تهديدات مافيات إعلام المسؤولين السوريين!! حصاد 2017 الإعلامي

تهديدات مافيات إعلام المسؤولين السوريين!! حصاد 2017 الإعلامي

مازالت الكلمة الصادقة والخبر الصحيح يُرهبانِ أصحاب الكراسي اللاصقة، ولم يزل الصحفي الحرّ ممنوعاً من كتابة أيّ تقرير يُسبب أذىً لأصحاب الشأن الغارقين في أخطائهم المقصودة أو غير المقصودة، كيف يكتبُ وخطؤهم مغفور وفسادهم مشكور وصوتهم مسحور!!.

أن تخطئ وأنت صغير الشأن يختلف كثيراً عن الخطأ و أنت مسؤول كبير، وكما يُقال: “الغلطة بكفرة”، وكي لا يقع “التكفير” لا سمح الله، حصّنَ هذا المسؤول نفسه بالعديد من السواتر المعدنية وبنى جداراً حديدياً يصدّ كلّ كلمة حقّ تشوه مظهره العام، والحجة الأخيرة المستخدمة هي (إضعاف هيبة الدولة)، تلك الهيبة التي أمسى أي انتقاد يضعفها!!

أول السبل في تحصين الصورة لدى الرأي العام هي الإعلام الذي يمدح، ولا يسمح بأية كلمة تجرح، حتى ولو كانت مقنعة و صادقة.

قسمٌ كبير ممن يظنون أنفسهم صحفيين، باتت مهمتهم “الرخيصة” هي تحسين صورة المسؤولين ورجال الأعمال وأثرياء الحروب

مافيات المكاتب الصحفية غير الصحفية

ظهرت مؤخراً ما تسمى المكاتب الصحفية في مختلف الوزارات والدوائر الرسمية و الحكومية، كان الهدف الأول منها مساعدة الصحفي في الحصول على المعلومة، بحيث أنه، ومنذ وصوله إلى أية دائرة حكومية، يدخل إلى المكتب الصحفي الخاص بها فيقوم المكتب بتوجيهه وإرشاده إلى الموظف المناسب المُكلّف بإعطائهِ تلك المعلومة.

لجأنا في مركز فيريل لهذه المكاتب مراتٍ، لكن للأسف الشديد وجدناها تحولت إلى مكاتب أمنية تابعة للمسؤول، هدفها الرئيسي التستر عليه، وفي أغلب الأحيان لا يكون الأمر متعلقا بالصحفي المشرف على تلك المكاتب، بل بالمسؤول الذي يتبع له المكتب الصحفي.

دخلنا المكاتب الصحفية، تقدمنا بطلب ورقي عبر الفاكس، الرد جاءنا ورقياً أيضاً بإجابة لا علاقة لها بسؤالنا، فمثلا: سألنا عن إمكانية تخفيض أسعار المواد الاستهلاكية ذات مرة؟ فكان الرد: “نعم، من الممكن أن تنخفض الأسعار”! شكراً لهذا التوضيح الخطير.

أكثر ما يدعو للسخرية أنه بعد فترة من محاولة المسؤول التهرب من الصحفي، يعقد اجتماعاً ليقول فيه: “أهم شيء هو حرية الإعلام، ومساعدة الإعلامي في الوصول إلى الحقيقة”… أية حقيقة سيصل لها هذا الإعلامي وهو ممنوع من النطق بالحق، وممنوع من رؤية المسؤول بحجة تواجد مكاتب صحفية؟ وبحجة انشغال هذا المسؤول؟

الصحفي الذي لا يقبل الرشوة، عليه تحمّل النتائج

1ـ مرحلة الترغيب: عندما يكتب صحفي مقالة تتحدث عن حقائق بخصوص قضية ما، يُستدعى، وببساطة؛ يُعرض عليه مبلغٌ من المال للتستر عما رأى وعرف وخبِر، وهنا مرحلة “الترغيب”، وفي كثير من الأحيان يُطلب منه كتابة ما هو مناقضٌ لما كتبهُ سابقاً. الصحفي هنا أمام خيارين؛ إما أن يبقى على موقفه ويرفض الرشوة، أو أن يوافق ويبيع شرفه المهني، ويتحول إلى مرتشٍ وبــوق…

2ـ مرحلة الترهيب: لم ينتهِ الأمر هنا، انتظروا… هل تمر الأمور على خير مع الصحفي الذي يرفضُ بيع شرفه المهني ويصرّ على النشر؟ بالتأكيد لا، هنا تأتي مرحلة “الترهيب”، فيسمع من شركاء ومرافقي المسؤول الفاسد تهديداتٍ تبدأ بالتلميح لتصل للتصريح العلني، ثم محاولة طردهِ من العمل، واستخدام نفوذ هذا المسؤول مع الجهات الأمنية والقضائية لتصل أخيراً إلى الاتهام الجاهز (النيل من هيبة الدولة)… سؤالنا هنا:

(هل يمثلُ المسؤول الفاسد هيبة الدولة السورية؟)

قرارات إعلامية إدارية متخبطة

هذا مثال فقط: صدر قرار عُزل فيه مدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون من منصبه، ليتم بعدها إعادته إلى منصبه بعد ساعة!!! لماذا عُزل؟ لا أحد يعرف. لماذا أعيد إلى منصبهِ؟ لا أحد يعرف.

المضحك في الأمر أنه عندما تم إعفاء المدير من منصبه، كان يحضر اجتماعاً للجنة الموازنة في مجلس الشعب، وعندما سمع بقرار إعفائه غادر الاجتماع فوراً… قبل أن يصل لسيارته، سحب جهاز الموبايل واتصل، مرة ومرتين وثلاث… انتظر قليلاً وهو مكفهر الوجه… بعد قليل رنّ هاتفه: (تمت إعادتك لمنصبك)…

تفاءلَ الإعلاميون باستلام مدير جديد للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، فما هو التطور والتغيير الذي حصل منذ ذلك اليوم؟ لا شيء… لن نظلمَ الرجل، ونعلم مدى محدودية قدرته والهامش المسوح له بالتحرّك به، لهذا لن نضعهُ في فوهة المدفع، بل سنصعد للأعلى؛ الإمكانات المادية والفنية الموجودة في الإذاعة والتلفزيون إمكانيات كبيرة والتمويل على الأقل معقول، ولكن “التغيير” مخيف والتقليد أسهل والباقي مهمل، أمّا التطوير الفكري الذي يجب أن يسبق التطور التقني والمادي، فالقرار باتخاذهِ لم يحملهُ عام 2017، فهل سيحمل لنا عام 2018 تغيير آلية التعامل مع الرأي العام.

للأسف؛ لم يرقَ الإعلام لمستوى تغطية الحرب على أرضه وضد جيشه، ولم يستطع مواكبة الأحداث كما يجب، وترك الساحة لوسائل إعلام قيل عنها “حليفة”.

في حصاد مركز فيريل للدراسات لعام 2017 حول الإعلام السوري بشكل عام، وجدنا أنهُ لا يختلفُ عن الأعوام السابقة إلا بكثرة الثرثرة عن “أهمية الكلمة الحرة”، عسى أن يكون في عام 2018 هناك شيء اسمهُ… إعلام…

حدث وأن تعرّض مركز فيريل للدراسات في خفايا مكاتب المسؤولين الفاسدين لـ “ترهيبات” متنوعة… ربما نكشف شيئاً منها في الأيام القادمة… مركز فيريل للدراسات 29.12.2017

جنّدَ المسؤولون الفاسدون جيشاً من مراهقي وسائل التواصل الاجتماعي، مهمته التصدي لكل محاولة بفضح فسادهِ.