المرأة الخفية في سوريا، تختلس مئات الملايين، ومازالت، فمَن هي؟ ملفات الفساد. مركز فيريل للدراسات

تذكرون الدكتورة هدى السيد معاونة وزير الصحة لشؤون الدواء، التي أعفيت من منصبها في 10 نيسان 2017، بسبب اتهامات بالفساد واختلاس عدة ملايين، رغم ذلك؛ تمكنت من الفرار من سوريا، عن طريق شركائها المسؤولين. هدى السيد هذه نقطة في بحر المرأة الخفية التي سنتحدثُ عنها.

حكومة التطنيش تتجاهل الاختلاسات

فتحنا لمرات ثلاث ملف الفساد في الاتحاد العام لنقابات العمال، وقدمنا وثائق تثبتُ تورط مسؤولين بقضية التأمينات ومصاريف مؤتمرات ومجمع صحارى الذي تحوّل لمزرعة أرانب… إلخ. فما الذي فعلتهُ الحكومة؟

تمت محاسبة الفساد في مجمع صحارى، فقام السيد جمال القادري بتعيين ابن عمه محمود القادري، مديراً للمجمع!!

هذه الحكومة إمّا أنها شريكة في السرقة أو جبانة لا يمكنها محاسبة مسؤولين يعتبرون أنفسهم “كباراً”.

صرخة عامل سوري. ملفات الفساد. مركز فيريل للدراسات

اختلاس جديد ببضعة ملايين فقط

هل سمعتم بنقابة الحمل والعتالة؟ هي نقابة يبلغ عدد أعضائها قرابة 100 ألف عامل في سوريا، ومن أكثر النقابات شقاءً وبؤساً، تتبعُ الاتحاد المهني لعمال الخدمات العامة برئاسة السيد نبيل العاقل، والذي يتبعُ بدوره للاتحاد العام لنقابات العمال. الأجور منخفضة والزيادات لم تشملهم أحياناً،  وتأتي فوقها الاختلاسات والسرقات المالية ومناقصات المتعهدين لتزيد شقاءهم شقاءً.

كالعادة؛ تُناقش مشاكلهم في اجتماعات “الكاميرات” للمسؤولين، يتم الوعد بتلبية مطالب العمال وزيادة الأجور وتعويضات إصابة العمل والتأمينات الاجتماعية، وهو ما حدث مع عمال العتالة في فرع اللاذقية والسويداء في المؤسسة الاستهلاكية ومؤسسة العمران، وعمال العتالة في مطار دمشق الدولي. بعد انتهاء التصوير في المؤتمرات تلك، تبقى الأمور كما هي، بينما يتقاسم المؤتمرون قطع الحلوى!!

قطعة الحلوى هذه المرة كانت بقيمة 70 مليون ليرة سورية فقط!!

من داخل مبنى الاتحاد العام لنقابات العمال، وافانا مراسل مركز فيريل بتقرير سيتفاجأ به أصحابُ الاختلاس أنفسهم… كما يقولون: “دود الخل منو وفيه”، مصدر مركز فيريل كان أحد الشركاء في الاختلاس والذي لم يرضَ بحصته، ففضحَ لنا ما جرى. هنا نتحفظ عن ذكر الأسماء كاملة، لكن المختلسين وأصحاب الشأن يعرفون الباقي.

حاميها حراميها، بطل الاختلاس هو أمين سر اتحاد عمال دمشق …و رئيس لجنة الرقابة والتفتيش في الاتحاد العام لنقابات العمال السيد أ. ج. من المُقربين من رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال السيد جمال القادري.

هناك أكثر من 70 مليون ليرة سورية اختفت من صندوق نقابة عمال الحمل والعتالة بدمشق والطريقة: تسجيلها أجوراً للعمال عقود تعهد على حمل وتنزيل لعدة شركات كالإسمنت والمطاحن والحبوب، ومصاريف وهمية.

مدقق الحسابات السيد م. خ. ج. اكتشف السرقة ورفعها للرقابة والتفتيش، فقام  رئيس الرقابة أ. ج. بدعوة مدقق الحسابات على الغداء طالباً: “دبرها بمعرفتك”. رفض المُدقق “تدبيرها بمعرفته”، فوقع المختلسون ومَن وراءهم  في ورطة.

للمعلومات؛ مقر نقابة الحمل والعتالة هو خارج مبنى الاتحاد، ومقرها في حي الأزبكية بدمشق، والمقر ملك نقابة البناء والأخشاب، وهناك خلاف بينهما بشأن أجرة المقر…

كيفَ سيتمُ الخروج من الورطة؟

من أدراج رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال السيد جمال القادري، أفاد مصدر مركز فيريل أنّه سيتم التالي:

سوف تُلصقُ التهمة بمكتب نقابة الحمل والعتالة وتبرئة  أمين سر اتحاد عمال دمشق أ. ج.، وهو موظف “مسبع الكارات”، فهو المشرف أيضاً على حسابات نصف نقابات اتحاد عمال دمشق، ورئيس لجنة الرقابة والتفتيش في الاتحاد العام لنقابات العمال، ومحاسب نقابة الحمل والعتالة أيضاً!! لكن التهمة ستكون: “تحرير بيانات حسابية خاطئة”، ويتم تنبيهه والسلام، لكن…

المرأة الخفية هي المُنقذ

السيد أ. ج. لا يوقع على معظم الحسابات بل يضع ختم موظفــة ما، يظنُّ الجميع أنها تعملُ في الاتحاد العام لنقابات العمال، وهذا غير صحيح…!! إذاً سيخرج الجميع من رأس الهرم أبرياء كالعادة، ليستمر الاختلاس ونهب أموال الدولة وعلى عينك يا تاجر… لكن مَن هي هذه المرأة الخفية؟




بحثنا وسألنا في مركز فيريل: مَن هي هذه المرأة الموظفة التي يتم التوقيعُ باسمها وختمها؟ لا تستغربوا؛ لم يرَ موظفٌ في الاتحاد العام وجهها، ولم يعرفوا اسمها، فقط ثلاثة أشخاص يعرفونها شخصياً: السيد جمال القادري والسيد حاتم جغصي رئيس اتحاد عمال دمشق، والسيد أ. ج.

تقصّينا عنها، فوجدنا أنها مُحاسبة إدارية تتبعُ لملاك وزارة المالية، استقدمت بموافقة السيد جمال القادري لتعمل مُحاسبة قانونية لدى الاتحاد العام لنقابات العمال… المفاجأة أيضاً، أنها زوجة السيد أ. ج. الذي يستحوذُ على ختمها ويستخدمهُ دون وجودها!! أي هي شخص وهمي… سيتمُ الصاق التهمة به عند الحاجة، وسيخرج الجميع “شرفاء”. لنجدَ بعد فترة أنها شخص حقيقي وهي فعلياً موظفة في وزارة المالية، ستسافر إلى خارج سوريا وتعلنُ انشقاقها مع عشرات بل مئات الملايين، وتصبح الدكتورة هدى السيد طفلة اختلاس أمام هذه المرأة الخفية.

سلسلة المفاجآت لم تتوقف عند هذا الحد، فقد وجدنا أنّ التواقيع وأختام المرأة الوهمية تلك تعود لسنوات، وتشملُ 10 مكاتب نقابية في اتحاد عمال دمشق وحدهُ، فإذا كان ختمٌ واحد منها على اختلاس نقابة العمال والعتالة ثمنهُ 70 مليون ليرة، فكم ختم ختمت؟ نتركُ لكم حساب مقدار الاختلاسات المُسجلة باسم المرأة الوهمية تلك.

ننصح الاتحاد العام لنقابات العمال وللخروج من الورطة أن يقوم بعمل احتفالات بمناسبة عيد الشجرة، مع “طق” صور وتسجيل الفاتورة بمبلغ 70 مليون ليرة سورية كمصاريف زراعة الأشجار للوطن، وثمن لافتات وصور ومجهود تصفيق حربي. ويستمرُ الفساد والاختلاس وسرقة أموال الشعب والدولة، والفاسد يترقى بمنصبه، وعندما تتم المحاسبة؛ يختارون أصغر موظف ويلصقون التهمة به… هذا تقريرنا من مركز فيريل؛ إن لم تتم محاسبة اختلاسات اتحاد نقابات العمال من الرأس، فالحكومة السورية شريكة في السرقة أو جبانة، وللحكومة السورية أن تختار بين الحالين. خاص بمركز فيريل للدراسات. 09.12.2017