عدد القراءات 17353. استغلَ الانفصاليون ظروف الحرب وأنشأوا ميليشيات مسلحة، وإدارة ذاتية عن طريق حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، لهدف واحد فقط: الانفصال في أية لحظة عن سوريا. أيّةُ تعابير ديبلوماسية أخرى، هي ضحكٌ على اللحى.
كي يتم الانفصال هم بحاجة للأرض، فاحتلوها. بحاجة للموارد فسطوا على آبار الغاز والبترول والمياه. بحاجة للمدن الخالية فقاموا بتهجير السكان الأصليين، ومَن بقي عليه أن يصبح كردياً شاء أم أبى. بحاجة للقوة، فاستعانوا بتل أبيب وواشنطن.
هل فشل المشروع الانفصالي؟
الحلم الانفصالي لم يغادر مخيلتهم يوماً، يقتربُ فترة من التحقّق، ويبتعدُ في أخرى، لكن ما حصل منذ 2011 لم يحدث من قبل. لاحظنا في الأسابيع الأخيرة تراجعاً في اللهجة ومحاولة التقرّب من دمشق، لكن ما يُشاع عن استسلامهم ورضوخهم، لا نرى له ترجمةً حقيقية على الأرض، لهذا نعتبرهُ في مركز فيريل نوعاً من “المهادنة” لا أكثر، وليس نسخاً للمشروع الانفصالي…
نعم هناك مفاوضات بين الحكومة السورية والانفصاليين، وهي غير ناجحة حتى الآن. رشحَ عن تفاهم لدخول الدولة السورية إلى القرى والبلدات شرق الفرات في عين العرب، رأس العين ، والقامشلي، وعشرات القرى في المنطقة، وعودة المؤسسات الحكومية إلى الرقة وريفها بما في ذلك مدينة الطبقة. كما تمّ تسليم بعض آبار البترول والغاز… جرى هذا ليس عن حسن نيّة، بل لأن إعادة تأهيل هذه الآبار مكلفة، والتصدير لا يمكن للانفصاليين القيام به دون المرور بدول مجاورة…
إنّ عملية التكريد وتزوير التاريخ والتغيير الديموغرافي تجري بوقاحة، وخطة الانفصال تسير… هذه هي الحقيقة، والذي يُداري هو مفرطٌ في الديبلوماسية أو ذو نوايا حسنة ملائكية.
كم حذرنا من الوقوع بالأخطاء وضرورة تداركها، وللأسف بعد أن تُصيبَ الفأسُ الرأس نرى تحركاً خجولاً لا يرقى لمستوى الحدث… هذا ما يحدثُ في الجزيرة السورية ومن موقع الحدث حيث دخل مركز فيريل للدراسات عاصمة الجزيرة السورية الحسكة وقراها، وشاهد عملية “التكريد” واحتلال الأراضي والمنازل وبناء المستوطنات…
إدارةٌ ذاتية أم احتلال صهيوني؟
تماماً كما جرى في فلسطين المحتلة، قام ويقوم الانفصاليون بتطبيقهِ في الجزيرة السورية… يزوّرون التاريخ. يضطهدون ويطردون أصحاب الأرض والتاريخ والحضارة.
رأى الانفصاليون أنهم في سباق مع الزمن، ويخشون عدم تمكّنهم من الحفاظ على مكتسباتهم السياسة، خاصة وأنّ الجيش السوري قادم، وهو الرعبُ الحقيقي الذي يخشونه، واكتشفوا بعد وقوعهم في الحفرة للمرة العاشرة، أنّ واشنطن وتل أبيب تستخدمهم كفزاعة لا أكثر، لهذا يجب فرض الأمر الواقع قبل الدخول بمفاوضات جدية مع الدولة السورية.
لم يعترف بهم أحدٌ، لا دولياً ولا شعبياً، حتى المعارضة المرهونة للخارج وقفت ضدهم، وبقيت دمشق هي المرجع الرسمي، لهذا عليهم أن يقوموا بأي انجاز ولو كان اللون الزهري على المحلات… وهو ما سترونه لاحقاً.
النجاح الوحيد كان في زرع الخوف بقلوب الأكراد من نظام أردوغان وجيشه، وهل يمكنهم الوقوف بوجهه لوحدهم؟ خوف الأكراد من تركيا سمح بتمادي الإدارة الذاتية وتغاضي الشعب بكافة أطيافه عن صهيونية هذه الإدارة وممارساتها، لكن إلى متى؟
آخر انتهاكات الإدارة الذاتية والانفصاليين
لن نتحدث عن الماضي بل عما يجري حالياً، فالانفصاليون يمتازون بالغدر ولا يمكن أن يؤتمنوا…
-
فرضوا ضرائب ورسوماً على كل شيء.
-
شنوا حملات اعتقال للشبان وساقوهم للخدمة العسكرية مع عصابات قسد.
-
أجبروا مالكي السيارات على استخراج رخصة للقيادة وأوراقاً للسيارة من إدارتهم الذاتية.
-
سرقات وجرائم واعتداءات وفرض أتاوة على الحواجز.
-
منعوا عودة الأهالي إلى القرى والمناطق المحررة من داعش، في عملية تغيير ديموغرافي واضحة، واستقدموا عائلات كردية من تركيا وطّنوها مكانهم، وهذا جرى في قرى شمال الرقة خاصة، وفي أحياء “المشلب” ومناطق “السباهية”، “مفرق الجزرة“ في المدينة.
-
السطو على المنازل الخالية، واتخاذها مقراً عسكرياً لهم. نعطيكم هنا مثالاً بسيطاً: في شارع المحطة بالحسكة، سطت عصابات الانفصاليين على فيلا الدكتور ميشيل حداد بالكامل، وسرقت محتوياتها، وأصبحت الآن مقراً عسكرياً لهم ونقطة تماس مع الجيش السوري.
محو تاريخ سوريا
قبل أيام، وفي خطوة مفضوحة، أصدر الانفصاليون أمراً بطلي واجهات المحلات بألوان معينة… اللون الزهري مع خط أزرق لمناطق مركز الحسكة وحارة الكنائس وسينما القاهرة، اللون “الكيوي” لحي الناصرة . أسعار الدهان والأوان هم الذين يُحددونها حسب أذواقهم.
الهدف: محو العلَم السوري عن الواجهات.
فرضوا مناهجهم التربوية في المدارس على كافة القوميات والأديان، وفرضوا اللغة الكردية، والمضحك التاريخ الحضاري للانفصاليين… كل هذا سيخلقُ جيلاً ضائعاً لا هوية له إن لم يتم تدارك الأمر وبسرعة.