أيّها السوريون؛ إرفعوا سعر دمائكم د. جميل م. شاهين 25.12.2013

أيّها السوريون؛ إرفعوا سعر دمائكم. الدكتور جميل م. شاهين. 25 كانون الأول 2013.

قلتها قبـل عـام تمامـاً: “أيّها السوريون؛ إرفعوا سعر دمائكم”.

بعــد عام؛ ارتفع الـدولار والريال والدينار وحتى الخِيار، وبقي سعر ليتـر الدّم الســوري مكانه، بل أصبحَ أرخص ثمناً!!

بيـعتْ أعضاءٌ بشـرية في الشـارتيه وبأسعار خياليـة، فإذ بأعضاء السـوريين تـُباعُ بأسـعار سـوق الحرامية في الميديكال بارك، وما أدراكَ ما الميديكال بارك؟!!

كـم ليتـر دم تريـد؟ دمُ ذكـر أم أنثـى؟ ليتـر الذكــر بليترين مـن دم الأنثى، وكلّهُ حسب الشرع! طبعـاً طـازج ويمكنـك أن “تشـختَ” صاحبه بيـدك، لكـن هـذا سيكلفك أكثر!! أتريـدُ قزحيــة خضـراء أم زرقاء؟ مارأيكَ بكِليـة ابـن الرابعـة عشـرة؟ خـذ كليتيـن وسـأخصم لكَ 30% بالمائة.

ما رأيــك أن تأخــذَ هــذه اليافعة بكبدهـا ورئتيها ونهديها بـ 500 جنيــه أو ريال أو درهم مـن دراهم الأشــقاء الأعزّاء؟

هـذا ليـس سيناريو أكتبـهُ لمسلسل يسـبحُ بالكوميديا السـوداء، ولا رواية أنهـي فصولهـا التراجيديـة بمــوت الأبطـال جميعهـم وبقـاء أبي نظيــر، فقـد جفّ قلمـي يا أبنـاء وطنـي… إنها سوقٌ عثمانيــة خليجية، تبيـعُ دمـاءَ السـوريين والعالـمُ الحـرّ يتاجــرُ ويتفــرج، وحثـالاتُ الأرض تجمعـتْ عندنـا كي تـزوده ببضاعتـه وفـُرجتـهِ وفرُوجــه…

افهموا اللعبة أيّها السوريون: نقطة دم جندي إسرائيلي تعني لمتذوقي الدماء، أكثر مما تعنيه دماء مائة ألف منكم… المتفائلون تخيّلوا جلسةً طارئةً لمجلس الأمن من أجل مجازر عـدرا، لم يكترث لهـم أحدٌ، بينما قفز المتحـدث بإسم البيت الأبيض ليُدين براميل حلب!

أخبارنـا تقـــول: 14 شــهيداً، نتيجة التفجير الارهابي في المنصورة في مصـر، وأخبار “الشـقيقة” مصـر تقـول: “مقتـل” 9 جنـود سـوريين! إذاً:

قتلاهم نحتسـبهم شهداء وشهداؤنا عندهـم قتلى، وعاشت الوحدة العربية.

افهمــوا اللعبــة أيهـا السـوريون: نحــنُ مجـردُ أرقـام في حواسـيبهم، وغازنـا ونفط متوسـطنا خـُـلِـق لتدفئـة أبدانهـم، وكِلـى أبنائنـا زُرعـتْ كـي تـنقـّي دماء الشـقراوات اللواتي يحمـلن السـيكار لعائلات فرانكفورت المُهاجرة…

افهمــوا اللعبــة أيّـهـا السـوريون: لا يَـفلّ الخطفَ إلا الخطـفُ، ولـن تلفـظَ زنوبيا سُـمّ خاتمهـا بركـوع أوليانوس أمـام جبروتهـا وهـي الأسـيرة. لو كان التسـامح مـع الـذين لم تتلـوث أيديهم بالكاتــش أب يأتي بنتيجـة، لكان الاتجاه المعاكـس أنجـبَ ابن أصـلٍ ولاسـتقام ذيــل الأجرب.

عــدوكم ليـس فقـط ابن إمارة المـوز أو هـزّاز حريم السـلطان، فليس كل مــن حمـل السّلاح سُـمي مسلحاً. كـلّ تجار الخط الأوسط أعـداؤكم وسـلاحهم أشدّ فتكاً، كـل راكبي “الفيميه” وأبناء نسائهم وعرصاتهم أعـداؤكم وسـلاحهم أشـدّ إيلاماً، كـلّ الأمراء الجـُدد أعداؤكم وسلاحهم أشدّ تشـريداً، فإن ذهبوا، والأصح، تخلصنـا منهـم، خلعَت القنافـذ جرابها ورفعـت قوائمهـا فزعـاً، وجاءتنـا راكعـةً مسـتجديةً قائلـة: “لـن نحفـر أنفاقـاً بعـد اليـوم.” عندهـا نطلـب منهـم العـودة لحضن الوطن الـدافئ، والمسـامح كـريم!

أعــداؤكم كثـرٌ وهـذا قــدركم يا أبنــاء ســوريا المُقدســة، فاهربوا منه إن اسـتطعتم. ليـس أمـامكم سوى القتـال، نظـّـفــوا أروقـة وزاراتكم مـن “الصِيبان” واحرقوا اللحـى، احـرسـوا حـدودكم بشـبان لاتعـرف التربيتَ علـى الكتف، تخلّصـوا مـن الشــيّـاب العفنيـن وورثتهـم، وابـدأوا مـن جـديد… ابدأوا من جديد قبل أن تغربَ الشمس فقد لا تُشرقُ ثانية…

أيّهــا الســوريون: إرفعــوا ســعر دمائـكــم، ولا تنتظـروا موسـكو ولا طهـران ولا جنيــف الثالثة ولا الرابعة ولا العاشرة، فلا فضلَ لأحـدٍ علينـا.

عينكــم فقــط علـى دمشــقَ الشــآم… دمشــقُ حاضـرةُ الخلـود وبوتقـة المجـد وســنديانة عرش الملكـوت، من هنــا ارتفعـتُ عُـمـدُ السـماء، ومن أبوابها عرجت الآلهة نحو الجنان، فلا خيـر يـأتيكم ســوى مــن جلـق، ولا نصـر إلا تحت راياتِ جيشها الســوري… مركز فيريل للدراسات. الكاتب: الدكتور جميل م. شاهين 25.12.2013