أفراد عائلة أردوغان يقفزون من السفينة الغارقة. الدكتور جميل م. شاهين. مجموعة العشرين بدون تركيا 2022.

24.10.2021 أفراد عائلة أردوغان يقفزون من السفينة الغارقة. الدكتور جميل م. شاهين. مجموعة العشرين بدون تركيا 2022. Firil Center For Studies: FCFS Berlin

لاشك أنّ الاقتصاد التركي في أسوأ وضع له منذ استلام رجب طيب أردوغان الحكم في تركيا. صحيحٌ أنّ أردوغان قد أنعشَ اقتصاد بلاده وحسّن من ترتيبها عالمياً في بداية حكمه، لكن سياسته الاقتصادية التي اعتمدت على الاستيراد وتوظيف رؤوس المال الأجنبية وجلب المستثمرين من كافة الدول، كانت أولى نجاحاتهِ ثم عثراتهِ بآن واحد حين أصبح الاقتصاد التركي مرهوناً بتلك الرؤوس وتقلبات السياسة، تبعتها تدخلاته في عشرات الدول وميله إلى موسكو وشراء صفقة صواريخ إس 400. لكن يبقى الأسوأ؛ تشكيل مافيا سياسية واقتصادية دينية حاكمة تضمّ الأقرباء والأصدقاء التابعين، كغيره من معظم حُكّام العالم الثالث، والنتيجة؟

هل كبّر أردوغان “فشختهُ”؟

يمكنني القول “فخّ وقع فيه الرئيس التركي، فأوقع تركيا معه”. رُغم أنّ الأمور حتى لحظة كتابة هذا البحث في مركز فيريل للدراسات، يمكن السيطرة عليها إقتصادياً على الأقل، لكن إلى متى؟

اليوم، قرر أردوغان طرد 10 سفراء دول عظمى من بلادهِ هم سفراء الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وكندا والدنمارك وهولندا ونيوزيلندا والنرويج والسويد وفنلندا، السبب أنّ هذه الدول دعت في بيان مشترك الإثنين الماضي 11 تشرين الأول 2021 إلى الإفراج عن المعارض التركي “عثمان كافالا” 64 عاماً، المُتهم بزعزعة استقرار تركيا ودعم تظاهرات 2013 في “حركة جيزي” ضد رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان ثم التآمر لقلب نظام الحكم في تموز 2016، حيث سيمثل أمام المحكمة في 26 تشرين الثاني القادم ويواجع عقوبة السجن المؤبد.

من جانب آخر؛ أحلام إعادة الحياة للخلافة العثمانية كانت وراء تخبّط زعماء حزب العدالة والتنمية، دون أن أستثني المعارضة التي تُطربُ لسماع تدخّل زاحتلال الجيش التركي لهنا وهناك، لكنها تُعارضُ شكلياً بحجة التمويل الكبير. بطريقة تقليدية عمرها آلاف السنين، استغل الدين الإسلامي والدافع الديني وخدعَ عشرات الملايين من البسطاء، الذين رأوا ومازالوا في أردوغان “خليفة المسلمين” المنتظر… ويستمرُ الخداع.

تدخّل أردوغان في سوريا واحتل مساحاتٍ كبيرة دافعاً بعشرات الآلاف من الجنود والعتاد. تدخّل في لبنان وشمال العراق. حشر أنفهُ في غزة وجزيرة القرم والشيشان. في جمهوريات آسيا الوسطى وصولاً إلى غربي الصين عندما استجلبَ آلاف الإرهابيين من الأيغور ليقاتلوا في إدلب وحلب واللاذقية. تدخل في ليبيا. في تونس. وصل السودان. حارب أرمينيا داعماً أذربيجان، وحالياً يتدخلُ في أثيوبيا ضد مصر وفي أفغانستان…

كلّ هذا تحت عيون روسيا والولايات المتحدة والصين، فهل كانت أية دولة منها عاجزة عن إيقافهِ وشدّ اللجام؟ أم تركوا الحبلَ له ليلعبَ ضد الدولة الأخرى؟ وعندما تنتهي فترة صلاحيته سيكون انقلاب جديد في تموز 2022 أو قبلهُ، شبيه بانقلاب تموز 2016 لكنه هذه المرة ناجح وسيودي ليس بأردوغان فقط!

هل فعلاً حقق أردوغان معجزةً اقتصادية؟
لمحة تاريخية

التالي لمحة سريعة عن الاقتصاد التركي منذ 76 عاماً. النهضة الاقتصادية الحقيقية لتركيا ابتدأت عام 1945 مع نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث قامت الحكومات المتتالية بالاعتماد على الصناعات المحلية وتقييد الشركات الأجنبية. فسجل النمو الاقتصادي في الخمسينات 6,7%!! وهو رقم مرتفع. عامل آخر هام ساهم بنهضة الاقتصاد التركي، هو هجرة عدة ملايين من الأتراك وعملهم في الخارج وتحويلهم المليارات من العملات الصعبة إلى وطنهم، خاصة هنا في ألمانيا.

الانقلابات العسكرية عرقلت النمو الاقتصادي إلى حد ما حتى عام 1982، يومها فتحت تركيا بابها للاستثمارات الأجنبية.

كان عام 2001 سيئاً فانهارت الليرة التركية وارتفعت نسبة التضخم إلى 150%، وكذلك عام 2008 نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية

مع توارد الأخبار عن احتمال قبول تركيا في الاتحاد الأوروبي واعتماد الليرة التركية الجديدة 2005، انخفضت نسبة التضخم وتدفقت رؤوس الأموال الأجنبية، واقتربت نسبة النمو الاقتصادي من قيمتها في فترة الخمسينات.

بعد عام 2010، باتت تركيا دولة ذات اقتصاد ناشئ وديناميكي وتحتل المرتبة 17 عالمياً، لكنه بقيَ اقتصاداً مرتبطاً إلى حدّ كبير بالوضع السياسي والاقتصادي العالمي وأية عقوبات خارجية تهوي بالليرة التركية وهو ما حدث في صيف 2018، فبدأ يُعاني من تباطؤ في النمو. نسبة الفقر في تركيا ارتفعت؛ لتصلَ إلى 28,8% من السكان يُعانون من الفقر الشديد، و14% يعانون من الفقر. (تقرير معهد الإحصاء التركي لعام 2018، 20 أيلول 2018). كما تراجعت قيمة الليرة التركية منذ استلام أردوغان الحكم 320%. شاهدوا الصورة.

معدل النمو الاقتصادي في تركيا حالياً لا يتجاوز 3% وقد وصل في نهاية 2018 إلى 2,6%، وهو أقل من نصف ما كان عليه في الخمسينات. أما تقرير مكتب الإحصاء التركي بتاريخ الأربعاء 01 أيلول 2021 الذي جاء فيه: (احتلت تركيا المرتبة الثانية بعد بريطانيا بين بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأكثر نموا خلال الربع الثاني من العام 2021. نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 21.7% على أساس سنوي خلال الربع الماضي، متعافيا بقوة من تباطؤ حاد قبل عام بسبب قيود كوفيد-19.) هذا التقرير “الإعلامي” ظهر جلياً الآن وبعد شهرين على صدورهِ، أنّهُ ضربٌ من الخيال…

بدأت معاناة الاقتصاد التركي الحقيقية عام 2018 أي قبل وباء كورونا. السبب الرئيسي كان حجم الدَّين العام نتيجة الاقتراض من البنوك الأجنبية وانخفاض سعر الليرة (TRY) وارتفاع التضخم. هنا بدأ التخلف عن سداد القروض بسبب العجز المتنامي، كما زاد استبداد وديكتاتورية الحزب الحاكم، حزب العدالة والتنمية ومشاريع أردوغان الخارجية والداخلية من هذه المعاناة، مع فضائح المافيا الحاكمة خاصّة أبناء وأقارب أردوغان. #فيريل_للدراسات.

لنأخذ بيانات الحكومة التركية وليس أعداءها؛ الخزانة التركية بتاريخ 17 آب 2020: (سجلت تركيا عجزاً في ميزانيتها بلغ 29.7 مليار ليرة ما يُعادل 4 مليار دولار في شهر تموز 2020 فقط. العجز الأولي بعد حذف الفوائد المتراكمة على القروض الخارجية هو 21.2 مليار ليرة. بلغَ عجز الموازنة لعام 2020، 139.1 مليار ليرة تركية.).

بعد كلّ ما ورد؛ يمكن القول أنّ أردوغان لم يُحقق أية معجزة اقتصادية، بل أوقع تركيا في “حَيص بَيص”؟

أخطاء أردوغان وعائلتهِ وحزبه كانت تراكمية

لم تكن هناك حرب داخلية أو خارجية في تركيا، ولا عقوبات اقتصادية خانقة، والحكومة التركية لم يُعيّنها البيت الأبيض، لهذا مَنْ يُقارن اقتصادها باقتصاد العراق أو سوريا أو تونس… المقارنة مردودة عليه.

تتبعنا الاقتصاد التركي، ورأينا حالة الفقر المتصاعدة في مناطق واسعة من تركيا. وفي آخر زيارة لمركز فيريل للدراسات إلى تركيا، شاهدنا فقراء استنبول وسمعنا شكوى ارتفاع الأسعار والأخطر؛ النقمة المتصاعدة على النظام الحاكم… دعونا نتحدث بالأرقام:
خفّضَ البنك المركزي التركي الخميس 21.10.2021 سعر الفائدة 2% في محاولة لتحجيم التضخم، فتراجعت الليرة التركية ليُسجل الدولار الآن 9,61 ليرة، واليورو 11,17 ليرة، وهو أخفض سعر لها على الإطلاق.
لتسجّل قبل قليل 11,18 ويزداد التدهور…

رجب طيب أردوغان وفي محاولة لوقف التدهور، استبدل ثلاثة محافظين للبنك المركزي خلال عامين ونصف، و أقال أيضاً قبل أسبوع نائبي رئيس البنك المركزي سميح تومين وأوجور ناميك كوجوك، وكذلك عبد الله يافاس داس العضو الأكثر خبرة في لجنة السياسة النقدية. لأنهم عارضوا سياسة خفض سعر الفائدة ونصحوا أردوغان بعدم التدخل. تدخّلَ مصغياً لنصيحة صهره براءة آالبيرق فكانت النتيجة انهياراً جديداً في سعر صرف الليرة التركية.

آب 2020: أعلنت تركيا عن اكتشاف “حقل غاز” في البحر الأسود، أردوغان هلّل لهذا الاكتشاف العظيم… إعلانٌ دعائي “فاشل” لم تتأتَّ منه أية فائدة اقتصادية، فسعر الليرة التركية لم يتأثر بهذا الإعلان. صحيفة زمان التركية ذكرت: (الغاز المكتشف غير مجد اقتصادياً، نتيجة ارتفاع تكلفة الإنتاج، مقابل تراجع الأسعار عالمياً متأثرة بزيادة الإنتاج الأمريكي من الغاز). تتابع الصحيفة:(الحقل المكتشف يحتوي على 320 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وهي كمية لايمكن تصديرها لأوروبا.). الحقل المكتشف يبعد أكثر من 170 كم عن الشاطئ وعلى عمق يتجاوز 2000 متر، قرب المياه التابعة لرومانيا، وعملية استخراج الغاز مُكلفة أكثر من أي حقل غاز آخر. بجميع الأحوال وعلى فرض أنّ تركيا اكتشفت كمياتٍ أكبر، فهذا لن يكون نعمة لها إن فكرت بالتصدير ولو مُجرّد تفكير. هل ستتفرّجُ عليها روسيا والولايات المتحدة وحتى قطر وإيران، وهي تنافسها في الأسواق الأوروبية والآسيوية؟ #فيريل_للدراسات.

ملاحظة: سب الهيئة الجيولوجية الأمريكية لعام 2008، أي قبل الاكتشافات الحديثة، قدرت احتياطيات سوريا من الغاز الطبيعي في البحر المتوسط فقط بـ700 مليار متر مكعب. تقديرات مركز فيريل للدراسات حاليا أضعاف الرقم الأميركي.

عائلة أردوغان تقفز من السفينة الغارقة

دعا رجب طيب أردوغان الأتراك عدة مرات للتبرع للخروج من الأزمة الاقتصادية، فجاء ردّ المعارضة التركية: (لا حاجة لهكذا حملات يا سيد أردوغان؛ يكفي أن تتبرّعَ السيدة أمينة بحقيبتها الفرنسية الثمينة، وابنك بلال بإحدى سفنه وصهرك آلبيرق بساعته الذهبية).

فساد صهر أردوغان آلبيرق وزير المالية

بيرات البيرق  Berat Albayrak، من مواليد 1 كانون الثاني 1978، 43 عاماً، بعمر 21 عاماً فقط، وكان في نيويورك، أصبح عضواً ثم مديراً مالياً لشركة تشاليك القابضة لمالكها أحمد نتشاليك الوزير التركمنستاني السابق والملياردير الحالي. بعد عودته من الولايات المتحدة؛ أصبحَ عضواً في البرلمان التركي في 7 حزيران 2015. بعدها وزيراً للطاقة والموارد الطبيعية في حكومة أحمد داوود أوغلو تشرين الثاني 2015. فوزيراً للمالية منذ تموز 2018 حتى استقالته “المفاجئة” 9 تشرين الثاني 2020. بالإضافة لذلك؛ كان مديراً لمجموعة “شركة جاليك القابضة”، ثم تركها لشقيقهِ يافوز البيرق. اشترى “صحيفة الصباح” التركية بمبلغ 1.5 مليار دولار، واشترى القناة التلفزيونية الإخبارية “خبر”.

 تورّط البيرق فى قضايا فساد دولية، ففي محاكمة جرت في إيران لرجال أعمال تورطوا في ملفات فساد تتعلّقُ بالبترول وتجارته، ورد اسم بيرات البيرق مع تاجر ذهب ورجل أعمال تركي إيراني يدعى “رضا ضراب”، 37 عاماً، ومسؤولين أتراك آخرين عددهم 9 بينهم ظافر شاغليان، وزير الاقتصاد التركي آنذاك. اتهمتم الشركة الوطنية الإيرانية للنفط بالاستيلاء على أموال النفط الإيراني المُصدّر رغم العقوبات على طهران. كان هذا في تموز 2017، ونصّ الاتهام: (الاتهام الموجّه للمدعو رضا ضراب والمدعو بيرات البيرق هو الاستيلاء على أموال النفط الإيراني التي لم تدخل الخزينة الإيرانية، بل أُنفِقت على شراء مصنع للألمونيوم باسم سيدة، وشراء شركة نقل مالكها الحالي هو بيرات البيرق). النتيجة كانت في كانون الأول 2017: مصادرة ممتلكات تاجر الذهب التركي الإيراني، رضا ضراب بقرار من النيابة العامة التركية، بسبب إدلائه بشهادته في محاكمة بالولايات المتحدة جرت في نيويورك، ضد رجل الأعمال المصرفي التركي “محمد هاكان عطا الله” المتهم بانتهاك العقوبات الأمريكية على إيران.

اتهَمَ ضراب، خلال شهادته في محكمة نيويورك، الرئيسَ التركي رجب طيب أردوغان، بالتورط في أنشطة وصفقات لصالح إيران تنتهك العقوبات الأمريكية. القضية زادت التوتر في العلاقات بين أنقرة وواشنطن. الردّ التركي جاء سريعاً؛ حيثُ أصدر النائب العام في تركيا مذكرة اعتقال بحق الباحث السياسي الأميركي وأستاذ التاريخ في جامعة سيمون فريزر في فانكوفر، والضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، Graham Fuller. التهمة الجاهزة هي: (مخالفة النظام الدستوري ومحاولة إسقاط الحكومة التركية والكشف عن معلومات سرية بغرض التجسس العسكري أو السياسي والارتباط برجل الدين التركي، فتح الله غولن.) فولر سخِرَ مما ورد في مذكرة الاعتقال وبأنه تسلل بطائرة هيلكوبتر عبر الحدود مع اليونان، قائلاً: الحمد لله أنني لم أكن في تركيا يومها.

رضا ضراب رجل أعمال وتاجر ذهب تركي إيراني. نيويورك

قبل ذلك؛ اعتقلت المخابرات التركية القس الأمريكي أندرو برونسون بعد الإنقلاب الفاشل عام2016، فتوترت العلاقات مع واشنطن أكثر. التهمة أيضاً جاهزة: (التجسس ومساعدة المنظمات الإرهابية عن طريق الارتباط بفتح الله غول). بتاريخ 26 تموز 2018 هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تركيا: (سأوقّعُ على عقوبات كبيرة ضد تركيا ما لم تطلق فوراً سراح القس الأمريكي أندرو برونسون الذي يخضع للإقامة الجبرية في منزله في تركيا حالياً). في اليوم التالي تمت الصفقة وأطلق سراحهُ والمقابل… إغلاق ملف الفساد ومحاكمة عائلة أردوغان بتهمة تهريب النفط الإيراني…

الصفقة الأميركية التركية: إطلاق سراح القس الأميركي أندرو برونسون مقابل إغلاق ملف الفساد ومحاكمة عائلة أردوغان بتهمة تهريب النفط الإيراني

لوأد القضية، قامت السلطات التركية باعتقال الصحفيين الذين فضحوا فساد البيرق، فاعتقلت الصحفي “تونجا أوكرتان” لنشرهِ تسريبات المراسلات الإلكترونية لبيراق، والتهمة حسب الصحفي: (الانتماء لتنظيم إرهابي).

البيراق باتَ ينوب عن أردوغان وأصبحَ أكثر من صهر ومستشار، حسب Financial Times البريطانية أيّار 2016: (البيراق وشقيقهُ سيرحات وراء تقديم داود أوغلو، رئيس الحكومة التركية السابق، لاستقالتهِ وتنحيه عن رئاسة حزب العدالة والتنمية 22 أيار. بتوجيه من أردوغان لأن خروج أوغلو سيفسح الطريق أمامهُ لتعزيز سلطته).

صحيفة The Independent البريطانية كانون الأول 2016: (لدينا دلائل قوية تؤكد علاقة برات البيراق بشركة تركية متهمة بشراء النفط من تنظيم بالدولة الإسلامية الذي كان يسيطر على عدد كبير من آبار النفط في سوريا والعراق خلال عامي 2015 و2016 وهو ما نفته الحكومة التركية. نائب وزير الدفاع الروسي، Anatoli Iwanowitsch Antonow، كانون الأول 2016: (نجل أردوغان بلال وصهره برات، يتاجران بالنفط الذي تبيعه “الدولة الإسلامية” إلى وسطاء ينتهي في آخر المطاف في تركيا.) وصمتت روسيا ومعها العالم على سلوك عائلة أردوغان!

عيّنَ أردوغان، صهرهُ بيرات آلبيرق، زوج إسراء، وزيراً للمالية في تموز 2018 كما ذكرنا قبل قليل، لكنه استقال بشكل مفاجئ بعد يوم واحد من إقالة محافظ البنك المركزي بتاريخ 9 تشرين الثاني 2020 . لماذا استقال بيرات؟

لماذا استقال بيرات البيراق وأين هو الآن؟

وسائل إعلام تركية نسبت سبب الاستقالة لمعارضته تعيين ناجي أغبال، محافظاً للبنك المركزي. أغبال هذا على خلاف مع البيراق ويعارض بشدة سياسته الاقتصادية عندما كان وزيراً للمالية.

بيرات البيرق.. «زوج إسراء أنقذ أردوغان من حبل الإعدام»
بيرات مع زوجته

لا نرى أنّ سبب الاستقالة هو تعيين أغبال… تتبعنا في مركز فيريل للدراسات سيرة البيراق وطريقة تفكيره مع بعض المعلومات من جهات تركية هنا في برلين، فوجدنا أنّ:

علاقة البيراق مع تل أبيب وطيدة، وهو الوسيط بين تركيا وإسرائيل. بالتواريخ والأحداث المختصرة:

بتاريخ 31 أيار 2010، حصلت حادثة “سفينة مرمرة” قبالة شواطئ غزة، وتعرفون ما بُني عليها إعلامياً. ساءت العلاقات بين أنقرة وتل أبيب. حتى عام 2016.

كانون الأول 2015، اجتماع سرّي تركي إسرائيلي لتحسين العلاقات، يترأسه من الجانب التركي بيرات البيراق. صحيفة لوس أنجلوس تايمز. بتاريخ 8 حزيران 2016، وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز: (إسرائيل لا يمكنها تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا قبل إعادة تحسين علاقتها مع تركيا.). بتاريخ 27 حزيران 2016، تركيا وإسرائيل توقعان اتفاقاً لإعادة العلاقات بينهما.

اقرأ أيضاً

الأهم: بتاريخ 15 تموز 2016 كان رجب طيب أردوغان مع عائلتهِ في منتجع مدينة مارميرس على المتوسط. اتصل بالبيراق شخص ما… حسب ما قاله أردوغان في لقاء على قناة الجزيرة القطرية بتاريخ 20 تموز 2016 عند الدقيقة الرابعة: (صهري هو أول مَن أخبرني عن الإنقلاب ثم رئيس المخابرات ثم غادرنا جميعاً المنتجع إلى دالامان على متن مروحية). بعد مغادرتهم بدقائق، قصفت مروحية هجومية المنتجع حيث كان يقيم أردوغان. المخابرات العسكرية الروسية اعترضت اتصالات بين ضباط في الجيش التركي يتحدثون عن انقلاب على أردوغان، وأبلغت نظيرتها التركية قبيل حدوثه، وهو ما يُعتبرُ إنقاذاً له، حيث ورد في الاتصال “اعتقال أو قتل أردوغان في منتجع Marmaris”. السؤال: مَن اتصل بالبيراق، موسكو أم تل أبيب، وهل يُعقل أن يعرف وزير الطاقة بالانقلاب قبل رئيس المخابرات التركية؟!

هل يُعقل أن يعرف وزير الطاقة بالانقلاب قبل رئيس المخابرات التركية؟! روسيا ليست على علاقة خاصة به. فقط تل أبيب… أين هو الآن؟

ملاحظة: التبادل التجاري بين إسرائيل وتركيا لم يتأثر بقصّة سوء العلاقات، ففي عام 2010 كان حجم هذا التبادل 2.4 مليار دولار، عام 2014 ورغم “الادعاء” بسوء العلاقات قفز إلى 4.5 مليار دولار ثم 5.6 مليار عام 2015م.

يطول الحديث عن عائلة أردوغان سواء أبناءهُ. زوجته. أصهرته. أقرباؤهُ… كلّ لديه قضية وربما قضايا فساد دولية. ولا نريد إطالة هذا البحث أكثر. ربما سنفردُ له بحثاً مستقلاً إن استمر أردوغان في الحكم فترة أطول… بلال مُتهم بتسويق النفط من تنظيم داعش وقضايا فساد واختلاس وتبييض أموال في تركيا وإيطاليا منذ عام 2013، تجاوزت مليار دولار. “سلجوق بيرقدار” صهر أردوغان رقم 2 زوج سمية، اتُهم ببيعِ طرابلس وباكو طائرات بيرقدار لشركته التي يملكها من طراز TB2، بصفقات مشبوهة ، مما أدى لوقف كندا وبريطانيا والولايات المتحدة توريد قطع هذه الطائرات، مما يؤكد أنها ليست صناعة تركية بل “تجميع طائرة”…

بشكل عام؛ ما يحدثُ في تركيا حالياً هو لصالح سوريا. لاحظوا أنّ القيادة السورية ترفض وساطات طهران وموسكو لإعادة العلاقات مع أنقرة… لماذا؟

تركيا إلى أين؟


بعد هذا الاستعراض الواسع. معذرةً. سأحاول تلخيص ما نراه قادماً على تركيا خلال شهور وربما أقصر، هذا إن بقيت ساسية أردوغان على حالها دون تغيير. في حال عاد للحضن الأميركي وتراجع عن أطماعه التوسعية، ستنتهي مشاكله فجأة… وإلا…

حسب Institute of International Finance (IIF) فإنّ رؤوس الأموال الأجنبية ومنذ أيلول 2021 بدأت بالنضوب، حيث سحبت عدة شركات مليارات الدولارات، وتوقفت عدة مشاريع، ومحاولات اسعاف الاقتصاد التركي سواء داخلياً أو خارجياً قد لا تنجح.

انهيار متتابع لليرة التركية ومعها الاقتصاد التركي، ونتوقع في مركز فيريل للدراسات أنّ تركيا باتت قاب قوسين أو أدنى من الخروج من قائمة الدول العشرين الأغنى في العالم، فإذا استمر تدهور الليرة التركية وزيادة التضخم، قد نرى تركيا في المرتبة 21 أو 22 عالمياً، بانتظار تصنيف البنك الدولي في كانون الثاني القادم 2022، حيث انخفضت الليرة 22% عن قيمتها خلال تصنيف السنة الماضية. #فيريل_للدراسات.

أمام أردوغان ثلاثة حلول؛ الأول: افتعال حرب خارجية كبيرة لحرف الأنظار عن أزمة الداخل، أو حرباً داخلية للبقاء على الكرسي، وهذا حلّ انتحاري. الثاني: العودة إلى الحضن الأميركي خانعاً منكسراً، وهذا يعني الغدر بروسيا وعشرات المليارات من المشاريع الاقتصادية، وهذا أيضاً حلّ انتحاري. الثالث: الاستمرار بنهجه السياسي والاقتصادي والعسكري، وبالتالي استنزافٌ متزايد للخزينة المتهالكة، وهذا أيضاً انتحار. اللعب مع الكبار خطير، فموسكو وواشنطن قادرتان على تدبير إنقلاب عسكري جديد يطيح بأردوغان وحزبه… وقد نراهُ قريباً…
على أردوغان الانسحاب من المشهد السياسي اليوم وليس غداً، والقفز من السفينة قبل أن يرى حبل المشنقة يلتفُّ أو يلفّهُ بنفسه حول عنقه وصورة البحث الرئيسية توضّحُ القصد. الدكتور جميل م. شاهين. مركز فيريل للدراسات. 24.10.2021 Firil Center For Studies