تركيا الضعيفة تريد العودة لحضن الناتو عبر حرب في إدلب. الدكتور جميل م. شاهين.

وسط تهليل ودعاية إعلامية نشرت أنقرة شريط فيديو لشخص تقول أن اسمه “يوسف نازيك” من مواليد أنطاكيا بلواء اسكندرون المحتل، وهو العقل المخطط والمنفذ لتفجيري الريحانية بلواء اسكندرون في 11 أيار 2013 حسب زعمها، والذي لاقى فيهما 53 شخصا مصرعهم آنذاك.

جهاز المخابرات التركي ألقى القبض في عملية نوعية بمدينة اللاذقية على “نازيك”، وقام بسحبه إلى أنقرة عبر “طرق آمنة”!. هكذا قالوا.

الأهم هو أن المخابرات السورية هي التي أعطت التعليمات بهذين التفجيرين.

لماذا في هذا التوقيت؟

 بمتابعة بسيطة لشريط الفيديو وتوقيت نشر هذا الخبر نرى في مركز فيريل التالي:

• توجيه أصابع الاتهام للمخابرات السورية “العسكرية” بهذين التفجيرين، وأيضا لـ “علي كيالي” قائد المقاومة السورية في لواء اسكندرون المحتل، الذي كان له دور حسب ما قاله نازيك في العملية.

 لاحظوا أن التوقيت جاء أيضا مع انتشار فيديو للوزير وليد المعلم وهو يشير للواء اسكندرون ويقول: “هذه أرضنا وسنعود إليها”.

• تركيا تريد اختلاق مشكلة ولو من السماء كي توقف زحف الجيش السوري ومعه الحليف الروسي باتجاه إدلب، وسوف تبني على هذه القصة التي لا تختلف عن تمثيليات الكيماوي، قصصاً أكبر. قد تصل إلى الرد… كيف سترد؟

لا نستبعد أي احتمال للرد التركي، بما في ذلك “تفجيرات” في المدن السورية…

• بتحليل لشخصية “يوسف نازيك” طبعا وبدون أدنى شك، ما قاله في الفيديو كلام ملقن حفظه بصعوبة، وهو شخص ضعيف لا يمكن لنا في مركز فيريل أن نصدق أنه يستطيع القيام بترأس مجموعة وصل عددها إلى 33 شخصا! والتخطيط لعمل تفجيري كبير، وإدخال سيارتين مليئتين بالمتفجرات… عبر عشرات الحواجز ومنها باب الهوى!! الشخص الذي ظهر في الفيديو لا يمكنه القيام بأي عمل عسكري بسيط.

• تركيا هددت سوريا مستخدمة “يوسف نازيك” الذي قال أمام كاميرا المخابرات التركية: (أخاطب أيضا الدولة السورية، وأقول إن الدولة التركية عظيمة ولا شك أنها ستحاسبكم على ما اقترفتموه.). ولزيادة إظهار قدرة هذه المخابرات قالت أنقرة أن عملية إلقاء القبض عليه وسط اللاذقية، جرت دون أي دعم لوجستي أو معلوماتي من أي جهاز مخابرات أجنبي، وقام جهاز المخابرات التركي بمفرده بجميع عمليات الكشف والمتابعة والرصد والنقل.

يوسف نازيك تم استخدامه ليقول جملة واحدة فقط.

تفجير الريحانية عمل مخابراتي تركي

بتاريخ 23 شباط 2018 حكمت المحكمة التركية، في قضية التفجيرين، بالمؤبد مع الأشغال الشاقة على 9 من أصل 33 شخصا، وكذلك على 13 شخصا آخرين بالسجن بين 10 15 عاماً. بينما بقي 8 آخرون مطلوبين من بينهم يوسف نازيك. بتتبعنا لحيثيات الموضوع وجدنا في مركز فيريل، أنه ضمن القضية إدعاء من المحكمة بأن المخابرات التركية حذرت قبل وقوع التفجير، وأرسلت معلومات مفصلة عن العملية الإرهابية قبل وقوعها للمدعي العام في الريحانية “أوزجان شيشمان”. أوزجان هذا لم يقم بأي إجراء بل أخفى المعلومات حسب ملف القضية. لاحقاً اتهم بأنه متواطئ مع تنظيم “غولن” المعارض لأردوغان. لهذا حكم عليه وعلى مدير أمن لواء اسكندرون رجيب كيليتش ورئيس وحدة مكافحة الإرهاب نفزات أشيت ومعاونه أيوب كاراشوبان ومدير أمن الريحانية مراد برك، بالسجن 3 سنوات !! وكلهم، وبقدرة قادر، من جماعة غولن!!

طالما أن المخابرات التركية على هذه المقدرة الهوليودية، ألم تكتشف أن الواردة أسماؤهم لم يتخذوا إجراءات وقائية، فيقوم هاكان فيدان نفسه بإيقاف العملية؟!! المسؤول الأول عن تفجير الريحانية هي المخابرات التركية وحدها.

هل قررت تركيا أن تعود لحضن الناتو وإلى العام 2015

إذا افترضنا من باب حسن النية أن ما قامت به الولايات المتحدة من عقوبات وضغط ضد تركيا صحيح وليس تمثيلية، فقد أدرك أردوغان أنه أصغر من أن يقف بوجه واشنطن ومعها أوروبا، فبدأ يبحث عن طريقة للعودة إلى حضن الناتو.

أما إذا كنا نتحدث سياسة، فأردوغان ومعه تركيا في أضعف حال… إن خلع ثوب الصداقة المزيفة مع روسيا وعاد لثوب الأفعى، قد لا يقبلهُ الغرب. وإن قبلهُ الغرب، سيفرض عليه شروطاً تُزيدُ من ركوعه وإذلاله، وسيخسرُ روسيا اقتصادياً وعسكرياً. أما إن بقي مع روسيا، فعليه أن يقبل انكسار حلمه العثماني التوسعي، وانكشاف فشل سياسته في سوريا، وعداء واشنطن.

باختصار: أردوغان لا يدري على أيّ خازوق سيستقر!

روسيا وإيران لن تعترفا بوجود تباين واسع بخصوص إدلب، ولن تتحدثا عن حقيقة الخلاف الكبير مع تركيا العثمانية. لكن أحد أسباب تأجيل تحرير إدلب هو أنقرة، وبالتحديد؛ خطر حدوث اشتباك سوري وربما روسي من جهة وتركي من جهة ثانية.




أردوغان الضعيف قد يُغامر فهو بحاجة لتحويل الأنظار عن الداخل التركي، وسيقدم بهذه الحالة للغرب ورقة حسن نية وأنه يمكن أن يتصدى حتى لروسيا، هو لا يتصرف بشكل مستقل، بل عليه أخذ الضوء الأخضر من الناتو كونه عضو فيه.

بالمقابل؛ الوقوف بوجه روسيا عسكرياً مهما تطورت الأمور، يعني نهاية تركيا، وإن بقيت محدودة سيلاقي عاقبة ليست أقل سوءا من وقوفه ضد واشنطن، في الحالتين سيكون خاسراً…

فهل يختار أردوغان الخسارة الأقل وهي “عودة الطفل التائب” ويعتبرها ربحاً؟

جعجعة تركية فارغة

موسكو تراقب بانزعاج صامت، تدفق آلاف من جنود الجيش التركي إلى الحدود السورية… الأسوأ وحسب مركز فيريل هو دخول قوات “البوردو” التركية “ماكنات الموت”، فرع العمليات العسكرية الخاصة، ونقدر عددهم بين 400 و 500 جندي وضابط، ليصلوا حتى عفرين ونقاط أخرى في إدلب.

خلال اليومين الماضيين، دخلت عبر باب الهوى قافلة عسكرية تركية كبيرة تحمل دبابات وراجمات صواريخ ومدفعية ثقيلة وعتاد وذخيرة، ونقدّر في مركز فيريل وجود أكثر من 2500 جندي تركي في ريف حلب الغربي وإدلب، هؤلاء ليسوا للمراقبة، بل رهائن لإحراج روسيا عند القصف واتهامها بقتلهم إن حدث.

كما ذكرنا، أردوغان يريد الاستيلاء على إدلب وغربي حلب، هو مشروع يماثل ما حصل في لواء اسكندرون. راجعوا البحث.

المؤكد لنا في مركز فيريل ومن كواليس برلين تحديداً، أنّ الناتو يريد جرّ تركيا لدخول حرب ضد سوريا على الأقل.

دمشق وموسكو ومعهما طهران تدرك أن تركيا تبقى دائما “كلب صيد” الناتو، وستحاول جر المنطقة لما هو أسوأ، لكنها لا تمتلك القوة أو الشجاعة كي تُحارب بنفسها، بل قامت بتسليح إرهابييها بمئات الشاحنات العسكرية.

نرى في مركز فيريل للدراسات أنّ تأخير معركة إدلب الخطيرة فترة قصيرة، سيسمح بزيادة استعدادات الإرهابيين بما في ذلك الجيش التركي… أما إلغاء المعركة … فيعني الترحم على إدلب وغربي حلب … القرار دقيق وخطير لكن … لابد من الجراحة الاستئصالية. الدكتور جميل م. شاهين. مركز فيريل للدراسات. 09/13/2018

مقالات ذات صلة

تركيا ستشارك بأية ضربة ضد سوريا. تمثيلية الكيماوي حقيقية! مركز فيريل للدراسات