هل سيقلب الاعتراف بالجولان الموازين في الشرق الأوسط؟ الأستاذ زيد م. هاشم

عنونت وسائل إعلام وصحفٌ كبرى قرار ترامب بخصوص الجولان بالمفاجئ! رغم أنّه كان متوقعاً وقد نشرنا عن هذا الموضوع ومنذ آب 2017 في مركز فيريل للدراسات أنّ اعتراف ترامب قادم. راجعوا المقالة.

هذا ما نشرناه سابقاً وقبل شهور طويلة، فأين المفاجأة؟

الاعتراف بسيادة الكيان الصهيوني على الجولان سيقلب الموازين ويغيّر الحسابات. هي معادلة ردع وفرض أمر واقع من قِبل تل أبيب ومَن وراءها، توقيتها جاء نتيجة الحرب على سوريا، بدخول واشنطن بشكل مباشر على خط الصراع مع محور المقاومة.

اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على الجولان يعني اعترافها أن الجولان المحتل بات جزءاً من الكيان الصهيوني، ونشوب أيّ نزاعٍ فيه يُحتّمُ تدخلها لحماية تل أبيب وكأنها تُدافعُ عن وجودها.

هل تكفي الإدانة والشجب والاستنكار؟

من الطبيعي أن ترفضَ الدول هذا القرار، مع عبارات شجب واستنكار لا تُقدّم ولا تؤخر. المثال ليس ببعيد، فقد ضمت إسرائيل القدس واعتبرتها عاصمةً أبدية لها، فماذا كانت فوائد الرفض العالمي؟ لاشيء…

الحسابات الاستراتيجية لسوريا ومعها المحور المقاوم يجب أن تتغيّر، أمّا الأملُ المعقود على البقية من عرب وعجم فلا طائل منهُ.

صفقة القرن تسير بخطى حثيثة، ترامب ومعه نتنياهو مستمران في الحكم رغم الفساد وطلب إزاحتهما عن الكرسي، فهما الأفضل لإسرائيل حتى الآن، والرضى عنهما في صالونات اللوبي الصهيوني جيدة.

كما أوردنا؛ كلما لاح نصرٌ سوريّ سارعت واشنطن لإطالة الحرب في سوريا، والتوقيت مناسبٌ الآن لهذا الإعلان الأميركي والدخول المباشر في الصراع مع إسرائيل. كما أنّ التوقيت يتماشى مع زيادة الخناق حول طهران اقتصادياً وسياسياً، حيثُ ستتدخل الولايات المتحدة مباشرة في أيّ تحرّك عسكري لحزب الله أو إيران في الجولان أو جنوب لبنان، أي ستكون المواجهة العسكرية مباشرة.

نتنياهو زار موسكو عدة مراتٍ، وحسب وسائل الإعلام دار النقاش حول ملف تواجد إيران في سوريا، وكذلك موضوع إس 300 و 400 والدفاع الجوي الروسي ودوره في معادلة الصراع مع محور المقاومة. لكن ألم يطرح نتنياهو على بوتين ملف الجولان؟

التصريح الروسي كان واضحاً أنّه لا اتفاق بهذا الملف ولا اعتراف إلا بكون الجولان أرضاً سورية مُحتلة، كما أنّ الاتفاق بخصوص إيران غير وارد حسب النظرة الإسرائيلية. وهذا أبعدُ ما ستمضي إليه موسكو… الإدانة.

تقطيعُ وإشغال سوريا

لاحظوا تسلسل الأحداث والتصريحات

لقاء وزراء دفاع إيران وسوريا والعراق، ثم زيارة وزير الدفاع الروسي لم تكن مُطمئنة للأمريكيين والإسرائيليين، وفتح الطريق بين طهران عبر العراق إلى دمشق وبيروت لن تسمح به واشنطن.

بنفس التوقيت؛ الانفصاليون الأكراد، وبكل وقاحة، يُطالبون دمشق بالاعتراف بالإدارة الذاتية في الحسكة ودير الزور والرقة، أي يضعون أنفسهم بمستوى إسرائيل! إنها الخيانة بأقذر صورها…

أيضاً أردوغان يحشرُ نفسهُ بوقاحة مستنكراً القرار الأميركي، وهو يحتلُ بجيشه العثماني أجزاء من سوريا.

واشنطن تُصرّح بأنها ستبقي 400 جندي في شمال سوريا للمراقبة.

المطلوب جعلُ المتغيّرات على الأرض أمراً واقعياً مُستداماً، في الجولان وإدلب والجزيرة السورية، أي الاستمرار بهذا الوضع أطول فترة ممكنة لإحداث تغييرات ديموغرافية وسياسية واقتطاع هذه الأجزاء من سوريا… فماذا يبقى من سوريا؟…

ختاماً

التعويلُ على موقفٍ حاسم من أية دولة، لن يجني سوى عباراتِ الإدانة. القضية باتت قضية وجود، وكافة الوسائل مطروحة، الآن… الآن وليس غداً، فإمّا أن يتم الركون والتسليم أو الاستسلام، أو كما يقول المثل الشعبي: عليي وعلى أعدائي… إنها المقاومة والمقاومة فقط. مركز فيريل للدراسات.