هل تبدأ حربُ الغاز في الشرق الأوسط من لبنان؟

بسبب سياسة الفيس بوك بملاحقة أية كلمة لا تروق لهم وتتعلّق بالكيان خاصة أو حتى أوكرانيا وكورونا والأوبئة إلخ… سنضطر لنشر حتى الأخبار التي يمر فيها اسمهم أو تتعلق بهذه المواضيع، هنا على الموقع. فمعذرةً.

تركيا تقف مع إسرائيل ضد إيران في الحرب القادمة

طلبت تل أبيب قبل ثلاثة أيام من مواطنيها مغادرة تركيا فوراً. الطلبُ جاء بسبب خطر حقيقي من عمليات اختطاف قد تقوم بها إيران حسب الخارجية الإسرائيلية، للردّ على عمليات إغتيال متواصلة في قلب طهران، وهذا اختراق كبير للمخابرات الإيرانية جعل طهران في موقف حرج دون أيّ ردّ واضح سوى التهديد.

تعاون تركي إسرائيلي ضد إيران

لاشك أنّ علاقة أنقرة بتل أبيب أقوى من علاقتها بطهران مهما تظاهر المسؤولون الأتراك بالعداء لإسرائيل، فأردوغان تراجع عن موقفه في مؤتمر دافوس بعد 13 عاماً كي يُعيدَ علاقته بالصهاينة، جاء هذا خلال زيارة الرئيس الإسرائيلي لأنقرة وإعادة العلاقات بينهما، رغم أنها لم تكن يوماً مقطوعة سوى على الفضائيات. أردوغان قال: (اتخذنا موقفنا ضد القهر والاحتلال والاستبداد بقول دقيقة واحدة في دافوس. انصبّ اهتمامنا يومها على السلام واحترام الحياة البشرية. لقد أوضحت موقفي في قمة حلف الناتو التي عقدت في بروكسل الأسبوع الماضي، وكان لدينا نفس الشعور عندما أعربنا عن اعتراضنا على نظام الإدارة والعدالة العالمي، أمام مجلس الأمن الدولي، بالقول إن العالم أكبر من خمسة).

هل تذكرون ما حدث في دافوس 31.01.2009؟

كانت غزة تشتعل والطيران الإسرائيلي يرتكب مجازر بحق سكانها، استغل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ذلك، وهبّ في وجه الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريز وهاجم حتى الجمهور ثم غادر المؤتمر.

بيريز دافع بانفعال عن قصف الجيش الإسرائيلي لغزة، محمّلاً حماس المسؤولية على الدمار وقتل الأطفال بصواريخ إسرائيل، فردّ عليه أردوغان: (إسرائيل تعرف جيداً كيف تقتل الأطفال) مُطالباً بإدراج حركة حماس في العملية السياسية. يومها نهض الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى مصفقاً لرئيس الوزراء التركي وصافحهُ، ثم عاد للجلوس ضمن جوقة دافوس.  

الآلاف كانوا باستقبال “البطل” أردوغان في مطار استنبول، بينما عشرات الملايين رأوا فيه “خليفة المسلمين” الذي سيحرر القدس وما بعد القدس، وبات بمراتب الصالحين، بل أعلى وأعلى. اليوم تراجع هذا الخليفة عن كل ما قاله مُعتذراً لأنه دافع عن غزّة، بينما مازالت تلك الملايين تراهُ الفارس الهمام.

حسب وسائل إعلام الطرفين؛ اكتشفت السلطات التركية خلال الأسابيع الماضية وبالتعاون مع نظيرتها الإسرائيلية، عدة خلايا إيرانية تُخطط لخطف رجال أعمال إسرائيليين من تركيا، ومنعت 4 حوادث “خطف وقتل مواطنين إسرائيليين” الأسبوعين الماضيين. لهذا تم استدعاء 30 رجل أعمال إلى تل أبيب فوراً. حسب وزير خارجية الكيان يائير لابيد الذي قال مخاطباً مواطنيه الذين يستجمون على شواطئ المتوسط أو في استنبول: (إذا كنتَ قد خططت لرحلة إلى إستنبول، قم بإلغاء الأمر. لا توجد عطلة تستحق حياتك وحياة أحبائك).

تركيا وإسرائيل أكبر شريكين

التعاون الاقتصادي والمبادلات التجارية لم تنقطع يوماً بين تركيا وإسرائيل. وسياحياً؛ تستقبل تركيا سنوياً، ورغم الادعاء بسوء العلاقات السياسية، 560 ألف سائح إسرائيلي. وبلغة الأرقام كما عودناكم في مركز فيريل للدراسات؛ ازداد التبادل التجاري بين تل أبيب وأنقرة منذ وصول “حزب العدالة والتنمية” عام 2002 إلى الحكم، بنسبة 450%. وارتفعت الصادرات من 850 مليون دولار سنوياً لتصل إلى 6,4 مليار دولار عام 2021. قبل استلام أردوغان كرسي الحكم؛ كانت إسرائيل تحتل المرتبة 19 بالتعاون التجاري، اليوم وفي عهد “العدالة والتنمية” باتت في المرتبة الثامنة. وزير خارجية تركيا مولود تشاووش أوغلو، قال في 25 أيار 2022 خلال لقائه بنظيره الإسرائيلي: (ازداد حجم التجارة مع إسرائيل رغم كورونا، وقد تجاوز حجم التبادل التجاري 10 مليارات دولار العام الماضي 2021).

بمساعدة مصر، تل أبيب تخطط لتصدير الغاز لأوروبا بدلاً من روسيا

بسبب العقوبات على روسيا وبدء قطع الغاز عن أوروبا، بحث الأوروبيون عن مصدر سريع يزودهم بما ينقصهم من الغاز الروسي. الجزائر لم تكن ذلك المصدر ، خاصة بعد تردي علاقتها بإسبانيا بسبب موقفها الداعم للمغرب، لهذا توجهوا إلى مصر و إسرائيل. الأخيرة وجدتها فرصة سانحة للتنقيب عن الغاز في البحر  الأبيض المتوسط، فأصدرت تراخيص للتنقيب رغم أنّ تل أبيب سبق ومنعت منح هذه التراخيص حتى نهاية عام 2022.

سبق واعترفت وزيرة الطاقة الإسرائيلية  Karine Elharrar-Hartsteinبمشاركة مصر: (شكلنا مجموعة عمل ثلاثية مع إسرائيل وأوروبا ومصر. وسنوقع في المستقبل القريب، على مذكرة تفاهم من شأنها وضع خطة للتصدير).

الوزيرة الإسرائيلية أوضحت أنّ المتاح حالياً هو تصدير الغاز  المُسال إلى مصر بأنابيب موسعة ثم يتمُّ تصنيعه وشحنه إلى أوروبا، مع العمل على خط أنابيب  Eastern Mediterranean pipeline المطروح للدراسة. وهذه ضربة لتركيا التي تُعارض هذا الخط بشكل كبير.

فشل تركي في استمالة إسرائيل

تركيا دخلت على الخط، فوزير الطاقة التركي فاتح دونماز  تمنى من نظيرته الإسرائيلية دعوته لزيارة تل أبيب في نيسان، عندما التقاها في مؤتمر وزراء الطاقة في باريس بتاريخ 24.03.2022، لمناقشة أمور هامة. لكنّ الحماسة التركية لاقت فتوراً من إسرائيل، فخط الغاز الذي سيمر بتركيا إلى أوروبا يُكلفّ 1,6 مليار دولار بحراً ثم براً إلى اليونان، وسيكون أطول من خط Eastern Mediterranean pipeline. كما أنّ ذلك، وهو الأهم، سيضرّ بعلاقات تل أبيب بالاتحاد الأوروبي، لهذا فضّلت رفض المشروع التركي.

هنا طار مسؤولون أتراك إلى واشنطن، التي أوقفت دعمها لخط إيست ميد، عسى أن تضغط على تل أبيب لإحياء مشروع خط أنابيب من حقول غاز المتوسط إلى تركيا، وبرّاً إلى أوروبا.  زيارة الرئيس الإسرائيلي يتسحاك هرتسوغ زار لتركيا واجتماعه بأردوغان، بعد قطيعة 14 عاماً، لم تأتِ بتائج اقتصادية جيدة على هذا الصعيد.  

حربُ الغاز والمياه قادمة

فلننسَ مؤقتاً البرنامج النووي الإيراني، وتمركز ميليشيات تابعة لإيران في سوريا واتخاذ تل أبيب لذلك حجة لقصف حتى المطارات المدنية والموانئ… ولننسَ قصة تحرير القدس ورمي الإسرائيليين في البحر. ما تقوم به إسرائيل هو سرقة ثروات باطنية بمليارات الدولارات بعد سرقة وطن بكامله، والعرب نائمون وعندما استيقظوا هبوا كالنشامى لمصافحة المجرمين.

هل سيستمر الصمت العربي؟ دون شكّ سيستمر، ومعه تستمرُ الخيانة العربية ولا ينسى الخونة صيام رمضان طبعاً.

حرب المياه بحث آخر قد نتطرق له في مركز فيريل للدراسات، لكن حرب الغاز والبترول قادمة، إلا إذا رضخ لبنان واستسلم وطبّعَ، وهذا صعبٌ حالياً على الأقل.

أبحاثنا عن غاز المتوسط معروفة، وسبق أنْ قلنا: (عام 1997 اكتشفت إسرائيل واحداً من أكبر حقول الغاز في المنطقة آنذاك، وبدأت فعلياً باستخراج الغاز خلال سنوات قليلة، فماذا فعلت منذ ذلك الحين سوريا ومعها لبنان؟ وحسب نفس الدراسة فإنّ حجم الغاز المكتشف في إسرائيل يوازي 11% منه في سوريا، ونكرر السؤال أين هو الغاز المكتشف؟ هل تبخّر أم اختفى والأدق “أُخفيَ”؟!). راجعوا الأبحاث…

تهديدات تل أبيب لم تنقطع منذ زرعها في الشرق الأوسط، آخرها ما قاله الأحد 12.06.2022 رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي: (سنضرب آلاف الأهداف في الحرب المقبلة مع لبنان).

سبب التوتر الأخير هو قيام الكيان بالسطو على حقل كاريش للغاز بالاستعانة بـشركة_Energean المملوكة لبريطانيا واليونان. الحقل يقع ضمن ملكية لبنان البحرية المنطقة 22. فجاء تهديد من الحزب على لسان السيد حسن نصر الله الخميس الماضي: (على الشركات المالكة لسفينة التنقيب في كاريش أن تسحبها سريعاً، وعليها تحمل مسؤولية ما سيلحق بها من أضرار مادية وبشرية).

لايمكن القول أنّ هذه المرة سيفعلها الكيان، لكن حدوث حرب واسعة، تخرجُ عن النطاق الذي يريده، يبقى مسألة وقت. حربٌ واسعة تجتاح الشرق الأوسط، هناك أسباب عديدة لنشوبها أكثر من أية منطقة أخرى في العالم؛ حرب على الغاز والبترول والمياه والسيطرة والنفوذ والأرض والقومية والدّين والطائفة وطائفة الطائفة… إن خمدت نار اشتعلت أخرى دون أن تنطفئ يوماً… ولن تنطفئ النار في الشرق الأوسط. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. 15.06.2022 الدكتور جميل م. شاهين . Firil Center