سوريا والعراق ساحة الصراع بين واشنطن وطهران… ماذا بعد؟ زيد م. هاشم. مركز فيريل للدراسات

عدد القراءات  24793 سوريا والعراق ساحة القتال بين واشنطن وطهران… ماذا بعد؟ زيد م. هاشم. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. 

تتمتعُ بلاد الرافدين بأهمية استراتيجية للدول الكبرى لأسباب عديدة:

ثروة باطنية هائلة من البترول والمعادن والغاز. أرض زراعية ومياه وفيرة. موقع جغرافي حيوي رابط. تاريخٌ وإرثٌ حضاري رائع. تركيبة سكانية من عدة أعراق وأديان لها امتدادات خارجية في الدول المجاورة. ممر للطاقة بين إيران والخليج وأوروبا…

الأمر مشابهٌ إلى حد ما في سوريا مع تميّز بوقوعها على شاطئ المتوسط الشرقي، ومتاخمتها للكيان الصهيوني، مما يُزيد الحِمل السوري…

أهمية العراق وسوريا الحيوية كانت الشغل الشاغل لعواصم القرار العالمي، وهذا الهجوم الشرس القديم الحديث نحو المنطقة. اشتعلت الأحداثُ أكثر بقدوم الروس عسكرياً، وقد ظنّ الناتو أنّ الأمور استتبت له، وروسيا باتت حبيسة نفسها…

الحضور الروسي دفع الناتو لحصارها من جهة العراق والأردن وتركيا، وبات منفذ موسكو الوحيد هو المتوسط، لكنها استطاعت إلى حد ما زعزعة عضو الناتو التركي واستخدامه كفزاعة “غادرة” في وجه واشنطن.

العراق ضرورة عسكرية مهمة لقطع تواصل إيران مع سوريا ولبنان، نجحت واشنطن في قطعه جزئياً في منطقة التنف، بعد أن فشلت داعش في هذه المهمة التي أوكلتها إليها الولايات المتحدة. الجيش السوري أيضاً أفشل المخطط الأميركي في البادية، لهذا يقوم الجيش الأميركي  بتحقيق ذلك غرب وشمال العراق وشمال سوريا.

قواعد عسكرية أميركية صغيرة هنا وهناك، لماذا؟

أنشأت واشنطن أكثر من عشرين قاعدة عسكرية في سوريا، وهي بالمفهوم العسكري رقم كبير بالنسبة للمساحة الجغرافية التي تغطيها، لكن الهدف كان: التحضير لسيناريوهات عسكرية انفصالية قادمة في العراق قبل سوريا، وهذا ما نؤكدهُ في مركز فيريل، الولايات المتحدة يهمها تقسيم العراق بقدر أهمية تقسيم سوريا… هدف آخر لتلك القواعد هو أنّ قبول واشنطن الانسحاب منها لن يتم دون مقابل.

سيناريو أميركي خطير في سوريا والعراق

هنا نتحدثُ عن سيناريو مشترك بين العراق وسوريا، علماً أنّ هناك تفاصيل أخرى تخصّ كل دولة على حدة، لكن المُشترك هو:

الولايات المتحدة وأتباعها، تسعى لتقسيم سوريا والعراق والمزيد من الفوضى والدماء.

تقوم الولايات المتحدة بدعم داعش من صحراء الأنبار العراقية والتي تقاتل الحكومة هناك، امتداداً إلى شرقي دير الزور وريف الحسكة الجنوبي الشرقي، وهذه تقاتل الجيش السوري.  

الأمر واضح؛ داعش هُزمت في شرق حلب والرقة وغربي دير الزور وشرق السويداء والبادية السورية وأطراف حماة… كذلك في المحافظات العراقية الموصل وكركوك وتكريت والأنبار، نقول هُزمت ولم تنتهِ، والسؤال البسيط:




أين ذهب عشرات الآلاف من إرهابيي داعش؟

 سبق وقدر مركز فيريل عدد مقاتلي داعش بين 65 و 70 ألف مقاتل، قُتل منهم آلاف وفر آلاف، أين الباقي؟

في الحقيقة لم يتبخروا طبعاً، هناك مَن خلعَ رداء داعش وأصبح يقاتل مع أردوغان في الشمال السوري، وهناك مَن عاد إلى حياته السابقة كخلايا نائمة… الأخطر؛ هو تجمع ما بين 40 و 50 ألفاً من مقاتلي داعش السابقين والجدد في التنف، شرق دير الزور، بادية الأنبار والموصل، وهم تحت حماية أمريكية مباشرة… هكذا تبدأ الأمور بالوضوح أكثر فأكثر.

داعش الابن المدلل لواشنطن في سوريا والعراق وقسد خادمة

عندما استهدف الطيران الأميركي القوات الرديفة السورية وقوات فاغنر الروسية، في أثناء محاولاتها التقدم نحو مناطق مليشيات قسد، لم يكن ذلك من أجل عيون قسد، بل لمنع هذه القوات من التواجه بعدها نحو بؤر داعش المحمي بالقواعد الأمريكية.

ظهر في العراق ما يزيد عن عشرين تنظيم مسلح، اختفوا فجأة بعد ظهور داعش!! هذه التنظيمات ذهبت إلى شمال العراق وتركيا والأردن، هؤلاء ينسقون مع تنظيم داعش الإرهابي وبرعاية أمريكية، حيث تؤمّنُ قواعد واشنطن في الجزيرة السورية، تحركهم بين العراق وتركيا، وصولاً إلى قاعدة التنف وقاعدة الرطبة، والأردن غاطسٌ حتى أذنيه في هذا المخطط…

نتائج الحماية الأميركية باتت ظاهرة، هجمات داعش ضد مراكز الجيش السوري والقوات الحليفة في دير الزور والبادية والسويداء وحتى في السخنة، لم تتوقف بسبب الدعم الأمريكي ووجود خطوط إمداد من صحراء الأنبار في العراق ومن قاعدة التنف الأمريكية وشرق البوكمال. الآن يُعطون قسد بعض الدعم لتحل محل داعش شرقي دير الزور.

لاحظوا أنّ الدعم الأميركي لقسد غير كامل، لأنهم يُريدون الحفاظ على داعش وقسد بنفس الوقت.

بعد كل هذا أين إيران مما يجري؟

تصريح عزة الدوري بضرب العملية السياسية في العراق قبل شهور، تصريحٌ خطير ولم يأتِ من فراغ، لأن هناك مسعىً تركي سعودي أردني مصري إسرائيلي، مشترك ضمنياً، لضرب التواجد الإيراني في العراق وسوريا، والحد منه سياسياً وأمنياً وعسكرياً. رأينا وسوف نرى تصاعداً للأعمال العسكرية والشعبية كالمظاهرات وحرق القنصليات الإيرانية والشركات، وكلها ضد التواجد الإيراني في البلدين تمهيداً للوصول إلى قلب طهران.

في العراق

تحالف أكرادُ شمال العراق وسنة الموصل والأنبار، حيث الصحوات وقواعد البعث الشعبية واللوجستية، وكذلك بعض شيعة الجنوب كالتيار الصدري والصرخي وعلاوي، وشخصيات عشائرية ودينية واجتماعية… كلّ هؤلاء هدفهم القضاء على النفوذ الإيراني…

تأزيم الوضع داخل العراق أمنياً وحدوث استفزازات لقوات الحشد الشعبي حليف إيران، قادمة… الهدف تشكيل حشد عسكري يواجهه من المناطق التي ذكرناها سابقاً، هؤلاء سبقَ واتهموا الحكومة العراقية بتسليم مناطقهم لداعش دون قتال ودون تقديم دعم مناسب للعشائر، وحصرها بالحشد…

سقوط الموصل كان مدوياً وصاعقاً حيث انهار آلاف الجنود من الجيش العراقي أمام بضعة مئات من الدواعش بطريقة غير مبررة!! وانسحبت التشكيلات العسكرية من مناطق لم تصلها داعش أصلاً!!

هذا ما حصل في تكريت وكركوك والأنبار، إلا بعض المناطق كحديثة والخالدية وعامرية الفلوجة، حيث أن هذه المدن تقعُ بجانب قواعد عسكرية كبيرة، هي عين الأسد والحبانية والمزرعة. المدن المذكورة جعلت هذه المناطق نواة لتجمع الصحوات العشائرية المناوئة للحكومة العراقية، كما يُلاحظ نشاط غير مسبوق لحزب الإخوان المسلمين ورجال واشنطن القبليين، كقبائل البو فهد والبو ريشة، وقبيلة دليم ذات الثقل الكبير، والجغايفة والبومحل والعبيد والبونمر والبوعيسى، كلهم يتبعون واشنطن ومنقادون لها وهي من صنعت هذه الصحوات لقتال القاعدة ذات يوم…

بدأت واشنطن فعلياً بتشكيل تحالف بين هذه الصحوات والجماعات المسلحة القادمة من تركيا والأردن وشمال العراق ورجال البعث وتنظيماته، ليشكلوا حلفاً مع البيشمركا وسرايا السلام الصدرية، بحجة إبعاد النفوذ الإيراني ومحاربة الطائفية والفساد. التمويل طبعاً… سعودي.

العراق، رغم مصائبه، مقبلٌ على فوضى أكبر واغتيالات سياسية وتفجيرات وعودة لنقطة الصفر.

إنه الرعب الإيراني وعربان الخليج يرتجفون. فيريل



في سوريا

بدون رتوش؛ الحضور العسكري الإيراني في سوريا معروف وليس خفياً ونحن في مركز فيريل لا نُداري طرفاً… الحرس الثوري وبضعة آلاف من المقاتلين من إيران وباكستان وأفغانستان، يُقاتلون إلى جانب الجيش السوري.  وفوق هذا؛ إيران تبني قواعد عسكرية في سوريا… هذه حقيقة لا داعي لإخفائها.

لدى إيران مصالح وأهداف بعيدة المدى في سوريا… 

هل الدافع لمساعدة إيران هو الإخاء في الدين؟ هذا كلام عاطفيّ لا يُصدقهُ سوى السُذج.




الوجود الإيراني في سوريا يُزعج إسرائيل والناتو وحتى تركيا، الدول العربية تسمعُ ما تقوله لها واشنطن: (إيران خطر مجوسي يهددكم)، فيُردد العرب: (إيران خطر مجوسي يُهددنا) ويدفعون لتدمير إيران في… سوريا!!…

الضربات الجوية العديدة للقواعد السورية والتي يتواجد فيها إيرانيون باتت روتينية، وكما ذكرنا سابقاً في مركز فيريل، فهل ستتوقف مع وصول إس 300 ليد الجيش السوري؟.

بغض النظر عن اتخاذ تل أبيب لذريعة التواجد الإيراني في سوريا، حيث قصفت عدة مراتٍ قواعد عسكرية سورية لا يتواجد فيها إيراني واحد، فإنّ إسرائيل تبحثُ في موضوع الـ إس300 وكيفية تفاديه، لكنها قد تُنفذُ هجمات مباشرة أو غير مباشرة ضد القوات الإيرانية في سوريا، وإيران لن ترد ذلك الردّ القوي، لأنها لا تريدُ الانجرار لحرب كبيرة كما يسعى الناتو. قصفها قبل يومين لقواعد داعش في شرقي الفرات، رداً على هجوم الأهواز، هو سقف ما ستفعلهُ على الأقل حالياً.

حقيقة أخرى

إيران ساعدت سوريا في حربها، صحيح… لكنّ سوريا تدفعُ ثمن هذه المساعدة أضعافاً… إيران تعلم أنّ هذه المعارك التي تجري على الأرض السورية، كانت ستجري فوق الأرض الإيرانية والدمار الحاصل سيكون هناك، والمخطط يسير بخطىً ثابتة، خاصة عندما تبدأ التحرشات العسكرية العلنية بالجيش الإيراني… وقد بدأت…




بإنصاف نقول: المساحة التي يمكن أن تلعبُ بها طهران تضيق رويداً رويداً، وعلى العقول المُخططة في إيران التصرف بسرعة قبل أن تُصبحَ شوارع المدن الإيرانية مسرحاً للدماء.




القادم بالنسبة لإيران في سوريا والعراق وفي إيران نفسها

بغطاء خليجي تركي مصري أردني ورئاسة أمريكية، يسير المخطط ضد إيران بشكل ميداني، واشنطن لم تعد بحاجة لعدو إيراني خيالي، العدو أصبح فوق الأرض السورية والعراقية، الأكثر من ذلك أنّ الناتو جمعَ عدوين له في منطقة واحدة هامة جداً في العالم، هما روسيا وإيران.

لا نقاش حول الغباء السياسي لزعماء الدول العربية وقطعان واسعة ممن يثورون للإمام ترامب ضد إيران!!

إنها إيران البعبع وترامب إمام المسلمين حامي الحمى. العرب يدفعون أرواحهم وأموالهم من أجل أن يحميهم الإمام الأميركي من الخطر العظيم القادم من الشرق.

بدون مبالغة، إن وقف الناتو متفرجاً يمكن للجيش الإيراني الوصول إلى الرياض في ساعات وليس أياماً، لهذا على عربان الخليج أن يواصلوا رعشتهم…

واشنطن انسحبت من الاتفاق النووي مع طهران، والتصعيد يتواتر تصاعدياً، وما فعلته باريس من اتهام مباشر للحرس والاستخبارات الإيرانية بتدبير عملية إرهابية في مدينة فيلبانت في تموز الماضي. و

الأمور نحو التدهور، وساحة الصراع العسكري الحالية هي سوريا والعراق، لكن طهران باتت في المرمى، فماذا سيفعل الإيرانيون؟. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. الأستاذ زيد م. هاشم. لابد من الإشارة إلى أنّ إعلان التحالف الدولي إنهاء العمليات القتالية الرئيسية ضد “داعش” في العراق قبل شهور، يعني أنّ صفوف داعش تحت اسم جديد… فما هو؟