نهاية الخديعة الألمانية. الحقائق العشر عن اللجوء في ألمانيا. الدكتور جميل م. شاهين

عدد القراءات 256143 نهاية الخديعة الألمانية. أيلول 2015

رغمَ أنني أكتب منذ عام 2003 بموضوع الهجرة غير الشرعية  إلى أوروبا، واستغلال المهربين للمهاجرين، ومعاناتهم أثناء الطريق وبعد وصولهم إلى مقصدهم، إلا أنّ وسائل الإعلام العربية تجاهلت الخوض في هذا الموضوع. لكن فجأة، وبعد مقالتي السابقة قبل أكثر من شهر والتي سبقتها 8 مقالات على مدى خمس سنوات، تدفقَ سـيلٌ من الاهتمام الجارف في الصفحات ووسائل الإعلام حول هذا الموضوع، وباتَ الجميع ضليعاً في قوانين الهجرة.

مَنْ ارتفع لديه الأدرينالين قبل شهر، أبشرهُ بخثرة بعد هذه المقالة، ولكلّ مَنْ ثار هائجاً أقول: “أنتَ إما تعمل في مجال التهريب، ومقالتي تضرّ بتجارتك القذرة، أو أنكَ خُدِعتَ وتريد خداع غيرك، فتتحدث عن رفاهية لم ترها، وتكذب على أصدقائك في سـوريا كي لا يشمتوا بكَ. فلتكن كذبتك متواضعة؛ والحديث عن شقة مفروشة وعمل حصلتَ عليه بعد أيام من وصولك، واهتمام الألمان بعبقريتك، قصص لم تعد تنفع.”

أستعرض معكم عشر حقائقَ من ألمانيـا، بعد زيارتي لـ 14 مخيماً للاجئين، ومعلوماتٍ من دائرة الهجرة والشرطة الجنائية. عشر حقائق يجب أن يعرفها كلّ سـوري يفكر بركوب جائحـة القدوم إلى ألمانيا:

الحقيقة الأولى:

سُمعة السوري قبل عام 2011 عَطِرة، وهو بنظر الألمان إنسان مُسالم مثقف مجتهد في عمله، ومفضّلٌ على أيّ جنسية أخرى، ودليلهم آلاف الأطباء والمهندسين ورجال الأعمال السوريين الذين يعملون منذ عشرات السنين في ألمانيا. وكمعلومة بسيطة؛ عدد الأطباء السوريين الذين انتسبوا لنقابة الأطباء وأطباء الأسنان الألمانية وعملوا ويعملون في ألمانيا منذ عام 1961 هو 18 ألف طبيب. بالإضافة لمئات السوريين الذين يحملون لقب بروفسور. انسحبت هذه السمعة على القادمين الجدد.

بعد عام 2011؛ بعضٌ من السوريين جاء إلى ألمانيا وكلّهُ تصميم على أن يشق طريقه نحو مستقبل أفضل علماً وعملاً وأخلاقـاً، بينما جزءٌ آخر جاء وفي عقلهِ العَفِـن اعتقاد

“لقدَ سـخّر الله الكفارَ لخدمتنا”.

أصحاب هذا العقل العفن ليسوا أكثر من متسولين على أعتـاب المساعدات الإجتماعية. لهذا تغيّرت نظرة الألمان وبات تقييمنا كسوريين أسوأ.

الحقيقة الثانية:

لماذا تستقبل ألمانيا اللاجئين السوريين؟


 

سؤال كبير ويحتاج لصفحاتٍ للإجابة عليه، لكن بالتأكيد آخر أسباب استقبالها للسوريين هو الدافع الإنساني. ابتدأت الخديعة الألمانية بجامع ميونيخ قبل ستين عاماً، ثم باستقبال الأخوان المسلمين وإعادة تأهيلهم والعودة إلى سـوريا، فهل يخطط الألمان لنهج نفس السـلوك؟

السلفيون يمشطون شوارع ألمانيا ويتلقون مساعدات حتى من الكنائس!. وما فعلته ألمانيا من تشجيع خفي للهجرة أحدث زوبعة لن تنتهي نتائجها عند سـفينة تغرق أو شـاحنة يختنق فيها الأطفال، هم يخططون لسنوات وقرون قادمة، والسذج يهللون لميركل وكأنها “نبيٌّ”، وهي التي كانت قبل أسابيع مجرمة، أصبحت اليوم “الحجّة” ميركل، وقد تعود بعد أيام للقب المجرمة حسب اتجاه الريـح.

للألمان أهداف أبعد بكثير من أن يستوعبها مَـنْ ولاؤه للوطن أوهى من خيوط بيت العنكبوت، والذي يظنّ أنّ الألمان بحاجة لخبرته في “رتق” إطار سـيارة، فليتبع القرضاوي كي تزداد عباطتـهُ!

أهداف سـياسية واقتصادية داخل سوريا. أهداف تتعلق بالآثـار السورية. أهداف تتعلق بالتغطية على فضيحة 1,9 مليون ألماني لم تتم توفيتهم في السجلات!. وعندما تبدأ عملية إعادة الإعمار سيدرك متفتحو البصيرة ماذا أقصد. باختصار اللاجئون الجدد هم مطيـة للعبـور.

الحقيقة الثالثة:

بسبب السلوك السيء لقسم كبير من اللاجئين، وكما قال عالم الاجتماع الألماني هانز غيورغ زوفنر: “اللاجئون يجلبون معهم خلافاتهم الدينية والسياسية أيضاً”، تكشّفتْ حقيقة ما يجري في سوريا.

قالها لي أحد موظفي الهجرة في برلين بمركز Turm Straße:

(نعرف أنّ معظمهم يكذبون، هم يقدّمون لنا نفس القصص وكأنهم ببغاوات، يقولون: ” قصفنا الجيش السوري بالبراميل، وهربنا تاركين وراءنا كل شيء”. كيف يمكن لمَنْ هرب من الموت، أن يدفع 12 ألف دولار للوصول إلى هنا؟ هم يكذبون، لكننا مجبرون أن نصدقهم… مؤقتاً.)

مؤقتاً هذه تعني إقامة مؤقتة لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد في حالة موافقة دائرة الهجرة. ثلاث سنوات قد تمر وحامل الإقامة مازال يترغل بالعربية ولا يعمل، ماذا بعدها؟ هل ستبقى ألمانيا تُرحب؟

تدفق اللاجئين السوريين يلعبُ دوراً هاماً من بحث الأوروبيين عن وقف هذا التدفق في مصدره، أي محاولة إنهـاء الحرب في سـوريا. وهذا يصبّ في مصلحتنا.

حكومـة التهجيـر السـورية تساهم في زيادة العدد أيضاً، فالمواطن الذي فقد الأمان، صمد. والذي فقد الأمان ويعاني من انقطاع الكهرباء والماء، أيضاً صـمد وحيّر الحكومـة “الموقرة” ومعها المسؤولين الفاسدين. وها هي اليوم ترفع أسـعار حتى الهواء، وتسـاهم في تعفيش وتطفيش المواطن السوري. هناك مَنْ يصمد أكثر وهناك مَنْ يستسلم للبحر، يدفع آلاف الدولارات ويحلم بجنـة ألمانيا. أمّا الفقير الذي لا يملك حتى طعام يومه، فليس له سوى الله.

الحقيقة الرابعة:




الشعب الألماني منقسم لثلاثة أجزاء: 23% باتوا يكرهون اللاجئين علانية ومستعدون للخروج بمظاهرات ضدهم، منهم 4% مستعدون للقيام بأعمال عنف تصل لقتل اللاجئين. 58% ينظرون للاجئين بحذر ويفضلون مساعدتهم في أوطانهم وليس على الأرض الألمانية. بينما 19% متعاطفون مع اللاجئين ويطالبون الحكومة باستقبالهم.

كارهو الأجانب هم الأقوى، وهم أتباع الفكر اليميني الألماني، وبينهم يتغلغلُ النازيون، لكن الدولة تحاربهم، ومن ورائها يأتينا تجار العقارات الذين بدأوا يجنون أرباحاً طائلة، فالمناطق التي يُفتتح فيها مخيم لجوء، تهبط أسعار المنازل فيها بين ليلة وضحاها، لهذا يثور سكان تلك المناطق. بينما تزداد أسعار المنازل البعيدة عن اللاجئين.

محبو اللاجئين لديهم نظرة إنسـانية ورؤية أوضح للواقع في الشرق الأوسط، هم الأضعف، ومعظمهم ليس بيده سوى التظاهر، لكنّ الدولة تؤيدهم لأسباب البروظة الخارجية والانتخابية.

الحقيقة الخامسة:

قسم كبير من السفن التي تغرق وحوادث الموت في الطريق إلى ألمانيا مقصودة، والهدف الرئيسي هو تجـارة الأعضـاء. تقوم عصابات تركية بإغراق المراكب المطاطية ببنادق المسامير، أو باطلاق النار على غرف الموتور، وخلال ست ساعات، وهي المدة الأقصى قبل فساد الأعضاء القابلة للزراعة، ينتشلون الجثث وويبيعونها لمراكز طبية تركية. تلاقي زراعة الأعضاء رواجاً كبيراً خاصة في تركيا بعد عام 2011، حيث تُكلّفُ زراعة الكلية أقل من 10% مما تكلفه في أوروبا. وكل جثة اختفت بعد غرق مركب، لن تجدها سفن الإنقاذ لأنها أصبحت من أقبية مشافي إزمير.

الحقيقة السادسة:

أهم موضوع يشغل وسائل الإعلام والشعب الأوروبي هو جائحة اللاجئين. في برنامج سياسي بث اليوم بالألمانية على قناة DW، مقارنة بين ميركل وهلموت كول، أظهر الاتجاه العام نقمة في الشارع الألماني على إهمال المستشارة لشعبها واهتمامها باللاجئين. وفي تعليق لأحدهم قال: “ميركل تبحث عن جائزة نوبل للسلام.” كلام قد يختصر سبب حنانها الجيّاش.

وسائل الإعلام تصوّر الآلاف يستقبلون اللاجئين في فيينا، ماذا عن مئات الآلاف الذين لا يرحبون بهم؟ لا تهمني ميركل بقدر ما يهمني مَنْ يجلس وراءهـا.

 


الحقيقة السابعة:

حوادث الإعتداء على اللاجئين ارتفعت لأكثر من 600%، وتمّ تسجيل 67 حادثة اعتداء جديدة، تراوحت بين كتابة شعارات ضدهم، إلى الضرب لتصل للقتـل والحـرق. ولعلَ منظمة “أصحاب القمصان الصفراء” خير دليل على ما ينتشر تحت الرماد الألماني.

الذي ينتشر الآن هو عملية حرق أماكن سكن اللاجئين، وقد أحصيتُ 26 حادثة حرق منذ بداية 2015 حتى أيلول 2015، منها:

حرق مخيم مدينة إيشبورغ ولاية شليسفيغ هول شتاين. 10 شباط.

حرق سكن لاجئين جديد مدينة ترغليتز، ساكسن أنهالت. 4 نيسان.

حرق سكن لاجئين برلين. 14 نيسان.

حرق مخيم لاجئين قيد الإنشاء ، مدينة ليمبورغر هوف ولاية  راينلاندفلاز. 6 أيار.

حرق مسكن لاجئين بمدينة مايسن، ساكسن. 28 حزيران.

محاولة حرق واعتداء بالحجارة على مخيم مدينة بولين ساكسن، اصابة لاجئين. 15 تموز

الحقيقة الثامنة:

وضع اللاجئين في ألمانيا ليس بخير، بالتأكيد أفضل من مخيمات “أشقائنا الأوفياء العرب والمسلمين” في لبنان والأردن وتركيا، لكنه لا يرقى لجزء من أحلام الفردوس الأوروبي. الخيام التي كذّبها البعض، تملأ مراكز اللجوء، والشتاء قـادم. مستقبل اللجوء في ألمانيا غير واضح، وقد يتم إلغاؤه مقابل قانون تنظيم الهجرة الجديد، والمشروع المطروح بقوة هو مراكز لجوء عملاقة في تركيا بتمويل أوروبي، ويتم انتقاء المقبولين من اللاجئين وفق معايير خاصّة، وتوزيع اللاجئين على الدول الأوروبية بالتساوي تبعاً لعدد السكان، أي أنّ ألمانيا لن تبقى إلى الأبد تستقبل نصف ما تستقبله أوروبا كاملة من اللاجئين. وسيتم ترحيل لاجئين منها إلى آيسلاند وفنلندا والنرويج.

الحقيقة التاسعة:

الجميع دون اسـتثناء يتاجرون بدماء السـوريين، من دول وزعماء وهيئات رسمية ورجال دين. كلهم تاجروا بنا وجنوا مليارات على حسـاب.

دول الخليج وشيوخها المسلمين “الشرفاء” أقرب لنا من أوروبا، ميركل قائدة الحزب المسيحي الكافر فعلت لكم أكثر مما فعلهُ “العريفي والقرضاوي وموزة والنبي أيردوغان” المؤمنون. العتب ليس على سكارى بول البعير، العتب على الذين مازالوا حتى اللحظة ينسـاقون كالقطيع وراء فتـاوى نكاحهم.

الحقيقة العاشرة:

تفريغ سـوريا وسـرقة العقول والخبرات والشباب… إلخ، نظرية أسطورية تظهر أنّ الذين قطعوا البحار هم قطع من الألماس، ولم يبقَ في سـوريا سـوى حملة الشهادة الإبتدائيـة! لو كان هذا صحيحاً، لفتحت ألمانيا باب الهجرة للأكادميين السوريين فقط، ولا حاجة لها لمَن مازال يؤمن بأن زوجتـه يمكن أن تحمـل جنيناً من الجن، فلتستوعب ألمانيا 23 مليون زعيم ديني وسياسي سوري؟

الهجرة الحالية ليست الأكبر، والحرب التي تشن علينـا ليست الأولى. يكفي أن تعرفـوا أنه في بداية القرن العشرين قتلت تركيا وأذنابهـا 20% من الشعب السوري، وأحرقت أكثر من 240 قرية، وتمّ تفريـغ الجزيرة السورية من سكانها الأصليين، تبعتها الهجرات الكبرى إلى الأمريكيتين.

حُمّـى ألمانيا سـتتراجعُ قبيل الميـلاد، والصدمـة التي يعيشها كثيرون ممن حلموا بحضن ميركل، ستبقى معهم ثلاث سنوات، ما أن تهدأ الأوضاع في الوطن حتى يعودوا إليه لأنــه “فندق”.

لسـوريا أسـودها ولبواتهـا التي تحميها، المرابطـون أبداً مدنيـون وعسكريون، فلا تخشـوا عليها. سـوريا كانت وسـتظل إلى أبد الآبدين منبعاً للعقـول، ومهما هجرهـا أبناؤهـا وتخلـوا عنها وقت المحن، سـتبقى تلـدُ نــوراً ونـاراً.

مركز فيريل للدراسات. الدكتور جميل م. شاهين 01.09.2015

11944742_1060534353980113_837090078_n

 

11948184_1060546383978910_100404721_n