى أجرتها هيئة معايير الغذاء في أستراليا ونيوزيلندا (FSANZ) خلصت إلى أنّ: “لايوجد أي ارتباط بين MSG والتفاعلات الانعكاسية الخطيرة قصيرة أو طويلة التأثير”. لكنها وجدت أنّ 1% ممن تناولها تعرّضَ للصداع وحسّ الخدر وتصلّب في العضلات ترافق مع ضعفٍ عام، والسبب: “تناول كمية كبيرة منها”… ولم تُبيّن السبب الطبي لما حدث، لهذا أُلزمت الشركات المنتجة بوضع ملصق يحتوي على الكمية والمواد المضافة.

استنتاجات ونصائح مركز فيريل للدراسات حول مادة MSG أو الأندومي

بعد استشارتنا لعدد من أطباء التغذية الألمان هنا في برلين وصلنا لعدة نصائح تخصّ كافة أنواع الأغذية المُصنّعة سريعة التحضير:

1ـ كل مادة غذائية مُعلبة جاهزة أو سريعة التحضير، أُضيفت لها مواد حافظة ومنكهات، هي بجميع الأحوال ومهما كانت نتائج الاختبارات، مواد كيميائية غير طبيعية. لهذا يبقى الغذاء الطازج الطبيعي أكثر سلامة وأقل ضرراً.

2ـ كل مادة غذائية مُعلبة لا يوجد عليها ملصق يوضح المواد المُضافة كاملة، مع الكميات ورقم الترخيص وتاريخ الصلاحية مطبوعاً غير مُلصق، هي مادة ضارّة وسيئة التصنيع ولا تصلح للغذاء. شاهدوا الصورة.

3ـ بالنسبة لمادة MSG الموجودة في معظم المعلبات والأغذية الجاهزة، فإنّ أية كمية مُضافة، وحسب معلومات مركز فيريل للدراسات، تتجاوز 3 غرام، هي ضارّة صحياً.

كل مُنتج غذائي تاريخ الصلاحية مُلصق، هو موضع للشك ننصح بعدم استهلاكه. التاريخ يجب أن يكون مطبوعاً بوضوح على العلبة.

4ـ كل شخص يشكو، بعد تناول وجبة من الأطعمة المحفوظة تحتوي على مادة غلوتمات، من صداع أو تعرّق أو حس خدر ووهن عام وحس غثيان، عليه التوقف عن تناول تلك المادة نهائياً، لأنّ لديه حساسية تجاهها، هذه الأعراض سُميت بـ Chinese Restaurant Syndrome، أي متلازمة المطعم الصيني وهي منتشرة في الولايات المتحدة. إنّ وجود متلازمة تنجم عن تناول هذه المادة يجعلها محطّ تساؤل كبير…

5ـ تسبب مادة الغلوتمات الإدمان والأخطر البدانة بدون شك، فإضافتها للطعام تزيد الشهية لأنها تؤدي لإيقاف “تثبيط” مستقبلات “هرمون الشبع” Leptin العصبية الذي تفرزهُ غدد النسج الدهنية، وبالتالي يتوقف الإحساس بالشبع. هذا الهرمون يُسبب ارتفاع ضغط الدم وتسرّع نبضات القلب “دراسة صينية وألمانية”. أمرٌ آخر؛ تسبب المادة انخفاض سكر الدم، وهذا أمر إيجابي إلى حد ما مع مرضى السكري، وسلبي مع الذين يُعانون من انخفاض سكر الدم وهو ما يُؤدي لزيادة ضربات القلب والشعور بالغثيان والانهاك العام والتعرّق بعد تناول الوجبة.

ما حقيقة ما يُقال عن الإندومي والمواد الغذائية المماثلة؟

6ـ عندما لا يمكنك الحصول على الغذاء الطازج، فالأفضل طهي الطعام في المنزل ومن مواد طبيعية غير محفوظة وباستخدام التوابل العادية وملح الطعام.

7ـ لوحظت زيادة نسبة الإصابة بمرض ألزيهايمر وشلل باركنسون لدى الأشخاص الذين يتناولون هذه الوجبات بشكل مستمر.

8ـ لم تقم أية جهة طبية بدراسة علمية لإظهار هل تساعد هذه الوجبات الغذائية على الإصابة بالسرطان. لهذا يبقى هذا الاتهام غير مدروس.

ختاماً

السماح بانتاج المواد الغذائية المحفوظة حتى في الدول المتطورة، لا يعني إطلاقاً أنها صحيّة أو على الأقل “مُحايدة”، ودليلنا أنّ وزارات الصحة الغربية نصحت بالإقلال قدر الإمكان من تناولها، لأنها لا يمكن أن تقف في وجه شركات الانتاج العالمية ببساطة وتقول: “إياكم والطعام الجاهز”. تبقى الدول الأوروبية الغربية، ونتحدثُ هنا عن خبرتنا في ألمانيا، أكثر الدول مراقبة لصحة الغذاء وشروطه، وهذا لا يمنع من وجود “فضائح” غذائية بين فترة وأخرى، بينما تأتي الولايات المتحدة متأخرة في هذا المجال، لتحتل إفريقيا والشرق الأوسط المراتب الأخيرة في سُلّم الأغذية الصحية… المهندس نقولا فيّاض. هامبورغ ألمانيا. بإشراف الدكتور جميل م. شاهين. Firil Center For Studies FCFS Berlin