هل اقتربت المواجهة العسكرية مع إيران؟ الأستاذ زيد م. هاشم

يرى البعض أنّ انسحاب القوات الأميركية من الدول المجاورة لإيران دليل ضعف وتراجع، بينما نرى في مركز فيريل أنها إعادة حسابات ومؤشرٌ لخطة جديدة.

الولايات المتحدة تقوم بإبعاد قواتها عن ميادين مكشوفة سهلة الاصطياد، لا تتمتعُ بغطاء جوي كامل، ويمكنُ لمجموعات صغيرة اصطياد الجنود الأميركيين بأسلحة متوسطة. كما تغلق قواعد عسكرية صغيرة غير كاملة التجهيزات، لتنضم تلك القوات إلى القواعد الكبيرة كاملة الحماية. لا شك أنّ الحرب في سوريا تسببت بتراجع السيطرة الأميركية على الشرق الأوسط بدخول اللاعب الأساسي الروسي، والتغلغل الإيراني الذي وصل إلى باب المندب… وهذا أمرٌ لا يمكن لصقور واشنطن وحكام تل أبيب التسليم به والسكوت عنه، لهذا لا نرى أنّ الدولة العظمى استسلمت، بل انتقلت لمرحلة جديدة متجددة وهي التصعيد المتدرج بكافة الوسائل.

محاصرةُ إيران من الجهات الأربع

الأخبار الواردة من جارة إيران الشرقية غير مطمئنة، حركة طالبان اجتمعت بحكومة كابول وكذلك التقت مع المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد، برعاية “خليجية”، والحديث تركز حول خروج القوات الأميركية من أفغانستان. الذي يحدث هو تجمّعٌ لآلاف المقاتلين من الحركة قرب الحدود الإيرانية، وإنشاء معسكرات في هلمند وفراه، ويكفي أن نعلم أنّ الحكومة الأفغانية باتت تسيطر على 55% فقط من الأراضي في نهاية 2018 مقابل 73% عام 2015!. باقي الأراضي تسيطر عليها القاعدة وطالبان و… داعش.

داعش قريباً في إيران

الخطر ليس فقط من حركة طالبان التي يُقدر مركز فيريل عدد مقاتليها بـ75 ألفاً… الخطر القادم من داعش أيضاً! يتساءلُ كثيرون أين “تبخّرَ” عشراتُ الآلاف من الإرهابيين الذين قاتلوا مع داعش في سوريا والعراق؟ تقديرات مركز فيريل أنّ بين 7 إلى 10 آلاف منهم أصبحوا شرق وغرب أفغانستان.

الأمرُ ليس وليد اللحظة، فالكلام جاء على لسان المتحدث باسم تنظيم داعش أبو محمد العدناني، في 26 كانون الثاني 2015، حين أطلق على “دولة الخلافة الإسلامية” في تلك المنطقة اسم “ولاية خراسان” وتضم أفغانستان وباكستان وإيران وبايعوا يومها “أبو بكر البغدادي”… داعش موجودة بقوة في إقليم ننغرهار شرقي أفغانستان وهي تنمو بسرعة بانضمام إرهابيين من شتى الدول، بما في ذلك باكستان المجاورة.

تتصارعُ التنظيمات الإسلامية المتطرفة فيما بينها، لكن عدوها المشترك واحد… إيران.

الحراك “الشعبي” والمظاهرات في إيران يجب أن تتوسع، لتترافق مع حراك مسلح من داخل وخارج إيران، حيث ستختار التنظيمات التي ذكرناها المناطق ذات التغطية الأمنية الأضعف، في الشمال الشرقي خاصة. في شمال غرب إيران يتم التحرك العسكري في صفوف الأكراد. بينما الحراك الشعبي ستدعمهُ دول الخليج في الأهواز وغيرها.

من المُسلّم به أنّ حزب الله يقعُ ضمن مجموعة الأهداف، والتهديدات الإسرائيلية والتصعيد جنوب لبنان بين أخذ ورد، لكن حسابات إسرائيل قاصرة عن الوصول إلى الهدف وعلى عاتقها التصعيد الإعلامي فقط، لأنها أعجز من أن تنتصر على حزب الله لوحدها.

تهدئة في اليمن وانسحاب من سوريا وقريباً من أفغانستان، هو عملية تركيز للجهود باتجاه مقصد واحد… الاستعداد لاشعال نار بمنطقة أوسع لأنها ضرورة أميركية إسرائيلية، تخصّ الداخل الأمريكي واستراتيجية بعيدة المدى لإضعاف الحضور الروسي في الشرق الأوسط بضرب حليفته إيران “محور الشر”.

انسحاب الجيش الأميركي من سوريا وتخليه عن العميل “الأصغر” قسد، لصالح العميل الكبير في أنقرة، حركة واضحة، بقصد الابتعاد عن الروس، واستخدام النفوذ التركي في دول شمال إيران وجنوب روسيا، أي دول بحر قزوين.

أن تبقى روسيا في سوريا وسوريا فقط، أمرٌ لا يتعارض مع مصالح الولايات المتحدة، فتركيا كفيلة بوصول الإخوان للمشاركة في الحكم في الاصلاحات السياسية المقترحة بسوريا حسب المخطط.

الأكراد سيبقون تحت وصاية الناتو بتبدل الأسماء من أميركي إلى فرنسي إلى…، وسيبقون تابعين  متنقلين من حضن إلى آخر، حاملين الآمال بمستوطنة إلى ماشاء الله.  

داعش ستعود من جديد في العراق لتضرب حلفاء إيران في الأنبار والموصل، ضمن ترتيب خاص يتلائم مع شكل الوضع الجديد. والجيش الأميركي حاضر بقوة غرب العراق لقطع الطريق البري نحو سوريا ولبنان.

أصدقاء ترامب يتساقطون واحداً تلو الآخر، والتشكيلات الجديدة تحمل سياسيين وعسكريين يدعمون إسرائيل دون حدود، ولديهم نزعة للحرب أكبر من سابقيهم… لكنها حرب من نوع جديد: “إنهاك العدو وضربه بيد الأتباع” ثم… “ضربة عسكرية كبيرة”…

بقاءُ محمد بن سلمان لن يكون مجانياً، وعليه دعم الناتو العربي ضد إيران، والتحرّك عسكرياً وإشعال النيران فيها. عقوباتٌ اقتصادية، انسحاب من الاتفاق النووي، اضطرابات داخلية وتحرّك مسلح، محاصرة إيران من كافة الجهات، بانتظار الفرصة المناسبة للانقضاض. هذا هو عنوان المرحلة القادمة وما نراهُ من قراءتنا للأحداث… هل لدى إيران خطة مضادة؟ بالتأكيد. هل يمكنها حماية نفسها؟ طبعاً. فلنراقب ونرى ماذا يحمل لنا عام 2019. الأستاذ زيد م. هاشم. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات.