بوتين قادر على احتلال أوروبا خلال 24 ساعة. الدكتور جميل م. شاهين. حرب “المتنورين” الجزء الأول

Putin ist in der Lage Europa innerhalb von 24 Stunden zu besetzen

Dr. Jameel M. Shaheen. FCFS. Part 1: Putin is able to occupy Europe within 24 hours

عدد القراءات 917633 تاريخ النشر 08.10.2016




الرعب والهلع من الدب القادم من الشرق، يتنامى بين صفوف زعماء أوروبا، ويزيد معه “ترهيب” الشعب الأوروبي “الدرويش”. البارحة اتهمت دول أوروبية وعلى رأسها بريطانيا، بوتين أنه يسعى للحرب مع الناتو بجدية. جاء هذا الاتهام بعد اختراق طائرات حربية روسية المجال الجوي لدول الناتو. فقد اقتربت قاذفتان روسيتان نوويتان من نوع TU-60 بتاريخ 22 أيلول الماضي من شواطئ النرويج وبعدها سكوتلاندا، ثم اتجهت جنوباً نحو فرنسا واسبانيا، مما أدى لاستنفار غير مسبوق في القواعد الجوية لدول النرويج وفرنسا واسبانيا وبريطانيا، فاعترضت طائرات F-16 النرويجية وتايفون البريطانية ورافال الفرنسية و F-18 الاسبانية، القاذفتين الروسيتين. بعد ذلك بساعات، اشتكت آيسلندا من اقتراب تلك القاذفتين من طائرة مدنية آيسلندية بشكل خطير، كانت متجهة نحو السويد، ولمسافة 2 كلم فقط. طائرتان روسيتان تتنزهان، تتسببان باستنفار 5 دول أوروبية!

الاختراق الروسي الأخير كان البارحة الجمعة 07.10.2016 للمجال الجوي الفنلندي، حيث دخلت طائرتا سوخوي 27، الأجواء الفنلندية لمدة دقيقتين من جهة بحر البلطيق، وقبلها الخميس أيضاً، وتعليقاً على ذلك قالت وزارة الدفاع الفنلندية: “نأخذ هذه الاختراقات على محمل الجد”. الحقيقة أنّ هذا الاختراق هو مقصود لأنه يأتي قبيل توقيع فنلندا لاتفاقية التعاون الدفاعي مع واشنطن.

التوتر بين الناتو وروسيا لم يحدث منذ الثمانينات، وهو رد روسي على محاولة واشنطن تطويق روسيا بجيوش وصواريخ الناتو، بزيادة عدد جنوده في بولونيا وليتوانيا وإستونيا ولاتفيا، وبالمقابل؛ فإن سلوك الناتو هو محاولة يائسة لكبح جماح الدب الروسي، خاصة بعد ضم موسكو لشبه جزيرة القرم في شهر آذار 2014.  

استطاعت وسائل إعلام الغرب شيطنة بوتين وتصويره بصورة الساعي نحو الحرب، وذهب البعض إلى تشبيهه بهتلر، وزرع هذه الفكرة بعقول الأوروبيين. وكله سيكون تمهيداً لما سيأتي لاحقاً…  

عندما دخل مركز فيريل للدراسات في برلين، كواليس السياسيين في أكثر من عاصمة أوروبية، سمعنا “بربرة” وهمساً واستنجاداً بواشنطن من “الخبيث” بوتين، ووصلنا الجواب التالي: “روسيا والناتو يستعدون للحرب العالمية الثالثة بالوكالة”. الوقت غير مناسب للناتو، فهل هو مناسب لروسيا؟ أوروبا ضعيفة ويمكن للجيش الروسي أن يحتلها خلال 24 ساعة، هكذا قال أحد السياسيين الألمان لمركز فيريل.

خلال 24 ساعة يمكن لبوتين أن يحتل أوروبا! ولن تقف أمامه قوة عسكرية أوروبية، لهذا يجب أن تتدخل الولايات المتحدة بكامل قوتها، وهي الوحيدة القادرة على ردع روسيا. فقد حشد الدب الروسي 400 ألف مقاتل على حدوده الغربية، مقابل 31 ألف جندي من الناتو في بولونيا… يا للمهزلة! 400 ألف مقابل 31 ألفاً، و100 طائرة حربية مقابل 600 طائرة روسية! هذا ما سخر منه السياسي الألماني، وأضاف لمركز فيريل: “أوروبا ضعيفة، لأنّ ألمانيا ضعيفة عسكرياً، الزمن تغيّر كثيراً، ألمانيا اليوم ليست ألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية…”.



الرعب الأوروبي تمثّل على لسان وزير خارجية ألمانيا  Frank-Walter Steinmeier SPD، عندما قال في حديثه لصحيفة Bild: “يجب على الناتو التوقف عن استفزاز  روسيا، وعدم تحقيق غايات تجار الحروب. الاعتقاد بأنّ بضع دبابات ستقف بوجه روسيا في شرقي أوروبا، اعتقاد خاطئ.”.  ويتابع الوزير: “لقد تغيّر الوضع عن السابق خلال الحرب الباردة، كانت هناك خطوط حمراء بين القطبين، اليوم لم تعد هناك خطوط حمراء.”!. بعد هذا التصريح “الاستسلامي” لوزير خارجية ألمانيا، تعالت أصوات المحافظين في الناتو مطالبة باستقالته.

السفير الألماني السابق Botschafter Wolfgang Ischinger، صرّح في مؤتمر الأمن في ميونيخ: “التوتر العسكري بين الغرب وروسيا، هو الأخطر منذ عشرات السنين، وقد تنهار الأمور فجأة.”. أما المفوض الاتحادي الألماني مع روسيا Gernot Erler، فقد قال: “أن العقوبات الجديدة ضد روسيا، بسبب الحرب في سوريا، يزيد من خطر التصادم العسكري بين الناتو وروسيا.”.  

في منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي في 19 حزيران 2016، قال بوتين: “ربما تكون الولايات المتحدة هي القوة العظمى الوحيدة المتبقية، لهذا نحن على استعداد للتعاون معها.”. حبُّ بوتين المفاجئ للولايات المتحدة هذا، استخفاف كبير بقادة أوروبا وكأنهم تماثيل أمامه، ومحاولة ذكية لشق صفوف الناتو.

يرصد الناتو بقلق كبير تحركات روسيا  واستعداداتها العسكرية، والتي وصفها بغير المبررة، فقد وضعت روسيا 2000 رأس نووي بحالة التأهب العادي!

التوازن العسكري يميل لصالح الناتو دون شك، ولن يردعه سوى النووي الروسي، فهل سيستخدمه الروس في ضربة استباقية؟ دولة واحدة يجب أن تواجه 28 دولة في حال نشوب صراع مسلح. روسيا لا تعنيها 27 دولة، فقط الولايات المتحدة التي يُحسب لها حساب، وستتجنب روسيا أيّ احتكاك معها، فهل ستتمكن من ذلك؟



رأي مركز فيريل للدراسات

حسب رأي مركز فيريل للدراسات في برلين: “روسيا لا تسعى نحو الحرب، لأنه ببساطة لا يوجد منتصر في هكذا حروب كبيرة، لكنها الآن تقتربُ من وضعية الدفاع عن وجودها بعد أن حاصرها الناتو بجيوشه وصواريخه التقليدية التي باتت تطال موسكو، وبسياج من دول الناتو “الذيول” لواشنطن، لهذا سيتعاظم الخطر كلما اقتربت موسكو من وضعية الدفاع.”

أصوات المعارك في سوريا، والضجيج الإعلامي المرافق في عواصم الغرب، تخفي أصوات السلام والتحذير من عواقب اللعب بالنار، واللعب بالنار هدف المتنورين “المنزعجين” من تأجيل الحرب العالمية الثالثة، وأصوات لومهم وصلت مسامعنا، فهل نسي هؤلاء أنّ في جيب بوتين 8500 رأس نووي، ورغم أنّهم أذكى من أن يدفعونه لاستعمالها فربما سيتسببون بمشاكل داخلية أو بحربٍ تقليدية تستنزفُ اقتصاد روسيا، فأين ستكون؟ نلقاكم في الجزء الثاني. الكاتب: الدكتور جميل م. شاهين. مدير مركز فيريل للدراسات ـ برلين. 08.10.2016.