الحياةُ المعيشية للمواطن السوري. الجزء الثاني

الحياةُ المعيشية للمواطن السوري. الجزء الثاني 11.07.2023 دراسة من مركز فيريل للدراسات

بحثنا في دراستِنا عن الوضعِ المعيشي للمواطن السوري بجزئها الأول، ما يلزم لتأمين الطعام والشراب، ووجدنا أنّ مدخول الفرد يجب أن يتضاعف عدة مرات للحصول على الحد المتوسط من الطعام فقط، ماذا عن باقي الاحتياجات؟

نتطرّقُ اليوم إلى حاجيات الكساء الأساسية، وهي أحدُ جوانبِ الحياة التي لا يُمكنُ الاستغناءُ عنها.

نُذكّركم أنّ هدفَنا ليسَ شرحُ الحالة العامة وتسجيلُ الأرقام والنتائجِ فقط، بل إيجاد الحلول، ومنع التعتيم الممنهج وتناسي حال المواطن ومعيشته، وتركهِ، مع سبق الإصرار والترصد، يلهثُ وراء لقمة عيشهِ كي ينسى ما يجري من حوله، وهذا حال معظم الحكومات “الرشيدة” حول العالم.

الحياةُ المعيشية للمواطن السوري. الجزء الثاني 11.07.2023 دراسة من مركز فيريل للدراسات

كي تحكمَ بدون مُنغّصات؛ إجعل المواطن يجري وراء لقمة عيشه

قلنا في الجزء الأول أنّ حلويات العيد أُلغيت من برامج معظم الأسر السورية، في هذا الجزء نُضيفُ لهذا الإلغاء ألبسةَ للعيد، والسبب طبعاً هو غلاء الأسعار المترافقُ مع رداءةِ الأقمشة.

لا يعلمُ المسؤولون “الأفاضلُ” والتجار “الأكارم” أنّ ثمنَ دزينة الجوارب غير القطنية، يُساوي راتب موظف مع كامل العلاوات والزيادات، فمن أين سيأتي بثمن بنطالٍ وقميصٍ وحزام يشد فيه معدتَهُ الخاوية مرتدياً حذاءً بلاستيكياً؟ نعم حذاءً بلاستيكيّاً لأنه حتى الجلد الصناعي بات رفاهية، لكن الأمور بخير… هكذا يقولون على شاشاتهم الفضية.

ماذا؟ سترةٌ شتوية وطاقية صوفية تقيهِ بردَ الشتاء؟ هذه باتت من الكماليات.

هنا يأتينا السؤال: مازال الحديثُ عن زيادة مرتقبة في الرواتب، لكن كم ضعفاً يجب أن تكون تلك الزيادة المزعومة لتأمين ملابس أسرة من أربعة أفراد؟ الأصح كم عشرة أضعاف وكم مليوناً يجب أن يكون راتب الموظف كي يعيش، فقط يعيش.

قبل سنواتٍ؛ كان المواطنُ يتوجّهُ نحو أسواق “البالة” الأوروبية، الأبسة المستعملة المستوردة، اليوم يا حضرات المسؤولين “الشرفاء”، لم يعد بمقدورِ هذا المواطن  أن يشتري حتّى “جرابات” من البالة، والذريعة هي الأخضر اللعين، الدولار إلههم الذي يعبدون.

ما الحلّ السريع إذاً؟

بما أنّ التاجر شريك المسؤول فمن الطبيعي أن يقوم بحمايتهِ لأنه يحمي أمواله، رغم هذا الفساد الأسوأ في العالم ووراءنا دولة واحدة أسوأ، هل من حلول بعيدة عن “لعبة” حماية التجار والصناعيين بكلّ ما هو “مدعوم” من دولار ومحروقات ودعم إنتاجهم تصديراً واستيراداً؟

ببساطة؛ لماذا لا يتمُّ دعمُ المستهلكِ بدلاً منَ التاجر ؟ المستهلكُ أي المواطن، لم ولن يودعَ أمواله في مصارف بيروت، ولا يدعمُ الإرهابيينَ ويتسلّقُ على حساب الشهداء ودماء السوريين، باختصار؛

المواطن لا يعتبرُ الوطنَ فندقاً

فلنكنْ عمليّين بعيداً عن الأحلام الوردية ونعملُ على إرضاء المسؤول والتاجر وأخيراً المواطن؛

 ندعمُ المُستهلكَ والمُنتِجَ بنفس الوقت. ندعمُ الإنتاجَ المحلي بتوفير المواد الأولية للمعامل فندعمُ بالتالي اليدَ العاملة.

أعيدوا فتحَ وتشغيلِ المصانع والمعامل العامة، لأنّ إنتاجها سيضبطُ أسعارَ السوق ويكبحُ جشع التجار ويمنعُ احتكارهم. هناك مَنْ سيقفز ويقول أنّ إنتاج المعامل العامة سيئٌ، وهل إنتاجُ القطاع الخاص أفضل حالياً؟ شاهدوا الفيديو وجودة البضاعة المعروضة بعشرات ومئات الألوف. هذه إنتاج القطاع الخاصّ، يمكن للدولة إنتاجها وبيعها بنصف الثمن.

ادعموا أصحابَ الشركاتِ والمشاريعَ الصغيرة والمتوسطة وأصحاب المهنِ، الذينَ تمتْ محاربتهم أيامَ الانفتاح التدميري على منتجاتِ “الشقيقة” تركيا.

ختاماً وبعد جولتنا الواسعة بين محلاتِ الألبسة، وجدنا ونحنُ نتناولُ “الشوكولا مو”… أننا اقتربنا من ثلاثةِ ملايين ليرةٍ سوريةٍ شهرياً مُخصّصة للطعام والشراب واللباس. حتى اللحظة ثلاثةُ ملايين ليرة سورية تكفي عائلة سورية من أربعة أفراد شهرياً للطعام والشراب واللباس، ودليلنا شاهدتموه في الجزء الأول والثاني.

نتوقفُ هنا على أن نُكملَ معكم مسيرةَ الملايين. هذهِ تحياتُ فريق مركز فيريل للدراسات من دمشق 11 تموز 2023.