تجربة مارشميلو ستانفورد. Stanford marshmallow experiment

تجربة مارشميلو ستانفورد 02.04.2020 مركز فيريل للدراسات.

Firil Center For Studies Berlin FCFS  د. جميل م. شاهين. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. هادي ميّاسة. جامعة تشرين.

Stanford marshmallow experiment هي سلسلة تجارب نفسية حول (تأثير تأجيل تنفيذ الرغبات والإشباع المتأخر) أجراها عالم النفس الأميركي  Walter Mischel ابتدأت عام 1960 حتى عام 1972 في جامعةStanford University  الأميركية في كاليفورنيا، وشملت عدة مدارس ومئات الأطفال.

ابتدأت التجارب على 32 طفلاً من الجنسين بين 4 و6 سنوات. شارك فيها أيضاً Ebbe B. Ebbesen. عُرض على الطفل الاختيار بين مكافأة صغيرة فورية، أو مكافأتين صغيرتين بعد مدة قصيرة من الزمن. وضعَ الباحث قطعة حلوى مارشميلو واحدة أمام الطفل في غرفة خالية ممّا قد يلهيه ويشغل وقته، بعد أن أحيط علماً بقدرته على الانتظار لمدّة ربع ساعة كي يتمكّن من كسب قطعة ثانية، أو بإمكانه أكل القطعة التي أمامه فوراً، ولكنّهُ لن يحصل على القطعة الثانية. غادر  عالم النفس الغرفة 15 دقيقة ثم عاد.

أعيدت التجربة على 50 طفلاً ليصل عدد الأطفال إلى 600 طفل في عدة دور حضانة لسنوات. كانت النتائج 30% من الأطفال انتظروا القطعة الثانية برضىً، بينما فشل البقيّة بالتّحمّل فأكلوا قطعة الحلوى مباشرة. توبعت التجارب حتى عام 2012 مع نتائجها ومراقبة ماذا حصل للأطفال.

النتائج

قد يرى البعض أنّها بديهيات وآخرون قد يهزأوا من هذه التجارب، ابقوا معنا في مركز فيرل للدراسات كي تعرفوا ماذا حصل عسى أن تكونوا من الـ30%. اعتمد التأخير الفعّال للإشباع (تناول قطعة الحلوى فوراً) بشكل كبير على الجانب المعرفي والقدرة على قمع الرغبات الآنية.

طوّر الأطفال الذين لم يأكلوا الحلوى مباشرة أي الـ30%، طرقاً ذكية لإشغال أنفسهم عن الرغبة اللحظية وتشتيت إنتباههم، فقاموا بترديد أغانٍ. دقوا أرجلهم بالأرض. بعضهم غطى رأسه ونام.

عام 1988 وبعد متابعة نفس الأطفال تبيّن أنّ الـ30% منهم نجحوا في مقياس دخول الجامعات الأميركية، SAT National Curriculum Assessment والذي يتضمن فحص قدرات ومهارات الطالب العقلية في القراءة والتعبير  والفهم والاستيعاب والرياضيات… وكانوا أكثر نجاحاً في الدراسة والحياة العملية والإجتماعية والصحة النفسية. الـ70% كانت حياتهم العملية والعلمية والإجتماعية والنفسية غير ناجحة… قسم كبير منهم يعاني من السمنة والإدمان على المخدرات والكحول…

أظهرت دراسة تصوير الدماغ عام 2011 للمشاركين الأصليين في التجربة الأصلية وكانوا بعمر بين 40 و50 عاماً، إختلافاً كبيراً بين الـ30% وباقي المجموعة، الفص الجبهي لديهم أكثر نشاطاً ونمواً من الغالبية الـ70%، هذا الجزء من الدماغ مسؤول عن عدة وظائف حيثُ يُشارك في الوظائف العقلية العليا:

القدرة على تمييز العواقب المستقبلية الناجمة عن السلوك الحالي. القدرة على الاختيار بين السلوك الجيد والسيئ. قمع ردود الأفعال المرفوضة إجتماعياً (بما في ذلك الأخلاق) والسيطرة على الإنفعالات. القدرة على التمييز بين الأشياء والحوادث. أي هذا الجزء من الدماغ مسؤول عن التخطيط والمنطق وضبط النفس والتحكم بجزء كبير من الحركات الإرادية. ضعف أداء هذا الفص الدماغي يُسبب أمراضاً نفسية أهمها فصام الشخصية الشيزوفرينيا.

كما كان الدوبامين أكثر إفرازاً ونشاطاً فما هو الدوبامين الذي سبق وأشرنا لأهميته في مركز فيريل للدراسات؟. هذا الهرمون والناقل العصبي يتحكم بسلوك الإنسان ويزيدُ من يقظته ويعزّزُ الشعور بالمكافأة وعدم الإحباط والسعادة.

لوحظ لدى باقي المجموعة أي الـ70% التالي: ضعف في إفراز الـ Dopamine وهو ما يُسمى بهرمون السعادة. الأمر الذي يهمّ شريحة واسعة من القرّاء؛ لدى هؤلاء الـ70% عدم رضى جنسي! هرمون الدوبامين موجود أيضاً لدى الحيوانات وحتى النباتات، لكن بكميات قليلة.

ما علاقة هذه التّجربة بوباء الكورونا؟

تُعاد الآن، بطريقة أو بأخرى، تجربة مارشميلو على الشعوب وبشكل أوسع. ليست هناك قطعة حلوى أمام الناس ولن تنتظرهم قطعة أخرى لاحقاً، أمامهم إنتظارٌ وعزل مزعجٌ أشبه بالسجن بإنتظار المكافأة وهي الحفاظ على حياتهم ما أمكن.

قامت الطبيعة بتطوير فيروس من ملايين الفيروسات الموجودة، هذا الفيروس يُحَتِّم على النّاس أن ينعزلوا فترة تطول أو تقصر من أجل النّجاة منه (المكافأة)، ولكن ماذا فعل النّاس؟

الغالبية (الـ70%) حتى الآن سخروا واستهتروا وتحدثوا عن مؤامرة وغرقوا في كلّ خبر يُكذّب ما يجري، لم يستطيعوا ضبط أنفسهم. خرجوا إلى الأسواق والحدائق وعادوا بالسّمّ لأنفسهم وأسرهم وجيرانهم وزملائهم، فجاءهم العزل القسريّ التّام بدلاً من العزلة الطّوعيّة التي لم تكن تخلو من “بعض” الحريّة. هنا يكمن إختلافٌ بين عالم النفس والسلطات من حيث الأهداف وطريقة إجراء التجربة. الطبيعة أجرت التجربة أيضاً على الحكومات كافة، فكان سلوكها أسوأ من الشعوب!! والنسبة زادت عن الـ70%. التجربة الأولى جرت على حكومة الصين. حتى اللحظة 02 نيسان 2020 نجحت الصين في التجربة وكانت من الـ30%، رغم أن إعادة التجربة عليها محتملة وبقوة.

الشعوب الآن في خضم تجارب تُجرى عليها من قِبَلِ الكبار. يدرسون سلوك الأكثرية وكيف سيتمكنون من مواصلة السيطرة عليهم وبأية طريقة؛ أهو الترهيب من عدوّ غير مرئي أم وعد بالمكافأة؟ بإنتظار إنتهاء الوباء لاتخاذ قراراتٍ مصيرية.

غالبية حكومات العالم فكرت بخبث متأصل أو مُكتسب. حكومات قليلة خبيثة كانت قدوةً لباقي الحكومات التابعة، الأولى تركت الشعوب تتناول قطعة الحلوى، الثانية “الغبية” أكلت قطعة الحلوى مع شعوبها، ونتائج التجربة ستظهر خلال شهور قليلة، دون الحاجة للإنتظار طويلاً وإجراء فحص وتصوير الدماغ للمشاركين الأصليين… وكما نكرر دائماً: كورونا هو الشرارة والمحطة المؤقتة لما سيأتي لاحقاً من تغييرات جذرية في العالم، حكومات سترحل وشركات ستتدمر وإقتصاديات ستنهار، وآخر ما يهم الكبار هو بضعة ملايين من الوفيات. Firil Center For Studies Berlin FCFS  د. جميل م. شاهين. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. هادي ميّاسة. جامعة تشرين.