اللاجئون، قنابل موقوتة في أوروبا. د. جميل م. شاهين

 

مرّ أكثر من عـام على موجة اللاجئين السوريين العارمة، فهل باعتهم ألمانيا بالرخيص لمعشــوقتها تركيا. كم تحدثتُ وكتبتُ ونصحتُ في هذا المجال، لكنّ قناعـة البعض بإنسانية الغرب، أعمت بصيرتهم، ودفعت بصغار العقـول وضعيفي الـولاء للهتاف “بالروح بالدم نفديكي يا ميركل”، بينما قام غيرهم بتسـمية مولوداتهـم الجديدة باسم ميركـل! فقد أطلق ثلاثة لاجئين سوريين اسم ميركل على أطفالهم الإناث، غير دارين أنّ ميركـل هو كنية المستشارة الألمانية وهو تصغير لاسم مذكر هـو مـارك، وكانوا فاغري الفم ومسرورين وهم يتحدثون للصحافة الألمانية عن زعيمتهـم الجديدة، و”بالروح بالدم نفديكي يا ميركل”…  وسيستمر العمى لكن لينتقل باتجـاه آخر ودولة أخرى، فها هي كنـدا وأستراليا ونوعاً ما الولايات المتحـدة تأخذان جزءاً من بريق برلين اللجوئي، لتبـدأ موجـات جديدة باتجاه هذه الـدول “الإنسانية”، وليسـهل الوقوع من جديد بنفس الحفـرة. مادلين أولبرايت قالت حرفياً قبل شهور: “الكـلاب تعيش في الولايات المتحدة حياةً أفضل من اللاجئيـن.”!!

نصوص الاتفاق المُعلنـة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا تصبّ في صالح الأخيرة، التي ستحصل على المال وسـيُعاد فتحُ ملف انضمامها للاتحـاد الأوروبي ويمنحُ مواطنوها تأشيراتِ دخول لأوروبا، وعليها منـع وصول أيّ مهاجـر وإعادتـه إليهـا حتى إن وصـل اليونـان، علماً أنّ 172 ألف لاجئ موجود حالياً في اليونـان ينتظرون… الأوروبيون غير راضين على الاتفـاق وقـد يتم نقضـهُ بأية لحظة، لكن بالتأكيد لن يكون هناك اتفاق لصالح اللاجئيـن.

هذا هـو المُعلـن، المخفـي أعظـم والذي علمه مركز فيريل للدراسات في برلين عن طريق الصليب الأحمر في برليــن، أنّ فكرة “الترحيـل الجماعـي” يتم التحضير لهـا، وسط اعتراض المنظمات الإنسانية وأولها الصليب الأحمر، فتركيا بلدٌ بات غيـر آمـن، وقـد جهّزت فعـلاً خمس منـاطق على الأقـل سـيُزجّ باللاجئيـن السوريين فيها، وكلمة يُزجّ مقصودة لأنهـا عبارة عـن مراكـز لجـوء شـبه سـجون، وزّعت على الحـدود السورية، وسوف تختـار السلطات التركية اللاجئين السوريين العرب لوضعهـم في منـاطق كرديـة، لتعديل التـوازن الديموغرافي /السكاني/ هناك، والمطلوب منهم أمران:

  • الاشـتباك الدائم مع الأكـراد أي هـم دريئـة أمام الجيش التركي.
  • استغلالهم ودفعهـم باتجـاه الجنوب لإقامـة الحلم الأيردوغاني بمنطقـة آمنـة من شمالي حلب إلى رأس العين والقامشلي.

أوروبا واجهت أسوأ أزمة منذ الحرب العالمية الثانية، وهي وصول مليون ونصف لاجئ خلال عام 2015، والمستشارة الألمانية ارتكبت أكبر خطأ في حياتها السياسية بفتـح الباب على مصراعيه لهم، كانت تخطط لأمر فحصلت على عكسهِ، اليوم شعبية ميركل وحزبها في أدنى مستوى، وصعـود اليمين الألماني بصـورة غير مسـبوقة عبر حزب “البديل من أجل ألمانيا AfD” بقيادة الصيدلانيـة Frauke Petry، وحصوله على المركز الثـاني في ولايـة ساكسن أنهالت، هو رسالة خطيرة جداً لميركل ولأوروبـا كلهـا، فالشعب الألمـاني قال كلمتهُ “لا للاجئيــن ومعهـم ميركــل”، هنـا وجدتْ ميركل نفسها أمام خيارين لا ثالث لهمـا: التضحية بحزبها وبمنصبها، أو بيـع اللاجئين السوريين لتركيـا، وهل يمكن نقاش أيّ خيار هنا، البيـع أسـهل الأمــور، فباعـتْ.

هي لم تعترف بذلك ولـن تعترف، لكن زيهوفر زعيم حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي CSU، شقيق حزب ميركل، قال حرفياً: “غيّرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل سياستها تجاه اللاجئين ولم تعـد تُرحّـبُ بهـم.” .

انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، هو انسحاب من الاتفاق مع تركيا حول اللاجئين، أي ضربة وقائية لكنها متأخرة جداً، والشعب البريطاني قال كلمتهُ: “لا للاجئين، لا للاتفاق مع تركيا”، ومعه تتعالى أصوات في هولندا وفرنسا وألمانيا أيضاً، الاتحـاد الأوروبي بدأ عقده ينفرطُ بينما تركيـا تحلم بالانضمام لـ “المفروط”، ويطعمك الحج والناس راجعة يا أيردوغان، صحيح أنّ تركيا استفادت مادياً من تجارة الرقيق ومن الاتفاق، لكنها لن ترى كرسياً في الاتحاد الأوروبي. 

من المبكر على اللاجئين السوريين في ألمانيا وأوروبا بشكل عام، إرسال صور السيلفي و”المشاوي” مع ابتسامات ومظاهر الحبور الخادعة، وعليهم الانتظار حتى ينتهوا من دورات اللغة والتأقلم، ثم الانخراط في المجتمع الغربي والعمل، العمل يعني دفع الضرائب والالتزام بالقوانين، هنا أمامهم حلان كي يبقوا هناك ويستمر فيلم السيلفي؛ إما أن يصبحوا أوروبيين أو ينقلوا مجتمعهم إلى أوروبا.

هجرة اللاجئين المُعاكِسة نحو… سوريا د. جميل م. شاهين ـ برلين

لا رابح مما يجري في أوروبا، فالغباء الأوروبي المستفحل يزداد تضخماً، وعواصمهم استقبلت مئات الآلاف من القنابل الموقوتة، التي ستنفجر بالتتابع. ولن يتوقف الأمر عند لاجىء يحرق مركز لجوء في رمضان لأنّهم لم يحترموا صيامه، أو آخر يمنع بالقوة شرب الكحول في منطقته، أو ثالث يفجّر نفسه بمحطة مترو بين “الكفار”. دوريات “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” بدأت تُسيّر في عدة مدن أوروبية، نعم في أوروبا دوريات “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، وحسب المخابرات الألمانية؛ هناك 46 ألف سلفي جهادي في ألمانيا، وأكد رئيس مصلحة حماية الدستور الألماني BfV-Präsident Hans-Georg Maaßen أنّ عدد السلفيين في ألمانيا تضاعف عشر مرات بين عامي 2011 و 2015، هانز جورج هذا يدري أو لا يدري أنّ عشرة أضعاف هي رقم إعلامي للتخفيف من الصدمة على الألمان، وعليه استخدام الآلة الحاسبة وضاربي “المندل” كي يعرف ماذا لديه في ألمانيا الآن، وما الذي فعلتهُ ميركل عندما استقبلت السابحين عبر بحر إيجة.

3229682537

يا سيد جورج هانز ويا سيدة ميركل: لديكم في ألمانيا عشرات الآلاف، بل مئات الآلاف، من الذين يؤمنون أنّ: “السرقة منكم حلال، اغتصاب فتياتكم القاصرات حلال، قتلكم وقطع أيديكم وأرجلكم من خلاف حلال.” فهنيئاً لكم فعلتكم، و”براقش” ستعرفون قصتها يوماً، عندما تدفعون الجزية عن يــدٍ وأنتــم صاغــرون… 

 

الكاتب د. جميل م. شاهين.   27.06.2016