تحرير دير الزور سيفتح الطريق حتى المالكية

ما كان فك الحصار عن دير الزور وليد الساعة الأخيرة، بل هو حصيلة عمل عسكري وسياسي طويل بعمر محاصرتها. فبعد تحرير حلب انقلبت الموازين وأسقط مشروع التقسيم حينها، وخرجت تركيا إلى حد كبير من الملف السوري، ليبدأ ضرب مشروع الأكراد الانفصاليين، ومنع مخطط تحويل حلب لعاصمة للجماعات التكفيرية الإخونجية. نصر حلب غيّر كل شيء وقلب الطاولة بمخططاتها فوق رؤوس المتآمرين. لقد اختصر الرئيس الأسد التوصيفَ بقوله: (ما قبل حلب ليس كما بعدها) وفعلا هذا ما حصل.

تحول اهتمام القيادة السورية لإسقاط مشروع الولايات المتحدة في البادية، بدءاً من الجنوب في درعا والسويداء مروراً بالتنف، وصولا إلى البوكمال. المخطط خطير بُدء بإجهاضه مباشرة بعد حلب، فحرر ريفها الشرقي، وكذلك ريف حمص والسويداء شرقاً،  وجنوب الرقة وشرق دمشق الصحراوي وعمق البادية، وصولا للحدود العراقية، وتم اتباع تكتيك عسكري أفضى ميدانيا لتحقيق منطقتي حصار خانق لداعش، شرق حماة وحمص.

الطريق لفك حصار دير الزور جاء بعد سلسلة انتصارات، من حرب البادية ومفتاحها تحرير تدمر والآبار والجبال الصحراوية وصولا لتحرير السخنة الاستراتيجية، وتلاقي القوات من شرق حلب لريف الرقة وصولا لطيبة وحصار عملاء أميركا بالتنف، وقطع خطوط الإمداد من الأردن. كل هذا ساعد بفك حصار دير الزور بعمل مضنٍ متقن محنك، وشجاعة واقدام ونشاط منقطع النظير من قبل قواتنا المسلحة والفصائل الحليفة والرديفة والصديقة.

ماذا يعني فك حصار دير الزور؟

  • حشرُ دواعش سوريا في منطقة جغرافية سهلية ذات تضاريس صحراوية، بحيث سيتم الإجهاز عليهم بأريحية عسكرية ميدانية توفرها الجغرافية وانحسار ميادين المواجهة.
  • وقف تسرب دواعش العراق بعد جمعهم عن قصد غرب الرافدين، بغية زجهم في القتال من قبل واشنطن، لجعل وجودها ضرورياً للتدخل العسكري، لكنّ عمليات البادية وصولا لدير الزور كانت ضربة دمرت هذا المشروع.
  • استعادة أهم الحقول الغازية والنفطية في البادية، والتي ستسهم بتعافٍ سريع للاقتصاد السوري، هذه الحقول تتم عملية تأمينها لمنع خسارتها ثانية.
  • تأمين الطريق الاستراتيجي لخطوط الطاقة القادمة من العراق وإيران إلى المتوسط، والتي عملت واشنطن على قطعه من خلال داعش وجعل دير الزور مركزاً قوياً يقف عائقاً أمامه.
  • فتح قريب لطريق دمشق الحسكة، وهذا يعني تسويق خزائن الجزيرة من الثروات الباطنية والزراعية داخلياً وخارجياً، والذي سيؤدي لدوران عجلة الإنتاج بتوفر مزيد من المواد الخام للصناعة الغذائية والنسيجية والنفطية. كذلك الحال مع فتح الحدود مع العراق سيكسر جزءاً من الحصار الاقتصادي، ويفتح الطريق شرقاً دون عوائق.
  • فك حصار دير الزور سيؤدي لانضمام عشرات الآلاف من أبناء هذه المحافظة لصفوف القوات الرديفة للجيش السوري، سواء كانوا مقيمين داخلها أم خارجها.
  • أخيراً: تحرير دير الزور يعني قطع (القدم الأميركية) ومنع واشنطن من تأسيس قاعدة عسكرية لها، ولا نستبعدُ أن نرى قاعدة روسية في البادية، وهذا بحثٌ آخر…

بعد دير الزور، الباب مفتوح لكافة الاحتمالات والاتجاهات، وتأسيس قوة جديدة تتجه شمالاً أمر غير مستبعد، لكن الاهتمام الآن ينصبّ على تحرير المحافظة كاملة وتطهيرها من كل إرهابي. قوات العشائر تتجهز بشكل متتالٍ، وسيبدأ الانقضاض على الدواعش من كل نقطة عسكرية، حسب توقعات الخبراء العسكريين؛ قد يستغرق الأمر شهوراً، لكننا نرى في مركز فيريل أن الانهيار الشامل لإرهابيي داعش سيكون سريعاً، خاصة مع فرار وإجلاء واشنطن لقادتها، ليجد الإرهابيون الصغار أنفسهم وحيدين، خاصة أبناء المنطقة الذين باعوا أنفسهم ليواجهوا الموت أو الاستسلام.

ميليشيات قسد الانفصالية متضررة من البدء بعملية تحرير دير الزور، بقدر تضرر داعش، لهذا ستبدأ هذه الميليشيات وبتوجيهات من سيدها بواشنطن، وبعملية استباقية مفضوحة، بالتحرك نحو ريف دير الزور الشرقي، كي يظهر أنها وراء النصر، أي كعادتها ستحاول قطف نصر الجيش السوري، وهي العاجزة وبعد شهور عن تحرير كيلو متر مربع في مدينة الرقة!!. والمقصود حجز مكان لها بين الجيوش وهي التي لا يصحُ أن نُسميها حتى ميليشيات… فتح دير الزور يعني فتح الطريق حتى المالكية، والأيام قادمة… مركز فيريل للدراسات. زيد م. هاشم. 09.09.2017