ردّاً على التقارب التركي الروسي، ولتحويل الأنظار عن فشل هجوم إرهابيي السعودية على حلب، حرّكت واشنطن أصحاب الأحلام الوردية من الانفصاليين في محافظة الحسكة، فقامت مجموعات إرهابية من الأسايش بمهاجمة مواقع الجيش السوري بالمدفعية والدبابات. وقد ذكر بيان صادر عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية الجمعة 19.08.2016: “صعد الأسايش، الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني، في الآونة الأخيرة من أعماله الاستفزازية في مدينة الحسكة، كالاعتداء على مؤسسات الدولة وسرقة النفط والأقطان وتعطيل الامتحانات وارتكاب أعمال الخطف بحق المواطنين الآمنين، وإشاعة حالة من الفوضى وعدم الاستقرار. إنّ أعمال “الأسايش” أخذت طابعاً أكثر خطورة بتطويق مدينة الحسكة، وقصفها بالمدفعية والدبابات واستهداف مواقع الجيش السوري داخلها ما أدى إلى مقتل العسكريين والمدنيين”.
كان تحرّك الجيش السوري مفاجئاً لواشنطن قبل الانفصاليين، وهذا ما قاله المتحدث باسم البنتاغون الكابتن جيف ديفيس: “هذا أمر غير عادي مطلقا، لم نشاهد الجيش السوري يقوم بمثل هذا ضد وحدات حماية الشعب الكردية”، حيث قامت الطائرات الحربية السورية بشن عدة غارات على مواقع الإرهابيين، رافقها قصف مدفعي عنيف، يومي الخميس والجمعة.
علم مركز فيريل للدراسات في برلين، أنه بعد الغارة الأولى ليوم الجمعة 19 آب، تحركت طائرات أميركية من طراز إف 16، باتجاه الحسكة وجرت محاولة اتصال مع الطيارين السوريين، وطلبوا منهم عدم قصف معسكر للأسايش يقوم الأمريكيون بتدريبهم فيه، لكنّ السوريين لم يجيبوا على اتصالات الأمريكيين وتابعوا القصف. فقام الجيش الأمريكي على الفور بسحب قواته الخاصة من موقعها،
عادت القوات الأميركية لتحذير الطيران الحربي السوري من قصف الأسايش، وعلى لسان المتحدث باسم البنتاغون الكابتن جيف ديفيس: “من حق قوات التحالف الدفاع عن نفسها، لهذا يقوم التحالف حاليا بدوريات قتالية جوية إضافية في المنطقة.”.
بعد التحذير الأميركي ذكرت وكالة “فرانس برس” أن الطائرات السورية عاودت قصف الحسكة الجمعة لليوم الثاني على التوالي، متجاهلة التحذير الأمريكي. ونحن نؤكد أنّ الطائرات السورية شنّت أكثر من 12 غارة بعد التحذير الأميركي. وتدور في هذه الأثناء معارك عنيفة بين الجيش السوري والمتمردين الأكراد في مناطق غويران و النشوة ودوار الصباغ بالحسكة.
نلفت النظر من مركز فيريل للدراسات في برلين إلى الحقائق التالية:
- عدد الأمريكيين المتواجدين في محافظة الحسكة والذين يدعمون الانفصاليين، يصل لقرابة 350 عسكرياً وضابطاً واستشارياً.
- إن استخدام الناطق العسكري السوري لتعبير: “صعد الأسايش، الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني” ملفت للانتباه.
- الهدف الرئيسي لإرهابيي الأسايش ومعهم مجموعات “قسُد” هو احتلال مدينة الحسكة، وطرد سكانها الأصليين، كما طردوا الآشوريين والسريان وسرقوا منازلهم واحتلوا أراضيهم، وضمها للمناطق التي يسيطرون عليها تمهيداً لإعلان الحكم الذاتي، وهو الخطوة الأولى في طريق الانفصال وإعلان دولة مستقلة.
- يشارك في القتال إلى جانب الأسايش، قوات سوريا للديمقراطية المعروفة بـ “قسُد” والجيش الحر، بالإضافة لعناصر من عصابات البشمركا.
- نؤكد أنّ المئات من المسلحين الذين انضموا تحت مجموعات معارضة مسلحة، قد أجروا اتصالات مع مسؤولين عسكريين، وعرضوا عليهم قتال الأكراد الانفصاليين.
- ما قام به “الأسايش” هو قمة الغباء، فقد أثاروا عليهم كافة مكونات الشعب السوري، وبالتالي أصبح قتالهم والقضاء عليهم ليس فقط مطلباً سورياً، بل مطلباً تركياً وإيرانياً، وسيأتي اليوم الذي يجدون فيه أنفسهم يحاربون ستة دول لا ترحمهم أبداً.
- عدد الانفصاليين الأكراد الذين قتلوا يومي الخميس والجمعة تجاوز 170قتيلاً في تل براك بقرية السيباط ومعسكر تل بيدر، وأحياء النشوة والكلاسة واطراف العزيزية،
- الأمور تتطور بسرعة، والولايات المتحدة في قمة احراجها رغم أنها هي التي أوعزت للانفصاليين بالتحرك، لكنها لم تكن تتوقع أن يكون ردّ الجيش السوري بهذه القوة، لهذا هي أمام أمرين لا ثالث لهما: الأول أن تتفرج على نهاية خرفانها يذبحون على أعتاب الحسكة، والثاني: التدخل المباشر ودعم الإرهابيين، وعندها يجب أن تتحمل غضب أنقرة وطهران ودمشق… وموسكو.
مركز فيريل للدراسات ـ برلين 20.08.2016