هل سيشهد جيلنا انهيار الإمبراطورية الأميركية؟ بحث لمركز فيريل للدراسات ـ برلين. سارة عيسى. Firil Center For Studies FCFS Berlin will our generation be a witness of the collapse of the American empire?

يراقبُ العالم اليوم فيلماً أميركياً شاملاً بصناعة هوليوديّة، فيلماً مليئاً بالأكشن والعنف والعنصرية والفوضى الخلاقة، كاتب السيناريو والمخرج والممثلون والمنتجون وحتى الكومبارس أميركيّون. الولايات المتحدة؛ الأسطورة العظمى التي سطرت على صفحات تاريخ الأمم، حضارة كُتبتْ بدماء الشعوب، تمر اليوم بمأزق قد لا تخرج منه سالمةً.

لكل أمة أو حضارة مقومات نشوء واستمرار وأسباب لانهيارها، وفي داخلها نواة ضعفها، نواةٌ تتساقط عنها قشور القوة عقداً وراء عقد، حتى تنكشف هذه النواة، وتنكشف معها أسباب الانهيار والسقوط والإضمحلال. لكن الأهم ما الذي تتركه هذه الحضارة من آثار  وتركات تفيد الإنسانية والإنسان، فعندما نقول امبراطورية المغول، نتذكر الهمجية والبربرية والتخلّف، وعندما نقول حضارة الإغريق؛ نتذكر الفلسفة والطب والعلوم. فماذا ستذكر الأجيال القادمة عن حضارة الولايات المتحدة؟

نظريات انهيار الأمم: نظريات عدة وضعت لنشوء وسقوط الحضارات والأمم، تحدثت بالتفصيل عن العوامل التي تقوم عليها والمراحل التي تمر بها والأسباب التي تؤدي إلى انهيارها، إلا أنّ جميع الباحثين تقاطعوا في نقاط كثيرة واتفقوا على عامل واحد لانهيار الأمم هو “موت القيم وانحطاط الأخلاق”، حسب الفيلسوف والمؤرخ البريطاني الشهير Arnold J. Toynbee: “الحضارات لا تموت قتلاً، وإنما تموت انتحاراً”، وفي نظرية “التحدي والاستجابة” التي أكد فيها أن قيام الحضارات يأتي نتيجة تحديات مادية واجتماعية، وعندما تصبح أقوى من استجابة الحضارة لها فإنها تدخل في مرحلة الانهيار. والسبب الأساسي لعجز الحضارة عن مواجهة التحديات هو فقدان القوة الروحية والأخلاقية بحسب النظرية، هذا الفقد يؤدي إلى توقف الإبداع والتجديد والابتكار، الأمر الضروري لمواجهة متطلبات قيام الحضارة وتطور الحياة، إذ تبدأ بمرحلة الميلاد ثم الازدهار والتوسع، ثم الجمود والعجز الذي يقود إلى الفراغ ومرحلة الانحلال الاخلاقي، الذي ينتهي بالسقوط إلى العدم.

كيف ستنهار الولايات المتحدة الأمريكية؟

  • عدو خارجي: هل يمكن أن تؤدي حرب كبرى مع دولة أخرى لانهيار الولايات المتحدة؟ تمتلك الترسانة العسكرية الأميركية نصف الطائرات المقاتلة في العالم، ونصف الأساطيل وحاملات الطائرات، و40% من الأسلحة النووية، وكي تنهار، يجب أن تخسر حرباً كبيرة، أي يجب أن تجتمع ضدها كافة الدول، وهذا مستحيل.
  • عدو داخلي: لن تموت الولايات المتحدة بعدو خارجي بل من الداخل، هي تنتحر انتحاراً بطيئاً. هناك حضارة إنسانية وهناك حظيرة، الحضارة الأميركية تتبع مبدأ الحظيرة “سياسة القطيع” عند تعاملها مع الشعوب والحكومات الأخرى، فتأمر وتتآمر وتقتل وتحتكر وتسوق قطعان الحكام ووراءهم الشعوب، وحتى مع مواطنيها، تغسل أدمغتهم أخلاقياً وتقنياً ومناخياً ومادياً، الأمر الذي يدفع المواطن الأميركي، في حال عدم توفر أسباب الرفاهية، لقتل عائلته قبل انتحاره، بل يدفعهُ الملل لعمل ذلك أحياناً من أجل أن يتسلى I wonna have a fun.. ولعل حوادث إطلاق النار ، التي تتكرر كثيراً هذه الفترة، ما هي إلا انعكاس لثقافة رعاة البقر، وليست ثقافة جديدة على المجتمع الأميركي. جرائم تحدث في المنازل والمطاعم والبارات أو في الأحياء أو المدارس، في المشافي ودوائر الحكومة والثكنات عسكرية، لكن صفة المجرم واحدة؛ إما متطرف إسلامي أو مريض نفسي، إن كان أبيضاً أم أسوداً، رجلاً أم مراهقاً، وكأن الشعب الأمريكي في مجمله مسالمٌ وصحيح نفسياً وعقلياً وهذه حالات شاذة.
  • ثقافة “الأنا: لا يهمني شيء، I don’t care: رسّختْ سياسة الولايات المتحدة أسلوب حياة موحد يهدف لإبعاد الأميركيين عن أي تعمق روحي ورباني وثقافي وإنساني وجعلتهم ينغمسون في ثقافة “الأنا”. بينما “الأناركية” تعمّ الشعب الأميركي من المحيط إلى المحيط.

هل تفشّت الأناركية في سُوريا؟! الدكتور جميل م. شاهين. مركز فيريل للدراسات ـ برلين

  • المجتمع الأميركي تأسس على العنف والإجرام: “استباحة الاستباحة” تعبير استخدمهُ البرفسور ومستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي كارتر، زبغنيو بريجينسكي لوصف ثقافة أميركا، التي يهيمن عليها الاستهلاك وإشباع الغرائز الجنوني والأنانية، المرتبط بغياب المعايير الأخلاقية، فالأفلام السينمائية والتلفزيونية تدعو للإباحية والعنف وإشباع الرغبات الفردية، وتشجع الشذوذ الجنسي، فالأم الأميركية تمضي 34 ساعة أسبوعياً أمام التلفاز ويمضي 24% من الأطفال 39 ساعة يجترعون السموم المبثوثة، وينشغلون ببرامج تافهة غير ثقافية، غزتْ هذه البرامج العالم ومئات الملايين يتابعونها حتى في أكثر الدول تطوراً. فإذا كنا نستنكر إجرام أطفال داعش والنصرة وباقي فصائل المسلحين الإرهابية، الذين يقطعون الرؤوس، فلماذا لا نستنكر  إجرام أطفال أميركا أيضاً، في سوريا طفل في الحادية عشرة يقطع رأس ضابط من الجيش السوري، وفي الولايات المتحدة طفل في الحادية عشرة بولاية أركنسو يقتل أربعة تلاميذ ومدرّسته ويجرح 14 تلميذاً، مستخدماً أسلحة والده. ويكفي أن نعرف أنّ مدرسة من بين كل ثمانية مدارس أمريكية حدثت فيها جريمة خطيرة، تراوحت بين الطعن بالسكين لتصل لقتل العشرات.
  • نظرة إحصائية للجرائم في الولايات المتحدة: حسب ما حصل عليه مركز فريل للدراسات ببرلين، في الولايات المتحدة 220 مليون قطعة سلاح بين أيدي الشعب، أي قطعة لكل بالغ، وكنظرة جنائية: نسبة جرائم القتل بين البالغين في الولايات المتحدة هي 11 ضعف نسبتها في ألمانيا، ونسبة ارتكاب الأطفال الأمريكان لجرائم القتل هي 21 ضعفاً مقارنة بالأطفال الألمان، هناك 149 ألف جريمة مسلحة سنوياً، ينتج عنها قتل عدد من الأشخاص. الولايات المتحدة أكبر مستهلك للمخدرات في العالم، وتحتل مرتبة متقدمة في عدد جرائم القتل التي تحصد سنوياً أرواح مواطنين أكثر مما يتسبب به السرطان.
  • الانهيار الأخلاقي: من أهمّ الأسباب الداخلية لانهيار الولايات المتحدة، فسيطرة الأنانية والانفلات الأخلاقي، والشهوة للمال والبحث عن الشهرة، يبرر لكل فرد سلوكه. فإذا عدنا لكتاب بريجينسكي “Out of control” نقرا: “إنّ انتشار الشعار المنادي بموت الله، لم يحدث حتى في الدول الشيوعية الملحدة، وإنما فقط في دول الغرب الديمقراطية الليبرالية التي سهلت الطريق أمام الانفلات الأخلاقي وعدَّته تقدماً حضارياً وتفوقاً ثقافياً.” يتابع: “ولننظر إلى الأمم المتحدة والبنك الدولي وهما مؤسستان دوليتان ضخمتان، نجحت الولايات المتحدة بفضل خططها واستراتيجيتها المرسومة بدقة وإحكام في التأثير عليهما وتوجيههما لاتخاذ القرارات المتعلقة بشؤون دولية مختلفة، تتطابق مع مصلحتها العامة واستراتيجيتها وخططها المستقبلية”. وطبقت معايير مزدوجة تفتقد العدالة والتبصر، واخترقت دول واحتلت أخرى، وأضحى التدخل السافر في شؤون الدول تحت شعارات مختلفة (حقوق الإنسان، حماية الأقليات)، يتم وفق معايير انتقائية من الكونجرس الأمريكي ووزارة الخارجية.

        الانهيار الأخلاقي الذي تشهدهُ الولايات المتحدة أخطر من أيّ عدو خارجي.

  • الانهيار الاقتصادي: وهنا بيت القصيد. في الولايات المتحدة 32 مليون شخص تحت خط الفقر، وطفل من كل 7 أطفال جائع، ومن يزور الأحياء الفقيرة في نيويورك أو شيكاغو، يشعر أنه في سيرلانكا أو بنغلادش، علماً أن الأموال التي يتم إنفاقها على حملة الرئاسة الأميركية /800 إلى 1200 مليون دولار/، تكفي لانتشال الـ 32 مليون جائع من براثن الفقر والمرض.
  • ما تدفعهُ الولايات المتحدة من فوائد لديونها المتراكمة، أكثر مما تنفقه على وزارة التعليم والزراعة والعمل   والعدل والمواصلات الداخلية والأبحاث جميعها، ابتدأت مشكلة الديون تتفاقم بعد حرب العراق 1992، فبلغت  الفوائد السنوية 400 مليار دولار، والديون 4 تريليون دولار، وتوقع الخبراء أن عام 2000 سيكون عام اشهار        الإفلاس، واستطاعت واشنطن تخطي الأزمة مؤقتاً.
  • شكل إنتاج الولايات المتحدة 50% من الانتاج العالمي عام 1946، أصبح عام 1971 يمثل 30%، أي توازن لديها الانتاج والاستهلاك، في منتصف السبعينات مالت كفة الاستهلاك، ومع نهاية عام 1985 دخلت الولايات المتحدة قائمة الدول المَدِينة. ملامح بدء الضعف الاقتصادي الأميركي بدأت فعلياً منذ عام 1971، الرئيس ريتشارد نيكسون قال في خطابه في البيت الأبيض: “هناك مشاكل خطيرة تواجه قوة الأمة الأميركية هي البطالة وانخفاض إنتاج بعض الصناعات، تصاعد التضخم، تراجع الدولار، والعجز الخطير في ميزان المدفوعات”. وبدأت التنبؤات بأن قوة القطب الواحد، نظرية واهية لن تدوم طويلاَ. وصدرت عدة كتب منها كتاب المؤرخ البريطاني 1987 بول كينيدي Paul Kennedy (قيام وسقوط الدول العظمى Aufstieg und Fall der großen Mächte) يُرجع فيه أن انهيار القوة الاقتصادية يكون عندما ترجح كفة القوة العسكرية على الاقتصادية التي تدعمها، وتواجه أميركا هذه الفجوة. بدأ ذلك بسباق التسلح مع الاتحاد السوفييتي الذي لم تستطع تحمل أعباءه، انهار الاتحاد السوفيتي، والولايات المتحدة ما زالت تقاوم…
  • عاشت الولايات المتحدة عصراً اقتصادياً قوياً ومهيمناً لأسباب خارجية وداخلية، تمثل ذلك بأعلى متوسط لدخل الفرد عام 1949، فكان الفرد الأميركي يتمتع بحياة مرفهة؛ سيارات، منازل، رحلات، ملاهي، سينما، مسارح،  أجهزة كهربائية والكترونية متطورة، ملابس، صرعات… وحسب إحصائية نشرها المؤلف الأميركي رونالد هوايت في كتابه “القرن الأميركي صعود وانحطاط الولايات المتحدة الأميركية كقوة عالمية”، أن الأمريكيين يستخدمون 70% من السيارات و 35% من الطرقات و70% من الطائرات المدنية في العالم. بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت تنتج 50% من مجمل الإنتاج العالمي، وحققت المعجزة الاقتصادية خلال الحرب بمضاعفة ناتجها الاجمالي المحلي من 100 مليار إلى 200 مليار بين 1940- 1945.
  • كان هذا في الماضي، اليوم 20.07.2016 وفي هذه اللحظة وفق U.S. NATIONAL DEBT CLOCK بلغت الديون الأميركية 19تريليون و393 مليار دولار، أي ما يعادل 98% من الناتج المحلي الاجمالي، بعضها لجهات خارجية والآخر لحكومات الولايات الفيدرالية، تأتي في مقدمتها الصين بـ1,3 تريليون دولار ثم اليابان بـ1,1 تريليون دولار فبريطانيا، وتبلغ حصة السعودية منها بـ 116,8 مليار دولار كشفتها وزارة الخزانة الأميركية، وكي نتخيل حجم الدين الأميركي، نحتاج لـ 109000 شاحنة كبيرة، مملوءة بالدولارات من فئة 100، كي تتخلص الولايات المتحدة من ديونها!

08

  • نصيب الفرد الأميركي من الدين حوالي 46 ألف دولار منها 30 ألف لدول العالم. ويرتفع النصيب لـ 129ألف لدافعي الضرائب. اليوم نرى العم سام مفلساً يعيش على رمق ديونه، ويصرف على البروباغندا الإعلامية التي لا زالت تبث أنّ العالم في قبضته، والجدير ذكره أن في حال عجزت رئاسة البلاد عن اقناع الكونغرس برفع سقف الدين العام فإنها ستعلن إفلاسها للمرة الأولى في التاريخ، بينما ينتظر الجميع الساعة الرملية لتعلن حتمية النهاية.
  • بفتحنا لمجلد العنف ثانية في أميركا، نبدأ بالإرهاصات التي تشير إلى تطورات عنيفة في الشارع الأسود على خلفية انتهاكات رجال الشرطة البيض ووحشيتهم الممزوجة بتراب العنصرية، وهي خلل كبير يعاني منه جهاز الشرطة، تزايدت في عصر الرئيس الأميركي باراك أوباما، تناقض ينبغي التفكير بأهميته؛ رئيس من أصول إفريقية وإطلاق النار والعنف المفرط على مواطنين سود، في أنحاء مختلفة من البلاد، أدى لـ 1000 ضحية عام 2014، بالإضافة لـ 1000 مواطن أميركي أيضاً عام 2015، منهم 40% من السود غير المسلحين بحسب صحيفة واشنطن بوست، وأكثر من 670 ألف حادث توقيف عام 2011 في نيويورك كان منهم 85% من السود والملونين، كما قتل 136 أميركي أسود غير مسلح عام 2012.
  • إن خروج العديد من المظاهرات في ولايات واشنطن ونيويورك، أريزونا ولويزيانا وكاليفورنيا، جورجيا، تكساس، أتلانتا، وفيلاديلفيا، مينيسوتا، بعضها يحمل شعار “حياة السود مهمة”، بعد أسبوع من قتل رجال الشرطة لرجلين أسودين، ويوم واحد من فتح زنوج قناصة النار على 14 شرطي أميركي قتل منهم 5 وأصيب 9، في مظاهرة بمدينة دالاس بولاية تكساس، يوم الجمعة 8/7/2016 الوقت الذي يقوم فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما بزيارة عمل إلى بولندا، للمشاركة في اجتماع حلف الناتو، أوباما تحدث عن إطلاق النار في ولايتي لويزيانا ومينيسوتا واكتفى بالدعوة لتطهير وإصلاح جهاز الشرطة وتحسين سلوكياته، وفي تصريح مبهم له على حادثة دالاس قال: “اعتداء آثم خسيس غير مبرر”!. يُعتقد أن منفذي الهجوم هم أربعة أشخاص ألقي القبض على 3 منهم بينما أفادت وسائل إعلام أن الرابع أطلق النار على نفسه بعد رفضه التفاوض مع الشرطة وتهديده لأجهزتهم. الحادثة التي أدت لاحتجاجات دالاس وقعت في مينيسوتا، كانت مقتل الشاب الأسود فيليندو كاستيل الذي أظهر رخصة قيادته، فأطلق الشرطي عليه النار لسبب عرقي، وأتت بعدها حادثة لويزيانا بأقل من 48 ساعة، تساءل إثر ذلك مارك دايتون حاكم ولاية مينيسوتا: “هل كان ليحدث هذا الشيء لو كان السائق من البيض؟، لا أعتقد ذلك، لذلك أضطر للاعتراف وجميعنا مضطرون، بأن هذا النوع من العنصرية موجود للأسف”، وصرح بدوره مايك رولينجز رئيس بلدية دالاس:” هل يمكن أن يتفهم مجتمعنا بصدق، عمق المعاناة التي تسبب بها التمييز العنصري والاستعباد، خطيئة أميركا الكبرى عبر التاريخ”.
  • بعدها منعت السلطات الأميركية الرحلات الجوية فوق مدينة دالاس، وأعلنت حالة الطوارئ في جميع دوائر الشرطة في أنحاء الولايات خوفاً من تكرار سيناريو دالاس، مع تزايد حدة التململ بين الأمريكيين أنفسهم، تجد الحكومة نفسها أمام تحد كبير هو الحفاظ على وحدة المجتمع الأميركي ومنع الفتنة العنصرية التي باتت صفة بارزة فيه، خوفاً من أن تعم بقية الولايات في وقت واحد، ما يعني ثورة شعبية داخلية. فعن أي مستقبل نتحدث؟.
  • إذا أردنا التغريد خارج العنف قليلاً، فنسبة البطالة بين السود هي أكثر من ضعفي نسبتها بين البيض. كما أن نسبة توظيف المتعلمين من السود مقارنة بالبيض هي 25%. كذلك. السود يُعاقبون بفترات حبس أطول من البيض لنفس الجريمة المرتكبة. وتشير الإحصاءات الأخيرة الى أن أكثر من 73% من السود في الولايات المتحدة فقراء، كما أن الكثير من أبنائها يلجؤون إلى تجارة السلاح والمخدرات وطرق الكسب غير المشروعة. علاوة على أن معظم حالات الانتحار في الولايات المتحدة هي في أوساط السود.
  • انتشرت عقب الاحتجاجات هاشتاغات بعنوان “صلّوا من أجل أميركا”، تحمل دعوات أصحابها أن يعم السلام في الولايات المتحدة الأمريكية. وانتشر وسم آخر بعنوان Blue Lives Matter” في إشارة الى أن حياة الشرطة الأمريكية مهمة، فهم يرتدون بزة زرقاء. وجاءت هذه الهاشتاغات رداً على المسيرة الاحتجاجية التي قام بها السود في دالاس بعنوان Black Lives Matter” أو حياة السود مهمة. تجدر الإشارة إلى أن العمق التنظيمي لهذه المظاهرات زمنياً ومكانياً، يمكن ملاحظته بسبب القوة الروحية والعددية للمتظاهرين، وليس مستبعداً أن تتحول إلى قوة مسلحة كبيرة لا يمكن ردعها، فالتنظيم والاتحاد هو عنصر قوة يرجح في ميزان المواجهة مع الشرطة والأمن الأميركي.
  • يحاول بعض المحللين مسح هذه الأحداث من ذاكرة المتابعين، ويقللون من أهمية وخطورة المظاهرات التي وصلت لعشرات الآلاف في كل ولاية على حدة، والنهج المسلح الذي بدأت باتباعه، ويحدون من فكرة استمراريتها أو تأثيرها على وحدة أميركا. بينما يختلف معهم آخرون يدعون لمراقبة المشهد عن كثب ومن زوايا مختلفة تجنباً لعواقب وخيمة، إذ يحمل الآن سكان دالاس البيض البنادق والمسدسات على ظهورهم وبشكل علني في الطرقات تجنباً لأي محاولة هجوم للسود، يمكن أن تشرع الأبواب على شفا حرب أهلية تقع أميركا في هاويتها السّحيقة. يُخشى جداً من أن تصل نسبة الملونين من ذوي الأصول الآسيوية والاسبانية والسود في أميركا إلى 51% من السكان، بمعدل 16% للسود،  في تبدل يقود لتغيير الخارطة العرقية، ويفتح الأبواب لنشوب فتن عرقية ونزاعات قومية تؤدي إلى مطالبات بالاستقلال وإعادة الحقوق لأصحابها، سبق ومرت ولاية بورتوريكو بتجربة الاستقلال، نتيجة لتمسكها بقوميتها ورفضها الاندماج الأميركي. القائد الأول لهذه المشاكل، سوء الوضع الاقتصادي.
  • الربيع الأسود في أميركا من وجهة نظري هو أحد أوجه انهيار الحلم الأميركي الأسطوري الذي أثبت عدم ألوهيته، وفشله في تأبيد بلاد اليانكي التي تجلب الحظ والسعادة والرفاه لكل من يطأها.
  • أما الوجه الخطير الآخر للانهيار، فيتمثل بشكل قاسٍ لكن جذاب، في رغبة ولايات أميركية عديدة بفرط عقد اللؤلؤ المهيمن، والاستقلال عن العم سام، إذ تجاوزت 6 ولايات أميركية العدد المطلوب من التواقيع المؤيدة لطلبات الاستقلال وهو 25000 توقيع بمجموع يتجاوز 220 ألف مواطن أميركي، وفق الجدول التالي:

 

الولاية عدد التواقيع
تكساس أكثر من 93000 صوت
لويزيانا أكثر من 32000 صوت
فلوريدا 27898 صوت
جورجيا 26496 صوت
ألاباما أكثر من 25500 صوت
تينيسي أكثر من 25500 صوت

 

 

 

 

 

 

مما يجبر الإدارة الأميركية على أخذ الطلبات بعين الاعتبار، ومناقشتها على المستوى الرئاسي للبلاد، فوُضعت على الموقع الرسمي للبيت الأبيض في فصل “نحن الشعب”، بحيث يستطيع أي شخص الانضمام لما هو منشور.

  • وصل عدد الولايات المتقدمة لهذه الطلبات إلى عشرين ولاية، فمنذ شهر تشرين الأول من عام 2012 طالبت ولايات، الرئيس باراك أوباما، باستقلالها بشكل سلمي، شملت، لويزيانا وتكساس، مونتانا، داكوتا الشمالية، انديانا، مسيسيبي، كنتاكي،ولاية كارولينا الشمالية، ألاباما، فلوريدا وجورجيا، نيو جيرسي وكولورادو، أوريغون ونيويورك، تزامنت مع فوز الرئيس باراك أوباما بمنصبه للفترة الثانية، وخسارة المرشح الجمهوري ميت رومني.

post-apocalyptic-white-house-650x450

  • سبقت ولاية تكساس الجميع، إذ تمتلك جميع القدرات والعوامل التي تؤهلها للانفصال، منها الدعم القوي للميزانية الأميركية واحتلالها المرتبة 15 في اقتصاد العالم.
  • يشير الباحثون في شؤون انهيار أميركا أن هذه الفكرة بدأت في القرن التاسع عشر ابتداء بولاية كارولينا الجنوبية التي نادت بعدم الاعتراف بالحكومة في واشنطن، وبما يصدره الكونغرس من قرارات ملزمة قد لا تتفق مع مصالح الولاية. تراجع هذا التوجه مع الحرب الأهلية في الستينات، على الرغم من تأصل الفكرة التي تموهها عواصف الإعلام المحلي. علاوة على نداءات ولايتي ألاسكا وجزر هاواي بفضح حقيقة انضمامهما غير المشروع لأميركا، وبالتالي تظهير التاريخ، إذ فضحت الانتهاك بأسلوب الاستيلاء، في بيان صدر عام 2015 بجنيف ودعت لإجراء استفتاء لتقرير المصير.
  • بفتح مجلد التطرف، تعد أميركا من أكثر البلدان المتطرفة في كل شيء، يتطرفون في حياتهم الاجتماعية في مشاعرهم الجياشة، في علومهم، جهلهم، ثقافتهم، شذوذهم، عنفهم، إيمانهم، ديمقراطيتهم، سياستهم، تأليف كتبهم، حتى في مكافحة التطرف، متطرفون. من يجاهر كثيراً بسياساته لا يُخيف، من يعبر وزير خارجيته عن قراراته من ثم ينفيها أو يغيرها بيته الأبيض لا يخيف. من تقوم سياسته على المد والجزر، دون اتخاذ موقف محدد، لاخشية منه. من أبواب تطرفهم، إنتاجهم للأسلحة النووية والذرية والبيولوجية التي استخدمت في الكثير من الحروب، فهي دولة ذات سجل مميز في استخدامها ضد البشر والحيوانات والنباتات، فقد قامت الولايات المتحدة الأميركية باستثمار الطاقات البشرية العاملة في هذا المجال بعيد هروبهم من أوروبا نتيجة الحرب العالمية الثانية وبخاصة ألمانيا، إذ كان هتلر مهووساً بهذه الأمور وسباقاً فيها، لتطوير برنامجها بالأربعينات، وقام الجيش الأميركي باستخدامها خلافاً للمعاهدات الدولية في العديد من حروبه في اليابان وفييتنام وكوريا وكوبا وأفغانستان والعراق، تسببت بمئات الآلاف من الضحايا وبأمراض وعاهات دائمة، وانتشرت جراثيم وفيروسات وحشرات قضت على المحاصيل الزراعية التي يعتمد عليها اقتصاد هذه الدول.
  • الولايات المتحدة الأمريكية باختصار ؛ هي بلد “التسويق” لكل شيء، نعم كل شيء، إن أردت التسويق لعضو من أعضائك، اذهب إلى أميركا، إن كنتَ فاشلاً في الفن وذو صوت أجشّ، اذهب إلى أميركا. إن كنت كومبارس في بلدك، اذهب إلى أميركا. بكل ما تتمتع به أميركا من حقوق مدنية وحريات إلا أنها أثبتت وبجدارة أنها أكبر حقل تجارب في العالم، لصالح العلماء الأميركيين المتطرفين أو حتى المواطنين العاديين. وقد اعترف الجيش الأميركي عام 1977 بإجراء 25 تجربة على التجمعات السكنية، وأشهرها كان رش مدينة سان فرانسيسكو ببكتيريا، أدت إلى حالة وفاة وبعض الإصابات، وتبين فيما بعد أنها وصلت لمعظم أجسام السكان، وغيرها من التجارب على تلك الحظيرة الكبيرة.
  • نحن في مركز فيريل للدراسات لا نتوقع انهيار الولايات المتحدة بين ليلة وضحاها. الأمر يحتاج لسنوات طويلة، والولايات المتحدة الآن في أخطر أيامها على نفسها وعلى العالم… نعم الأخطر على العالم، وكي تتجاوز أزمتها قد تشنّ حرباً كبيرة على دولة ما، كي ينشغل شعبها من ناحية، وتتخطى أزمتها الاقتصادية، حرباً يجب أن يكون النصر الأميركي واضحاً… بجميع الأحوال؛ سوف يشهد جيلنا انهيار امبراطورية الولايات المتحدة الأميركية…
  • بقلم الكاتبـة والباحثـة: سارة عيسى.
  • بحث لمركز فيريل للدراسات ـ برلين Firil Center For Studies FCFS Berlin