تُونس؛ إنقلابٌ أم تصحيح أم؟ عدنان مالك. تونس.

بعد أكثر من عشر سنوات على اندلاع الشرارة الأولى في 17 كانون الأول 2010 احتجاجاً على البطالة وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية، عادت تونس لتعاني من الاضطراب والفساد وتردي الأوضاع المعيشية، وعادت معها المظاهرات مطالبة بحلّ البرلمان وتنحية الحكومة، فاستجاب الرئيس قيس سعيد، وأقال في 25 تموز 2021 رئيس الوزراء هشام المشيشي وعلّق عمل البرلمان. معارضو الرئيس من الإخوان المسلمين اعتبروا هذه الخطوة انقلاباً خطيراً، مما خلق أسوأ أزمة سياسية في تونس منذ نهاية 2010.

إنقلاب أم تصحيح؟

لاشكّ أن درجة الديموقراطية التي تتمتعُ بها تونس أفضل من باقي الدول العربية، لكنّ خيبة أمل الشعب التونسي والإحباط الذي عانى ويُعاني منهُ كبيرة نتيجة عدم تحقيق جزء مما كان يتطلّعُ إليه عام 2010.

إقالة المشيشي كانت تنفيذاً لما طالب به الشارع التونسي في المظاهرات الكبيرة رداً على تردي الحياة الاقتصادية وعودة البطالة إلى أسوأ مما كانت عليه عام 2010، وجاء فيروس كورونا ليزيد الطين بلة.

ما يحدثُ في تونس أعمقُ من مجرد إقالة حكومة وحلّ برلمان، الأزمة السياسية تراكمت بعد مرور تسع حكومات منذ الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي عام 2011، تخيلتم الرقم؛ 9 حكومات لم تفعل شيئاً… وياليتها فقط لم تفعل… ما جرى هو إغراق تونس وهو ما توقعناه في مركز فيريل للدراسات قبل ثلاث سنوات في بحث (خمس دول عربية معرضة للإفلاس). راجعوا البحث.

الرئيس سعيد والمشيشي لايتحملان وزر ما يجري… إسأل الحكومات السابقة. قيس سعيّد الأستاذ في القانون الدستوري ورغم أنّ خبرته السياسية متواضعة، فاز في إنتخابات تونس الرئاسية 2019 بنسبة 72,1% وهي نسبة جيدة ولا يزال يحظى بتأييد شعبي كبير  رغم الأزمة التي تمرّ بها البلاد، وهذا يُغضبُ خصومه السياسيين.

تونس مُعرّضة للإفلاس وربما…

بالأرقام الحديثة ومن مصادر حكومية؛ دائرة المحاسبات (السلطة القضائية): (على تونس أن تسدد منذ بداية 2021 وحتى 2025، دفعات قروض بقيمة ألف مليون دولار سنوياً).

لاحظوا حجم الديون التي أوقعت بها الحكوماتُ المتعاقبة، الدولةَ والشعبَ التونسي، بحيث أصبحَ كلّ تونسي مَدينٌ للبنوك الخارجية حسب البنك الدولي بـ 3014 دولار. الديون هذه ستتجاوز 90% من الناتج المحلي البالغ 39,8 مليار دولار، وعلى الحكومة التونسية دفعَ 6,5 مليار دولار قبل نهاية هذا العام كقروض خارجية وداخلية.

حجم الأزمة المالية والاقتصادية يُنذرُ بالأسوأ والأسوأ هو الإفلاس العلني… السبب الرئيسي لهذا الإفلاس بدأ عام 2011 مع أول حكومة شكّلها “محمد الغنوشي” حيث بدأ الاقتراض الخارجي والتفريط بالسيادة الوطنية. الرئيس سعيّد هو الذي عيّن رئيس الوزراء المشيشي في تموز 2020 خلفاً للفخفاخ الذي لم يمكث على كرسيّه سوى 5 أشهر، كما أنّ الأغلبية البرلمانية السابقة لم تعد موجودة، فتم تشكيل حكومة إئتلافية من عدة أحزاب سياسية، أي آراء وخطط متباينة.

الاقتصاد التونسي مُنهكٌ منذ سنوات وجاء وباء كورونا ليزيد هذا الإنهاك، فارتفعت البطالة لدى فئة الشباب لتقترب من 40% وهذا رقمٌ مرعب. بينما تراجعت السياحة التي تُشكل مصدراً هاماً في الدخل وانكمش الاقتصاد بنسبة وصلت إلى 9%، ولا توجد حلول إسعافية أو حتى خطط مدروسة لتحسين الأوضاع.

الوضع ضبابي وأطرافُ المعركة متشعبة وتتجاوز حدود تونس، التعتيم الإعلامي يمنعُ كشف المستور والشعب فقد الثقة بالطبقة السياسية ووصل لحالة يأس. إنها الحرب ضدّ كل ما هو وطني تونسي.  

يجب عدم التسرّع بالحكم أنّ قرار الرئيس سعيّد جاء للقضاء على الإخوان المسلمين، دعونا ننتظر وضوح الرؤية وتكشّف الضباب، فقد يتغيّر التقييم… يتمنى مركز فيريل للدراسات الخير والسلام لأهل تونس. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. 10.08.2021.

مقالة ذات صلة:
https://firil.de/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%b6%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d9%8a-%d9%81%d9%8a-%d8%aa%d9%88%d9%86%d8%b3/