روسيا عادت إلى العالم من بوابة دمشق

روسيا عادت للعالم من بوابة دمشق. زيد م. هاشم. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات…

لا يختلف اثنان أنّ للتدخل الروسي دورٌ هام في تحقيق النصر على الإرهاب في سوريا، لكن لولا التدخل الروسي، لما عادت موسكو وبقوة إلى العالم من بوابة دمشق، وأصبحت تنافسُ واشنطن كعاصمة قرار في أزمات المنطقة، وراح مَن كانوا يتحاشون روسيا يتقاطرون عليها ساجدين أمام الدب الروسي لحل مشاكلهم بل لإنقاذهم من ورطاتهم.

من جهتها؛ بدأت روسيا باستثمار هذا النصر وجني المكتسبات لسرعة، فعقدت الصفقات العسكرية والاقتصادية والسياسية، وباتت تتحدى الولايات المتحدة والناتو علناً، حتى عسكرياً وهو ما جرى مراتٍ آخرها شبه اشتباك عسكري في سماء دير الزور عندما اعترضت “سو-35” الشبح F-22 الأمريكية، وأطلقت صواريخ تحذيرية، وأرغمتها على مغادرة الأجواء السورية.

روسيا اللاعب الأكبر في الشرق الأوسط

زيارة بوتن المقررة لأنقرة ثم إلى القاهرة، هي أحد صور تعاظم النفوذ الروسي. تحمل هذه الزيارة أهدافاً هامة:

  • لقاءات موسكو بأنقرة، خاصة في ظل التوتر بين تركيا وواشنطن وحالياً تل أبيب، سيؤدي حتماً إلى تقليص قوة وحضور الناتو في تركيا، وأيضاً لإكمال التعاون في حل الأزمة السورية، وافشال مخططات واشنطن في ملف الأكراد الذي يهدد تركيا أكثر من سوريا.
  • هي نوع من الوساطة بين مصر وتركيا، بعد تردي العلاقات بينهما. وتتم فيها مناقشة علاقة نظام السيسي بأعدائه من الإخوان المسلمين، الذين تدعمهم أنقرة. وهي وساطة في العلاقات بين السودان ومصر بعد زيارة البشير الأخيرة.
  • حسب معلومات مركز فيريل؛ نقل أردوغان لبوتين معلومات خطيرة حول نقل مئات من قياديي وعناصر داعش من سوريا إلى مصر بما في ذلك سيناء والصحراء الغربية، النقل قامت به طائرات الولايات المتحدة وبريطانيا من مناطق دير الزور والرقة، عبر الأردن وتركيا.
  • التعاون العسكري والأمني بين روسيا ومصر، سيؤدي حتماً لزيادة نفوذها في أكبر دولة عربية، وقد يُعيدها لما كان عليه الاتحاد السوفيتي في الستينات والسبعينات، حيث كان السلاح الروسي هو المسيطر على الآلة العسكرية المصرية دون منازع، كما أنّ الخبرة التي اكتسبها الجيش الروسي في قتال الإرهاب في سوريا، يمكن تقديمها لمصر في حربها “القادمة” ضد الإرهاب المتصاعد.
  • مصر ستكون الطريق إلى شمال إفريقيا، من ليبيا والجزائر إلى السودان، وملف الغاز والطاقة في مصر وليبيا والجزائر بات مطلباً وهدفاً للشركات الروسية، تحت غطاء التعاون في مكافحة الإرهاب. من خلال هذه الدول التي كانت أكبر حلفاء الاتحاد السوفيتي، ستعود روسيا إلى شواطئ المتوسط والبحر الأحمر، وتخمد أنوار الناتو التي تلألأت منذ عام 1990.

روسيا عادت وبقوة إلى العالم ومن بوابة دمشق، والزعيم التاريخي فلاديمير بوتين سيُعتبرُ من أهم رؤساء روسيا منذ مئات السنين، ومهما يكن من معلومات مسربة، فمساعدة رئيس أميركي مثل ترامب للفوز بالانتخابات، ساعد بقرارته “الغبية” هذا الحضور القوي لروسيا، وآخرها قرار “القدس”، الذي خلق فوضى سياسية تعمل موسكو على استغلالها رسمياً وشعبياً.

روسيا الدولة الكبيرة الذكية التي تتعامل بسياسة القوة الناعمة الهادئة المتأنية، استثمرت وتستثمر كل مفصل نصر في سوريا، مقابل تقهقر أميركي لا مثيل له منذ عشرات السنين… هنا يأتينا السؤال الخطير: هل سترضخُ الولايات المتحدة للأمر الواقع وتترك موسكو تسيطر على الشرق الأوسط والبحر المتوسط على الأقل… حالياً؟ زيد م. هاشم. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. 10.12.2017