نعم؛ بإمكان كوريا الشمالية تدمير سيؤول وجدة و… تل أبيب نووياً!!

 لا يفلّ الحديد إلا الحديد، هذا ما فعلتهُ كوريا الشمالية قيادةً وشعباً، بميزانية حكومية تقبعُ في المرتبة 124 عالمياً وقدرها 3300 مليون دولار، بينما ميزانية لبنــان تعادل ميزانية كوريا الشمالية 5 مرات تقريباً. دولة بمساحة 120 ألف كلم مربع و25 مليون نسمة، تُجابهُ أعتى إمبراطورية، وتُرعبُ اليابان صاحبة ثالث اقتصاد في العالم وميزانيتها تعادل ميزانية كوريا 585 مرة، تخيلوا الرقم! وتُهدد بمسح كوريا الجنوبية صاحبة الاقتصاد رقم 13 في العالم وتعادل 97 مرة اقتصاد جارتها الشمالية. الشعبُ الكوري الشمالي لا يعيش ظروفاً جيدة بالتأكيد، ويُعاني من سيطرة الحزب الأوحد، والديكتاتورية، والحصار الاقتصادي الخانق، ولكنّ الصورة التي نراها عنهُ تردنا فقط عبر وسائل إعلام معادية له، وهي غير دقيقة، فمثلاً: تقدّم الحكومة الحصص الغذائيـة والسكن والرعاية الصحيـة والتعليم مجــاناً، والضرائب ملغاة منذ عام 1974.

في تقرير مفاجئ قال الخبير الاستراتيجي Chris Douglas من مؤسسة Australian Strategic Policy Institute: (لقد خبأت كوريا الشمالية أسلحتها النووية عميقاً تحت سطح الأرض، بحيث يستحيل على أية دولة تدميرها، وهذا ما يثير القلق.). وأضاف: (الأسلحة النووية هذه موضوعة في حاويات خاصّة، يمكن نقلها من مدينة لأخرى، ومن موقع لآخر، باستخدام الشاحنات أو القطارات، ويمكن وضعها في غواصات، أو حتى في قوارب صيد، وتهريبها إلى الصين وهذا أبسط الأمور).

أخطر ما يمكن أن تفعلهُ كوريا الشمالية إذا تمت مهاجمتها هو: (تهريب الأسلحة النووية في قوارب صغيرة، أو في حاويات نقل في السفن التجارية، ونشرها في موانئ تتجاوز منطقة جنوب شرقي آسيا، لتصل إلى دول العالم كافة…).  

في أوائل آذار الماضي، أجرت بيونغ يانغ، كما في الصورة، تجربة عسكرية بإطلاقها أربعة صواريخ محظورة يمكن تزويدها برؤوس غير تقليدية، ويبلغ مداها 1000 كلم، هذه التجربة تُحاكي عملية قصف اليابان، سقطت الصواريخ في البحر. منظر الصواريخ أرعب ملايين اليابانيين، وجعل حكومتهم تطلبُ العون من واشنطن. ماذا لو أطلقت عشرات الصواريخ نحو اليابان وكوريا الجنوبية؟ هذا ما ترتعدُ منهُ طوكيو وسيؤول، وهذا ليس كل شيء…

أخطر سلاح تملكهُ كوريا الشمالية 

كوريا الشمالية صاحبة أقوى سلاح بحرية /دفاعي ـ مُركّز/ في العالم، وتمتلكُ 967 قطعة بحرية، وتأتي في المرتبة الأولى عالمياً من ناحية التعداد، بينما تمتلكُ الولايات المتحدة 415 قطعة وبالمرتبة الثالثة بعد الصين. صحيح أنها لا تمتلك حاملات طائرات أو مدمرات كالدول العظمى، لكن بإمكانها تدمير الأساطيل، وعندما نقلت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية بياناً عن الجيش بتاريخ 14 نيسان 2017، قالت فيه: (سيكون ردنا على قوات البحرية الأميركية من القسوة بحيث لن ينجو منهم أحد.). الكلام واضحٌ، لن يخرج حيّ من أساطيلكم. وعندما انتقد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، ردت وزارة خارجية كوريا الشمالية: (وزير الدفاع الإسرائيلي مس بتصريحاته شرف القائد العظيم، وسيكون لإسرائيل “عقابٌ لا يرحم”.).

لدى بيونغ يانغ خبرة واسعة في طرق التجارة الدولية، بحيث استطاعت أن توصل خبراتها وأسلحتها لعدة دول صديقة، رغم الحظر والعقوبات الدولية. لهذا سيكون من السهل عليها إرسال حاوية أو قارب صيد فيه سلاح نووي إلى أي مرفأ معادٍ. بل يمكنها إرسالها بعيداً لتصل إلى تــل أبيب وجَــدة واستنبول ونيــويورك نفسها. هذا ما فهمتهُ وحسب معلومات مركز فيريل، إسرائيل من التهديد الكوري الشمالي، بعد تطاول وزير دفاعها أفيغدور ليبرمان عليها، وما تخشاه واشنطن أيضاً. 

يعتقدُ خبراءٌ “متفائلون” أنه كي تقضي الولايات المتحدة على هذا الخطر، عليها أن تشن ضربة ساحقة شاملة للسلاح الكوري النووي والتقليدي، ولكن حتى لو مسحت واشنطن هذه الدولة عن وجه الأرض، ماذا عن السلاح النووي الموجود تحت الأرض؟ ماذا عن مئات السفن والزوارق والغواصات؟ ما هي الضمانة بأنّ كوريا الشمالية لم تتخذ احتياطاتها وترسل زوارق لدول أخرى أولها الصين وما بعــد بعــد الصين؟

المؤكد أنّ بيونغ يانغ وضعت كافة الاحتمالات، لهذا وجدنا محاولات “بعبعة” يائسة من ترامب، وإرسال جيوش جرارة وعتاد يكفي لإشعال حرب عالمية، وكله لإرهاب دولة بحجم ولاية أميركية، ثم… (يُشرفني أن ألتقي بزعيم كوريا الشمالية)!. المخابرات الأميركية أدركت اللعبة، وعلمتْ أنّ الصواريخ الكورية يمكن إيقاف قسم منها، وتدمير القسم الآخر، ولكن مَن سـيوقف الـزوارق الانتحاريــة النــووية؟!!.

لو كان قصف كوريا بهذه السهولة، لما تردد ترامب لحظـة، لكن بعد استشاراتٍ عميقة مع قياداته العسكرية، ربما تخلى على الأقل مؤقتاً عن عمل عسكري، على أمل أن يلتفّ حول بيونغ يانغ سياسياً واستخباراتياً، فتضغطُ الصين وروسيا عليها، وتُجنّد واشنطن وسيؤول خونة يعيثون خراباً في بلادهم، بعد أن فشلت محاولات انقلاب عم الرئيس الكوري حسب زعمهم… والقاعدة تقول: (إن لم يكن بالإمكان الانتصار على دولة خارجياً، عليكَ بالداخل). 

الشعب الكوري الشمالي ورغم ظروفهِ الصعبة، هو أقلُ الشعوب خيانة لوطنهِ، وقد فشلت كافة الدول المحيطة والبعيدة بتجنيد عملاء لها، لأنه شعبٌ يعشق بلادهُ، يجوعُ ولا ينحني، يموت ولا يستسلم، ويكفيه فخراً أنه عرفَ معنى الكرامة في مجابهة الأعداء. 04.05.2016 

مركز فيريل للدراسات ـ برلين

اقــرأ أيضـــاً: 

رسالة من مركز فيريل للدراسات إلى متابعيهِ الأعزاء.