الصراع على صِدام الحضارات. الدكتور جميل م. شاهين 2016 آذار

26.03.2016. مركز فيريل للدراسات. عدد القراءات 985214 مدير المركز الدكتور جميل م. شاهين. “عندما تجري أحداثٌ ضدّ مجموعة ما؛ فهي مؤامرة، وعندما تجري ضدّ أعداء هذه المجموعة؛ فهذه هي الديموقراطية”!!.

ديموقراطية وحرية وعدالة ومساواة وحق المواطنة إلخ، تعابيرٌ زرعَها أصحابُ القرار في عقول مليارات، اصطُلحَ تسمية سلوكها Herd Behavior سلوكُ القطيع. أفكارٌ وهمية؛ بعضها بقيَ وهماً، والآخر تحوّلَ لحقائق! دون أن يبذلَ المروّجونَ أي جهد عسكري، فقط ترويج إعلامي. زرعوا تعابير كثيرة منها:


الحرب الصليبية، الإسلاموفوبيا، الحرية، الديموقراطية، العدالة الاجتماعية، حقوق الإنسان و الشعب يريد إسقاط النظام، والقطيعُ يُردد ببلاهة: “الشعب يريدُ إسقاط النظام“.

نسألُهم: لنفرض أسقطنا النّظام، ما هي خططكم لما بعد إسقاطه؟
 يُجيبُ القطيع: نُسقطُ النظام أولاً وبعدين منشوف!
أيّ جوابٍ أبله هذا؟!

القطيع نفسهُ يريد تطبيق الشريعة في بلاده، لكنه يفرّ كالجرذان للعيش في بلاد الكفّار! يريد الحرية لنساء العالم، والبرقعَ لزوجاته، يُباركُ القطيعُ تفجير مدرسَة ابتدائية في حمص، ويستنكرُ تفجيرات بروكسل!

اسمعوا ماذا قالَ مدير المخابرات المركزية الأميركية (تفجيراتٌ مُدبّرةٌ) هي الخطة التي بُثتْ عام 1993 على لسان James Woolsey، مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، قال:

“كما نجحنا في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وضدّ الاتحاد السوفيتي، علينا إقناع المسلمين حول العالم بأنهم عبيد، سنجعلهم متوترين، وسنجعل آل سعود ونظام حسني مبارك متوتراً، بعد أن ننجح في العراق، سنتفرغ لسوريا وليبيا ودول أخرى، ونقلب أنظمة الحكم فيها، هنا سيأتينا آل سعود شاكين، قائلين: نحن متوترون جداً جداً”.

نجيب: “هذا جيد جداً، هذا مانريدهُ، تأكدوا أنّ الولايات المتحدة وحلفاؤها قادمون للزحف وسوف ننتصر، وسوف يشعرُ المسلمون أننا بجانبهم ضدّ أنظمتهم الديكتاتورية

هل هناكَ كلامٌ أوضح من هذا؟

أليسَ العالم الإسلامي بحكامه وشعوبه من الرباط إلى جاكرتا، كُرةً يتقاذفها الكبار بين أقدامهم؟ المأساة أنّ القطيعَ مُقتنعٌ أنّهُ الأفضل بين العالمين!

العالم الإسلامي؛ كُرة يتقاذفها الكبار

الكُرة التي يتقاذفها الكبار بين أقدامهم كتب عنها صموئيل هَنتينغتون 1993، مقالة بعنوان “صراع الحضارات” في مجلة فورين آفيرز، ثم اتبعها بكتابه الشهير بنفس العنوان 1996، انتشرت أفكار الكتاب النظرية فنفذها القطيع وأصبحتْ حقيقة. لا شكّ أنَ صموئيل عالم سياسي عبقري، فهل استفاد أصحاب القرار من أفكار هَنتينغتون أم العكس؟ في الحالين، سُوّقتْ أفكارهُ للشعوب، فتحدّث منذ ذلك التاريخ عن:

الصراع بين عشر حضارات رئيسية في العالم.

تقسيمُ أوكرانيا بعد حربٍ دموية فيها.

ستكونُ تركيا متسولاً ذليلاً على أبوابِ أوروبا، لكنّها تقبضُ على خيوط العالم الإسلامي.

 

ركّز هنتغتون على الإسلام وقال بأنّ “حدود الدول الإسلامية الداخلية والخارجية، دموية“، ويقصد صراعات المسلمين مع أصحابِ الأديان الأخرى؛  السودان، الهند، الباكستان، الصين، أرمينيا، صربيا إلخ. والصراع سيكون بين العالم المسيحي بقيمه العلمانية من جهة، والعالم الإسلامي من جهة أخرى.

من جهـة أخرى، رأينا في مركز فيريل فشلَ بعضُ هذه الطروحات حالياً ونحنُ في العام 2016، في خلق صدام الحضارة اللاتينية أو الصينية أو الهندية أو الأفريقية فيما بينها أو مع الغربية، لكنها نجحت في بلورة الصراع بين الإسلاميين والغرب، على أنه صدام بين الحضارة الغربية والإسلامية، فهل سيكتفونَ بالفشل أم سيُعيدون الكرّةَ مراتٍ؟

لم يكن النجاح بسبب ذكاء الغربيين فقط، بل بسبب انسياق مئات الملايين من المسلمين وراء أحلام وأفكار وفتاوى خادعة، غرزها في عقولهم رجال الدين وزعماء الدول الإسلامية، الذين يعملون لخدمة الغرب، ليبدأ التصادم منذ دخول الجيش العراقي الكويت بخطّ تصاعدي، فتكون تفجيرات بروكسل آخر أحداثه التي لن تنتهي.

الانصياع الإسلامي للغرب

ممن قادوا هذا التوجه إسلامياً:

  • الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين 

  • جامع الأزهر 

  • تنظيم الأخوان المسلمين 

  • السعودية 

  • صدام حسين

  • الملك حسين 

  • الرئيسان التركيان توركت أوزال رجب طيب أيردوغان

  • إيران

  • قطر

لماذا إيران؟

لأنه ببساطة؛ أيّدَ ودعم زعماء إيران مسلمي البوسنة في حربهم ضدّ الصرب، وساروا مع تيار الإخوان المسلمين، وأمدوهم بالمال والعتاد والدعم السياسي، لكنّ الإيرانيين سيجنون شوكاً بل ستجني إيران أشواكاً، نتيجة دعمها لتنظيم الإخوان المسلمين أو على الأقل، صداقته حتى لو كانت لمصلحة ما. الأيام قادمة وسنرى مصيراً سيئاً لإيران.

الهدف؛ القضاء على الإسلام!!

زرعُ تلك الأفكار في رؤوس القطيع، جعلهم يعتبرون أيّة حركة من الغرب، هدفها القضاء على الإسلام والمسلمين! فالحرب على العراق هي حرب على الإسلام! وكذلك الحرب على سوريا والتي زادها التدخل الروسي، اعتبرها مئات الملايين حرباً على الإسلام! حتى الحرب على تنظيم القاعدة وأخيراً داعش، هي حربٌ على الإسلام!!. جميع هؤلاء الزعماء ضدّ داعش في العلن، لكنهم لا يتمنون القضاء عليها.

القضاء على الفكرة كان بالتلاعب بها على لسان جون كيري، عقب تفجيرات باريس:

“تفجيراتُ باريس؛ ليس جزءاً من صراع الحضارات، بل صراع بين الحضارة وأعدائها.”

أي تمّت صياغة فكرة أكثر خطورة وهي

الصراع بين الإسلام والحضارة الغربية

دون استخدام كلمة الحضارة قبل الإسلام، فالمسلمون متخلّفون وأعداء الحضارة.

المسلمون مُتخلّفون وأعداء الحضارة

المسلمون أعداء الحضارة؛ هذه الفكرة التي يُبنى عليها الآن في الغرب والشرق، ويُعززها الذين يُطلقون على أنفسهم “مجاهدون“، ومن ورائهم عشرات بل مئات الملايين من المؤيدين أو المتعاطفين معهم ومع أفكار داعش. الفكرة استقطبت معظم الشعوب، بما في ذلك الأوروبي والأميركي، وباتت الحركات والأحزاب اليمينية تكتسحُ الانتخابات، فحزب بيغيدا PEGIDA الذي يحمل شعاراً كان يُعتبر في الماضي نازياً:

يجب طرد المسلمين من أوروبا نظرًا لعددهم المتزايد، الذي قد يؤدي إلى أسلمة أوروبا مستقبلًا، وتحويلها إلى قارة بأكثرية إسلامية“.

هذا الحزب رُخّصَ لهُ، وتلقى تمويلهُ من رجال الأعمال الألمان، وابتدأ بعدد 350 عضواً في 20 تشرين الأول 2014، ليضمّ بعد سنة 25 ألفاً، حسب الإعلام الرسمي الذي يُقللُ دائماً من أهمية هذا الحزب. أما حزب AfD الألماني، فهنا بيت القصيد تذكروا هذا الاسم جيداً، رغم أننا نرى في بعضِ أفكارهِ في مركز فيريل للدراسات، إضاءاتٍ جيدة، وبالتحديد كي لا يقفزَ الجهلة ويستغلون تلك الكلمات، من أفكاره الجيدة نرى التالي:

“تُحلُّ أزمة اللاجئين، بوقف التدخلات الخارجية في شؤون الدول المستقلة مثل: ليبيا وسوريا والعراق. نحنُ ضدّ سياسات زعزعة الاستقرار، التي يمارسها حلف الناتو والولايات المتحدة؛ الأمر، الذي يؤدي إلى تدمير دول مستقلة، وخلق مشكلة جديدة للاجئين.”
من أفكار الحزب المقبولة:

“رفع العقوبات عن سوريا”

“منع تمويل تركيا والسعودية للمساجد في ألمانيا”

 

لكن الحزب يُعلنُها صراحةً:

“لا لأسلمة أوروبا. لا للحجاب. ألمانيا دولة مسيحية.” البعض يرى أنّ هذا حقهم، فإن طلبنا من الألمان بناء جامع في برلين، على السعودية أن تبني كنيسة في الرياض.

في الرياض؛ يرفضون بناء كنيسة حالياً، لكن خلال سنوات سنرى كنائس، لأنّ دونالد ترامب في الولايات المتحدة الأمريكية، وعدَ في حال فوزه؛ بإغلاق المساجد، ومنع كليّ لدخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، بعد أيام من إطلاق النار الدامي في كاليفورنيا، مستنداً لاستطلاع رأي أظهر أنّ المسلمين يكرهون الأمريكيين، وهو ما يشكل خطراً على أميركا، والردّ السعودي وفقَ التطورات القادمة سيكون بانفتاحٍ ولو بالإكراه، فالسعودية قادمة على تغييراتٍ كبيرة

أميركا واحدة من أصحاب القرار الذين يقودون الحملة، والقطيعُ ينساق، والانتحاريون الباحثون عن الحوريات أصبحوا في غرف نوم زعماء أوروبا، تماماً حسب المخطط، التفجيرات لن تنتهي والأبرياء سيموتون، والحرب باتت إعلامياً وفي الفكر الشعبي الغربي بين “الإسلام والحضارة“، بينما باقي وسائل الإعلام مشغولة ببرامج “ماتقولهُ لك النجوم.”. مركز فيريل للدراسات، مدير المركز الدكتور جميل م. شاهين. 25.03.2016. Firil Center For Studies: Berlin: Germany

 

نهاية الخديعة الألمانية. الحقائق العشر عن اللجوء في ألمانيا. الدكتور جميل م. شاهين