إنها مُمارسة الحبّ عند المرأة، والجنس عند الرجل. د. جميل م. شاهين

 

بعد اختبار ضمن بحثٍ لصالح مركز فيريل للدراسات، كان أحد أسئلته “هــل تسـتمتع المـرأة بالجنـس أكثـر مِـن الرجــل؟”، وجدنا أنّ قسماً كبيراً من الرجال لا يدركون ماذا يعني “الجنس” بالنسبة للمرأة، ويظنّون أنهُ مماثل لهم، بل قال البعض أنّ المرأة لا تستمتع به! حسب ما وردنا من رسائل على الخاصّ. ما قيـلَ؛ هو موروث ديني واجتماعي وجهلٌ يسيطر على عقول قسـم من الرجال والنساء أيضاً، ومفاهيم خاطئـة زرعها الذكور عن قصد لتحطيم المرأة وجعلها تابعاً وتصنيفها من الثدييات ليس أكثر. كلنا نعرف مالذي يرتكبهُ ذكور المجتمعات المتخلفة من “ختان البنات” وتزويجهنّ بأعمار مبكرة جداً للتخلص من العـار. لقد أكدتْ بعض الأديان أنّ الهدف من الجنس عند الإنسان هو التكاثر فقط، وبما أنّ الأديان ذكورية، فقد تأثّر بها الرجال أكثر من النساء، بالإضافة للإختلاف في التركيبة العاطفية بين الذكر والأنثى.

الجماع عند الحيوان

هو عملية جسدية فقط، تُشابه الطبقات الدنيا من الإنسان الأولي، لا يرافقها أي تواصل روحي، وتتم في مواسم الزواج المُحددة زمنياً. هدفها الأساسي نابع من غريزه البقاء والتكاثر للحفاظ على النوع. 

الجنس عنـد الرجـال: يُعتبر الجنس بالنسبة للرجـال بشكل عام عملية جسـدية، فهم لا يُعيرون للأمور الروحية العاطفية أهمية كبيرة، وتكون عندهم سريعة لا تتجاوز دقائق، هدفهم الرئيسي الوصول للذة… يُقسم الذكـور لطبقتين من ناحية الجنس، عليـا ودنيـا.

ــ الجنسُ لدى ذكـور الطبقات الدنيا، وهم الأكثرية في المجتمعـات المتخلّفـة، ذو طبيعـة حيوانية، لكنهم يتفاوتون بين جاهل غير مثقف جنسياً وبين صاحب اعتقاد راسخ، كثيرون يعتقدون أنه كلما كان القذف سريعاً، كلما كانت قوتهم الجنسية أعلى، الأسوأ أنّ أصحاب الاعتقادات الراسخة يؤمنون بأنّ المرأة يجب ألا تشارك بالعملية الجنسية، وحرام أن تستمتع جنسياً أو تصل إلى اللذة.

ـ الجنس لدى رجال الطبقات العليا، وهم الأكثريـة في المجتمعـات المتطـورة وبين المثقفين، لكنـه أيضاً متفاوت، منهم مَنْ يهتم جزئياً بأن تصل المرأة إلى قمة اللذة وأن تستمتع جنسياً. النادرون يعتبرونها عملية جسدية وروحية بآن معاً، ويعرفون كيف تُدار برمتها، فتصل معهم المرأة لقمة اللذة كلّ مرة، وحسب معهد «سيناي» البرازيلي للدراسات الاجتماعية والأسرية، فإنّ نسـبة هؤلاء النادريــن لا تتعدى 3 بالألف، يهتمون بالمرأة أكثر من أنفسهم وقد ينهون العملية دون أن يصلوا هم أنفسهم للذة.

مقارنـة بين الجنس عنـد الرجـل وممارسـة الحبّ المـرأة

هي مقارنة بشكل عــام، علماً أنّ هناك رجال يمتلكون رهافة إحساس وعاطفة تفوق المرأة، والعكس صحيح بالنسبة لبعض النساء.

الجنس عنـد الرجـل

هـو عمليـة جسدية، الإهتمام العاطفي ثانـوي، والعمليـة لديهِ مباشرة وسريعة دون تمهيـد أو خوض في العلاقة الحميمية أولاً، الهدف منهـا الوصول الدائم للـذة، فيه أنانيـة، لا يهتمّ بجهود المرأة بتزيين نفسها وماكياجها وثيابها التي تقصّدتْ منه إثارتهُ، ويعتبرون ذلك فرضــاً عليها، لهذا تُصـاب هي بخيبة أمل عندما تتزيّن لهُ ساعاتٍ دون أن يتفوّهَ بكلمة إطراء. كما أنّ الجنس لدى الرجل هو عملية جَديـة وهّاجة برّاقـة تتميّزُ عن كل نشاطاته اليوميـة، ويريد أن تعتبرها المرأةُ كذلك، لهذا يرى أنّ من واجبها أن تكون جاهزة لها 24 ساعة يومياً، وهو الذي يُحدّدُ توقيتها وليس هي. بعض الرجـال يُبالغـون في ذلك فيشعرون أنهم قاب قوسين من خوض حرب، فيقومون بلمساتٍ وحركاتٍ عنيفة ظنّـاً منهم أنهم يثيرون المرأة أكثر ويُثبتون فحولتهـم. يمكنه ممارسة الجنس مهما كانت حالتـه النفسية والجسدية. عندمـا تنتهـي العملية، يديـرُ ظهـرهُ ويغـط في نـوم عميق دون أيّة كلمـة تُرضي المرأة وتُعبّرُ بكلمة مديحٍ عن الرضـا. القـدرة الجنسـية والإنجابيـة لـدى الرجـل يمكن أن تستمر طوال حياته، وقدرتهُ على ممارسـة الجنس بعمر الخمسين ليست أقل منها بعمر الثلاثين، سوى بقدرته على كبح رغباته كلما تقدم به العمر، فنرى رجلاً بعمر التسعين قادراً على الإنجاب، بينما هناك رجل بعمر الأربعين، لا حول له ولاقـوة. 

إنّ 75% من الرجـال يصلـون للرعشـة الجنسـية نتيجة الجمـاع.

ممارسـة الحُبّ عنـد المـرأة

هو عملية حميمية عاطفية يصحبها مشاعر العشق والحب والإخلاص، تُحلّقُ بهـا نحـو الأعلى، ويمكنُ أن تتوّج باللذة أو لا. فهو عاطفـي جسـدي، الإهتمـام بالعاطفـة أساسي، يُثيرها الحديث الرقيق الذي يتطرقُ فيه الرجل لجمالها وأنوثتها، ويغريهـا الحديثُ عن ثيابها وماكياجهـا، ممارسة الحبّ لدى المرأة فيـه عطاء وتضحيـة، وهـو عملية عاديـة مثلهـا مثل باقي نشـاطاتها اليومية، ليست برّاقـة أو وهّاجـة، تكرهُ الجديـة فيها وتُفضّلُ روح الدُعابـة والضحـك خلالها. تكـرهُ الحركـات العنيفـة الخشـنة واللمسات القويـة الزائـدة عن حدّهـا. تؤثر في قبولهـا حالتهـا النفسية والجسدية، فترفضها إن كانت مُتعبة أو مكتئبة أو بمزاج سيء، أو لديهـا مُشكلة ما تؤرقهـا، أو تُعاني من اختلال هرموني كنقص إنتاج هرمون الاستروجين والتستوستيرون المهمين على تحفيــز الرغبة والاستجابة الجنسية، وهو ما لايفهمهُ الرجل. الهدف الرئيسي هـو التناغـم الحميمي وليس بالضـرورة الوصول للذة دائمـاً. عندمـا تنتهـي العملية، تحبُّ العنـاق وسـماع كلمة رضـا من الرجـل. القـدرة الجنسـية والإنجابيـة لدى المرأة تتراجع بعد سنّ اليأس، وتلعبُ كالرجل أيضاً الجينات الوراثية ونوع التغذية والأمراض درواً بارزاً ومتباينـاً في ذلك، فنرى إمرأة تنجبُ بعمر الخمسين وتمارس الحب بعمر الستين، بينما هناك امرأة بعمر الأربعين تعتبـرُ ذلك “ولدنـة” وسلوكاً عفـى عليه الزمـان. إنّ 75% من النسـاء لا تصلـن للرعشة الجنسية نتيجـة الجمـاع، و15% منهـن لـم يعرفن الرعشة الجنسية طوال حياتهـنّ.   

تبقـى الذاكـرة الجنسـية العاطفيـة عنـد الرجـل فتـرة قصيـرة، ويمكنـه مسحها بسـهولة أكبر.

تدومُ الذاكـرة العاطفيـة الجنسـية لـدى المـرأة فتـرة طويلـة قـد لا تـزول نهائياً

لهذا نـرى قدرة الرجـل، بعد انتهـاء علاقتـه بإمرأة لسبب ما، على البـدء بعلاقـة جديدة عقب أيـام أو شـهور، بينمـا قـد تبقى المرأة وحيـدة سـنوات، وإن مارسـت الحبّ، فتمارسـهُ بجسـدها لا بروحهـا، وتأتيهـا صـور الماضـي دائماً تبعـاً لقـوة ومتانـة علاقتهـا السـابقة وأي نـوع من الرجــال كـان. 

مما ورد نـرى أنّ خيانـة الرجـل الجسدية أسهل بكثير من خيانـة المرأة، لهذا يكون عدد الرجـال الخونـة أعلى، وقد تسامحُ المرأة الخيانة الجسدية لكنها لا تسامح  الخيانـة العاطفيـة، على عكس الرجـل الذي قد يتغاضى ويُسامحُ خيانة عاطفية، لكنّـهُ من الصعب جداً أن يسـامح الخيانـة الجسـدية.

كمـا أنّ اغتصـاب الرجـل للمرأة هـو المسيطر، بسبب عدم قدرته على كبح جمـاح رغبته الجنسية، ونظرته المادية للجنس، ولا نسـمع بعملية معاكسة، رغم وجود نساء لديهم القدرة العضلية على اغتصاب عشرة رجـال.

إنّ قبـول المـرأة للقُبلـة لا يعني قبولها لممارسة الجنس كمـا يُفسّـرهُ الرجـل، فقد تكتفي هي بقبلة وضمّـةٍ تُشبعُ لديها حاجتها العاطفية، بينما من النادر أن نجد رجلاً يكتفي بذلك دون أن يرغبَ وبقــوة وعنف بمتابعة العمليـة حتى النهايـة.

 

الرغبـة الجنسـية متسـاوية لدى الرجـل والمـرأة، مـع اختـلاف أهدافهـا التي شرحتها سابقاً، لكـن كون المـرأة تعتبرهـا عمليـة عاطفيـة سـامية، فإنّ شــعورها باللــذة هــو أضعـاف ما يشـعرُ بـه الرجـل.

الكاتب: د. جميل م. شاهين طبيب، روائي وكاتب مركز فيريل للدراسات ـ برلين