هل كانت المخابرات على علم بهجوم برلين الإرهابي!؟ الدكتور جميل م. شاهين

هل كانت المخابرات على علم بهجوم برلين الإرهابي!؟ مركز فيريل للدراسات. 

مازال الكم أهم من النوع… هذا ما يحصلُ عندما يُعلنُ أوروبي ما إسلامه، هنا تبدأ وسائل الإعلام الرخيصة بتسليط الضوء على هذا الحدث الهام: (الشخصية الفلانية أعلنت إسلامها)، وتُصوَّرُ لقاءاتٌ بتلك الشخصية الاعتبارية، والتي قد تكون متشرداً لم يجد طعاماً بالمجان إلا في المراكز الثقافية الإسلامية…

الأخطر أن يكون هذا المتشرد عميل لجهاز استخبارات ما، وهو ما يحدث دائماً والذي ربما حدث في عملية برلين الإرهابية التي جرت بتاريخ 19 كانون الأول 2016 على سوق عيد الميلاد في Breitscheidplatz ببرلين، وذهب ضحيتها 11 شخصاً و64 جريحاً.

معلوماتُ جديدة وخطيرة عن الحادث

لم يترك الإعلام الألماني الحادثة تمر كما يحدث في العديد من الدول، كذلك فعلت المعارضة… رغم أنّ الغموض يكتنف بعض تفاصيل الاعتداء الإرهابي، لكن رفض حكومة ميركل تأكيد ما إذا كان لديها عملاء سريّون ينشطون في المساجد، وتحديداً في المسجد الذي انطلق منه الإرهابي التونسي أنيس عمري، لتنفيذ عمليته، هذا الرفض أكد لنا في مركز فيريل صحة المعلومات وما وجدناه في تقرير مكون من 188 صفحة يخصّ أنيس عمري.  




المفاجأة أنّ 188 صفحة كانت حول الإرهابي أنيس عمري، تاريخها قبل ارتكابه العملية الإرهابية، فهل هو خطأ أمني غير مقصود أم… مقصود؟!

الأمر لم يعد سرياً، ونشرنا في مركز فيريل لمعلومات بخصوص القضية لا يُحملنا مسؤولية كبيرة، طالما أنّ وسائل إعلام ألمانية نشرت جزءاً مما ننشرهُ هنا. مما وجدناه أن فرقة تحقيق بالحادثة وجدت 254 نقطة قصور في تعامل الأمن الألماني مع الإرهابي أنيس عمري، بينها 32 نقطة خطيرة تثيرُ الشكوك!!

من المعلومات أيضاً:

المخابرات في كافة دول العالم دون استثناء، تُراقب المخابرات الهاتفية، وفي ألمانيا اعترض جهاز المراقبة 590 محادثة هاتفية حول أعمال إرهابية أو إجرامية، بينها 10 اتصالات لأنيس عمري يتحدث فيها عن عملية ما!! الذي حصل أن المخابرة الرابعة له، تحدث فيها بالعربية وقليل من الفرنسية، لم يسمح المحققون بترجمة كامل المكالمة، فماذا قال فيها؟!!

عودة لتسلسل الأحداث

الإرهابي أنيس عامري يتردد على مسجد Fussilet التركي وسط برلين، في المسجد عميل للمخابرات الألمانية، وهو شخص ألماني أعلن إسلامه، فتمّ الترحيب به بحفاوة وبات “أخاً” للمسلمين الفرحين به.

نُكرر: أنيس عمري إرهابي تُراقبهُ المخابرات الألمانية منذ سنتين تقريباً.

الساعة 19:08 يوم 19 ديسمبر 2016، بعد أن حلّ الظلام، غادر أنيس عمري آخر مرة مسجد Fussilet وسلك طريقه عبر شارع Perleberger ماراً أمام أكثر من  “كاميرا” للمراقبة زرعها الأمن الألماني لمراقبة الشارع والمسجد، وتمّ تصويرهُ طبعاً.

بعد 20 دقيقة يصعد شاحنة بولونية، فيطلق النار على سائقها ويجلسه بجانبه، ويقود تلك الشاحنة الكبيرة باتجاه ساحة Breitscheidplatz، قاطعا حوالي 5 كلم بين المسجد ومكان تنفيذ الجريمة، وماراً على أكثر من 12 إشارة ضوئية، وبشاحنة كبيرة يُمنعُ دخولها إلا باستثناء إلى وسط المدينة!

في المكان المحدد، يُنفذ أنيس عمري عمله الإرهابي فيدهس عشرات الأشخاص. تصطدم الشاحنة فينزل منها ويهرب تاركاً السائق البولوني ليموت لاحقاً… دون أن يتمكن أحدٌ من اعتقال أنيس! إلى أين يهرب؟ إلى إيطاليا، قاطعاً  أكثر من 1500 لكم عبر المواصلات العامة، لتقتلهُ الشرطة الإيطالية بالرصاص بعد أيام… هنا تطلع علينا داعش لتعلن مسؤوليتها عن العملية.

 




هل يصمت الألمان إن أطعمتهم ميركل؟

أطعم الفم تستحي العين، هذا ما يحصل الآن، فجأة، وبعد مرور أكثر من سنة ونصف، قررت الحكومة الألمانية رفع سقف تعويضاتها المادية لذوي ضحايا الاعتداء الإرهابي، الأصح؛ رشوتهم لشراء صمتهم. فهل يسهل شراءهم؟ نعم يمكن شراء صمتهم بالترغيب وأيضاً بالترهيب… والرحمة للموتى.

كرم الحكومة الألماني يأتي تزامناً مع إثارة الموضوع في البرلمان الألماني بوندستاغ، فقد طالب أعضاء في حزب الخضر بتوضيح إن كان هناك حقاً عميل لجهاز الأمن الداخلي، يتردد على مسجد  Fussilet وله علاقات اجتماعية واسعة مع المسلمين هناك؟ وإن كان هذا العميل على صلة مباشرة مع منفذ الهجوم قبل تنفيذ عمليته الإرهابية!؟

الاتهام الأخطر جاء كالتالي:

قام عميلٌ لجهاز مكافحة الإرهاب بتحريض “إسلاميّ” في ألمانيا للقيام بتنفيذ اعتداءات إرهابية في البلاد.

هذا مُسجّل كملاحظة هامة في مكتب مكافحة الإرهاب بولاية Nordrhein-Westfalen ورد فيها:

(ما قام به العميل هذا قد ساهم في تقوية طموح منفذ الهجوم أنيس عمري لتنفيذ الاعتداء).

هذا الاتهام نشرته أيضاً عدة صحف ألمانية منها صحيفة  Welt am Sonntag، وصحيفة  SPIEGEL-Magazine، فماذا كان الرد الرسمي؟

وزارة الداخلية نفت وجود أي عميل لها، هذا قبل سنة ونصف أي في كانون الثاني 2017.

وزارة الداخلية وفي أيار 2018 أجابت على نفس السؤال: “لا يمكن الإجابة عن هذا السؤال، لأن ذلك يمس سلامة أمن الدولة”. بينما رفض جهاز الأمن الداخلي تقديم توضيحات إضافية.

السؤال الأهم: طالما أنّ أنيس عمري كان مُراقباً وصدر بحقه أمر ترحيل من ألمانيا، وله سجل إجرامي حافل أيضاً، والكاميرات التقطت تحركاته المشبوهة وكذلك 10 تسجيلات هاتفية خطيرة له، لماذا لم تتمكن السلطات الأمنية من منع وقوع الاعتداء؟

هذا ما نشرناه عقب الحادثة مباشرة

الهجوم الإرهابي على سوق الميلاد في برلين

صحيفة  Welt am Sonntag كانت الأكثر جرأة… فنشرت بأنها توصلت إلى أن منفذ الهجوم أنيس عمري كان يخضع لمراقبة مبكرة مشددة منذ عام 2015، وتظهر رسائل إلكترونية عديدة لدوائر حكومية مختلفة أنّ أجهزة أمنية مختلفة كانت ضالعة بقوة في ذلك!!. الصحيفة تعمقت أكثر باتهاماتها فأضافت أن تقييماً أمنياً عن العمري وضع أمام رئيس جهاز الأمن الداخلي الاتحادي BfV    Hans-Georg Maaßenنفسه!

ختاماً: الحقيقة أنّ هناك عميل للمخابرات يدعى V-Mann (رمز استخباراتي) كان يتردد على المسجد كمسلم ألماني، وعلى علاقة بأنيس العمري… والقضية استلمها البرلمان الألماني فهل سينجح بإقصاء رأس السلطة الألمانية؟ أم تستقر الأمور بمعاقبة ضابط شرطة “درويش” بسبب تقصيره في أداء واجبه… وتحفظ القضية…

المخابرات في كافة دول العالم تُجنّدُ لحسابها عملاء، وتقوم بعملياتها… وعلى الشعب أن يدفع الثمن. الدكتور جميل م. شاهين. مركز فيريل للدراسات. برلين. 03.06.2018