هل تشعل عائلة روتشيلد الحرب بين سوريا وإسرائيل قبل 2018؟ الدكتور جميل م. شاهين. خاصّ بمركز فيريل للدراسات.

ما أن تنشر وسيلة إعلام غربية أو إسرائيلية صورة أو خبراً يتعلّقُ بسوريا، حتى تُسارعُ نظيراتها في بلاد العربان لترديده، مُصدّقة كلّ ما ورد فيه، ليتطوّعُ “أعلامُ” المعارضة بصياغة قصص وترديدها حول الخبر، هذا ما حدث بالنسبة لخبر مركز تصنيع وتخزين الصواريخ الإيرانية قرب بانياس. القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي عرضت صوراً قالت أنها حديثة نقلاً عن الصناعي الإسرائيلي EROS-B، وزعمت أنها منشأة يجري بناؤها لصواريخ سكود في شمال غرب سوريا، تُحاكي مصنعاً بالقرب من طهران للصواريخ الإيرانية. يقع المصنع في وادي جهنم شرقي بانياس بـ 12 كلم، والتقرير يقول: (بدأ البناء منذ سنة، أي في تموز 2016، وسيكون جاهزاً بنهاية 2017، وهو مخصص لإنتاج صواريخ مطورة من سكود، وبخبرة وتمويل إيراني مباشر). المعارضة السورية، “بهّرت” الخبر فأضافت روسيا  وكوريا الشمالية لإدارة الانتاج أيضاً، بل أنّ زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لجرحى وأسر شهداء الجيش السوري في ريف حماة، كانت للتغطية على لقاءات سرية مع خبراء إيرانيين وروس وكوريين شماليين!! علماً أنّ ما لا تعرفهُ المعارضة، أنّ المنطقة المفترضة تتبع لمحافظة طرطوس.

أستعرض معكم مقارنة بين صورتين، يمكن ببساطة تحديد زمان البدء ببناء هذه المنشأة.

الصورة الحديثة حسب التلفزيون الإسرائيلي، قارنوا بينهما

هنا وجدت إسرائيل الحجة كي تُثيرَ هذا الموضوع عالمياً، فطار رئيسُ وزرائها إلى موسكو للقاء بوتين، ثم إلى نيويورك، وصرّح مهدّداً: (تقوم إيران ببناء مصنع للصواريخ الدقيقة في سوريا ولبنان). لابُدَ من وضع لبنان في المعمعة!! ثم يتعاظم كلامهُ ليقول: (ستكون الحرب عندما تتجاوز إيران الخط الأحمر). ما هو الخط الأحمر يا نتنياهو؟.

 

هذا هو الظاهر والسببُ الذي سيتمّ البناء عليهِ في أيّ تحرّك عسكري قادم، كما نراهُ في مركز فيريل، لكن الحقيقة بعيدة عن ذلك، ومَن يريد معرفتها عليه أن يبتعدَ عن الإعلام والتصريحات الخادعة.

ثلاثة أسباب رئيسية ستشعلُ الحرب بين سوريا وإسرائيل… قريباً.

أسباب شنّ إسرائيل لحرب ضد سوريا قبل عام 2018

الحرب بين سوريا وإسرائيل شرٌّ لابد منه، لكن هل يمكن لتل أبيب منعَ امتدادها؟ الأهم: هل تضمنُ إسرائيل ومعها الولايات المتحدة الانتصار فيها؟

السبب الأول عدم انهيار الدولة السورية

راهنت تل أبيب على أنّ الحرب في سوريا ستمتدُ بين 10 إلى 15 عاماً، وهذا ما ذكرناهُ مراراً في مركز فيريل ومنذ عام 2012: (المخطط لهذه الحرب أن تمتدَ بين 10 إلى 15 عاماً). خلال هذه الفترة سيتمُ تدمير الحجر والبشر في سوريا، وستسيطر المجموعات الإرهابية على الشريط الحدودي مع الجولان المحتل، وتكون عبارة عن سياج أمني لإسرائيل، ويتمّ التقسيم وخلق دويلاتٍ متحاربة.

مع بداية تأكد الغرب من فشل المشروع، خاصة القضاء على داعش، صرّح مدير معهد Begin-Sadat-Zentrum الإسرائيلي للدراسات الاستراتيجية إفرايم إنبار علانية: (زوال داعش من الوجود خطأ استراتيجي، وبقاؤها ضروري لأنه يصب في مصلحة أمن اسرائيل و الغرب).  هل هناك دلالة أكبرُ من هذه؟




السبب الثاني وجود إيران وحزب الله في سوريا وعلى حدود الجولان المحتل

اجتماع نتنياهو ببوتين في سوتشي ولثلاث ساعات كان مصيرياً بالنسبة لإسرائيل. قال نتنياهو عقب الاجتماع: (أبلغنا بوضوح الرئيس بوتين بأننا لن نسمح أن تكون سوريا قاعدة عسكرية لإيران للهجوم على إسرائيل). حسب الإعلام الإسرائيلي، هناك مئات من مقاتلي حزب الله والحرس الجمهوري الإيراني، باتوا قريبين من حدود الجولان، وهذا مصدر ليس قلق وحسب، بل رعب للجيش الإسرائيلي الذي خَبِر القتال مع حزب الله مراتٍ، وزيادة عددهم وتسليحهم، مع انضمام مقاتلين سوريين إليهم، يعني أنّ جبهة الجولان قد تشتعل في أية لحظة، في حربٍ محدودة وخطيرة، هي حرب عصابات، لا يمكن لجيش أن يربحها، فهل يمكن أن تصمت تل أبيب؟.

 

السبب الثالث عائلة روتشيلد والجولان

 يوم كشفنا في مركز فيريل عن الاحتياطي السوري من البترول والغاز، انبرى أشبال الإعلام داخل وخارج سوريا للاعتراض على ما ذكرناه، والجميع يريد مصادر دراسة مركز فيريل!! اسألوا روتشيلد إذاً…

اليوم نكشفُ لكم واحداً من أهم أسباب إصرار إسرائيل الاحتفاظ باحتلالها لمرتفعات الجولان... وجعل مرتزقة المعارضة المسلحة يعملون لديها، وتعالجهم في مشافيها.

بعودة مركز فيريل لملفات شركة Newark التي حصلت على حق التنقيب واستثمار البترول في الجولان، وجدنا أنها ابنة شركة New Jersey-Ölfirma، واسمها Genie Energie ، والجميع ضمن الشركة الاندماجية العملاقة ExxonMobil. هنا نستخدمُ اللغة الألمانية كون مصادر فيريل ألمانية. بالبحث عن مالكي شركة جيني وجدناهم: Dick Cheney (معروف)، رئيس الاستخبارات الأميركية السابق James Woolsey، رجل الأعمال اليهودي Howard S. Jonas وهو حسب معلومات فيريل من المتنورين، واليهودي Steinhardt من أصل ألماني، مردوخ Rupert Murdoch (معروف)، الشريك الأكبر والأخطر هو Jacob Rothschild Lord ملك مصارف لندن، وروتشيلد هذا شريك أغنى رجل في روسيا Mikhail Khodorkovsky خودوركوفسكي اليهودي المعارض لبوتين، والذي وضع في السجن بسبب  تهريبه أمواله من شركة الصناعات البترولية الروسية Yukos Oil إلى شركة روتشيلد، ثم أفرج عنه في 20 كانون الأول 2013، وجاء بطائرة إلى هنا في برلين بوساطة من وزير الخارجية السابق غينشر.

حسب ما نشرناه هناك ثلاثة حقول للبترول في الجولان المحتل، (راجعوا البحث)، وهي حسب معلومات مركز فيريل ذات احتياطي متوسط إلى كبير، وليست لدينا معلومات أوسع. لكن الذي تبيّنَ الآن أنّ الآبار هذه لها امتدادات تصل لسفوح جبل الشيخ شمالاً وشرقاً، وإلى عمق الجولان غرباً، وقد تكون أكثر من ثلاثة آبار. ما نقلته صحيفة journal-neo عن الكاتب الألماني في الاقتصاد F. William Engdahl بتاريخ 3 آذار 2017:

(حقول الجولان للبترول ذات احتياطي يوازي احتياطي آبار السعودية، وقد وجدت شركة إنجي كميات هائلة، والشركة المستثمرة ليست على استعداد لتقاسم هذا الكنز مع أحد).

 

آبار البترول في الجولان ليست هامة لإسرائيل فقط، بل لبريطانيا بسبب السيد روتشيلد، وهنا يأتي تفسير هجوم إرهابيي القاعدة (النصرة) على عناصر اليونيفيل في الجولان في آب 2014، وما تلاه من سحب الفلبين لـ 244 جندياً، بينما سحبت ليبيريا 100 جندي… أي تفريغ المنطقة من قوات حفظ السلام المكلفة بمراقبة وقف إطلاق النار، واستبدالها بإرهابيي النصرة المرتبطين مباشرة بالمخابرات العسكرية الإسرائيلية. الخطة نجحت بجزئها الأول، لكن القيادة السورية أدركت ذلك، ولم تسمح باستقرار “جيش فصل من القاعدة”، وستبقى المعارك مستمرة.

طرحت لندن، الحامية لحصة روتشيلد، فكرة إرسال قوات حفظ السلام من الجيش الإنكليزي، لكن هذا الأمر لن يمر دون سلسلة من المشاورات وموافقة مجلس العموم والأمم المتحدة، والأهم؛ موافقة دمشق.

بعد تعقّد الأمور، وفشل إنهاء الدولة السورية، أمام إسرائيل حلّان لا ثالث لهما…

الأول: اعتراف دولي بمرتفعات الجولان كأرض إسرائيلية

تنتهي مشاكل إسرائيل في هضبة الجولان بمجرد اعتراف واشنطن وموسكو بأنّ الجولان أرض إسرائيلية. وهو الشغل الشاغل لقادة إسرائيل وللشركة المستثمرة لبترول الجولان. لهذا كان الطلبُ باعتراف روسيا بذلك، أهم نقاط مباحثات نتنياهو مع بوتين في سوتشي في 24 آب 2017، لكن الذي علمه مركز فيريل أنّ بوتين رفض ذلك دون تردد، ولن ننسى أن بوتين ليس على علاقة طيّبة مع عائلة روتشيلد لأسباب منها خودوركوفسكي. لهذا أيضاً زار نتنياهو واشنطن في منتصف شباط الماضي، وطلبَ من ترامب الاعتراف بضم الجولان، لكنّ ترامب لا يمكنهُ فعلُ ذلك بوجود قرار مجلس الأمن 242 لعام 1967، وقرار 497 لعام 1981 بأنّ إسرائيل تحتل الجولان بصورة غير شرعية، ويطالبها بإلغاء قرار الضم.

إذاً الاعتراف الدولي على الأقل حالياً غير ممكن، إلا إذا جاءت حكومة سورية صديقة لإسرائيل تُقدّم الجولان “عربون صداقة”، وكان وارداً لو نجحت المعارضة السورية في مرادها، وهذا لم يحصل خلال 6 سنوات من الحرب، وباتَ اسقاط الدولة السورية من الماضي، لهذا على إسرائيل أن تبحث عن حلّ آخر، أي أنّ المعارضة السورية دون استثناء، انتهت فترة صلاحيتها…  

الثاني: حرب طاحنة مع سوريا

تردد على لسان روتشيلد قوله، دون إثبات ملموس: (يستحقُّ الجولان حرباً كبيرة). هذا ما يسعى إليه أصحاب شركات النفط والسلاح، ويدفعون الأمور باتجاههِ، خاصّة وأن نتنياهو يواجهُ مشاكل سياسية وفساد قد تطيحُ به ويستقر به المطاف في السجون، فلا يجدُ مخرجاً سوى الامتثال لرغبة روتشيلد، الصورة تشرح ذلك. التبريرات جاهزة لهكذا حرب: مصنع صواريخ وادي جهنم واقتراب الحرس الثوري وحزب الله من حدودها. معلومات مركز فيريل تقول: (ترامب وبوتين غير موافقين على أيّ تصرف عسكري إسرائيلي)، لكن كلّ حسب نظرتهِ وخوفه على تل أبيب. الثابت لدينا أنّ واشنطن ستدعم الجيش الإسرائيلي في أية مغامرة مهما كانت خطيرة، بالمقابل لن تسمحَ موسكو بتهديد دمشق ولو دخلت الحرب علناً. مما نعرفهُ أنّ قواتٍ روسية تتواجد في الجنوب السوري، وبكافة تجهيزاتها العسكرية، ولا نقول أنها ستحاربُ ضد إسرائيل، لكنها لن تتفرج على الجيش الإسرائيلي خاصة إن أخطأ بقصف هذه القوات… والخطأ في الحروب واردٌ دائمــاً…

القادم على الجولان وسوريا حتى نهاية 2017

بناءً على معلوماتنا وما ورد، فالموقف الإسرائيلي يزدادُ ضعفاً كلما قتلَ الجيش السوري وحلفاؤهُ إرهابياً واحداً، وكلما حرر قرية، لهذا يتعاظم القلق في تل أبيب، وتصبحُ المسألةُ “سباق  مع الزمن”. لهذا نرى القادم في مركز فيريل سيكون كالتالي:

  • حملة إعلامية كبيرة ضد سوريا ومنشأة وادي جهنم، وحديثٌ عن أنها تُنتجُ صواريخ باليستية، مع تكرار “فيلم خان شيخون”، وحديثٌ عن رؤوس غير تقليدية، والمطالبة بالتفتيش…
  • نشاطٌ عسكري إسرائيلي في الجولان، ودعم أكبر للإرهابيين في ريف القنيطرة… عسى ولعل. مع تدريبات عسكرية ومدنية للمستوطنين في الشمال الإسرائيلي.
  • تحرشات عسكرية إسرائيلية بالجيش السوري، وغارات جوية على قواته، واحتمال شن غارات داخل الأراضي السورية، تكون غالباً بصواريخ متوسطة المدى، مع تحاشي دخول الطيران الأجواء السورية، بسبب تحذيرات روسية.
  • ضغط كبير، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، على إيران في مشروعها النووي من قِبل واشنطن ولندن.
  • في حال فشل كافة التحركات العسكرية السابقة، والتحركات السياسية الحالية للمسؤولين الإسرائيليين في واشنطن وموسكو ولندن، لن تجد تل أبيب أمامها سوى الصمت والرضوخ للواقع، وهذا يعني هزيمة نكراء، وتوقف مشاريع الجولان، وتعطّل الشركات العملاقة… أو… الحــرب وأيّ حــرب؟

نُرجّحُ في مركز فيريل أن تلجأ إسرائيل لإشعال الحرب قبل نهاية 2017، وربما قبل ذلك، لكن لن يستطيعَ أحدٌ أن يضمنَ نتائجها، لا ترامب ولا روتشيلد نفسهُ.مركز فيريل للدراسات 29.08.2017. د. جميل م. شاهين.

سوف نطلعكم على المستجدات والمؤشرات الآنية حول أية تحركات مُنذرة، هنا على الموقع أو على صفحتنا على الفيس بوك:

https://www.facebook.com/Firil-Center-For-Studies-FCFS-369658720062314/