إفريقيا ساحة حرب الذهب القادمة. فادي عيد وهيب. القاهرة.

إفريقيا ساحة حرب الذهب القادمة. فادي عيد وهيب. محلل سياسي متخصّص في شئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. 26.07.2022.

Mehr als 320.000 Tonnen ist die erste Schätzung der reinen Goldproduktion in der neuen Mine in Uganda Firil Center For Studies. Berlin. 2022

تصاعدت الأزمة بين روسيا الاتحادية وأوروبا بسب إمدادات الغاز، فراحت الدول الغربية تبحث عن بدائل للبدائل، إن وجدت، من غاز وبترول وحبوب وذهب ويورانيوم. هنا تحرّكَ الاتحاد الاوروبي نحو مصر من أجل الحصول على غاز شرق المتوسط الواقع في المياه الاقتصادية المصرية، هذا من جانب، من جانب آخر عاد لتلطيف الأجواء مع الجزائر بعد تدهور العلاقات الذي حدث مؤخراً بين الجزائر وإسبانيا جراء اعتراف الأخيرة بمغربية الصحراء.

تحرّكٌ محموم نحو إفريقيا

كان التحرك في إفريقيا هادئاً يجري دون تغطية إعلامية كبيرة. اليوم وفجأةً؛ باتت إفريقيا وشعوبها “معشوقة” الدول الكبرى!

زيارات ولقاءات بين مسؤولين غربيين وأفارقة جرت بدءاً من شمال إفريقيا حتى جنوبها، قامت بها إسبانيا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة، من أهدافها؛ طرد التنين الصيني. اليوم لم تعد بكين مصدر الخطر الوحيد بعد التحرّك الروسي في مالي ثم زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الحالية، والتي بدأها بمصر ثم وصول الأحد إلى الكونغو لينتهي في أوغندا وإثيوبيا. وأوغندا لها قصة طويلة سنقرأها بعد قليل.

سارعَ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبدأ جولة إفريقية في ثلاثة دول هي الكاميرون التي وصلها اليوم وبنين وغينيا بيساو. قال أنها تُركّزُ على أربعة محاور رئيسية، ذكر منها الأليزيه ثلاثة فقط! هي مكافحة الإرهاب ورأب الصدع والأمن الغذائي، فما هو المحور الرابع؟

الصراع يشتدُ في إفريقيا الغنية

إفرقيا القارة الأغنى بثرواتها والأفقر بناتجها المحلي، والسبب الأول هو السطو الخارجي على خيراتها. لهذا كانت أرض صراع عسكري دموي بين القوى الكبرى في العالم. الصين تحركت بهدوء منذ سنوات ورصدت عشرات المليارات من الدولارات للاستثمار في ميادين شتى. فمنذ القمة الصينية الأفريقية التي جرت في جوهانسبورغ عام 2015،خصّصَ الرئيس الصيني شي جينبينغ 60 مليار دولار من المساعدات والقروض للدول الإفريقية، كما قامت بكين بإعفاء عدة دول من ديونها، والتوقعات تشير إلى أنّ أرباح تلك الاستثمارات ستصل إلى 440 مليار دولار قبل عام 2025.

الغرب تحرّك لكن يبدو بعد فوات الأوان؛ فرصد 600 مليار دولار لإقناع الزعماء الأفارقة بالتخلي عن التعامل مع الصين. زعماء مجموعة السبع؛ الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وألمانيا وفرنسا واليابان، أعلنوا عن رصد هذا المبلغ في قمتهم الأخيرة في ألمانيا، والغايات “نبيلة” طبعاً، وهي لتمويل البنية التحتية وتحسين مستوى حياة الشعوب في الدول النامية! بينما الحقيقة هي حرب ضد الصين ومشروع الحزام والطريق الصيني.

الذهب الإفريقي

لا نعني بالذهب هنا المعدن الثمين حصراً، لكن لو عنيناه، لن يفوتنا إعلان حكومة أوغندا اكتشاف مكامن من الذهب الخام. وكالة الأنباء الألمانية هنا في برلين نقلت الخبر واللقاء مع سولومون مويتا في كامبالا بتاريخ 13 حزيران 2022، الذي قال: (تم اكتشاف رواسب من الذهب الخام التقدير المبدئي هو 31 مليون طن، يمكن استخراج 320 ألف طن من الذهب الصافي منها). قيمة الذهب التقديرية تقارب 15 ترليون دولار! هنا كانت الصين أول الواصلين فوقعت عقداً في مدينة بوسيا شرقي أوغندا، لاستخراج 5 طن من الذهب يومياً. زيارة لافروف لأوغندا لا نعتقد في مركز فيريل للدراسات أنها بعيدة عن هذا المجال، فروسيا ثاني منتج للذهب بعد الصين بواقع 346 طن سنوياً حسب سوق الذهب العالمية لعام 2021، و بعد حظرالمجتمعين في G7 استيراد ذهب روسيا، ستسعى لتكون الأولى عالمياً في هذا المجال وتسيطر على سوق هذا المعدن النفيس.

أوغندا تابعت العملية بمسح جوي وجيولوجي ضخم مع تحاليل جيوفيزيائية وجيوكيميائية، وهو ما تسعى له حكومة الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني لتعزيز الاستثمار في التعدين لتطوير موارد مثل النحاس وخام الحديد والكوبالت والفوسفات.

معلومة سريعة؛ الدولة الوحيدة التي كانت تستورد الذهب من أوغندا هي الإمارات، قبل أن تهبّ الصين وروسيا نحو كامبالا.

أخيراً يبقى السؤال

لو تحقق مجلس الذهب العالمي، والأصح لو تأكدت المخابرات الغربية من اكتشافات أوغندا الهائلة من الذهب، ماذا سيحدث؟ وماهي  الأخبار والتقارير التي سنشاهدها عن وضع الحريات وحقوق الإنسان في تلك الدولة؟ ماذا عن حقوق “المثليين” هناك؟ وهذا باب وساع سنفتحهُ قريباً في مركز فيريل للدراسات.

جميعنا يعرف السر فيما تتعرض له الدول التي يوجد بباطن أرضها ثروات ومصادر للطاقة، منذ منتصف القرن الماضي من مؤامرات واحتلال مباشر أو غير مباشر. كان البترول السر الخفي في أغلب الحروب التي دارت وتدور  في المنطقة. الآن؛ أصبح الغاز  هو المحرك الأول في الحرب الروسية الغربية لا الحرب الروسية الأوكرانية كما تبدو للعين المجردة، وفي الحرب في سوريا. اليورانيوم والذهب كانا سر عدوان طيران الناتو على ليبيا في 2011، وسر عناد فرنسا في عدم الخروج من مالي، برغم كل ما تفعله مالي للتحرر من قبضة الاستعمار الاقتصادي الفرنسي، وكذلك هو سر وجود الفاغنر الروسي في غرب إفريقيا. كما قلنا دائماً: (الحرب مازالت في بداياتها). إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. الدكتور جميل م. شاهين. 26.07.2022.