حل مشكلة الكهرباء والغاز في سوريا

حل مشكلة الكهرباء والغاز في سوريا. 14.02.2020. رداً على كافة الأسئلة المتعلقة بحلول للمشاكل المعيشية التي يعاني منها المواطن السوري، نتطرقُ اليوم لمشكلة الكهرباء والغاز مع وضع حلّ ليس بمعجزة، إن توفرت الإرادة.

لا يحتاجُ الأمرُ لاجتماعات وتشكيل لجان دراسة تنبثقُ عنها لجان ثم لجان وخطة خمسية ولا هو كيمياء ذرية… ما يحتاجهُ المواطن السوري بسيط بل أقل من بسيط يا أصحاب المعالي إن كنتم تشعرون.

الدولة التي لديها رياح وشمس ساطعة، مُعيبٌ أن يحتاج مواطنوها للكهرباء.

الصين هي أكثر دولة تستهلك الكهرباء في العالم بمقدار 5920 تيراواط سنوياً ويستهلك المواطن الصيني 4310 كيلواط، تليها الولايات المتحدة 3911 تيراواط والفرد 12701 كيلواط.

دعكم من هذه الدول العملاقة… تستهلك سوريا سنوياً 17 تيراواط من الكهرباء، ويستهلك الفرد 989 كيلواط. وهو ما تستهلكه آيسلند تماماً، عدد سكانها 364 ألف نسمة فقط، لكن يستهلك المواطن الآيسلندي 50613 كيلواط سنوياً أي 51,1 مرة ضعف السوري!

دعكم أيضاً من آيسلند، وإلى جوار سوريا؛ يستهلك لبنان والأردن  16 تيراوط ونصيب المواطن اللبناني 2565 كيلوواط والأردني 1954 كيلواط. هل لاحظتم أنّ إستهلاكَ المواطن السوري قليل؟

ماذا فعلت ألمانيا؟

عام 62 للميلاد توفي العالم الإغريقي ابن الإسكندرية Heron von Alexandria، الذي اخترع أول عنفة هوائية استخدمت الرياح لإنتاج طاقة ميكانيكية، كان هذا قبل حوالي ألفي عام… فهل عاد العالم للأخذ باختراعات مكتبة الإسكندرية؟

تستهلك ألمانيا 533 تيراواط ونصيب الفرد 6602 كيلواط. اتجهت هذه الدولة منذ سنوات نحو الطاقة المتجددة التي لا تنفذ Erneuerbare Energien ومنها طاقة الرياح Windenergie من خلال زرع آلاف من عنفات الرياح Windkraftanlage، يصلُ إنتاج العنفة الواحدة حتى 6 ميغاواط في السنة (6 آلاف كيلوواط).

ماذا حدث في شباط 2020 في ألمانيا؟ اشتدت سرعة الرياح منذ بداية شهر شباط الحالي بسبب منخفضات جوية متتالية، طاقة الرياح المرافقة لتلك المنخفضات ولّدت 43% من الكهرباء هنا في ألمانيا، أي بقدر ما فعلتهُ جميع محطات الفحم والغاز والطاقة النووية مجتمعة! ما رأيكم؟

الوكالة الألمانية لطاقة الرياح Bundesverband Windenergie ذكرت أنّ 75% من حاجة ألمانيا للكهرباء غطتها عنفات الرياح حسب شركة Tennet، وقد أنتجت 43,7 غيغاواط (43,7 مليون كيلو واط) خلال إعصار Sabine يوم الأربعاء 12 شباط 2020.

مصادر أخرى طورتها ألمانيا كباقي دول العالم المتحضر، منها الخلايا الشمسية وتستخدم في تسخين الماء، فخليتان شمسيتان تعطيان 200 ليتر من المياه يومياً بحرارة 60 درجة مئوية، هنا في ألمانيا وهو ما نستخدمه في مركز فيريل للدراسات، أي عن تجربة شخصية وليس قيل عن قال.

تُستخدمُ الخلايا الشمسية   Solargenerator und Solarstromanlage أيضاً لتوليد الطاقة الكهربائية، وقد تحسّنت في الآونة الأخيرة جودة وإنتاج هذه الخلايا وانخفضت تكلفتها 30% مقارنة بالعام 2011.

الألواح المتشابكة هذه تحوّل الطاقة الشمسية بتأثير الجهد الضوئي إلى تيار كهربائي مستمر. كمثال نعرفهُ في مركز فيريل للدراسات، هنا في برلين، منزل يضع 32 لوحاً على سطحه تؤمن الكهرباء 24 ساعة لكافة الأجهزة الكهربائية بما في ذلك “فرن الطبخ” والإنارة، ويبيع شركة الكهرباء ما يزيد عن حاجته بمقدار 112 يورو شهرياً. بحساب بسيط نجد أن هذه الألواح تكفي لتغذية 6 منازل في سوريا بالكهرباء. والشمس تسطعُ في سوريا أكثر منها في ألمانيا، عِلماً أنّ الخلايا تولّد الكهرباء حتى في الطقس الغائم لكن بكميات أقل طبعاً.

بتقديرنا، الطاقة الكهربائية المتولدة من عنفات الرياح والألواح الشمسية، تكفي لتغطية 60% من استهلاك سوريا من الكهرباء، وبما أن الحكومة تستخدم الغاز  لتوليد الكهرباء، فسيتوفر هذا الغاز للمواطن السوري، هل تنفيذ ما ورد مستحيل؟ سنرى بعد قليل.

ماذا فعلت الحكومة السورية لتأمين الكهرباء؟

بتاريخ 17.12.2017 أكد سيادة وزير الكهرباء المهندس محمد زهير خربوطلي: (تسعى سوريا لتنفيذ مشاريع الطاقات المتجددة والتي تعتبر صديقة للبيئة وكيفية تنفيذها كونها تشكل داعما أساسيا للمنظومة الكهربائية). يتابع الوزير والكلام منذ كانون الأول 2017: (تحسّن الواقع الكهربائي في سوريا وانخفاض التقنين سببه استعادة الجيش السوري بمساندة الطيران الروسي السيطرة على حقول الغاز بالمنطقة الوسطى، حيث ارتفعت واردات مادة الغاز من 5 ملايين متر مكعب إلى 10 ملايين ونصف متر مكعب من الغاز يومياً إضافة، إلى نجاح الحكومة في توريد مادة الفيول ما انعكس إيجابا على الطاقة المولدة بالمحافظات)…  

تابعوا كلام الوزير لو سمحتم: (نعمل بكل إمكانياتنا لتنفيذ مشاريع للطاقات المتجددة، حيث نفذت محطة توليد باستطاعة 1 ميغا واط في منطقة الكسوة، بكلفة إجمالية قدرها مليار ليرة سورية كما توجد “ست دراسات لتنفيذ مشاريع توليد كهرباء ضوئية” باستطاعة 97 ميغا واط ونصف في سورية بكلفة تبلغ نحو 97 مليار ليرة سورية).

أخيراً قال السيد وزير الكهرباء منذ سنتين وشهرين: (تهدف الخطة الاستراتيجية للوزارة إلى توسيع شبكات النقل على التوتر العالي 400كيلو فولت… كلفة تنفيذ الخط تبلغ 6 مليارات و300 مليون ليرة سورية والذي سيربط محطة توليد دير علي بمحطة تحويل الديماس بطول 58 كيلومترا و155 برجاً).

حسب وزارة الكهرباء السورية أيضاً: (تم تركيب 17 محطة قياس سرعة الرياح في مختلف المناطق السورية لتنفيذ مشاريع ريحية لإنتاج الطاقة الكهربائية، آخرها محطة لقياس ودراسة سرعة الرياح في الشريط الساحلي في منطقة الحميدية جنوب طرطوس، ويتم حالياً (أي منذ شهور طويلة) جمع البيانات والقياسات التي سيتم بناء عليها إجراء الدراسات الفنية والاقتصادية وتحديد مدى الجدوى الاقتصادية من تركيب هذه العنفات)…

خطة استراتيجية وست دراسات وإجتماعات ومليارات، وجمع البيانات والقياسات، و17 محطة قياس، ثم تشكيل لجان تنبثق عن لجان لتحديد الجدوى الإقتصادية… والنتيجة؟ منذ سنتين حتى الآن ما هي النتيجة؟ هل انتهت الدراسات والخطة “الاستراتيجية” ونفذتم المشاريع والكهرباء 24/24، وإنقطاع الكهرباء وهمي؟

الجدوى الإقتصادية يا وزارة الكهرباء!! هل هو مشروع إقتصادي ربحي تريدون من ورائه رفد الخزينة بمليارات الدولارات، أم هي حاجة المواطن السوري الأساسية وواجبكم بل فرض عليكم تأمينها، إن كنتم تشعرون…

دراسة وقياس سرعة الرياح!! ألا يوجد في سوريا أساتذة أخصائيون بالمناخ نعرفهم وتعرفونهم شخصياً، يمكنهم تزويدكم  بخارطة مفصلة عن مناطق الرياح؟ دعكم من أساتذة المناخ، أيّ مزارع أو فلاح يعرف مناطق الرياح تلك…

ألمانيا “متخلّفة وغبية” يا أصحاب المعالي، ومشاريع الطاقة المتجددة خاسرة فيها، الصين يا أصحاب الدراسات واللجان، فاشلة ونامية… لعلمكم إن كنتم لا تعلمون؛ نصف الطاقة الكهربائية المتولدة عن الرياح في العالم هي في الصين… هل سمعتم بالصين يا وزير الكهرباء؟ الصين يا مَن لا تعلم، تنتج 2580 غيغاوات من الرياح وتغطي 14% من حاجتها من الكهرباء، أي 828,8 تيراوات وهو ما يعادل استهلاك سوريا في 48 سنة… الصين بَنت ثلاث مشافٍ في أسبوع، وجلالة الحكومة السورية “الرشيدة” لم تنتهِ من دراسة الجدوى الإقتصادية منذ 112 أسبوعاً!!

يمكن تأمين الكهرباء والغاز في سوريا خلال شهور

ركّبت شركة WDRVM للطاقة البديلة والصناعات الثقيلة في آب 2019، أول عنفة رياح في سوريا بريف حمص الغربي باستطاعة 2.5 ميغا واط، العنفة متوسطة الحجم قياساً للعنفات في ألمانيا، لكنه أمر جيد أنها تمت بأيادٍ وخبرة سورية. إذاً؛ اليد الخبيرة والعاملة والخطة موجودة وليست بحاجة للماطلة وتشكيل لجان وخطط إستراتيجية، يبقى الدعم الحكومي.

التحوّل نحو مصادر الطاقة المتجددة الدائمة له نتائج إقتصادية كبيرة، هناك آلاف من مهندسي الكهرباء والميكانيك والفنيين في سوريا ولديهم خبراتٌ مشهود لها، البدء بهذا المشروع يعني تشغيل مئات الآلاف من العاطلين عن العمل، عمال تركيب وصيانة وإنتاج ومهندسين وفنيين وموظفين، وهو فرصة لاستثمار رؤوس الأموال. هذا ما تحدثنا عنه قبل سنوات في مركز فيريل للدراسات حول النهضة الإقتصادية التي يمكن أن تشهدها سوريا إن وضعت الخطط الصحيحة والسريعة دون “بيروقراطية” وفساد. إن كنتم لا تعلمون أيضاً؛ يُقدّمُ الاتحاد الأوروبي منحاً مالية لكل دولة تقيم مشاريع للطاقة المتجددة، كمثال: قدم الاتحاد الأوروبي 90 مليون يورو للأردن عام 2016… العقوبات على سوريا تمنع ذلك؟ صحيح لكن الإعلان عن مشروع حقيقي وليس على الورق، سيُحسّن صورة سوريا أمام العالم بأنها تسعى للحفاظ على البيئة، وماأدراك ما الحفاظ على البيئة في أوروبا. كما أن هذه العقوبات ليست أزلية، فهل ما قدمناه يُفيد، أم سنسمع تعليقات وآراء معارضة حول المصاعب والعقوبات وضعف الموارد والتمويل، ولاتنسوا المؤامرة الخارجية ومعها وضع العصي في العجلة. مركز فيريل للدراسات 14.02.2020

في حال عدم تحرّك الحكومة “الرشيدة”، يمكن للقطاع الخاص والأناس العاديين التحرّك، تستطيع خمسة منازل الإشتراك ببناء خلايا شمسية مثلاً وتقاسم التكلفة. هذا إقتراح ولكم الخيار.