ماذا حدثَ في الرقة ودير الزور يوم الجمعة؟

هل استخدم برنامج هارب في الرقة؟ الدكتور الأستاذ رياض قره فلاح، أســتاذ علم المناخ قسم الجغرافية – جامعة تشرين Firil Center For Studies FCFS Berlin Germany

بينما العالم مشغول بالوباء هناك دول يجتاحها هذا الوباء تستمرُ في غطرستها واتخاذ الشعوب والدول حقلاً للتجارب بكافة أنواعها. يوم الجمعة الماضي 03 نيسان 2020 تشكلت سحابة من نوع Super Cell جنوب الرقة تحركت إلى شمال دير الزور، مُسبّبةً عاصفة وأضراراً بشرية ومادية. بتاريخ 14.04.2016 ظهرت السحابة في السليمانية. نيسان 2018 سحابة سوبر سيل تظهر في سماء دمشق وتختفي فجأة في تجربة فاشلة، ولدينا في مركز فيريل ما يثبتُ ذلك بتسجيل لحركة طائرة ما فوق جبل الشيخ… 31.03.2019 سحابة سوبر سيل تضرب الموصل. لا شك أنّ تغييرات في المناخ تشمل الكرة الأرضية، لكن ليس لدرجة حدوث سوبر سيل! فما هي هذه السحابة وكيف تتشكل؟ الدكتور رياض قره فلاح، أستاذ علم المناخ في جامعة تشرين يُخبرنا بذلك.

سحابة Super Cell سوبر سيْل

تتشكل سحابة Super Cell في ظروف جوية خاصة جداً، فهي بحاجة لرطوبة عالية في طبقات الجو العليا وتيار هوائي بارد رطب وتيار هوائي آخر حار رطب، هذه الشروط لا تجتمع، بشكل طبيعي، إلا في المناطق المدارية حيث إمكانية تحقق شرطي الرياح؛ فيصطدم منخفض جوي بارد مع رياح حارة رطبة قادمة من المناطق الإستوائية المجاورة.

هذا الاصطدام يرفع الهواء الحار الأخف وزناً فوق الهواء البارد الأثقل وزناً، فيهبط الهواء البارد من الطبقات الجوية العالية مسبباً تكاثف ذرات الماء وتجمعها وتجمدها فتسقط على شكل حبّات بَرَد كبيرة وأمطار غزيرة.

أمرٌ آخر، صعود الهواء الحار نحو الأعلى يكون سريعاً على شكل دوّار، وكلما ازداد الفارق الحراري كانت السرعة أعلى، فتتشكل دوامة ذات مركز تدور حوله تُسمى Tornado تكون سرعة الرياح فيها كبيرة تصل لمئات الكيلومترات في الساعة، مع ضغط منخفض جداً يكفي لقلع وحمل أي شيء معه نحو السماء.

أمر أخير، من شروط تشكّل سحابة السوبر تلك وجود إعصار دوّار يُطلق عليه اسم Mesocyclone، وهو لا يتشكل أيضاً إلا في المناطق المدارية. سحابة سوبر سيل هي أقل السحب الرعدية حدوثاً وتستمر بين ساعتين إلى أربع ساعات فقط ثم تختفي بعد أن تقطع مسافة بين 30 إلى 40 كلم. كما أنها أشد تأثيراً من حالة عدم الاستقرار العادية الشائعة في منطقة الشرق الأوسط، التي تحدثنا عنها مراراً في مركز فيريل للدراسات. السوبر سيل تحدث فقط في الولايات المتحدة وأميركا الجنوبية والكاريبي وخليج البنغال وجنوب شرقي آسيا.

إمكانية صناعة السحب والسيطرة على الطقس باستخدام الكيمتريل تجدونها هنا على الرابط:

ماذا حدث في الرقة؟

سحابة Super Cell تشكلت فجأة جنوب الرقة في منطقة صحراوية! وتحرّكت إلى شمالي دير الزور، حملت معها أمطاراً غزيرة وبَرَد ورياحاً عاصفة دوّارة كما في الصورة. تسببت بمقتل عدة أشخاص ونفوق مواشي وأضرار في مناطق زراعية مرّت عليها، ثم اختفت بعد ثلاث ساعاتٍ.

تلاحظون أننا عندما ننشرُ عن حالة الطقس المتوقعة في مركز فيريل للدراسات، نضع نسبة خطأ 30%، أي هناك هامش لحدوث تطوراتٍ ما تكون متوقعة لكن بنسبة أقل، وكما يقول الدكتور رياض قره فلاح: في علم الطقس والمناخ حتى احتمالات المفاجآت مدروسة ومعروفة ولها حدود قصوى ونماذج وسيناريوهات، أما أن يحدث إعصارٌ في مكان لا يصلح أصلاً لحدوثه فهذا، وعلى مسؤوليتي العلمية، مستحيل أن يكونَ تلقائياً. طقسنا معروف ومنخفضاتنا مدروسة من ناحية أشكالها وأنواعها ومساراتها وطريقة تشكلها، وهي تأتي في أوقاتها من أماكنها المعروفة في غرب وشمال غرب أوروبا خصوصاً، من الضغط المنخفض الآيسلندي والبحر المتوسط في مركز خليج جنوة، ومن مركز قبرص نهاية الشتاء، أو في الخريف من منخفض البحر الأحمر ليؤثر على جنوب القطر وشرقه، ولا يأتينا من الصحارى الجنوبية إلا بعض المنخفضات الصحراوية القادمة من جنوب جبال الأطلس، وهذا وقتها وهي ذات حرارة مرتفعة، ولا يمكن وبأي شكل من الأشكال أن تتشكل ظروف مناخية غير طبيعية في غير مكانها أو زمانها، ولا نستطيعُ إيجاد تفسير علمي يقبله عقل متخصص ولاقوانين علم الطقس، فكيف إن اجتمع المكان والزمان مع الظرف الخطأ؟!

الإعصار الذي حصل في المنطقة الشرقية بشكله وانتظامه لا يتشكل إلا فوق الماء والمحيط الواسع، وبشروط خاصة كما ذكرنا سابقاً، رطوبة وحرارة عالية لسطح المياه (26.7 درجة)… شروطٌ يستحيل أن تتوفر في الرقة ولا دير الزور ولا في دمشق، ولا أدري كيف توفرت شروط هذا الإعصار من الرياح الباردة والدافئة الرطبة بآن معاً، في منطقة لا تأتيها الرياح إلا من نوع واحد يتغير اتجاهه تبعاً للضغوط!.

دون شك، هي تجارب في السيطرة على الطقس تجري في منطقتنا منذ سنوات، كما حدث في 5 أيلول عام 2015 بالعاصفة الغبارية والتي وصلت الساحل في حالة لم تتكرر لا قبلها ولا بعدها، وعام 2018 في دمشق وربما لم تنجح التجربة، واليوم في الرقة. وكما حدث عندما ضرب إعصار جونو سلطنة عمان في 6-6-2007 في حادثة غير متوقعة، ليكشف فيما بعد أنها تجربة أمريكية إسرائيلية لضرب إيران ولكن لخطأ في الحسابات توجه الإعصار ليضرب عمان وسط ذهول خبراء الطقس.

العواضف الغبارية التي ضربت المنطقة عام 2015 تجدونها هنا:

كيف توفرت الظروف المناخية الإستوائية والمدارية وتقابل الرياح التجارية مع الموسمية فوق الرقة؟! هذه المنطقة شبه الجافة مناخياً وذات المناخ المتوسطي القاري، وأدت لتشكل هذه الغيمة لولا فعل فاعل؟ علمياً هذا مستحيل ولن يأتي الهواء الاستوائي الرطب ولا الرياح التجارية ليصعد فوق سماء الرقة دون غيرها من الأماكن المجاورة، مشكلا ضغطا شديد الانخفاض دون 990 هيكتوباسكال تاركا الفرصة للهواء الذي يلامس الأرض كي يدفع بالبخار نحو الأعلى ما لم يتوفر شروط مائية وحرارية مناسبة.

ما حدث كذبة كبيرة وهذه الظاهرة ليست نادرة وتحدث كل 100 عام كما قيل، بل حالة لا يمكن أن تحدث من أصلها. كافة ظواهر المناخ تتكرر دورياً خلال 35 عاماً، وما حصل مفتعل لتجربة ما، ولا تزال العاصفة الغبارية سابقة الذكر التي استمرت لأسبوع كامل في أيلول 2015 تذكرني بنوع آخر من التجارب أجريت لغايات عسكرية تخدم مصالح من يهمهم البقاء فوق أرضنا، ولم تحدث مطلقا بخبرة ورأي الأجداد وكبار السن ولا حتى من لوثائق وسجلات الطقس قبل أن تمتلئ أراضينا بهؤلاء الأغراب. المنطقة الشرقية من سورية أصبحت ساحة واسعة متاحة ليس فقط لسرقة نفطنا بل جعلوا منها حقل لتجاربهم الطقسية التي قد يستفيدون منها مستقبلا ربما في بلادهم أو في أي مكان لا يستجيب لسياساتهم. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. الدكتور الأستاذ رياض قره فلاح، أســتاذ علم المناخ قسم الجغرافية – جامعة تشرين Firil Center For Studies FCFS Berlin Germany