الكريستال، أخطر أنواع المخدرات في العالم Crystal Meths الدكتور جميل م. شاهين

عدد القراءات 870452 تاريخ النشر 03.03.2016

 Methamphetamine وبالعربية الميثامفيتامين واختصاراً  الميث، مادة كيميائية تستخدم كعقاقير دوائية منشطة للجهاز العصبي المركزي. سُميت كريستال لأنّ حبيباتها تُشبه بلورات الثلج أو الكريستال، ولها أسماء أخرى: كرانك، سبيد وايس.

انتشرت منذ أواخر الثمانينات في الولايات المتحدة، لكنهـا أصبحت اليوم أخطر مخدرات في العالم. تُعطى طبيّاً بجرعاتٍ خفيفة لزيادة النشاط العقلي والتركيز واليقظة.

يواجهُ العالم اليوم موجة من تفشي استخدام هذا المخدر وصلت لحد الجائحة في الكثير من الدول. وقد بثّ التلفزيون الألماني البارحة قناة آر تي برنامجاً خاصّاً، أظهر فيه أنّ الكريستال ينتشر بصورة مخيفة بين الشبان الألمان، وعرض صوراً بثتها قنوات أميركية عن مدمنين قبل وبعد استخدامه، على مدى السنوات الخمس السابقة، حيث يصل عدد المدمنين إلى مليون شخص في الولايات المتحدة.

خطورة الكريسـتال:

هـو واحد من أخطـر أنواع المخـدرات في العالم، فبالإضافـة لنتائجـه الصحية كباقي المخدرات، فهو:

ـ يحصـل الإدمان عليه من الجرعـة الأولى، بخلاف باقي المخدرات التي تحتاج لعدة جرعـات، ويُعتبـر إدمانـه بدرجـة عاليـة جداً أضعاف الهروئين والكوكائين.

ـ رخص ثمنـه، وإمكانيـة تصنيعه يدوياً دون الحاجة لشرائه من موزعي المخدرات، فكل ما يحتاجه الشخص هو ملح صخري، وحمض بطارية السيارة، و… و… وإنترنت. ويمكنهُ فعل ذلك داخل منزله خلال ساعات، دون الحاجة لزراعة الماريغوانا أو الخشخاش والانتظار شهوراً، وبدولارات قليلة يستطيع المدمن تأمين حاجته أياماً.

ـ فتـرة تأثيـره الطويلة تمتد من 12 ساعة إلى 3 أيام تبعاً للجرعة.

ـ الضرر الجسـدي والنفسي الكبير، وصعوبـة معالجة الإدمان.

طرق التعاطـي:

يكون الكريستال إما بلورياً على شكل شظايا الزجاج أو على شكل مسحوق أبيض أو أقراصاً، يتمّ تحليله ليصبح سائلاً. ويؤخذ عن عن طرق الاستنشاق على شكل بودرة بيضاء، الحقن بالوريد، التدخين باستنشاق الأبخرة الناتجة عن الإحتراق المباشر له، البلع، أو التحاميل شرجية أو مهبلية. وفي غضون دقائق يشعر المتعاطي بفورة نشاط وارتياح  حتى 72 ساعة.

نتائـج تعاطي الكريستال بجرعـاتٍ عاديـة:

يؤثـر الكريستال كمادة كيميائية على الدماغ، فيُعطي ولساعات طويلة المُدمن إحساساً بالتالي:

ـ طاقة جسدية كبيرة، فرط نشاط، شعور بالثقة بالنفس وبالفخر يصل لحدّ تعظيم الذات /هوس العظَمَة/، نشوى.

ـ العدوانيـة ورغبة جامحة بارتكـاب الأعمـال الإجراميـة، خاصّـة القتـل وبطرق غير طبيعيــة، التخريب وطاقة جنسية تدفع للاغتصـاب حتى ضمن الأسـرة.

ـ هيجـان وعدم الشعور بالنعاس، فيبقى المدمن صاحياً لمدة تصل إلى ثلاثة أيـام.

ـ يعاني المتعاطي من البارانويا Paranoia جنون الارتياب والاضطهاد، والأوهام والهلوسات واضطرابات في الرؤية والسمع، فيرى ويسمعُ أصواتاً غير موجودة، ويشعر أنه إنسان مُضطهَد من الجميـع، فيبدأ بمهاجمة المجتمع المحيط به وتخريب الممتلكات العامة والخاصة. ويصاب أيضاً بإحساس أنّ حشراتٍ تزحف تحت جلده، فيخدش نفسه مسبباً قروحاً والتهابات جلدية.

عندما ينتهـي مفعـول الجرعـة، تنقلب الأعراض، فيُصاب بالخمول والصداع والإكتئـاب والرغبـة بالانتحـار، ويبحثُ المُتعاطي عن جرعة ثانية تزيل هذه الحالة.

بعد عدة جرعـات، يفقد القدرة على التركيز وتصاب خلايا الذاكرة لديه فيعطي أعراض مرض ألزهايمر، اضطراب ضغط الدم وضربات القلب. ثم تظهر تقرّحات تشبه حب الشّباب على الجلد نتيجة الحك مع جفاف البشرة، وآلام شديدة في المعدة وتشنجات عامة وصداع مزمن، شـيخوخة مبكرة جداً. فقدان الشهية، شحوب، تعرق غزير، جفاف الفم، صرير الأسنان ثم فقــدان كامل الأسـنان، إسهال أو إمساك. مع الجرعات المزمنة قد يصاب المدمن بجلطة قلبية أو دماغية تؤدي للموت.

في ألمانيــا:

يعتبر الكريستال أكبر خطر يواجه السلطات الألمانية بين كافة المخدرات، وقد دُقّ ناقوس الخطر منذ صيف 2014، حيث انتشر تعاطيه في سلوفاكيا والتشيك وسويسرا وشمالي ولاية بايرن، ويشكل المدمنون عليه أكثر من 40% من مدمني المخدرات في ألمانيا، وتأتي الشحنات من شرقي أوروبا غالباً، حيث يُعتبر المخدر رقم واحد بدون منازع، وتكاد تكون جرعته أرخص من زجاجة الكحول. وقد اتهم بعض الشبان الذين قاموا بالتحرش الجنسي ليلة رأس السنة 2016، بتعاطيهم للكريستال.

اسـتخدام الكريسـتال سـياسـياً وعسـكرياً:

هـو أحد أخطر أوجه استخدام الكريستال، فبعد اكتشافهِ من قبل العالم الياباني ناغاي ناغايوشي عام 1893 وحصوله على براءة الاختراع وانتاجه من قبل شركات الأدوية بمسمى دواء “البطـل” هيرو عام 1921، انتقل الانتاج إلى ألمانيا، وبالنظر لخطورتـه مُنِع شراؤه إلا بوصفـة طبية ابتداءً من عـام 1941، لكنّ الأمريكيين اتهموا النازيين باستخدامه لتحسين أداء جنودهم في الحروب، بل اتهموا هتلـر نفسهُ بأنه مدمن عليه!




أثبِتَ لاحقـاً أن الجيش الأميركي استخدمهُ مع جنوده في حرب فييتنام، بوضع جرعات في الشراب المُقدّم للجنود قبل بدء المعارك، ثم جاءت حرب الخليج لتعود لنبش قصّـة الكريستال واستخدامه من قبل الجنود الأمريكيين، ونُسِبَت الأعراض المرضية لمتلازمة حرب الخليج، وطويت القضية.

يتم استخدام الكريستال، كحبوب مصّ “بومبون” سكرية، أو بحلّـه بالماء وتقديمـه للجماهير “الثائرة” بعد إضافة مواد غازية أو مُنكّهة أو إضافة عناصر طيّارة، ثم يُرش بهـا المتظاهرون لقلب نظام الحكم بحجة تخفيف حرارة الصيف مثلاً.

Similar photo

هل لاحظتم كيف جرى رش المتظاهرين في دول “الربيع العربي” برذاذ المياه، بحجة تخفيف حرارة الجو، فهل كانت فقط مياه؟!! كمثال: رش المتظاهرين في حماة 22.07.2011، رش المتظاهرين في اعتصام رابعة 02.08.2013. 

يتم استنشاقه بكميات بسيطة تُسبّبُ زيادة الشعور بالاضطهاد، فرط الهيجان، زيادة النشاط والقيام بأعمال عدوانية وتخريب كل ما يقع تحت أيديهم. استخدمت هذه الطريقة في تظاهرات رومانيا أواخر 1989، وأوكرانيا والبرازيـل و… الدول العربية.

Crystal bonbon

في سـوريا

 بدأ تعاطي الكريستال منذ عام 2005 بصورة محدودة، ازدادت بشكل كبير بعد عـام 2011، ولا توجد إحصائيات رسمية بهذا الخصوص مع نقص في برامج التوعيـة إعلامياً، ويبدو أنّ برامج الطبـخ والأبـراج أهــم! وقد أخبرني أحد الزمـلاء الأطبـاء بوجود حالات معالجة الإدمان في عدة مشافٍ في سوريا. من جهـة أخرى، ظهرت علامـات تعاطي الكريستال النفسية والجسدية على عدد من المسلحين بما في ذلك إرهابيي داعش، وكمعظم أنواع المخدرات، يستطيعُ المدمن القيام بأعمال إجرامية كقطع الرؤوس وأكل لحوم البشر وأكبادهم، فالإنسان الطبيعي لا يمكنـه فعل ذلك. كما وجدت علامات القروح والالتهابات الجلدية على بعض جثث الإرهابيين، مما يدل على أنهم أدمنوا تعاطي الكريستال لفترة طويلة.

ينتشر الكريسـتال في الدول العربية، خاصة دول الخليـج، وتعتبر الإمـارات المتحدة المستهلك الأول تليها السـعودية. الدكتور جميل م. شاهين. مركز فيريل للدراسات، برلين 03.03.2016