هدفٌ سوري في مرمى قطر، والإخوان المسلمون إلى زوال. الدكتور جميل م. شاهين 24.05.2017

حركات وكلمات يظنها البعضُ مجرد هفوات في عالم السياسة، لكنها تُعبّر عن أحداث هامةٍ تجري أو ستجري. هذا ما جرى في الرياض خلال قمة ترامب، فالشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، توجّه للرئيس المصري السيسي وصافحه بحرارة وقام بتقبيله، في نفس الوقت تجاهل وجود تميم أمير قطر رغم طوله الفارع، والذي كان يقف عن يمين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. لم يكتف الشيخ محمد بذلك، بل دخل بين ترامب وتميم بحركة “مُجاكرة صبيانية”، (شاهد الصورة)، ووقف على يمين ترامب دافعاً أمير قطر وأعطاه نصف قفاه! خلال التقاط الصورة التذكارية التي جمعت بين الرئيس دونالد ترامب ومجموعة من رؤساء الدول العربية والإسلامية… إنها حركةٌ تُعبّر عما يدور وراء الكواليس.

من أمام الكواليس، أبدى الرئيس الأمريكي إعجابه بحذاء الرئيس السيسي، وهو أكثر ما لفتَ انتباههُ، أي الحذاء، من بين الحاضرين!.  لكن هل لاحظتم ماذا كان يرتدي أمير قطر تميم بن حمد؟ ارتدى (شبشب، شالوخ) أبيض خلال لقائه بالرئيس الأمريكي، فهل قالها ترامب هكذا صدفة؟. شاهد الصورة. 

الصورة: ترامب بين حذاء السيسي وشالوخ تميم

 ليس صدفة أن يصف أمير قطر تميم، وجودَ قاعدة العديد الأميركية جنوب الدوحة، بأنه سبب في حماية بلاده من أطماع بعض الدول المجاورة، متابعاً: (قاعدة العديد هي الفرصة الوحيدة للولايات المتحدة لامتلاك النفوذ العسكري في المنطقة… قطر نجحت في بناء علاقات قوية مع أميركا وإيران في وقت واحد، نظراً لما تمثله إيران من ثقل إقليمي وإسلامي لا يمكن تجاهله، وليس من الحكمة التصعيد معها، خاصة أنها قوة كبرى تضمن الاستقرار في المنطقة.). مَنْ يقصد بالدول المجاورة الطمّاعة؛ السعودية أم إيران أم الإمارات؟

المؤكد لدينا في مركز فيريل أنّ وكالة الأنباء القطرية لم تكن قد تعرضت للتهكير أو القرصنة، وما قاله تميم كان بالون اختبار وتهديد لجيرانه الخليجيين، وأيضاً للبيت الأبيض الجمهوري الذي يبدو أنّه يريد التخلص من تميم ونظامهِ.

التخلص من تميم وربما قطر كلها، وقبلها القضاء على تنظيم الإخوان المسلمين، جاء على لسان روبرت غيتس وزير الدفاع الأميركي الأسبق، الذي قال:

(شكّلَ الإخوان المسلمون أرضية لحركات أخرى كالقاعدة وداعش، إنهم يغيّرون أشكالهم ويظهرون بالشكل الذي تريد أن تراهم عليه… قبل الربيع العربي كان الإخوان المسلمون يتحدثون عن الديمقراطية والحرية إلى أن يصلوا إلى السلطة، والمرة الوحيدة التي وصلوا فيها من خلال محمد مرسي، فظهرت وبسرعة صورتهم الحقيقية).

هذه هي المرة الأولى التي تُظهر واشنطن علاقة قطر بالإخوان المسلمين كتنظيم إرهابي، حيث تابع غيتس:

(رحبت قطر منذ فترة طويلة بالإخوان المسلمين أكثر من أية دولة أخرى في المنطقة، وتوقيع قطر على الاتفاقية في الرياض مع الرئيس ترامب ليس جديداً، سبق أن وقعوا على نفس الالتزامات في 2014. صحيح أن الدوحة تستجيب لطلباتنا بإقفال حسابات تابعة لحماس أو إيقاف بعض الشخصيات، لكنهم لم يتولوا زمام المبادرة أبداً).

تغيّير قادم على سياسة قطر

  • قطر أول الدول التي ساعدت بالمال والسلاح والإعلام، الإرهابيين في سوريا، وشكلت مع تركيا حلفاً قوياً. الآن؛ ستسعى قطر للتخلص من المعارضة السورية بشكليها السياسي والعسكري، للدخول من باب “عفا الله عما مضى” وسامحينا يا دمشقُ.

  • قطع علاقاتها مع عدة دول عربية، فحديث وزير خارجية الدوحة أنّها طلبت سحب سفرائها من خمس دول عربية هي السعودية ومصر والكويت والبحرين والإمارات، هو تفسير خاطئ، قد يصبحُ تفسيراً صحيحاً، فواشنطن اختارت البقرة الأسمن والتي تدر حليباً أكثر، ولتذهب قطر بمن فيها إلى الجحيم. واشنطن اختارت البقرة السعودية وحذاء السيسي.

  • سوف تأمرها واشنطن بوقف نشاطاتها مع الإخوان المسلمين والشبكات الإرهابية، نشاطات عسكرية ومالية وإعلامية، أي أن محطتها الإعلامية الجزيرة سيتم تحجيمها رسمياً بعد أن حُجّمت شعبياً، وهذا يصبُّ في مصلحة سوريا.

  • ستبدأ الولايات المتحدة ومعها بريطانيا، باستهداف كلّ تنظيم مسلح يمتّ بصلة للإخوان المسلمين، سواء في الغرب أو في الشرق الأوسط. تفجير مانشستر لن يمر هكذا، سيتم استغلاله إلى أبعد الحدود، ومخابرات الناتو ستتابعُ قنوات الإخوان المسلمين وشبكاتهم في نقل الأموال إلى المجموعات الإرهابية، وسيصلون بالتالي إلى المسلحين في سوريا في نهاية المطاف

قطر أمامها وحسب رأي مركز فيريل خيارات صعبة:

  1. أن ترتمي في أحضان طهران وموسكو وطبعاً دمشق، وتحاول غسل جرائمها في سوريا.

  2. أن تُشكّل حلفاً مع تركيا المطرودة من البيت الأبيض، متحديةً واشنطن وجيرانها الخليجيين، فتستمر بدعم فصائل المسلحين التابعين للإخوان المسلمين كما تفعل الآن تركيا، وهذا انتحار ثنائي.

  3. أن تطأطئ رأسها أكثر، وترضخ لشروط الرياض والقاهرة وأبو ظبي ومن ورائهم واشنطن.

في جميع الحالات، هو جزء من نصر سياسي سوري، ساهم ترامب بصنعه دون قصد. نجم الدوحة سيخبو، وأحلام حكامها ستصبحُ سراباً، وأموالهم ذهبت مع الريح. قطر لن تستطيع أن تُكابر أكثر فهذه حدودها ولا يمكنها أن تقف في وجه صنّاع القرار. د. جميل م. شاهين. مركز فيريل للدراسات. 24.05.2017