اختلاس 275 مليون ليرة فقط من نقابة المهندسين المركزية. ملفات الفساد. مركز فيريل للدراسات من دمشق

 

أن يُصيبَ الفساد دائرة حكومية ما، فهذا وارد في كافة الدول، لكن أن يصاب موظفو دائرة حكومية لها فروع كثيرة بالرعب والخوف من ذكر حادثة اختلاس، فهذا يبعثُ على الاستغراب.

ضمن سلسلة فتحنا لملفات الفساد في سوريا، توجّه مركز فيريل للدراسات إلى دائرة حكومية هي نقابة المهندسين المركزية، للسؤال عن أخبار شبه مؤكدة وصلت المركز عن عملية اختلاس قام بها محاسب النقابة… والمبلغ هو فقط 275 مليون ليرة سورية.

لم نستطع الحصول على إجابة شافية من أي مسؤول، والجميع كان يتكتّمُ على الموضوع، رغم ذلك وصلنا إلى حقائق نضعها أمام صاحبي الشأن ونطلب الكشف بجلاءٍ عن موضوع الاختلاس هذا، ونحتفظ (دون نشر حالياً) بباقي المعلومات الشخصية عن المتورطين بالعملية…

تمّ تعيين محاسب نقابة المهندسين المتهم وهو بريء حتى تثبت إدانته، المدعو م. خ. م، عام 2002. بقي من عمله حتى بداية 2017 حيثُ اختفى فجأة. أثناء عمله لمدة 15 عاماً، توالى على أمانة الصندوق أربعة أمناء، كان يتم استبدالهم لسبب ما! بينما هو ثابتٌ لا يتزعزع في منصبهِ.!!

كالعادة؛ يتم اكتشاف الاختلاس بعد هروب المسؤول بأموال الشعب!! في شباط 2017 تأكد القائمون على قسم المحاسبة أنّ 275 مليون ليرة سورية قد تمّ اختلاسها على مدى سنوات من صندوق نقابة المهندسين في عدة فروع تتبع كلها للمركز بدمشق.

كيف تمت عملية الاختلاس؟

من وراء الكواليس ورغم السرية المفروضة على القضية علم مركز فيريل أنّ إحدى طرق الاختلاس كانت تتم كالتالي: يقوم المحاسب م. خ. م. بصرف الشيك مرتين، عن طريق تزويره وإعطائه نفس الرقم، فيكون الشيك المطلوب هو 600 ألف ليرة، يضع رقم 1 عن اليسار، ليصبح مليون وستمائة ألف ويعيد كتابتهُ، ويصرفهُ من البنك المرتبط بالنقابة المركزية أو المطلوب منه إيفاء المبلغ، فتحصل الجهة الرسمية على 600 ألف ليرة، ويحصل المحاسب على مليون ليرة!!.

سأل مركز فيريل عن إمكانية حدوث ذلك، فتبيّن لنا أنه: “من الصعب بمكان أن تمر العملية دون وجود تعاون مع موظف في البنك، بل أكثر من موظف”.

بعد تتبعنا للموظفين، ورفض معظمهم الحديث في الموضوع، تبيّن لنا أنّها عبارة عن سلسلة طويلة مترابطة من الفاسدين الذين تصل حصتهم تبعاً لمنصبهم وأهميته في تزوير الشيكات، أي أنّ المحاسب م. خ. م. هو الكبش الذي سقط والأصح الذي هرب، بينما تعجّ الدائرة بشركائهِ…

شبكة فساد واختلاس منذ عام 2002، يتم اكتشافها بالصدفة، نتيجة وعي موظف شريف طالب بتوضيح حول صرف شيك مرتين، هنا اختفى المحاسب أسبوعاً، وأجرى اتصالاته بشركائه الذين نصحوه بالهرب خارج سوريا. طبعاً هرب وسوف يُنسبُ إليه الفساد والاختلاس كاملاً أما شركاؤهُ فسوف يُكثرون من الخطب الوطنية والحديث عن الإخلاص والشرف.

توجه مركز فيريل بعدها بالسؤال عن المحاسب ولماذا لا تتم عملية المطالبة به عبر الانتربول؟! فجاءنا جواب “مُضحك”: (يعني وين بدو يروح؟ مرجوعو لعنا)!!!. نعم هذا جواب مسؤول يُداري لسبب ما عن جريمة الاختلاس…

المطلوب من الجهات الرسمية فوراً: فتح التحقيق بالموضوع، ومحاسبة المتورطين داخل وخارج سوريا، وعدم نسب كل شيء للمحاسب الفار، هناك شركاء له مازالوا على رأس عملهم…. ومعرفة لماذا هذا الكبت والتحذير من التحدّث بالموضوع حتى في اجتماع المهندسين في المؤتمر العام الذي انعقد في نيسان 2017. مركز فيريل للدراسات من دمشق. 25.06.2017