ما احتمال وقوع حرب نووية؟ الدكتور جميل م. شاهين

 يرتفع خطر اندلاع حرب نووية كل فترة إلى اللون الأصفر. هذا ما أكدتهُ الأمم المتحدة بإمكانية وقوع حادث نووي يسبب كارثة حقيقية عام 2017 إثر الأزمة الكورية الشمالية. 

اليوم وفي 2019 عاد خطر اندلاع حرب نووية للواجهة، بعد نصب الولايات المتحدة لصواريخ باليستية نووية شرقي أوروبا، قال عنها الفريق فيكتور بوزنيخير، النائب الأول لرئيس إدارة العمليات العامة في هيئة أركان الجيش الروسي، خلال مؤتمر موسكو للأمن الدولي: “تسعى الولايات المتحدة، عبر نشر الدرع الصاروخية العالمية، للحصول على إمكانية استهداف أي دولة غير مرحب بها في نظر واشنطن دون أن تكون لهذه الدولة إمكانية الرد.”.

مُضيفاً: “الولايات المتحدة تنشر وسائل الدرع الصاروخية قرب حدود روسيا، كي تتمكن من توجيه ضربة صاروخية نووية مباغتة إليها“.

هل وقوع حربٍ نووية محصورٌ بقرار أم يمكن أن يكون خطأً؟

توجهنا بسؤالنا عن احتمالات اندلاع هكذا حرب خطيرة، لعدة جهات خبيرة فكان الجواب لمركز فيريل: (الخطورة ليست فقط من التهديدات باستخدام فعلي للأسلحة النووية، بل من الأخطاء الالكترونية والإنذارات الكاذبة، التي تسبب رداً من الطرف الآخر.)

سؤال مركز فيريل: كيف يمكن أن يكون الإنذارُ كاذباً؟

الجواب: (يأتي الخطأ عن طريق هاكرز يتمكن من السيطرة المؤقتة على أجهزة الرادار في مكان محدد لدولة ما، فيعطي إنذاراً كاذباً بأنّ صاروخاً نووياً تمّ إطلاقهُ نحو هدف معادٍ، فترد عليه الدولة النووية المُستهدفة. أو يكون عن طريق التشويش الإلكتروني من قبل جيش دولة أخرى. أو نتيجة خطأ في الرادارات نفسها، فتعطي إنذاراً بهجوم باليستي… هنا تقع الكارثة.).

بعودتنا لتاريخ الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، وجدنا أكثر من أربعة حوادث تحدثت عن إنذارات كاذبة، منها حادثة 26 أيلول 1983، التي جاءتْ في قمة التوتر بين البلدين النوويتين، حيث ورد إنذار للرادارات السوفيتية بإطلاق الولايات المتحدة لعدة صواريخ باليستية باتجاه موسكو، كان على الكولونيل السوفيتي ستاني سلاف بيتروف الرد بسرعة، وإطلاق صواريخ نووية باتجاه واشنطن، ولولا حنكة وهدوء الكولونيل، لكانت الكارثة قد وقعت منذ 36 عاماً، فقرر أنّ الإنذار كاذب ولم يرد على الصواريخ الوهمية، وأنقذ العالم من الهلاك.

خبير الألماني قال لمركز فيريل: (هناك مَنْ أراد ويُريدُ أن تحدث حربٌ نووية، ويملكُ القدرة على إرسال مثل هذا الإنذار الكاذب، فإن تمكن من ذلك وفي ظل التوترات العالمية كما حصل مثلاً في شبه الجزيرة الكورية، فالحرب شبه مؤكدة.).

لم يُسمّ الخبير هذا (الطرف) الذي يريد حرباً نووية، لكننا في مركز فيريل نعلمُ أنّ تياراً قوياً في العالم يريد أن تقعَ هذه الحرب، وحسب ما نشرناه سابقاً، فهل سينجحُ هؤلاء يوماً؟ /راجع التالي/.

https://bit.ly/2ZEWDCv

شروط الحرب النووية

  • بؤرة توتر دولية: تظهرُ كل فترة بؤرة توتر مُرشحة لهكذا حرب. شبه الجزيرة الكورية كانت آخرها، فالوضع كان جاهزاً لانطلاق شرارة حرب ما، لن تكون تقليدية. هناك بؤرٌ أخرى أيضاً؛ الشرق الأوسط، فنزويلا، أوكرانيا وشرقي أوروبا، بحر الصين، الهند والباكستان والقطب الشمالي…

  • تحتاجُ الحرب لزعيم واحد وراءه قيادة متهورة، أو لزعيمي دولتين عدوتين يعانيان من (داء جنون العظَمَة)، توفّر هذا في شبه الجزيرة الكورية بين دونالد ترامب وكيم جون أونغ ومازال رغم التقارب الحاصل حالياً. 

  • ضرب مصالح وتهديد الأمن القومي لدولة نووية بشكل مباشر، وتأتي الولايات المتحدة على رأس القائمة، كونها سبق واستخدمت السلاح الذري في نهاية الحرب العالمية الثانية دون أن تتم محاسبتها على جريمتها.

  • كما ذكرنا، حدوث تشويش الكتروني أو هاكرز. من الحوادث القريبة زمنياً جرت في آذار عام 2017 مع حاملة الطائرات الأميركية USS Carl Vinson في بحر الصين.

أخيراً

نسمعُ دائماً عن حشود عسكرية ووصول حاملات طائراتٍ وغواصات تحمل أسلحة نووية لمنطقة توتر، وهذا هدفهُ بالدرجة الأولى “استعراض عضلات”. فالحشد العسكري الأميركي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، والذي جرى بوصول مجموعة Armada إلى بحر اليابان، حيث حملت البوارج الأميركية صواريخ نووية مدمرة، كان للضغط على كوريا الشمالية. آنذاك؛ أيّ خطأ كان سيحصل، سيؤدي لوقوع كارثة. 

لا ينحصرُ الخطر بضربِ دولة مثل كوريا الشمالية أو إيران وردها على ذلك، بل من احتمال دخول دول نووية أخرى في هذه الحرب، كالصين وروسيا، عندها ستكون الكارثة الكبرى، لتمتد تلك الحرب إلى كل زاوية في العالم… الصين وروسيا لن تدخلا الحرب فوراً، بل ستنتظران نتائجها، فانتصار واشنطن يعني سيطرتها على العالم بشكل مُطلق، وانكفاء باقي الدول لتصبحَ “عبيداً” عندها، هنا سيكون تدخلهما، دفاعاً عن الوجود…

يقتربُ العالم من حرب نووية تارةً ويبتعدُ في أخرى، لكن لا يمكن لأحد أن يؤكد عدم وقوع خطأ… السلام العالمي بحاجة لعقلاء، والعقلاء يقلّ عددهم يوماً بعد يوم. الدكتور جميل م. شاهين Firil Center For Studies FCFS Berlin