صدام عسكري روسي أميركي في شمال سوريا، والانفصاليون الأكراد هم الخراف

في بداية الأحداث ومع تشكّل ميلشيات حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، كانت هذه الميلشيات مؤيدة للجيش السوري، وتُحارب معهُ ضد الجماعات التكفيرية… بعد أن دخلت القوات الأميركية مناطق الشمال السوري، انقلبوا فجأة، وأصبحوا مؤيدين لواشنطن التي بنت لهم قواعد عسكرية وأمدتهم بالسلاح، وأحيت لهم أحلامهم “الخيالية”، الأصح؛ أصبحوا عبيداً على أبواب ترامب يقومون بحماية المحتل الأميركي!! إدارة التحرير  في مركز فيريل للدراسات. زيد م. هاشم.

الأمر ذاته ينطبق على مليشيات قسد، وتسميتها الصحيحة “عصابات قسد”، والتي كان قسمٌ كبيرٌ منها مكوّن من السوريين العرب، والسبب أنّ واشنطن أمرتهم بالتوجه للرقة ودير الزور، والهدف تهريب إرهابيي داعش الرئيسيين قبل قدوم الجيش السوري، فقامت العصابات العميلة بنقلهم بإشراف أمريكي وتهريبهم عن طريق شمال العراق والقواعد الأمريكية في الحسكة والرقة، إلى عدة جهات.

خيانة ما بعدها خيانة

استمر مسلسل الخيانة في صفوف الانفصاليين، وهاهم اليوم يتآمرون لإنشاء جيش “لحد” يشرفُ على الحدود العراقية والتركية مع سوريا، فأي غباء هذا؟!! من أهداف هذا الجيش الخائن:

  • كلب حراسة للقواعد الأميركية ولمصالح واشنطن في سوريا، وامتداد ذلك سيكون قواعد عسكرية كبيرة لمواجهة إيران وتركيا، والأخطر… روسيا.
  • ضمان بقاء الحدود الدولية بيد أجهزة المخابرات الأمريكية والبنتاغون، للمحافظة على حالة عدم استقرار دائم في المنطقة.
  • فرض هذه القوة العميلة سياسياً، بحجة أنها معارضة معتدلة قاتلت داعش، ليكون هؤلاء “الخونة” أداة أمريكية صرفة في مستقبل العملية السياسية في سوريا.
  • ايجاد نواة عسكرية وسياسية كردية غربية، وتحريك الملف الكردي حسب المتطلبات الأمريكية، ضد دول المنطقة الأربع؛ العراق، إيران، تركيا وسوريا. يتم ذلك عن طريق وصل مناطق الأكراد في الدول الأربع تلك، بمليشيات خارج سيطرة الحكومات المركزية: البيحاك في إيران، البيشمركا ومقاتلي قنديل بالعراق، ميلشيات حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا، حزب العمال الكردستاني في تركيا، لتصبحَ هذه العصابات أدوات لنشر الفوضى المستمرة لصالح واشنطن.
  • استخدام هذه العصابات لاستنزاف الجيوش. حالياً؛ الجيش السوري والقوات الأمنية والقوى الوطنية في الشمال السوري.
  • مشروع انفصالي نكشف من مركز فيريل للدراسات خطته، وقد تمّ اجهاض جزءٍ منها، المشروع كردي أميركي برعاية ألمانية ودعم سعودي إماراتي. شاهدوا الصورة.

عشائر الجزيرة السورية كفيلة بسحقهم عن بكرة أبيهم

اعتماد واشنطن على عصابات لتحقيق أهدافها، يدل على ضعف الأوراق الأميركية في سوريا، وقد تكون هذه آخرها، بجميع الأحوال؛ عصابات الأكراد الانفصاليين ستقع في… المحرقة.

لم لن يتعلّم الانفصاليون من أخطائهم وأخطاء غيرهم؛ التنظيمات الإرهابية الكبيرة: الحر وداعش والنصرة، كانت أقوى منهم ومدعومة من عشرات الدول العالمية والإقليمية تمويلاً وسلاحاً وإرهابيين، تم إنهاؤها رغم أنّ الظروف الدولية كلها كانت ضد سوريا…

الوضع الآن تغيّر، فالجيش العربي السوري الذي كان يقاتل في حي الميدان الدمشقي دفاعاً عن العاصمة، حرر البوكمال في أقصى الجنوب الشرقي، بعد أن استعاد دير الزور حصن داعش، وقبلها حلب وحمص وتدمر… فهل تتوقع المليشيات الكردية أنها ستبقى خارج العقاب، أو بعيدة عن سلطة الدولة السورية؟

هل يتوقع الانفصاليون “المحتلون” وهم آخر قومية دخلت سوريا، أن يحصلوا على دولة أو فيدرالية، وهم بدون تاريخ أو حضارة، وعلى حساب أصحاب الأرض؟

عسكرياً؛ مهما كان التسليح الأميركي لهذه العصابات، فستبقى أعجز من أن تواجهَ جيوشاً… فإلى أين هم ماضون في غبائهم؟ إنّ اشتعال أي حرب سواء مع الجيش السوري أو التركي، سوف ينضبُ مخزون أسلحتهم سريعاً، ولن يستطيعوا الهروب إلى جبال تحميهم في الشمال السوري، كما يحدث في العراق وإيران وتركيا، فالأرض سهلية مكشوفة، وسيكون الطيران والصواريخ بانتظارهم.

يحرسون القواعد الأميركية

الجيش السوري يتحاشى التصادم معهم، لكن ماذا عن العشائر العربية في الجزيرة السورية؟ هل سيتفرّجون على سوريا تُقسّمُ أمام أعينهم؟ ما لا يعرفونه هو أنّ قبائل طي وجبور والشرابيين والعكيدات والبكارة، موالية للجيش العربي السوري وهي ترفد كتائب البعث وجيش الدفاع الوطني بالمقاتلين الذين شاركوا بمعارك دير الزور وحماة وغيرها. لاحظنا سرعة تحرير ريف الرقة ودير الزور بسبب تأييد العشائر في هذه المناطق للجيش السوري، حيث شاركوا معه بقوة وبشكل فعال في طرد داعش، الحال شبيه عند البدء بضرب المليشيات الكردية بل ستكون الأمور أكبر وأكثر دموية.

سياسياً؛ الانفصاليون الأكراد بأحزابهم العديدة، منقسمون وخلافاتهم دائمة، وكثرة زعمائهم معروفة، ووصل الوضع للاشتباكات العسكرية فيما بينهم. كما أنهم مرفوضون من الجميع بما في ذلك المعارضة السورية بشقّيها.  

الصدام الروسي الأميركي في سوريا قادم، والانفصاليون الأكراد هم الخراف

بغضّ النظر عن اتفاق سياسي وعسكري مؤكد بين سوريا والعراق وإيران وتركيا، في منعهم من تشكيل بؤر انفصالية فيها، وما حدث شمال العراق، وكيف باعتهم واشنطن بسهولة، دليل بسيط عما سيحدث لاحقاً. تركيا بدأت فعلياً بالتحرك العسكري ضد الانفصاليين في منطقة عفرين ومنبج، وقد يحدث صدام مع الجيش الأميركي في أية لحظة. كل هذا محسوب ومتوقع، لكن ماذا عن موسكو؟

سبق ونشرنا في مركز فيريل عن القواعد العسكرية في الشمال السوري، وخاصة قاعدتي عين العرب وتل أبيض، وحسب معلومات مركز فيريل يتم وبصورة حثيثة توسيعهما وسط حماية أمنية غير مسبوقة، وبحراسة من العصابات الكردية تصل لمسافة 5 كم في محيط هذه القواعد.

موسكو  راقبت، والآن تحرّكت…

  • العمل على توسيع قاعدة طرطوس جارٍ بصورة جدية، وستصبح قادرة على استقبال سفن ضخمة وغواصات كبيرة بما في ذلك النووية.
  • أعادت روسيا نشر منظومات صواريخ اعتراضية إس 400، وهناك معلومات عن نشر صواريخ هجومية بعيدة المدى.
  • استقبال الأكراد لقواعد للناتو وحمايتها، هو مساسٌ بالأمن القومي الروسي، وتوسيع هذه القواعد بحيث تصبحُ قادرةً على استقبال طائرات الشحن العسكرية الضخمة، ونصب صواريخ بعيدة المدى غير تقليدية، لن يجعلَ موسكو تسّلمُ بالأمر الواقع، وتجعلُ الناتو في نقطة قريبة من حدودها.
  • هذا التذبذب الكردي خاصة من الأحزاب الكردية التي دعمتها موسكو لسنوات عديدة، والانحياز إلى واشنطن، تعتبرهُ موسكو غدر، فهل ستقف معهم بعد اليوم؟
  • قبل قليل وزير الخارجية الأميركي تيلرسون يصرّح:  (الحفاظ على وجود عسكري ودبلوماسي أميركي في سوريا، أمر أساسي لمصالح الأمن القومي الأميركي). إذاً الولايات المتحدة لا تنوي الانسحاب من سوريا، وستؤسس قواعد عسكرية دائمة، وهذا يُصعّدُ احتمالات التصادم مع الجيش الروسي.

بحث ذو صلة

قواعد الناتو في الشمال السوري، حربٌ أم ترسيخ وضع قائم؟ فيدرالية أم خفّا حُنين؟ مركز فيريل للدراسات.

القادم على الشمال السوري

لا نرى أيّ ضوء انفراج في الوضع شمال سوريا، الأكراد ماضون من احتلالهم للأرض وطرد أصحابها، والسعي في مشروعهم الاستيطاني، معتمدين على دعم أميركي أوروبي.

تركيا لن تقبل بهكذا وضع وسوف تفتح نيران مدافعها عليهم، وقد بدأ، حسب ما ورد لمركز فيريل لحظة إعداد هذا التقرير، الجيش التركي والميلشيات الموالية له بهجوم على مراكز  عسكرية للانفصاليين الأكراد غرب منبج، والوضع متوتر جداً.

السعودية والإمارات تدعمان مشروع الأكراد الانفصالي، لأنه ضد دمشق وأنقرة بآن واحد.

موسكو لن تقبل بهكذا وضع يُهدد أمنها القومي، وقد تدفعُ بالأمور نحو صدام أكبر من المتوقع.

دمشق، لن تشتبك مع الانفصاليين، بل ستركهم يواجهون غرورهم و “خيانتهم” أمام الخصم التركي، عندها سيعودون إليها راكعين طالبين حمايتهم من أردوغان، لأن واشنطن وقفت تتفرج عليهم.

إنّ وصفَ الرئيس الأسد لمن يتعامل مع المحتل الأمريكي بالخائن، يُلخّصُ مستقبل الانفصاليين، ثم جاء التصريح الروسي بأنّ موسكو ضد التوجه الأمريكي الأخير بإنشاء قوة حرس حدود، وهذا يعارض مصالح روسيا التي ستتخذ إجراءات الرد المناسب على ذلك.

كل هذا مؤشرٌ على أنّ الوضع في الشمال السوري يسيرُ نحو التصادم، فإما أن يتراجع “الحالمون” بمستوطنة عن خيانتهم، وتخرج الولايات المتحدة من سوريا، أو أن تقع الحرب وسيكون الانفصاليون هم “الخراف” التي تُذبحُ لأنها ظنّت يوماً نفسها من فصيل الذئاب… إدارة التحرير  في مركز فيريل للدراسات. زيد م. هاشم. 17.01.2018