الكورونا يكتسح الصين والعالم 2020. الدكتور جميل م. شاهين

يبدو أنّ عام 2020 يحملُ في طيّاته الكثير الكثير للبشرية، فلم ينتهِ شهرهُ الأول بعد بينما الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية تضربُ دون رحمة، فكيف سينتهي هذا العام؟

هو فيروس يُسمى باللاتينية Coronaviridae أي الفيروس التاجي. أحادي الحمض النووي  RNA، ضخم الحجم مقارنة بفيروسات صنفه 350 نانومتر والنانو هو جزء من مليون من الميلمتر، يمتلك قاعدة تُشبهُ التاج ومن هنا جاء اسمه. غلافه بروتيني سكري البنية. ينتمي لعائلة كبيرة تضمّ خمس سلالات على الأقل. يُصيبُ الإنسان والثديات بشكل عام بالإضافة للطيور فقد ظهر لدى الدجاج والديك الرومي. تطوير الفيروس الذي يُصيبُ الإنسان ضمن المختبرات أمر صعبٌ للغاية، لهذا فنظرية أنّه طُوّر من قبل دولة ما أمرٌ “نظرياً” غير ممكن، لكن تطويره ليُصيبَ الحيوانات جائز في المختبرات المتطورة جداً. لا يوجد لقاح له.

متى ظهر فيروس الكورونا؟

التاريخ الحقيقي لظهوره غير معروف، أمّا أول تشخيص للإصابة به فكان خلال الحرب العالمية الثانية! عام 1937  لدى الدجاج. مع تغيّر وتطور الفيروس ظهرت إصابات لدى الخيول والقطط والخنازير والفئران والكلاب… لدى البشر كان التشخيص الأول في أوائل 1960 بإصابته الجهاز التنفسي وانتقال العدوى من الدجاج. ثم بدأت سلسلة من الجائحات بفترات متباعدة تضرب العالم بما في ذلك الشرق الأوسط والدول العربية.

مرض سارس

سارس SARS هو إختصار لـ Severe acute respiratory syndrome أي المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة. أول مَن اكتشفها هو الطبيب الإيطالي Carlo Urbani عام 2002 في الصين أيضاً في شهر كانون الأول تماماً مثل هذه المرة، ثم توفي بسبب إصابته بها… من الصين انتقل المرض إلى العالم ليسبب جائحة مرعبة حيث أدى لوفاة 117 شخصاً وإصابة عدة آلاف. الفيروس المسبب هو الكورونا طبعاً، يؤدي لإصابة الجهاز التنفسي بالتهاب رئوي حادّ وتموت الخلايا الرئوية وارتفاع حرارة المريض، كما يُصاب البعض بالإسهال أو بإصابات هضمية خاصة في الغلاف المعدي، وقد يؤدي إلى الوفاة. لا يوجد لقاح مضاد له، لكن قدرة الشخص المناعية تلعبُ دوراً رئيسياً في الشفاء.

متلازمة الشرق الأوسط التنفسية

يُطلق عليها MERS وهو إختصار لـ Middle Eastern Respiratory syndrome. هي مرض فيروسي يسببه فيروس كورونا “المستحدث” HCoV-EMC/2012، يؤدي لالتهاب تنفسي علوي حادّ. اكتشف المرض في السعودية عام 2012 لكن السلطات الصحية ذكرت أنه جاء من الأردن. أكثر الإصابات حدثت بين الأطفال وكبار السن بسبب ضعف مناعتهم. الأعراض كانت: حمى وسعال وضيق تنفس وأعراض زكام، تطورت بعضها إلى إلتهاب رئوي ثم إلتهاب في المعدة والأمعاء، وقد لوحظت حالات إصابات الجهاز البولي مسببة فشلاً كلوياً خطيراً. الوفيات كانت كثيرة والتحقيقات الطبية أظهرت أنه انتقل من الجمال لهذا أطلق عليها (إنفلونزا الإبل) وهي تختلفُ عن إنفلونزا الخنازير التي يسببها فيروس  H1N1 وعن إنفلونزا الطيور HPAI رغم تشابه الأعراض. تم حصر  متلازمة الشرق الأوسط التنفسية آنذاك في السعودية رغم انتشار محدود خارج حدودها.

حصد المرض أرواح 282 سعودياً وكانت نسبة الوفاة مرتفعة 41% من المصابين. عام 2014 ظهر المرض في الولايات المتحدة لدى أمريكيين عملوا في السعودية، ثم في لندن والفلبين بعد ثلاث سنوات، الأخطر كان ظهور المتلازمة هذه في أيار 2015 في كوريا الجنوبية، حيث حصدت أرواح 19 شخصاً. حتى الآن لا يوجد له لقاح وإمكانية عودته قائمة كل لحظة خاصة في مواسم الحج.

في حزيران 2012، استطاع البرفسور المصري محمد علي زكريا عزل فيروس ما من خلايا رجل مات بالتهاب رئوي حادّ ترافق مع فشل كلوي، عرض اكتشافه على السطات الصحية السعودية طالباً التعاون والحذر من إنتشار فيروس قاتل غير معروف، السلطات لم تلبِ النداء فاضطر للاتصال بعالم الجراثيم الهولندي رون فيوشيه الذي اكتشف فيروس إنفلونزا الطيور عارضاً ما توصل إليه. العالم الهولندي ولدى مقارنته بين الفيروسين أكد أنّه فيروس جديد من عائلة كورونا، بعد ذلك إعترفت السلطات الصحية الأوروبية باكتشافه في أيلول من نفس العام.

توصل البرفسور المصري لطرق إنتقال المرض والتي تتم طريق بالمصافحة واللمس، أو باستنشاق الهواء الملوث بالفيروسات من سعال المصاب أو بالدمع، كما ينتقل من الإبل. الأعراض: احتقان في الأنف. صداع. سعال. إرتفاع الحرارة. ضيق تنفس. إلتهاب الرئة الحاد. ثم فشل كلوي وإسهال.

هكذا يتحركون في الصين الآن

كورونا الصين 2020

عاد الفيروس ليضربَ من جديد. فقد أعلنت الصين عن أول إصابة بفيروس كورونا الجديد ويحمل اسم 2019-nCoV في 30 كانون الأول الماضي في مقاطعة Hubei  بمدينة Wuhan . الأمر تطوّر بسرعة ليصبح جائحة خطيرة بعد أقل من شهر. المعروف عن السلطات الصينية التكتم، لكنها لم تعد تستطيعُ التخفيف من حجم الكارثة، فقد اعترفت بإصابة 1400 شخص، أي أنّ هذا العدد تمّ تأكيد إصابته بعد مراجعته المشافي، فكم يكون عدد المصابين الحقيقي؟ هناك حتى لحظة إعداد هذا التقرير في مركز فيريل للدراسات 41 ضحية للمرض، وخروج رئيس الصين الرئيس شي جين بينغ شخصياً بعد عقد اجتماع للمكتب السياسي بشأن الإجراءات التي ستتخذ لمواجهة انتشار فيروس كورونا، ليقول أنّ الصين تواجهُ أمراً خطيراً، يؤكد حجم وخطورة ما يحدث.

المرض وصل تايلاند 5 وهونف كونغ وتايوان وأستراليا واليبابان وكوريا الجنوبية وماكاو وفيتنام وماليزيا ونيبال والولايات المتحدة وفرنسا… الصين علّقت كافة الرحلات الجماعية المنظمة منها وإليها، بينما ستجلي واشنطن مواطنيها من مراكز تفشي المرض.

ثلاثون مقاطعة وصلها المرض في الصين، وهو لا يُفرّق بين كبير وصغير فقد توفي طبيب عمرهُ 62 عاماً يعمل في مشفى مدينة ووهان نتيجة عدوى من مريض. أغلقت المدارس والجامعات، بينما سيتم بناء مشفى في المدينة مصدر العدوى يتسع لأكثر من 1000 سرير خلال أيام. إنها الصين… ولا يمكن أن نعزو السبب لواشنطن كما يُشاع، وبنفس الوقت لا يمكن تبرئة واشنطن صاحبة الأيادي الملوثة دائماً… لكن خسائر بكين ستكون بعشرات المليارات…

هنا سيتم بناء مشفى في المدينة مصدر العدوى يتسع لأكثر من 1000 سرير خلال أيام. إنها الصين…

السؤال الذي لم نسمع أحداً يُرددهُ بعد: ماذا عن البضائع القادمة من الصين والتي تغزو العالم؟!! فيريل تسأل…

أخيراً

حسب منظمة الصحة العالمية؛ طرق ‏انتقال هذا الفيروس ما تزال غير واضحة. لكن المعروف طبيّاً أنّ سبل الوقاية تكون بالتالي:

تجنب مخالطة أيّ شخص يشكو من إلتهابات تنفسية، والابتعاد عن حيوانات المزارع والحيوانات البرية.

عدم تناول أي منتوج حيواني قبل طبخه أو غليه جيداً كالحليب أو اللحوم “الكبد”.

غسل الأيادي دائماً وتجنّب المصافحة ما أمكن، وعدم فرك العينين أو الفم أو الأنف عندما يكون الشخص خارج المنزل وفي المناطق المكتظة بالسكان. يُفضل استخدام المناديل الكحولية وأن تكون ملازمة للشخص دائماً.

في حالة الجائحة، يجب إرتداء كمامات واقية في الطريق أيضاً.

تقوية جهاز المناعة بتناول الطعام الغني بالفيتامينات والمعادن كالحمضيات والثوم والزنجبيل والحليب وبزر “دوّار الشمس”، الطعام البحري، البطاطا الحلوة، الزيوت كزيت جوز الهند وزيت الزيتون، المكسرات بأنواعها…

جهاز المناعة يحتاج لساعات نوم كافية لتقويته ويحتاج أيضاً للضحك… إن استطعتم إليه سبيلا… الضحك يقضي على هرمون التوتر Cortisol وهو غير هرمون الكورتيزون، هرمون القلق يُفرزهُ قشر الكظر مسبباً زيادة سكر الدم وضعف جهاز المناعة.  

تتمّ معالجة الإصابة بفيروس كورونا بشكل عام بتخفيف الأعراض الحادة ومنع تطورها: خافضات الحرارة، مضادات السعال والاحتقان. الراحة التامة في الفراش. شرب كميات كبيرة من السوائل خاصة الدافئة. الدكتور جميل م. شاهين مركز فيريل للدراسات. 25.01.2020 نتمنى لكم الصحة الدائمة. بالنسبة لوصول الفيروس للشرق الأوسط أمرٌ غير مُستبعد رغم أن ما أشيع عن إصابات في لبنان غير مؤكد… لكنه وارد… الحذر مطلوب من السلطات والشعب ليس بحاجة لتجارب كارثية جديدة، يكفيه ما به.