تفجيـرات باريـس؛ قاعـدة شـرعية..

 

 

ما لم يسـتوعبه الأوروبيّون أنّ السرطان السلفي سـهل الانتشار حتى في نفوس الذين يُطلقون عليهم “معتدلين”، ويكفي أن يجلس هـذا “المُعتـدل” في مسـجد بوسـط الكونكـورد مصغياً للإمام عِصـام، كي يَخـرجَ وقـد لفّ خصـره بحـزام ناسف، ومعـهُ فيـزا عبـور إلى ماخـور الحوريـات في سماء سان جيرمان المسـاجد التي تقدمها الحكومـات الغربية، تحت مُسـمى “دُعابـة تآخـي الأديـان” هي بؤرة إرهـاب تنمو فيها دواعش سـمراء بغطـاء أشـقر.

القاعـدة الشرعية تقول: “ليس هنـاك سـلفي معتـدل وسـلفي متطرف، كلهـم سـواسية أمـام الحوريـات.”

نظريـاً؛ تفجيرات باريـس تصبُّ في صالحنـا خاصّة أنها تأتي قبل اجتماعـات فيينـا، لكن هل سـيتم توظيفها لتخدم مصالحهم ضـدنا؟ خاصـة وأنّ جواز السـفر السّـوري ضـد النـار والتفجير والرصـاص، ويتم إيجادهُ سـليماً، حتى لو أصبحت العظـام رميماً.

بعد تفجيرات 11 أيلول، توقعَ كثيرون أنّ تكون السـعودية كبش فداء، خاصة وأنّ منفذي ذلك العمل الإرهابي كانوا بمعظمهم سـعوديون. لكن الذي حصل على العكس، إزداد التوحش السـعودي السلفي وارتفعت معـهُ أرصدةُ ملوكِ الرمـال في واشنطن. لهذا لا أتوقعُ الكثير من فرنسـا ضدّ داعمي الدواعش وهي تركيـا وقطر والسعودية، هواتف عتاب من هولاند، بعـد أن “كـرع” طاسـة الرعبـة، الذي سينظر للسماء ولأرصدة سـكارى بـول البعيـر في البنوك الفرنسية، مع الترحـم على الأموات الفرنسيين.

تفجيرات باريس فشل استخباراتي فرنسي وأوروبي دون شك، هي جُحـر أفاعي تمّ التعامي عنـهُ بقصدٍ أو بغبـاء. لن أستخدم نظرية المؤامرة متهماً المخابرات الفرنسية بتدبير التفجيرات، فهذا أمر لن يكشفهُ ويكيلكس ولا تقرير مسرّب، لكن قد يكون هناك تغاض عنهم بانتظار عمل إرهابي محـدود، يتخذون بعدهُ إجراءاتٍ قاسـية بحق الإسلاميين من جهـة، ولتقليـل أو منـع قبـول أيّ لاجـئ جديد من جهـة أخرى، الأمر فاق توقعاتهم فوقعـوا بشـرّ أعمالهم.

قبل التفجيـرات بساعات وعند الظهيرة، تمّ إجلاء المنتخب الألماني من مقر إقامته بباريس، بعد تحذيرات بوجود قنبلة داخل الفندق، واستغرقت العملية قرابة ثلاث ساعات إلى أن أمنت السلطاتُ المنطقة، ليتضح فيما بعد أنّ الفندق لم يكن به متفجرات.! ربما كانت خدعة من المخططين للعملية أو هاتفٌ من مشجع فرنسي لترهيب المنتخب الألماني قبل المباراة…. وحسب الشرطة؛ تمت مضاعفـة التشديدات الأمنيـة في كل مكان، ورغم كل هذه التشديدات نجح الإرهابيون باختراق الحواجز! كل ما حصل قبل المباراة كان مؤشراً للأمن الفرنسـي على وجـود شيء ما يتم تدبيرهُ. وفشـلوا لسبب ما…

التفجيرات نكسـة فرنسـية بل كارثة اقتصادية وكسر لهيبتها البلّورية، ابتداءً من الفشل الأمني إلى السياحة إلى الرياضة، خاصّة وأن الصيف قادم وقد تكون باريس منطقة غير آمنة لاسـتضافة يورو 2016.

الذي ينتقد فشل مخابرات دول صغيرة بالحفاظ على أمنها مقارنة بفرنسا “العملاقـة”، هل يمكنه أن يُجيب على تساؤلات شتى بخصوص هذا العمل الضخم؟ هناك بين 15 إلى 20 إرهابياً بكامل عتادهم بينهم 7 إنتحاريين بأحزمـة ناسـفة، ومن ورائهم عدد مضاعف للدعم والحمايـة والتخطيط، كلّ هؤلاء يتجولون في مناطق حساسة بقلب باريـس دون أن يلاحظهم رجال الأمن الذين يمشـطون الشوارع فوق الأرض وتحتهـا في المترو والصـرف الصحـي؟!

أيامٌ وتُنسى التفجيرات، كما نُـسيت عملية صحيفة شارلي في بداية هذا العام، وتعود حليمـة إلى بيت الطاعـة، لكن الكلمة سـتكون للشعب الفرنسي هذه المرة، وللأوروبي بشكل عام. هم قرفـوا من أصحـابِ الذقـون العفنـة، قرفـوا من سـيول اللاجئين التي تحمـل معهـا أوسـاخ عباداتهم الأرضيـة القذرة. كره الأجانب سيزداد، والحرائق سـتلتهم المزيد من مراكز اللجوء والمساجد والمسلمين، ولن يستطيعوا التمييز بين مُسـلم ومتأسـلم.

د. جميل م. شاهين 14.11.2015