هل نقولُ؛ وداعاً يا وزير الأوقاف، وشكر الله سعيكم؟

هل نقولُ؛ وداعاً يا وزير الأوقاف؟ مركز فيريل للدراسات.

يُعاني مسؤولون كُثر من إنفصالهم عن الواقع الذي يعيشهُ المواطن، وكأنهم يعيشون على كوكب آخر. وزارة الأوقاف بمسؤوليها نموذج من هؤلاء “الفضائيين”. سبق وتوجهنا بثلاثة أسئلة لوزارة الأوقاف السورية هي: ما الغاية من زجّ اسم الرئيس في كلّ نشاط ديني؟ ما علاقة وزارة الأوقاف بحزب البعث؟ ما علاقة وزارة الأوقاف بقاديروف؟ ولم نكن ننتظرُ جواباً. كان القصدُ تنبيه أولي الأمر لما تقوم به هذه الوزارة وما تخطط له. راجعوا البحث.

زكاتك خفّض أسعارك!

(زكاتك خفّض أسعارك)، حملة “شرسة” قامت بها الوزارة مع تغطية إعلامية رسمية و “مساعدة” من كبار المسؤولين لغاية في نفس يعقوب، تحاشينا في مركز فيريل للدراسات الحديث عنها، عسى ولعل أن تكون لها نتائج إيجابية على المواطن السوري، وكي لا يُقالَ أننا “نُحطّم” الجهود الخيّرة المعطاءة. الآن وبعد مرور شهر على تلك الحملة نسألُ المواطن السوري فقط عن النتائج، وهو الذي يُقرّر نجاح أو فشل هذه المبادرة “النزيهة”، عِلماً أنّ تقارير الإعلام المرئي تصوّر نجاحاتٍ باهرة للحملة وإقبالاً رائعاً على الشراء!

ما غاية وزارة الأوقاف؟

بعيداً عن الغايات النبيلة تجاه المواطن الذي يُعاني منذ سنوات طويلة، السؤال الذي يتبادر لذهن كلّ سامع للمبادرة: أين كانت وزارة الأوقاف منذ 2011 من هكذا حملة، ولماذا الآن بعد أن اقتربت الأزمة الإقتصادية من خط اللاعودة؟ كثيرون من أبواق الوزارة سيجيبون: الوزارة لم تقصّر فهناك حملات تبرعات ومساعدات إنسانية قامت بها خلال السنوات السابقة…

وزارة الأوقاف الثرية لم تقم بما قامت به أية جمعية خيرية متواضعة، لأنها مشغولة دائماً بالنشاطات التي لا تُطعمُ جائعاً. أهو فشلٌ جديد تضمهُ الوزارة لسجلّها الحافل بالمحاولات الناجحة والفاشلة؟

نجحت بالتغلغل في وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة والتموين، وفي صفوف حزب البعث و بعض “فروع المخابرات السورية…”. وغيرها. نجحت وزارة الأوقاف بـ “تجنيد” عشرات الآلاف من القبيسيات و “القبيسيين” ليتمّ استخدامهم في الفترة القادمة، وكم نتمنى ألا تصيبَ توقعاتنا…  

لكنّهُ اليوم فشلٌ جديدٌ في “الاستقلال” والسيطرة على المزيد من مفاصل الدولة، بما في ذلك الإقتصادية تمهيداً للسيطرة السياسية “الشاملة”…

قبل سنة ونصف طُرِح “مشروع وزارة الأوقاف” بناء على المرسوم الجمهوري بتاريخ 20.09.2018. المشروع يُكرّسُ وزارة الأوقاف كهيئة مستقلة ويربطُ كافة الصلاحيات بالوزير، بحيث يُصبحُ الآمر الناهي حتى في تعيين إمام جامع أصغر قرية في سوريا. المشروع يُقرّر أن موازنة “مجلس الأوقاف الأعلى” خاصّة، ومستقلة عن الموازنة العامة للدولة… وتصدر بقرار من وزير الأوقاف، وبالتالي موازنة وزارة الأوقاف خاصّة، وكافة استثماراتها وإيراداتها وعقاراتها معفاة من التأمينات والرسوم المالية والقضائية والطوابع والضرائب و….! أي أنّ واردات وزارة الأوقاف تأتيها دون خصومات نهائياً، رغم ذلك لا تدخل في موازنة الدولة، وهذه الدولة يجب أن تؤمن الحراسة والكهرباء والماء والصرف الصحي والتدفئة والطرقات و… مجاناً لدور العبادة وتوابعها!!… وفشل المشروع. راجعوا مقالة مركز فيريل للدراسات.

لم يستسلم “داعمو” وزارة الأوقاف من كبار المسؤولين في الداخل و “الخارج”، فتمّ طرحُ مبادرة (زكاتك خفّض أسعارك)، وزير الأوقاف قال حرفياً بتاريخ 20.12.2019: (اجتمع السادة العلماء ومعلمات القرآن الكريم وقرروا إطلاق مبادرة من خلال خطب الجمعة تحت شعار “الدين أخلاق… زكاتك خفض أسعارك”). معلّمات القرآن هو الاسم البديل للقبيسيات طبعاً… إن نجحت المبادرة ستظهر وزارة الأوقاف أنها “المُخلّص” للشعب السوري، فتفرضُ قوانينها و “عباءتها” على الجميع… الجميع… لكن حتى الآن ليست هناك علامات فَلَاح، إلا إذا كانت وداعموها يُخفون في جعبتهم سَبَق السّبْق، فيشهرونه قبل إنتخابات 2021، والمقصدُ واضحٌ.   

وزارة الأوقاف مشغولة بالحملة المليارية!

هي الحملة المليارية للصلاة على النبي، كانت وزارة الأوقاف السورية قد أطلقتها بتاريخ 01.12.2017، ومنذ ذلك التاريخ وهي مشغولة بالعدّ… في تشرين الأول 2019 وكما نشرنا حسب معلومات الوزارة وصل العدد إلى 15,958 مليار صلاة! لم تتوقف الوزارة المشغولة عند هذا الحد بل تابعت نشاطاتها في هذه الحملة، لتقوم بنشر ٍ جديد قبل أيام مُثيرةً عاصفة من السخرية بين المؤمنين أنفسهم، فيتوحّد السوريون بكافة أطيافهم السياسية في “الاستهزاء” بوزارة الأوقاف السورية… منشورٌ يقول: (أعلنت وزارة الأوقاف عن اختتام حملة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، التي تمت خلال شهري ربيع الأول والثاني في جامع الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي بالدعاء لسيادة الرئيس والجيش العربي السوري بحضور وزير الأوقاف د.محمد عبد الستار السيد). ثم منشور آخر: (التقى السيد وزير الأوقاف؛ عبد الستار السيد، وفد مجلس (النور المحمدي) للصلاة الدائمة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقام المجلس بتسليم الوزير الأعداد النهائية للصلاة على الحبيب الأعظم، خلال شهري ربيع الأول و ربيع الثاني). بعد ساعات حذفت الوزارة المنشور بسبب التعليقات من متابعيها.

في الوقت الذي تشهدُ الليرة السورية تراجعاً خطيراً والشعبُ يُعاني من إرتفاع الأسعار، ينشغلُ وزير الأوقاف بالعدّ ويُحاول إشغال الشعب!

أين كان وزير الأوقاف؟

زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دمشق بتاريخ 08.01.2020، وتحديداً الجامع الأموي. ألم يكن من الطبيعي أن يكون وزير الأوقاف باستقباله هناك؟ بل يكون على رأس مستقبليه… أين ولماذا لم يظهر السيد وزير الأوقاف؟ إجاباتٌ كثيرة لم تُقنعنا. ما نراهُ في مركز فيريل للدراسات أنّ زيارة بوتين للجامع الأموي وكنيسة المريمية، لم تكن سياحة دينية وتاريخية فقط، بل هي تأكيدٌ على هوية دمشق التاريخية قبل الدينية، ورسالة لرفض أيّ تغيير يجري لإضفاء الصبغة الدينية السياسية التي تسعى إليها أطرافٌ داخلية وخارجية لأقدم عواصم العالم. وعدمُ ظهور وزير الأوقاف لم يكن صدفة أو أنه مشغولٌ بأمر أهم، فلم تتمّ دعوتهُ للحضور من قِبَل القيادة السورية لما يُمثلهُ من مشروع للإسلام السياسي بحلّةٍ جديدة. هي محاولة جادّة من دمشق وموسكو لفصل الدين عن الدولة، ووقفة بوجه كافة المحاولات، التي تقوم بها دول “متناحرة”، لزيادة عدد الدول الدينية في الشرق الأوسط. الكلام واضح ومَن يريد توضيحاً أكثر؛ السعودية وتركيا وإيران والولايات المتحدة وبريطانيا… هل انتهى دور فنقولُ؛ وداعاً يا وزير الأوقاف السوري؟ ولا نقصدُ السيد عبد الستّار شخصياً، بل الدور الذي سعت للعبه وزارة الأوقاف منذ سنواتٍ طويلة كي تصل إلى الكرسي السياسي، أم سنرى جولةً جديدة من المحاولات “الذكية”؟!… وعودٌ على ذي بدء، و (العرب عندها ردّات)… مركز فيريل للدراسات. 19.01.2020