مشروع وزارة الأوقاف؛ دولة ضمن دولة، أم…؟ مركز فيريل للدراسات.

تحدّث عددٌ من أعضاء مجلس الشعب السوري حول مشروع يقعُ في 37 صفحة، تقدمت به وزارة الأوقاف إلى المجلس، بعد موافقة مجلس الوزراء عليه. لقي المشروع القطبين؛ السالب والموجب. درسنا في مركز فيريل للدراسات المشروع بعيداً عن الأقطاب، وهو مرسوم تشريعي صدر بتاريخ 20 أيلول 2018، فوجدنا التالي:

 

  • يتحدثُ المشروع عن الإصلاح الديني ومحاربة التطرف والتعصب وتكريس “الإسلام الصحيح”. توجيه الفكر الديني لمعالجة القضايا المعاصرة.

  • تطوير التعليم الشرعي والإشراف على جامعة بلاد الشام، وإحداث المزيد من المدارس والمعاهد الشرعية الإسلامية.

  • اعتماد “التفسير الجامع” وهو كتاب لوزير الأوقاف عبد الستار السيد، أداةً إلى التوجيه الديني السليم.

  • إعطاء الفريق الديني الشبابي التطوعي دوراً أساسياً لتأهيل الأئمة والخطباء ومعلمات القرآن…

  • ثم الحديث عن الزكاة ومعاهد الأسد لتحفيض القرآن، والإشراف على الحج… إنشاء ومنح الموافقات لبناء دور العبادة.

  • ضبط وتوجيه معلمات القرآن وتراخيص التدريس الديني النسائي.

  • المؤتمرات والاحتفالات الدينية. دار الأيتام. أسر الشهداء…

كل ما ورد بشكل عام جيد الصياغة، حذر المعاني، لكن لنا عودة له.




اختصاصات الوزير والبنية التنظيمية لوزارة الأوقاف

التالي صورة عن اختصاصات وزير الأوقاف وسلطاته:

وزير الأوقاف هو المسؤول عن تنفيذ الخطة، الموجّه والمراقب والذي يقبل الهبات والتبرعات. هو عاقد النفقة وآمر التصفية والصرف لنفقات الوزارة. المشرف على إدارتها وتنميتها ورئيس لجنة الحج. الذي يُسمي مفتين في المحافظات، وأرباب الشعائر الدينية… يُحاسبُ المقصرين ويفرض العقوبات…

وزير الأوقاف هو رئيس “المجلس العلمي الفقهي الأعلى” الذي سيتم تأسيسهُ، والذي يُسمي أعضاءهُ… ضمن هذا المجلس سيتم تمثيل “شرفي” لكنائس سوريا. الوزير صوته يُرجحُ القرارات بالتصويت إن تساوت الأصوات. هذا المجلس سيحدد المراجع والتيارات التي تحملُ أفكاراً متطرفة…

وزير الأوقاف هو رئيس “مجلس الأوقاف الأعلى”.

تعيين مفتي الجمهورية السورية يتم بتزكية من وزير الأوقاف.

 

ثم ينتقل المشروع لتحديد “الإسلام الصحيح” ونشرهِ. منه:

العروبة والإسلام هوية لا يمكن التنازل عنها.

اتخاذ الوسطية منهجاً.

حرمة النفس البشرية وأموال الناس وأعراضهم.

احترام حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية.

الاهتمام بقضايا المرأة والطفل وحقوقهما.

في الفصل الثالث يناقش شروط وأصول التكليف بالعمل الديني الإسلامي. وضمّ دور العبادة إلى وزارة الأوقاف.

الفصل الرابع واجبات ومحظورات المكلفين بالعمل الديني.

الفصل الخامس العقوبات التأديبية لمخالفات أرباب الشعائر الدينية. في السادس الإجازات. ثم في السابع رواتب المكلفين بالعمل الديني. ثم إنهاء خدمة الموظفين في الثامن.

وفي الفصل التاسع تسمية مفتي الجمهورية باقتراح من الوزير.

في الباب الرابع: يتحدث المشروع عن تنظيم التعليم الشرعي، وافتتاح مدارس ومعاهد شرعية وأنمتها الداخلية والمناهج.

في الباب الخامس: تنمية عقارات واستثمارات وزارة الأوقاف. حيث سيتم تشكيل “مجلس الأوقاف الأعلى” برئاسة الوزير. مهمته اعتماد الأنظمة المالية للهيئات والجهات التابعة للوزارة. موازنات المدارس الشرعية، والمديريات والشعب. عقود الاستثمار وصناديق الأموال وجباية عائدات الأوقاف…




موازنة “مجلس الأوقاف الأعلى” خاصة، مستقلة عن الموازنة العامة للدولة… وتصدر بقرار من وزير الأوقاف.

بعد ذلك يدخل المشروع في إدارة الأوقاف. سيتم نقلُ ملكية الأوقاف كاملة حُكماً للوزارة. وستكون ديون وزارة الأوقاف على الغير مهما كان، من الديون الممتازة التي يتم تحصيلها وفق قانون جباية الأموال العامة.

ويستطرد المشروع بالشرح عن العقارات الوقفية والاستثمارات في الفصل الثالث… وأحكام إيجار العقارات في الرابع… بحيث يكون “مجلس الأوقاف الأعلى” والوزير صاحب القرار الرئيسي بكل ما يتعلق بذلك.

في الباب السادس: مديريات وشعب ولجان أحياء وزارة الأوقاف في المحافظات، وأيضاً يكون لكلّ منها “موازنة مستقلة”. ويتم تسمية المدراء من قبل الوزير فقط.

ختاماً في الباب السابع: يتم إنشاء مؤسسة طباعية وقفية باسم “مطبعة المصحف الشريف” ترتبط بالوزير شخصياً. المطبعة طبعاً معفاة من الرسوم والتأمينات الطوابع.

 

ملكية وزارة الأوقاف رقم 1
ضم كافة الممتلكات الدينية والعقارات والدور لوزارة الأوقاف.

ملاحظات مركز فيريل للدراسات على مشروع وزارة الأوقاف

يحمل المشروع جانبين إيجابي، يمكنكم استخلاصهُ مما ورد، وسلبي سنورده بفقرات، مع غموض في عدة جوانب تُركت كالعادة للاجتهادات.

وزير الأوقاف لا يُمكن أن يتقدّم بهكذا مشروع دون ضوء أخضر داخلي وخارجي… نُكرر: تفوحُ من المشروع رائحةُ دولة دينية إسلامية يشمها حتى مَن أزكمَه الله، وهكذا مشروع مدعوم داخلياً وخارجياً ومن دول عدوة وصديقة، ولكم أن تكتشفوا بأنفسكم…

سبق ونبهنا لذلك مراتٍ، وتحدثنا عن المناهج التربوية في المدارس والمعاهد والكليات وكتب التحريض على القتل والإرهاب، ودخلنا في مركز فيريل بالمحظور كما قيل لنا، وأشعلنا ضوءاً على الذين يعملون في الخفاء… اتخذت بحقنا اجراءاتٌ قد نكشفها يوماً… أرسلوا لنا أطفالاً تعمل في الفيس بوك لتكتبَ ضدنا… صمتنا فترة عسى أن يُرسلوا لنا رجالاً… طال بحثهم وطال معهُ انتظارنا، وعدنا… والعود دائماً أحمدُ.

 

  • المشروع يُكرّسُ وزارة الأوقاف كهيئة مستقلة ويربطُ كافة الصلاحيات بالوزير، بحيث يُصبحُ الآمر الناهي حتى في تعيين إمام جامع في أصغر قرية في سوريا.

  • لا يملك أحدٌ صلاحية تسمية “الإسلام الصحيح”، وعلى فرض أنّ وزارة الأوقاف ملكت هذا الإسلام، هل ستتجرأ وتلغي أحكام وفتاوى ابن تيمية مثلاً؟

  • المشروع يتحدث عن احترام حقوق الإنسان وفق أحكام الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية، ماذا لو حدث تناقض بينهما، ماذا سيُعتمد؟ وهل احترام حقوق الإنسان المسيحي أيضاً تتم وفق الشريعة؟

  • تمت تسمية “القبيسيات” بـ “مُعلمات القرآن” حيث سيتم تنظيمهنّ أكثر، وسيكون لهنّ دور كبير، بالإضافة للفريق الديني الشبابي التطوعي، الذي سيكون “مُراقبــاً عامــاً” لكافة النشاطات الدينية وغير الدينية.

  • دعكم من كل ما ورد، وفكروا بهذه الفقرة… “استقلال اقتصادي” ماذا بعده؟

  • المشروع يُقرّر أن موازنة “مجلس الأوقاف الأعلى” خاصّة، ومستقلة عن الموازنة العامة للدولة… وتصدر بقرار من وزير الأوقاف، أي أنّ موازنة وزارة الأوقاف خاصّة، وكافة استثماراتها وإيراداتها وعقاراتها معفاة من التأمينات والرسوم المالية والقضائية والطوابع والضرائب و….! أي أنّ واردات وزارة الأوقاف تأتيها دون خصومات نهائياً، رغم ذلك لا تدخل في موازنة الدولة، وهذه الدولة يجب أن تؤمن الحراسة والكهرباء والماء والصرف الصحي والتدفئة والطرقات و… مجاناً لدور العبادة وتوابعها!!…

  • استقلال وزارة الأوقاف عن الدولة نهائياً.

الخلاصة وحسب رأي مركز فيريل للدراسات

المشروع إن مرّ، سيكون عبارة عن انقلاب ديني سياسي على الدولة السورية، ووزير الأوقاف، بغضّ النظر عن اسمه سواء كان عبد الستار أو عبد الله بن عبد الستار… في طريقه ليصبح سلطة دينية حاكمة لها جيشها النسائي والذكوري وتحت سلطانها عشرات الآلاف من المساجد والمدارس والمعاهد، وملايين الموظفين والطلاب والأئمة والشيوخ والقبيسيات والمصلين. لها موازنتها الخاصة، واستقلاليتها في اتخاذ القرار الداخلي وحتى الخارجي. ويمكن لوزير الأوقاف بخطاب ديني تحريك الشارع وما بعد الشارع، أو لجمه، تبعاً لمصلحته الدينية والشخصية والكرسي…

المشروع إن مرّ، ستُلغى وزارة الأوقاف وتصبح “هيئة إدارة الدولة الدينية” في الجمهورية الإسلامية السورية.

المشروع إن مرّ، يكونُ ما عجزت عنه السعودية وتركيا وداعش وجبهة النصرة وإسرائيل وقطر، قد تحقق بطريقة “الإخوان المسلمين الجدد”، راجعوا المقالة. ويكون عشرات الآلاف من شهداء الجيش السوري قدموا أرواحهم لتصبح وزارة الأوقاف مسيطرة على سوريا، وإقامة دولة إسلامية بـ “كرافة”…

أخيراً: المشروعُ إن مرّ، لا يُلام عليه وزير الأوقاف وداعميه، الذي يسعى ويسعون، كما ذكرنا مراراً في مركز فيريل للدراسات، لتنفيذ خطة دولة دينية على الطريقة الشيشانية_السعودية، بل يُلامُ أعضاء مجلس الشعب الذين وافقوا على قتل الشهداء مرتين. فهل ستقتلون الشهداء مرتين يا ‘ضاء مجلس الشعب؟. مركز فيريل للدراسات. 28.09.2018