(فشل الخطة السابعة لإسقاط الأسد) بحث لمركز فيريل للدراسات ــ الجزء الأول 19 نيسان 2017

فشل الخطة السابعة لإسقاط الأسد بحث (خاصّ) لمركز فيريل للدراسات. الجزء الأول

تنص المادة الثانية من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة على:

“ليس من حق الأمم المتحدة أو الدول الأعضاء فيها، التدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما”.

طبعاً هذا حبر على ورق، فأغلبُ الدول تتدخل بشؤون الدول الأخرى الداخلية، وتبقى الولايات المتحدة رقم واحد بحشر أنفها في كل زاوية وثقبٍ في العالم.

عندما يتعلقُ الأمر بسوريا، فالوضع مختلفٌ تماماً؛ لم تبقَ دولة أو دويلة أو خيمة أو قبيلة أو هيئة أو جمعية أو نادٍ، لم تتدخل بشؤونها خلال السنوات الست العجاف اللاتي مررن. دولٌ تماشت أهدافها وغاياتها مع أهداف الدولة السورية، فساعدت الجيش السوري في حربهِ ضدّ الإرهاب، وأخرى كان حلمها إسقاط الدولة والشعب السوري، فلم توفر جهداً ومالاً وسلاحاً، إلا وأوصلته لأيدٍ مجرمة جاءت من 93 دولة، لتحقق ديموقراطية وهابية في أرض سوريا، وهل يعرف الوهابيون معنى الإنسان كي يعرفوا معنى الديموقراطية؟! الكاتبة الألمانية Brigitte Queck اعترفت في مقالتها لـ Die Zeit  في 16 كانون الأول 2016، وبشكل متأخر بالقول: “شنت الولايات المتحدة على الشعب السوري حرباً، مستخدمة كافة سفاحي العالم، وقد وفرت الحكومة الاتحادية الألمانية منذ البداية وحكومة الولايات المتحدة ملاذاً آمناً للمعارضين السوريين، كما زودت الحكومتان الدول المعارضة لسوريا في تركيا، قطر، إسرائيل والسعودية، بالأسلحة التي وصلت لأيدي مقاتلي المعارضة السورية بما في ذلك داعش”!.

نكشف لكم من مركز فيريل للدراسات، في بحثٍ خاصّ على أجزاء، بعضاً من معلوماتنا في المركز عن محاولاتٍ للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد منذ عام 2011.

بسؤالنا المكرر للمعارضة السورية: (هل لديكم مخطط لما بعد ذلك؟) الجواب الدائم: (نسقطهُ أولاً ثم نتحدث لاحقاً)!. لافتين النظر إلى أنّ إسقاط الرئيس الأسد بات مسألة شخصية، وشكّل بقاؤهُ كابوساً يؤرق زعماء الغرب والخليج، بعد انتشار اعتقاد ترسّخ في عقولهم:

(كلّ زعيمٍ يُطالبُ برحيل الأسد، سيرحلُ قبلَهُ)

 

المحاولة الأولى للإطاحة بالرئيس الأسد

الشق السياسي

تمّ اختيار ألمانيا بسبب خبرتها الواسعة واستقبالها التاريخي للمعارضة السورية، لتدريب معارضين سوريين على قيادة الدولة بعد رحيل الرئيس الأسد، ضمن دورة تدريبية بعنوان “اليوم التالي”، وبالفعل جرت الدورة أوائل عام 2012 في حي Wilmersdorf في برلين، بسرية بالغة وتحت حراسة أمنية مشددة. حيث اجتمع 45 معارضاً سورياً، وضعوا خططاً في كتاب ضخم، تضمن تفاصيل ما سيتم بعد السقوط المؤكد!

وهل هناك سرية بين المعارضين؟! فبعد الاجتماع بأيام حصل مركز فيريل للدراسات على نسخة الاجتماع  وبالعربية. ما رأيكم؟ مع افتضاح الأمر، طلعت علينا صحيفة ZEIT ONLINE وبتاريخ 24 تموز 2012 بعنوان عريض كبير يقول:

/المعارضة السورية جاهزة لاستلام الحكم في سوريا/!.

هنا اضطر الإعلام الألماني شبه الرسمي للاعتراف بهذا الاجتماع، فنشرت محطة n.tv. تقريراً لا يتجاوز دقيقتين بتاريخ 28 آب 2012، مع فيلم فيديو تم حذفه لاحقاً!. الأمر صار بحكم المؤكد، لِمَ لا وتركيا وأردوغان، صديق برلين الصدوق آنذاك، هو الضامن لذلك، لتقول نفس الصحيفة: /أكدت تركيا أن سقوط الرئيس الأسد سيكون بين ليلة وضحاها/. تمّ توزيع الأدوار بين المشاركين، وحتى الوزارات كما أفاد أحد المعارضين لمركز فيريل، رغم نفي ذلك كما سيردُ لاحقاً.

جرت دروة تأهيل (حكومة وقيادة سوريا الجديدة كانون الثاني 2012)، في العنوان التالي: Ludwigkirchpl. 3- 4, 10719 Berlin وهو معهد العلوم والسياسة الألماني SWP  Stiftung Wissenschaft und Politik. التالي؛ صورة ملخصة مترجمة للعربية من مركز فيريل عن المذكرة المبدئية “السرية”، التي كشفها لاحقاً معهد الولايات المتحدة للسلام، المُشرِف على الدورة United States Institute of Peace USIP وفيها المشروع

ملاحظات مركز فيريل للدراسات حول (مشروع اليوم التالي لإسقاط الأسد)

  1. العنوان يقول: (اليوم التالي لإسقاط الأسد)، وفي المقدمة نقرأ: (التقى في كانون الثاني 2012، 45 عضواً من معارضي الرئيس الأسد سراً في برلين)، وهذا يُثبتُ أنّ المسألة شخصية والرئيس الأسد يُشكّلُ منذُ البداية عُقدةً لهم.

  2. أكد البيان الختامي أنّ الاجتماعات كانت دون تدخل أو تأثير خارجي، لكن كل شيء كان أجنبياً ولا يمت لسوريا بصلة، فالمعارضون يحملون جنسيات غير سورية، وبعضهم لم يزر وطنه منذ عشرين عاماً، الأخطر أنّ الموجهين ومديري البرنامج والاستشاريين، كلهم أوروبيون أو أميركيّون. وهذه لائحة بأسماء هؤلاء: الأميركي Steven Heydemann مدير معهد السلام الأميركي، الأميركي Rami Nakhla مدير شبكة دعم التحول في سوريا بمعهد السلام الأميركي، الألماني Muriel Asseburg استشاري قسم الشرق الأوسط في برنامج العمل الاستراتيجي بمعهد العلوم والسياسة الألماني، Sakina Abushi باحثة في قسم الشرق الأوسط في برنامج العمل الاستراتيجي، Vivienne O’Connor و Mark Shaw استشاريان قانونيان، Beatrice Pouligny و William A. Shabas (برفسور ايرلندي ـ كندي، من أصل يهودي أشكنازي) استشاريان في العدالة الانتقالية، Robert Perito (المعهد الأميركي للسلام) و Donald Planty (سفير أميركي سابق في غواتيمالا) استشاريان في الأمن واصلاح الأجهزة الأمنية،  Michèle Brandt و Jason Gluck استشاريان في صياغة الدستور، Andrew Reynolds استشاري في الإصلاحات الانتخابية وتشكيل الجمعيات الدستورية، Graciana Del Castillo و Raymond Gilpin (جامعة واشنطن) استشاريان في الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية. باختصار: مشروع اليوم التالي انتاج أميركي غربي بحت ولا علاقة للسوريين به، وعبارة (السوريون فقط هم الذين يضعون دستورهم) لا تساوي الحبر الذي كُتبت به.

الاستشاري وليم شاباز، قانوني كندي/إيرلندي من يهود الأشكناز، مشارك في الاجتماعات

  1. عندما نقرأ بعض فقرات كتاب اليوم التالي، نجد فيها عباراتٍ تقليدية تتحدث عن الديموقراطية وبناء المجتمع المدني الطموح، ولكن إذا تعمقنا في البحث، نجدها سمّ مغموس بالعسل، فمثلاً يقول أصحاب المشروع لاحقاً عما جرى في شرقي حلب بتاريخ 19 كانون الأول 2016: (أعلنت هيئة تنظيم الاتصالات عن وقف جميع الأنشطة إلى أن يتم إجلاء جميع المدنيين من شرقي حلب بطريقة آمنة ومأمونة. وذلك رداً على تواطؤ المجتمع الدولي في الفظائع وجرائم الحرب التي ارتكبها النظام السوري وحلفاؤه في حلب خلال الأسبوع الماضي.). إذاً المشروع يتحدثُ بصيغة وسائل الإعلام الخليجية والغربية، فالجيش السوري يُقاتلُ مدنيين عُزّل لا حول لهم ولا قوة، ولم يذكر هذا المشروع وجود عشرات الآلاف من الإرهابيين!! بل مازال يسميهم (ثوار إدلب ودوما والرقة)!!

  2. هناك اشتراط على المجتمعين بالاعتراف بدولة يهودية في فلسطين، فالاجتماع كان لبحث الأزمة السورية، وجاء ادخال فقرة فلسطين حشو مقصود، عدا عن تسريبات علم بها مركز فيريل حول الاعتراف بالجولان المحتل، أرضاً إسرائيلية.

  3. من تمويل المشروع؛ تُعرف الأهداف. حسب ما ورد في البيان الممول الأول هي وزارة الخارجية الأمريكية، ثم السويسرية فالألمانية، وأخيراً النرويجية. لكن ماذا عن الإمارات العربية المتحدة؟ وهل كانت مناقشة ورقة الانعاش الاقتصادي كانت جافة؟ وقد علم مركز فيريل بوجود تمويل من كندا وهولندا أيضاً.

  4. ادّعى المجتمعون أنهم يمثلون كافة أطياف الشعب السوري، فإذ بهم لا يمثلون حتى جزءاً من المعارضة السورية. فقد قامت القيامة عليهم، وكتبت عشرات المقالات ونشرت فيديوهات تهاجمهم وتفضحهم، قال معارض أنهم يسعون لاستلام المناصب فقط، وهذا المعارض يتهمهم بسرقة الأموال، وذاك بالعمالة لإسرائيل، وآخر بأنهم خونة لـ (الثورة).

  5. بعد أيام، التقى Steven Heydemann المدير العام لدورة التأهيل هذه، في البيت الأبيض بإدارة الرئيس السابق أوباما وأخبرهم بأنّ: (المعارضة السورية جاهزة لاستلام الحكم في سوريا). وعلى الإدارة اتخاذ الخطوة اللاحقة… ماذا كانت الخطوة اللاحقة؟؟ 

  6. بعد مضي أكثر من خمس سنوات على صياغة المشروع، وتأكيدات بسقوط الدولة السورية، اليوم ثم غداً، في الشهر القادم ثم في السنة القادمة، يمكننا القول: فشل المشروع فشلاً ذريعاً.

     19.04.2017 الشق العسكري للمحاولة الأولى

نلقاكم في الجزء الثاني، مع تحيّات Firil Center For Studies, FCFS, Berlin