منظمات سرية بأسماء رنانة

في الخفاء يتم التخطيط  لكل الأحداث التاريخية العظيمة، من قبل رجال طبقة النخبة في الأماكن الاكثر ثراء وسرية في هذا العالم، في القصور الباهظة الثمن، وذلك بقصد خداع البشر، لإبعادهم عن معرفة حقيقة السياسات المعلبة. بغض النظر عن الفترة الزمنية أو التركيبة السياسية والاجتماعية التي نعيشها، كان هناك دائما مجموعة من بعض الأفراد الذين ينتمون الى فكر ظالم واقطاعي وديني عبري، جعلوا من السيطرة على العالم وتفاصيله اليومية هدفهم الأسمى. خلال القرون الثلاثة الماضية شهدنا ارتفاعاً في أعداد هؤلاء الأفراد وتجمعاتهم السرية، وعموما عند القراءة في عناوين تلك الجمعيات والتجمعات السرية سيتجلى بوضوح لكم أهدافهم المشتركة من خلال أفعالهم وألاعيبهم القذرة.

 

خلال فترة الحروب التي عصفت بالمنطقة وخاصة منذ غزو العراق عام 2003، مرورا بما سمي الربيع العربي إلى الحرب الكونية الارهابية على البلد الحبيب سوريا، ظهرت عدة أسماء رنانة لمنظمات تدعي انها عالمية، فكانت هذه المنظمات واجهة لمؤسسات دولية خطيرة، تجند العملاء بمختلف المجالات كرجال أعمال واقتصاديين وسياسيين وأعضاء برلمانات، وخبراء أمنيين وأعضاء حكومات… فلمع نجم عدد من رجال الأعمال المرتبطين بشكل مباشر أو غير مباشر بالماسونية، كما ظهرت بعض الاتحادات والبرلمانات الوهمية. وأخيرا نشهد تزايداً في أعداد من يسمون  أنفسهم (سفراء النوايا الحسنة)، وبأسماء منظمات مختلفة تحمل شعار الأمم المتحدة، إلا أن الحقيقة غير ذلك تماما.

ندقُ هنا ناقوس الخطر محذرين من هذه المنظمات التي تعمل تحت جناح وشعار الأمم المتحدة، والتي غايتها عكس الشعارات التي تطرحها، كونها مرتبطة بمخططات سرية لمعاهد ومراكز دراسات معادية هدفها صهر جميع الشعوب في بوتقة العولمة.

 

كتب المؤرخ والكاتب الانكليزي ويلز في عام 1928:

العالم السياسي هو عالم من المؤامرات المفتوحة، تقوم على إضعاف وطمس وجود الدول والحكومات الصادقة لتأخذ مكانها، هذه المؤامرة هي الوريث الطبيعي للفكر الاشتراكي والشيوعي لكن بعبارات ملطفة. المؤامرة المفتوحة والتي سوف نصل إليها في نهاية المطاف هي عملية إكراه في تعليم البشر بشكل إجباري ما نريدهم أن يعلموا، ليتقبل العالم للخدمات العامة التي نقدمها لهم بشكل مباشر، الدولة العالمية المزمع قيامها ستكون على بعد آلاف الأميال من تحقيقها، وسيكون من الصعب على الجميع تصديق قيامها، لكن عند صناعة الحدث (أو الأزمة) المناسبة سيكون هناك أسباب سريعة عند الاخرين لتقبلها في نهاية الأمر، حتى رغما عنهم.

من المرجح أن يحدث هذا بسرعة كبيرة بسبب صناعة الأزمات المتلاحقة، وحينها سيكون من الصعب على عامة البشر إيقاف هذه المؤامرة.

أشعر أحياناً بأن الأجيال القادمة، التي ستعيش عالم البروباغندا الإعلامية الدعائية، وبسبب التعليم التضليلي الظالم، قد تضطر لتقبله دون مساءلة أو تردد. أهدافهم بسيطة جدا، وعلينا جميعا أن نتشارك في الإيمان والدين الواحد، العادات والتقاليد الواحدة، اللغة الواحدة، والقوانين الواحدة… سيكون هذا الفكر ديانة العالم الجديد، وهذه الكتلة تفضي إلى استيعاب جميع الجماعات والمجتمعات بالتأكيد بشكل سلس. من الواضح أنها ستبتلع كامل سكان العالم يوماً ما، ويصبح هذا النظام الديكتاتوري هو المجتمع الإنساني الجديد.

 

مؤسسة راند من أخطر المؤسسات العالمية

 

خلال مراقبتي لسياسة المؤسسات الإعلامية العربية، التي قامت بالتنسيق مع مؤسسة راند الأميركية، بالاعتماد على النظرية نفسها التي قامت بها تلك المؤسسة في أوروبا وأميركا، وتلك السياسة هي نفسها اعتمدتها راند في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وتعتمد على الإرهاب الفكري والشروع في تفكيك شرائح المجتمع الذي أوحى به الإعلامي العربي على أنه صراع وجود لبقاء الطوائف والمذاهب في المنطقة العربية، عبر فرزه من أكثرية وأقليات (كل دولة حسب تركيبتها السكانية والدينية)، وتمحورت تلك الخطة حول أربعة محاور متقاربة ومتفاعلة مع بعضها في الوقت نفسه وهي على الشكل التالي:

 

  1. أولا: في أوروبا وأميركا، قامت مؤسسة راند الفكرية بمساعدة الإعلام الغربي في التركيز على الصراع مع الاتحاد السوفياتي والمعسكر الشيوعي، وبعد انهياره، تحولت وجهة الصراع الى التطرف الإسلامي الذي هو اختراع إعلاميّ غربي. في حين أن في العالم العربي وبعد سنوات من الصراع مع إسرائيل، قامت الدول العربية المدعومة فكريا من مؤسسة راند، وبعد حرب الكويت عام 1991، وبالتنسيق بين مؤسسة راند والإعلام العربي، بتحويل الصراع من عربي إسرائيلي، الى عربي فارسي، وسني شيعي، ونجحت في تحويل الرئيس جمال عبد الناصر من بطل قومي إلى متهم ساعد في بطء تقدم مصر والأمة العربية، وأحد أسباب التخلف في مجتمعنا العربي.
  2. ثانياً: بثت مؤسسة راند بالتنسيق مع الإعلام الغربي، في أوروبا وأميركا، الرعبَ في المجتمعات الغربية من المسلمين في مهمة إعلامية تُدعى “الإسلاموفوبيا”. بالمقابل أقدمت في منطقة الشرق الأوسط على تجويف العلاقات الإسلامية وخلق الفتن المذهبية بين السنة والشيعة، عبر إثارة المشاكل من خلال برامج تثير السخرية من التحدي بين الطوائف الإسلامية، ومن منهما يمثل المذهب الديني الأصح، أتبعها الإعلام العربي بترهيب المسلمين السنة من التمدد الشيعي، ابتداء من خطاب الملك الأردني الجديد آنذاك عبدالله مما أسماه الهلال الشيعي، مع العلم أن الملك الأردني هو خريج المعاهد العسكرية الإنكليزية التي تخضع لمؤسسة تافيستوك الفكرية، وخرّجت دفعات من ملوك وأمراء ووزراء عرب خليجيين، وكان هذا قبل البدء بمشروع ملتون فريدمان المتمثل بشيكاغو بويز.
  3. ثالثا: بثّت مؤسسة راند مع الإعلام الغربي في أوروبا وأميركا، الرعبَ في المجتمعات الغربية من الإرهاب العالمي، وبالأخص منظمة القاعدة، التي لا يمر يوم إلا ويُذكر اسمها، لتتمكن الحكومات من السيطرة على تلك المجتمعات، ضمن نظرية السيطرة من خلال الفوضى والرعب، فالمجتمع الأميركي لا يزال يعيش حالة رعب 11 أيلول، جراء حادث إرهابي كان نتيجة عملية الراية المزيفة، فحققت منظمة بيلدربرغ والشركات العابرة للقارات ما لم تحققه الحرب العالمية الثانية… في عالمنا العربي؛ حمّلت مؤسسة راند والأنظمة العربية المنضمة تحت اللوبي العربي ومشروع شيكاغو بويز، حمّلت إيران ومشروعها العسكري والنووي كافة التبعات، وسوقتهُ كمشروع حياة أو موت لشعوبنا العربية، فإيران تخطط لإعادة إحياء الإمبراطورية الفارسية، وأهملت تلك الوسائل الإعلامية أن الولايات المتحدة الامريكية كانت ولا تزال تبني القواعد العسكرية في جميع أنحاء العالم، بالتعاون مع جناح الأمم المتحدة العسكري (حلف الناتو)، وغضوا أبصارهم عن دستور مانفيست داستيني وحروب أميركا التوسيعية في جميع بلدان العالم.
  4. رابعاً: ما فعلته تلك المؤسسة في العالم الغربي ومن ثم العالم العربي هو نفسه، بتحويل وجهة نظر الناس نحو أخبار نجوم الفن والرياضة، لإبعاد أنظارنا عن وجهة سير خطتهم بالسيطرة على العالم، ولتكريس حالات الفقر المادي بعد سرقة موارد بلادنا بالتعاون مع الدمى المسماة بالطبقة الحاكمة في البلاد العربية,، والتي جعلت المشاكل المادية جل ما يقلقنا، إضافة لجعل المجتمع العالمي، بما في ذلك المجتمع العربي، يتابع ما يسمى تلفزيون الواقع وعولمته (أميركان أيدول، عرب أيدول) وغيرها من البرامج، والتي قادتنا لتبني فكرة مراقبة أعمالنا اليومية، لنصل إلى ما يُعرف المجتمع المراقب، والذي كانت البداية برنامج المؤسسة اللبنانية للأرسال (ستار أكاديمي)، وصولاً الى تقبلنا لعدم المبالاة بأننا مُراقبين من الغير، وهو من أهم أجزاء إقامة النظام العالمي الجديد الذي يفرز على أثره البشر ما بين أقلية من الأسياد، وأكثرية من العبيد.
  5. خامساً: مولت مؤسسة راند عام 2016 وبمبلغ يزيد عن 700 مليون دولار، عدداً كبيراً من القنوات الفضائية الدينية بمختلف أشكالها، وذلك لبث الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، وكانت بمجملها موجهة للشعوب العربية عموماً والاسلامية خصوصاً. أمام هذا الحشد الإعلامي العربي والغربي الذي يتم توجيهه من قبل مؤسسات أمثال تافيستوك وراند، وهدفه تحريك العواطف المذهبية وتأجيجها، فيجد المشاهد العربي نفسه أمام سماع أخبار الحرب والقتل، أو أمام البرامج الترفيهية التي بمعظمها تتلاعب بفطرة وغرائز البشر، وتثير حالاتٍ من الإحساس بالنقص عند مقارنة إمكانياتهم المتواضعة مع ما يرونهُ من خلال هذه البرامج، مما يدفع البعض لاستبدال دينه بديناره، ويؤدي بسلوكهم لاتخاذ أفعال مضرة بالمجتمع، للحصول على المال والشهرة بأسرع الطرق، ابتداءً من إلى تجارة المخدرات وبيع الجسد.

 



أخيراً: إنّ هدف المؤسسات التي تُعنى بكسر حرية الفرد وتوجيه البشر وفق رؤية منظمة بيلدربرغ، للوصول الى عزل الإنسان عن محيطه الشخصي، بجعله يتخذ التلفاز صديقاً وشريكاً له، وبمعدل 8 ساعات يومياً، وبالنظر حولنا نرى أن غالبية شعوب العالم قد تخطت المطلوب منها بمشاهدة ما تبثه تلك الشركات المضللة عبر التلفاز إلى أكثر من 8 ساعات، ليصبحوا عبيداً لتوجيهات المؤسسات الإعلامية وأهدافها غير المعلنة.

الدكتور أسامة إسماعيل. 08.10.2017. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. سيريا – إن (شبكة ارام بريس الاخبارية)