واشنطن وخديعة الاضطهاد الديني. المهندس باسل قس نصر الله

واشنطن وخديعة الاضطهاد الديني. المهندس باسل قس نصر الله. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. 16.08.2022. يعلمُ الجميع أنّ الولايات المتحدة الأميركية لا تحتاج لاستئذانٍ كي تخرق سيادة الآخرين. إضافة لذلك، ترفضُ التوقيع على الكثير من المعاهدات الدولية المهمة التابعة للأمم المتحدة، وتحوك القوانين على مقاسها، لِتُحاسب الدول الأخرى التي تعتبرها مخالفة لها، فتضغط عليها وتبتزها. من هذه القوانين “قانون الحرية الدينية”.


استغلت واشنطن الدين لمصالحها، فقامت وزارة خارجيتها عام 1998 بوضع قانون الحرية الدينية الدولية، ونشرت أول تقرير في 26 تشرين الأول 2001، واضعةً أسماء دولٍ اعتَبَرت أن الحرية الدينية فيها غائبة أو مُضَيَّقة. صادقَ الكونغرس على هذا القانون المرتبط بتشجيع الحرية الدينية كهدف للضغط والتدخّل في السياسات الدولية لشعوب العالم، لِتصل إلى درجة الابتزاز، وبِواجهةٍ اسمها “محاربة الاضطهاد الديني في العالم”
 


انطلقت فكرة القيام بتحرك أميركي رسمي للاهتمام بالحرية الدينية في العالم بحملة، من أجل ما سُمي “إنقاذ مسيحيي العالم من الاضطهاد”، أطلقها المحامي “اليهودي” الأميركي الجنسية Michael Horowitz، الذي شغل منصباً رفيعاً في عهد الرئيس الأميركي رونالد ريغان، خلال مقالٍ في جريدة “وول ستريت” بتاريخ 5 تموز 1995 تحت عنوان: “التعصب الجديد بين الصليب والهلال”


أدّت جهود المروجين لمزاعم الاضطهاد الديني (المسيحي) إلى أن يوعز الرئيس الأميركي بيل كلينتون لوزير الخارجية وارن كريستوفر، بتشكيل لجنة أطلقَ عليها اسم “لجنة الشريط الأزرق” في تشرين الثاني 1996، ثم أعلن كلينتون في 16 تشرين الثاني 1997 ما سُمي “اليوم الوطني للحرية الدينية”، إذ قال: (ستضعُ الإدارة الأميركية قضية حق ممارسة الحرية الدينية كأحد المعايير التي تحكم علاقاتنا بالدول الأخرى).
أثمرت الحملة اليهودية، فَشَهدت هذه المرحلة عدة مشاريع قوانين كما يلي:


مشروع قانون تقدم به النائب الجمهوري فرانك وولف، وهو عضو في الكونغرس عن ولاية فرجينيا، والجمهوري آرلين سبكتور، وهو عضو في الكونغرس عن ولاية بنسلفانيا ورئيس لجنة الاستخبارات فيها، باسم “التحرر من الاضطهاد الديني” أو مشروع قانون “وولف – سبكتر”، الذي يحمل في مجلس النواب الرقم 2431.H.R.
 
مشروع قانون “دون نيكلز”، وهو مشروع موازٍ قُدِّم لمجلس الشيوخ في 26 آذار 1998 وهو قانون تم إقراره بعد التعديلات. سمي “قانون الحرية الدينية الدولية”، وتم إقراره في 9 تشرين الأول 1998.



أنشئَ مكتب الحرية الدينية الدولية الذي يرأسه سفير من دون سفارة، وأنيطت بالمكتب مسؤولية إصدار تقرير سنوي عن وضع الحرية الدينية والاضطهاد الديني في كل دول العالم سنوياً.  بينما تُحدِّد وزارة الخارجية الأميركية على أساس هذا التقرير ما تسمّيها “الدول التي تثير قلقاً خاصاً” بسبب انتهاكاتها “المنهجية والمستمرة والفاضحة” للحرية الدينية، والتي تتعرض لعقوبات أميركية، من ضمنها عقوبات اقتصادية.

تدّعي الولايات المتحدة أنّها تُدافع عن حرية الأديان؛ المسيحية والإسلام والهندوسية والبوذية والبهائية والصابئة والأيزيدية والكاكائية وكافة الطوائف والمعتقدات الدينية، ولكن هدفها من كل ذلك سياسيٌ بحت. 


الشعارُ الأميركي؛ مُحَاربَة الاضطهادِ الدِّيني، كَلِمَةُ حَقٍّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ


عندما غزت الولايات المتحدة الأميركية العراق في نيسان 2003، أصدرت مذكرة اعتقال بحق 55 شخصية سياسية وحكومية، وطبعت صورهم على بطاقات “ورق اللعب”. كان من بينهم 35 شيعياً، وهي الحقيقة التي لا تنسجم مع الخرافة الأميركية القائلة: إنَّ الحكومة العراقية السابقة كانت أداة سنّية لاضطهاد الأغلبية الشيعة.
 


كثيرون يُخدَعون بنوايا وادّعاءات واشنطن وينجرّون وراء “شرطي العالم” ودفاعه المستميت عن “الديموقراطية والإنسانية”، ومنها قانون الحرية الدينية”، في حين أنّ الحقيقة تقول؛ تستغلُ الولايات المتحدة في قانون الاضطهاد الديني، المشاكل بين أتباع الديانات، بما في ذلك بين المسلمين والمسيحيين لتحوّلها إلى خلاف كبير بين الإسلام والمسيحية يصل مرحلة الفتنة القاتلة، فيما ينطبق عليه قول الإمام علي: “كَلِمَةُ حَقٍّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ”.



واشنطن وخديعة الاضطهاد الديني. المهندس باسل قس نصر الله
. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. 16.08.2022.