نعم، تحرّك القيصـر.

نعم، تحرّك القيصـر.

 

رغم معارضة الولايات المتحدة لأيّ تدخل روسي في سوريا، إلا أنّ موسكو أرسلت طائرتي إمدادات عسكرية يوم السبت الماضي لميناء اللاذقيـة. وهناك معلومات أنّ الروس بدأوا فعلياً ببناء قاعدة عسـكرية أخرى على الشاطئ السوري.

هبوط طائرتي نقل عسكريتين روسيتين ضخمتين في الأراضي السورية جعلت العالم يتساءل: “ما الذي يخطط له بوتين في سـوريا وإلى أيّ مدى يمكن لهُ أن يمضي؟!”

خبير السياسية الأميركي ذو الأصل الروسي Nikolas K. Gvosdev والكاتب في صحيفة فورين بوليسي، حدّد أهداف بوتين بخمس نقاط هي رسائل وصلت تلميحاً أوعلنـاً للناتو:

1ـ أيّ اعتـداء للناتـو على الجيش السوري هـو حرب مفتوحـة مع روسـيا.

الواضح تماماً أنّ الروس يعملون على تطوير الدفاعات السورية بسرعة وتقنية عسكرية متطورة، لهذا على الناتو أن يأخذ بعين الاعتبار أن الروس سيتدخلون لجانب الرئيس الأسـد، فيما لو قاموا بالإعتداء على سـوريا. كما أنّ مشروع إقامة منطقة حظر طيران بحجة إيجاد مكان آمن للاجئين يمكن أن يؤدي لاشـتباك مباشر مع القوات الروسية.

2ـ لن يسـمح بوتيـن بسـقوط الأسـد.

أعلنت روسيا منذ اللحظات الأولى وبشكل واضح أنها حليف للرئيس بشار الأسد، وأنها لن تسمح بتكرار سيناريو الناتو في ليبيا.

3ـ لـم تصـل روسـيا بعـد إلى غايتهـا القصـوى.

أشار لذلك بوتين صراحة: “على الغرب أن يعترف بأنّ روسـيا دولة عظمى.” وأنّ عقوبات الغرب الاقتصادية وإن أثرتْ عليها فلن تردعها عن المضي قدماً في دعم سـوريا، ولن تستسلم لمخططات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

4ـ حـلّ الأزمة الأوكرانيـة مازال بعيـداً.

خلقَ الغرب مشكلة أوكرانيا لمعاقبة روسـيا على دعمها للسوريين، وقد ظنوا أنهم وبسرعة يمكنهم حلّ الأزمة الأوكرانية وقبول كييف في الاتحاد الأوروبي، لكنهم أخطأوا. الأزمة لا نهاية لها حالياً، ولن تسمح لها روسيا بأن تنضم للناتـو.

5ـ لم تعـد الولايات المتحدة القـوة العظمي في الشـرق الأوسـط.

حقق بوتين نجاحـات لم يتوقعها أحد، وباتَ أقوى رجل يتحدى الولايات المتحدة بفضل ذكائه وحنكته. تتفوق الولايات المتحدة على روسيا في أماكن كثيرة من العالم، لكن في الشـرق الأوسـط؛ انتهـى الأمـر.

بوتـين هـذا القيصـر العملاق لا يذهب للغرب، الغرب يأتي إليـه، وقد استطاع اختراق أماكن باتت محرّمـة على الروس منذ عشرات السنين كمصر وأذربيجان وحتى تركيـا، وأصبحت هذه الدول شـريكاً للروس اقتصادياً وحتى عسكرياً.

هناك قوات روسـية في سـوريا حتى لو نفت موسـكو. هناك طائرات متطورة وصلت المطارات العسكرية السورية، ودفاعات صاروخية تخشاها طائرات الناتو ويمكنها أن تطال هذه الطائرات قبل أن تدخل المجال الجوي السوري، وربما وهي تقلع من قاعدة أنجريلك.

الحرب في سـوريا يجب أن تنتهي، وقد بدأت إشـارة موسـكو الحمـراء تزعج عواصم أعداء الجيش السوري، والذين يخططون لحرب تمتد سـنوات طويلة.

تحرّك القيصر والأيـام سـتكشف إلى أيّ مـدى يمكـن أن يمضي.

د. جميل م. شاهين 15.09.2015