السيد وزير الإعلام، الفساد في وكالة سانا، إلى متى؟

مُدراء سانا يُقرّرون: أنتَ مدير أو موظف مُصفّق، إذاً تعويضاتك ثلاثة أضعاف!!

جاء عام 2019 فاسبشرنا خيراً بعطاءاته، خاصّة بعد رواية زيادة تعويضات الإعلاميين والعاملين في السلطة الرابعة المضافة على راتبهم المقطوع حسب فئاتهم..

جاءت التعويضات ولكن… كانت قيمتها للعاملين المنتجين من صحفيين ومحررين ومصورين ومونتير في المؤسسات الإعلامية، بالمقارنة مع مسؤولي المناصب والكراسي والدوائر ومعاونيهم و”حاشيتهم” من الإداريين، هي النصف أو الثلث!!..

تعويضات الباحثين عن المعلومة والخبر، والذين يعُرّضون حياتهم للخطر والمساءلة وزيارة غير مُستحبة أحياناً للأقبية المظلمة، هي أقل بضعف أو ضعفين من رؤوساء أقسامهم ومدرائهم الذين يجلسون وراء المكاتب الدافئة أو المكيفة، ويحتسون القهوة والشاي!

الزيادات المزمع صرفها وسبقَ أن صرّح عنها أصحاب المعالي إعلامياً تحت قبة مجلس الشعب، ستصلهم فتات بعد تدقيق ساعاتِ دوامهم وانتاجهم من أخبار وتقارير مسعّرة بالتوازي مع تضخم وزيادة و “انتفاخ” تعويضات المدراء ورؤوساء الأقسام التي لا تخضع لأية مقاييس انتاجية… كيف لا وهم أنفسهم الذين يضعون قيمة التعويضات!

الوثائق خير دليل، هذا غيض من فيض مما حصل عليه مركز فيريل للدراسات، تُظهرُ الفساد الإداري “الوقح” وهو عيّنة عن مؤسسة الوكالة العربية السورية للأنباء “سانا” التي أدلى مديرها العام بأنها المؤسسة الخالية من الفساد حسب تعبيره، وذلك بمقابلة صحفية العام الماضي!!

مؤسسة خالية من الفساد، وهذه الوثائق والتجاوزات ماذا نُسميها؟ “شوفة خاطر المدراء” مثلاً؟.

تبين الوثائق بالأرقام أن مسؤولي الأقسام ومعاونيهم وأمناء التحرير ومعاونيهم إضافة إلى “حباشاتهم” وما أدراك ما الحبّاشات، يتقاضون ضعفي إلى ثلاثة أضعاف ما يتقاضاه المنتجون الحقيقيون من العاملين على بناء الخبر والصورة في المؤسسة وبمختلف الظروف.

مثال بسيط: يتقاضى الصحفي والمحرر (من فئة المرضي عنهم طبعاً) في الحرب أو السلم ما لا يتعدى 35 ألف ل.س، بينما أقل تعويض لـ “رئيس دائرة” يجلس وراء مكتبه 60 ألف، إن كان “مصفقاً” بقوة سيتقاضى 75 ألف ل.س….

ثمنُ الجلوس وراء المكتب والتصفيق ليس فقط هذا المبلغ، بل هناك تعويضات محروقات تصرف لسياراتهم ولجان الإشراف والتقييم والمتابعة و…!!

ما سبق ذكره ينطبقُ على الموظفين المثبتين فقط وليس الموظفين المؤقتين على نظام الاستكتاب… هؤلاء لا يتقاضون رواتب مقطوعة وتعويضاتهم أيضاً لا تتجاوز 35 ألف ل.س رغم أنهم يحاسبون على ساعات دوامهم وانتاجهم كالموظف المثبت، إلا أنهم لا يتقاضون رواتب…

الجواب الذي سيتبارى مَن وضع القائمات لقوله هو: الاختلاف حسب المؤهل الوظيفي أو مدة الخدمة… جيد، ماذا لو كان المؤهل واحد ومدة الخدمة أيضاً واحدة وكذلك حجم العمل والأداء الوظيفي، لكن الفارق بين التعويضات كبير!! ثم أنّ هذه تعويضات وليست راتباً…

هل يُعقل أن يتقاضى مدير ما في المؤسسة تعويضات تصل إلى 60 ألفاً بينما موظفة الرقابة الداخلية 16 ألفاً!؟؟

ما معنى أن يتم الاستغناء عن حامل ماجستير إعلام “اختصاصي”، ويُعيّن عوضاً عنه حامل “حاملة” دبلوم علوم سياسية وبراتب أعلى؟!

ما ظهر لنا بعد التدقيق أنّ موظفين لم يسجلوا أي نشاط إعلامي، يتقاضون تعويضاتٍ لقاء جلوسهم في منازلهم!

وزير الإعلام السيد عماد سارة، وجّه خلال جولة تفقدية بعد استلامه منصبه بأسابيع قليلة، بزيادة تعويضات المنتجين الحقيقيين لزيادة التعويضات وخصّ المؤقتين… السيد عماد “ذُهل” لدى معرفته بما يتقاضوه من أجور مجحفة بالتأكيد، تمّ ذلك بحضور المدير الذي هز برأسه مبدياً سماعه التوجيهات الواضحة…

نُعلمكَ يا حضرة الوزير ومن مركز فيريل أن توجيهاتك لم تطبق، وعندما سألنا إدارة سانا جاءنا جواب “ممغمغ” هو: “أصلاً الدنيا مافيها عدل”! الإجابة هذه حصل عليها العديد من الموظفين بعد عشرات المحاولات للقاء المدير المشغول باجتماعات رؤساء أقسام ولجان…

هل هي عملية “تطفيش” مَن تبقى من الصحفيين المهنيين؟!

ماذا نُسمي التالي؟

تمّ وضع التعويضات على أساس حجم العمل (الانتاج) كعدد الأخبار والتقارير والفيديوهات والصور، بين رئيس قسم ومترجم بقسم الترجمة… وُضع عدد أخبار إضافي عمّا قام بانجازه، يُضاف للتفاصيل موضوعُ تجيير أخبار وإعلانات الوكالة إلى مواقع خاصة تعود للمدير وأمناء التحرير وبعض رؤساء الأقسام، إضافة لإرسال تقارير مكتوبة ومرئية خام ومحررة إلى عدة مواقع خاصة وعامة تعود إدارتها الى رؤوساء فترات ودوائر في التحرير!! ومنها ما يتم “بيعه” وبعلم الإدارة.

كما نُقل أو جُمّدَ الأكفاء من الصحفيين الاحترافين من حملة الماجستير في الإعلام الى أقسام جامدة كقسم الانترنت والاستماع السياسي، واستبدلوا بموظفين لا يحملون شهادة الإعلام… سُلّمت رئاسة أقسام لأشخاص لا تمت شهادتهم وخبرتهم للأقسام التي يقومون على إدارتها بصلة، ناهيك عن أن المدير العام ذاته لا يحمل شهادة إعلام بل شهادة أدب انكليزي!! لكنهُ شغل سابقاً منصباً ما في المكتب الإعلامي للسيدة “نجاح العطار”… على ما يبدو أنّ هذا هو السبب بتزكيته وبقائه بأهم مؤسسة إعلامية في سوريا…

مدير وكالة سانا لا يحمل شهادة في الإعلام بل شهادة في الأدب الإنكليزي.

عندما دخل مركز فيريل للدراسات وكالة سانا للأنباء وتجوّل في أقسامها لعدة أيام، بما في ذلك مكتب المدير… لاحظنا أنّ مدراء وأمناء التحرير هم الذين يسيطرون على الوكالة فعلياً ويستشيرهم بكافة الأمور ويأخذ برأيهم، فتأتي قراراتُه تبعاً لمصالحهم بما في ذلك توزيع التعويضات (الاستكتاب) ونقل الموظفين والصحفيين والتحكم برقابهم، ومن يتكلم أو يعارض قرار “الشلل” الإدارية الفاسدة يقتصّ منه بتخفيض تعويضاته، إن كان محظوظاً…

وتسألون لماذا ينجح الصحفيون ذاتهم في مواقع الكترونية خاصّة تنافسُ بل تتفوّقُ على أعرق مؤسسة إعلامية حكومية…

إنه مزيجٌ من سوء الإدارة والفساد وتراجع المهنية في الوكالة الرسمية، بسبب الصمت عن ممارسات لم يسبق أن حصلت حتى في زمن وكالة أحمد ضوا…

حجوم العمل الجديدة التي تم فرضها لاحتساب التعويضات الشهرية شكلياً في الصورة المرفقة…

!!!

بالعودة لتصريحات الحكومة والتي أكدت أن الموظفين سيلحظون الفارق بزيادة لا تقل عن الضعف على تعويضاتهم، يتوجب أن نشير بأن الزيادات التي حصل عليها كمثال؛ موظفو التلفزيون العربي السوري لا تتعدى “الفتات”، مقارنة بتعويضات المدراء وحاملي فيتامين “واو”… كما أنّ مؤسسات إعلامية أخرى لم تصلها التعويضات وأخرى تمّ تقننيها…

أين رئاسة الحكومة وأين ما صرح به أصحاب المعالي والفخامة والرفعة؟

الوثائق المرفقة حصلنا عليها بالإضافة لوثائق تخص فساداً أكبر يتمثل بممارسات لجان (المشتريات والصيانة والإشراف) الأخيرة تحتاجُ لوقفة أخرى… نشرنا جزءاً منها…

السيد الوزير عماد؛ ما قاله لنا العديد من الصحفيين والإعلاميين الذين قابلناهم في سانا، بضرورة الإكثار “من الترحم على أيام فساد الإدارة السابقة للوكالة”، والتي حسب تعبيرهم لم يصل فسادها وسوء الإدارة حد إقصاء خريجي الاعلام واستبدالهم بالصامتين المصفقين والسماسرة! هل تريدنا أن نواصل الترحم أم سنرى تحركاً سريعاً ومحاسبة الرأس… الرأس أولاً ومعه الأكتاف؟ أم سنرى قطع يد عامل البوفيه واتهامه بأنه السبب بأزمة الغاز والحرب في أنغولا…!! السيّد عماد؛ الإعلام السوري بحاجة للعمل المخلص ورمي “الأخشاب” القديمة، كي يصبح رائداً… نُرحبُ بتعاونك ولن نحكم على الأقوال بل على الأفعال… مع تحيات مركز فيريل للدراسات من قلب دمشق.