نهاية أردوغان ستكون واحدة من أربع

نهاية أردوغان ستكون واحدة من أربع

تنبأ كثيرون بنهاية قريبة لأردوغان، لكنه مازال مكانه رغم الصعوبات الاقتصادية ومحاولات الانقلاب والانتخابات، وتراجع كبير للحريات والديموقراطية وامتلاء السجون بعشرات الآلاف من مناوئيه، وبعد أن كان معشوق السياسيين هنا في برلين، باتَ فجأة “ديكتاتوراً” حسب وصف صحافتهم… السبب ببقائهِ؛ دعم خارجي أولاً ومن الأضداد، سواء موسكو أو طهران أو واشنطن، والأهم دعم لندن له وهو خليفة الإخوان ومرشدهم الأعلى.

التنبؤ السيء لمستقبل السلطان العثماني جاء هذه المرة من الولايات المتحدة على يد الكاتب والباحث Michael Rubin، وهو  الخبير في الشرق الأوسط، والأستاذ الجامعي، شغل منصب مستشار عسكري في وزارة الدفاع الأمريكية. حالياً عضو في مؤسسة American Enterprise Institute. مؤلف ومحرر في مجلة Middle East Quarterly. تربطهُ علاقات وطيدة بتل أبيب حيثُ يُدرّسُ التاريخ في الجامعة العبرية في القدس وجامعة ييل، وأيضاً… في ثلاث جامعات شمال العراق!!.

روبن هذا نشر مقالاً نقتطف منه أجزاء، علماً أننا نشرناه كاملاً على مركز فيريل للدراسات بالإنكليزية لمن يود الاطلاع.

يقول روبن: “يبدو مستقبل رجب طيب أردوغان قاتماً، وسط مؤشرات تراجع هائلة في الحريات وقمع الصحفيين وسجنهم وتسريح المعارضين واعتقال المناوئين، تركيا يملؤها الخوف من “جنون العظمة”، ولا يبدو أن مستقبل رئيسها سيكون مشرقاً”.

يضيف روبن: “لا نقاش حول طبيعة نظام الرئيس رجب طيب أردوغان، ففي عام 2018 وصلت تركيا لذيل قائمة الحريات في ترتيب دول العالم، فانضمت إلى روسيا وإيران وكوريا الشمالية وفنزويلا. قبل ذلك، في عام 2012، وصفت منظمة مراسلون بلا حدود تركيا بأنها أكبر سجن في العالم للصحفيين، والسجون التركية تغصّ بالسجناء السياسيين“.

يتابع: “مستقبل أردوغان لن يخرج عن أربعة سيناريوهات: الموت. المنفى. السجن. الإعدام”.

بعد حوالي 15 سنة من توليه رئاسة الوزراء، يظنّ أردوغان أنه بات آمناً على كرسيّ الحكم، رغم أنه لم يحصل على التصويت بالأغلبية إلا مرة واحدة، والسبب أنّ الذين قاموا بالإحصاءات كانوا من مؤيديه…

الأحداث الأخيرة التي تشهدها تركيا تجعل فترة حكمه على وشك الانتهاء.. كيف؟ هناك أربعة احتمالات فقط:

جنازة رسمية

هذه أكثر نهاية يفضلها أردوغان، خاصة وأنه حسب اعتقاده، حقق ما كان يتمناه، فبعد سنوات من الفقر، وتظاهره بإلحاح بصورة الشخص “المؤمن المتدين”، نرى زوجته أمينة، باتت تشبه السيدة الأولى السابقة الأرجنتينية إيفيتا بيرون، أصبحت مدمنة على الرفاهية.

يمتلك الرئيس التركي ثروة تقدر بمليارات الدولارات، ومن أجل الحفاظ على ذلك يتردد في المخاطرة بتخفيف قبضته على مقاليد السلطة. ربما كان الدافع الأكبر للبقاء في هو ضمان إرث عائلته، وهذا ما يبرر ذلك عدم اهتمامه بحزب العدالة والتنمية الحاكم.

مع اقتراب مرور 100 عام على تأسيس تركيا، يسعى أردوغان لافتتاح جمهورية ثانية وإغلاق التابوت في نهاية المطاف على إرث أتاتورك.

يستدركُ روبن: “لكن الوفاة الطبيعية لا يتوقعها الديكتاتوريون في العالم، حتى لو تمناها أردوغان بعد أن أمّن لأسرته وأقاربه مستقبلاً مادياً جيداً… أوكل لولديه أحمد وبلال أردوغان مسؤولية إدارة ثروات العائلة التي تبلغ عدة مليارات من الدولارات، بينما يقوم بإعداد صهره بيرات ألبيرق، الذي يشغل حالياً منصب وزير المالية، ليكون خليفته في رئاسة تركيا.”!!

غير أنّ أردوغان ينسى ما جرى مع الرئيس المصري حسني مبارك، عندما حشر ابنه جمال في السلطة، الأمر الذي أدى ليس لإثارة الجماهير ولكن النخبة العسكرية، فقامت بالانقلاب عليه والإطاحة به. بغض النظر عن ذلك، فإن أردوغان يتجاهل أيضاً الخناجر بيد أعضاء حزب العدالة والتنمية، التي ستنحرف نحو أحمد وبلال وبرات عندما يرحل أردوغان.

المنفى

جنون العظمة” الذي يظهر واضحاً في شخصية أردوغان، أدى لشعوره الدائم بالقلق والخوف على حياته. يضيف روبن: “تركيا عبارة عن “طنجرة ضغط”، والقوات العسكرية الأمنية هي غطاؤها، مع كل عملية اعتقال ومصادرة حريات وفصل وتسريح وتراجع اقتصادي، يزيد الضغط داخلها. إنها مسألة وقت فقط حتى يحدث الانفجار“.

ينسى هنا أردوغان إدانة محمد مرسي في مصر عام 2013، وهو أول رئيس من جماعة الإخوان المسلمين المنتخبين، ويتجاهل القصة الحقيقية: في غضون عام واحد فقط، خسر مرسي شعبيتهُ في صفوف المصريين، ونادوا عبد الفتاح السيسي لينقلب عليه، ة. مهما كانت الدلالات، شيء واحد واضح: السيسي لم يكن ليصلَ إلى السلطة لو لم يفقد مرسي دعم الشعب المصري.

” ماذا سيفعل أردوغان إذا ثار الشعب التركي؟ أفضل خيار له هو الفرار إلى المنفى، لكن سلوكه الغريب يحدّ من خياراته. روسيا ليست رهاناً جيداً. فلاديمير بوتين يرى أردوغان مفيداً كونه يلعب دوراً في إزعاج الغرب. عندما يُصبحُ أردوغان غير مفيد، سيتخلّصُ منهُ بوتين كما تتخلّصُ القطة من جثة الفأر…
هذ يجعل أردوغان أمام خيارين للمنفى؛ إما قطر أو أذربيجان،  لهذا عليه أن يفكر بشراء عقارات في إحدى هاتين الدولتين، قبل أن يقوم خلفه أو أعداؤه في المجتمع الدولي بتجميد حساباته الكثيرة.

عندما يُصبحُ أردوغان غير مفيد، سيتخلّصُ منهُ بوتين كما تتخلّصُ القطة من جثة الفأر…

الديكتاتور الأوغندي عيدي أمين اختار المنفى السعودي. كذلك فعل الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي. اختار الزعيم الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش موسكو، واختار رئيس غامبيا السابق يحيى جامه غينيا الاستوائية. ومثلما وجد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي أنه ليس لديه أصدقاء، فإن سلوك أردوغان الخاطئ قد يحدّ من خياراته. إن احتواء أردوغان للإخوان المسلمين يعني أن المملكة العربية السعودية خارج الطاولة. روسيا رهان غير جيد. بالنسبة لفلاديمير بوتين ، يعتبر أردوغان مفيدا ولكنه في النهاية لعبة

السجن

إذا اشتعلَ الغضب العام وتغيّر النظام في تركيا، يمكن للذين سيأتون بعده أن يختاروا ما يحلو لهم من سجل جرائم أردوغان الحافل. عندما انتخبَ رئيساً للوزراء، كانت هناك ملفات فساد معلقة تعود إلى عهده عندما كان محافظاً لمدينة استنبول… الثروة الضخمة التي يمتلكها مع أسرته ليس لها تفسير قانوني، ويشهد على حساباته المصرفية في البنوك الأحنبية زملاؤه في حزب العدالة والتنمية، وتورطه في قضايا غسل الأموال. أيضاً أردوغان متهم بجرائم حرب ضد الأكراد وتدميره لعشرات القرى”.

روبن: “باختصار، إذا استمر أردوغان طويلا في الحكم ومواجهة الاضطرابات المدنية، قد يجد نفسه مداناً بالسجن عشرات السنوات، إن لم يكن أسوأ من السجن“.

الإعدام

يقول روبن: “لن يكون أردوغان أول زعيم تركي يودعُ السجن، وإذا ما حاول منتقدوه الانتقام، وسمح نظام العدالة بذلك، فربما ييم إعدامهُ. عام 1950، أصبح عدنان مندريس رئيسًا لوزراء تركيا بعد أول انتخابات حرة في البلاد. ترأس الحكومة لعشر سنوات، وقاد تركيا للانضمام إلى الناتو، وحقق نمواً اقتصادياً لم يسبق له مثيل. لكن في عام 1960، قاد الجيش التركي انقلاباً أطاح به وسجنه. في نهاية المطاف، وجدت المحكمة أنّ مندريس مدانٌ بالاختلاس، وانتهاك الدستور. في 17 سبتمبر 1961، شنقه الجيش التركي.”… عام 1990، لم يمنح البرلمان التركي عفواً عن مندريس فقط، بل سمح ببناء ضريح على شرفه، فقد وجدوا أنّ مندريس كان بريئاً!! أمّا أردوغان، ففي جميع الأحوال مذنب.  هناك بانتظاره قضايا التطهير العرقي وجرائم الحرب ورعاية الإرهاب والفساد الجماعي، وعليه دفع الثمن النهائي.

توفي الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش في السجن. رفض الرئيس العراقي السابق صدام حسين عرضاً بالنفي إلى دبي، بينما كانت الدبابات الأمريكية تطوّقُ بغداد، وانتهى به الأمر إلى حبل المشنقة. كما انتقل حسني مبارك من القصر إلى السجن، رغم أنه حصل في وقت لاحق على عفو.

هيومن رايتس ووتش ومنظمات أخرى ستعارضُ إعدام أردوغان، لكنهم غالباً ما يتبعون بآرائهم للسياسيين والسياسة، هذا لا يعني أن إعدام أردوغان سيكون أمراً حكيماً، لأنه سيحولهُ إلى شهيد بنظر الكثير من الأتراك.

مستقبل أردوغان ليس مشرقاً، الإذلال والعدالة يمكن أن تحلّ محل الفخامة والقوة التي اعتاد أردوغان وعائلته على استخدامها. ترجمة وصياغة مركز فيريل للدراسات. 02.02.2019 Michael Rubin نرى في مركز فيريل أنّ الكاتب الأميركي فاتهُ نهاية أردوغان بطريقة… الاغتيال…