إسهال القادة العرب. سفارات إسرائيل قريباً في الدول العربية. لماذا عُمان؟

عدد القراءات 3913 تفاجأ كثيرون بزيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية لسلطنة عُمان، وكأن نتنياهو ركب طائرته فجأة وقرر زيارة مسقط!

الزيارة ما كانت مفاجئة، ولم تكن الأولى أو الأخيرة، هي ضمن زيارات وعلاقات تتراوح بين السرية والعلنية، بين إسرائيل ودول الخليج منذ… عشرات السنين، نعم منذ عشرات السنين هناك تبادل للزيارات بين الطرفين.

أمثلةٌ سريعة ننقلها لكم؛ وفد من حاخامات “حباد” زار البحرين أواخر عام 2016، وقبل سنوات كانت ابنة ملك البحرين في زيارة لإسرائيل. بتاريخ 24 حزيران 2018 زار وفدٌ إسرائيلي المنامة بحجة المشاركة في اجتماع لجنة التراث العالمي التي تنظمه اليونيسكو…

تُفيدُ معلومات مركز فيريل للدراسات أنّ نتنياهو في طريقه إلى المنامة… فلِمَ الاندهاش؟

الإمارات كانت سباقة من حيث عدد الزيارات التي وصلت حدّ التطبيع مع تل أبيب، برعاية سفير أبوظبي في واشنطن يوسف العتيبة. اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح بتواطؤ مع الموساد في 2010، كان واضحاً.

في كانون الثاني 2014 زار وزير الطاقه والمياه الإسرائيلي سيلفان شالوم الإمارات، وحضر اجتماع وكالة الطاقه المتجددة الدولية في أبو ظبي.

في عام 2015 تمّ افتتاح المكتب التجاري الإسرائيلي في أبوظبي، ثم استضافت منتخب الجودو الإسرائيلي. بنفس الوقت؛ تمنعُ أبو ظبي رفع علم فلسطين داخل الأماكن العامة ومؤسساتها الرسمية!

الفضائح التي ساقها الإعلامي الإسرائيلي والباحث الأكاديمي في معهد بيغن ـ سادات، إيدي كوهين، عن مشاركة طيار إماراتي مع الطيران الإسرائيلي في قصف قطاع غزة، خلال عملية تدريبية على طائرة F35، معروفة. يومها تحدى كوهين هذا نائب رئيس شرطة دبي ضاحي خلفان بانكار ذلك، بل كشف أن خلفان نفسه زار إسرائيل قبل سنوات

قطر والسعودية ليستا بمنأى عن الزيارات المتبادلة العلنية، وزيارة ضابط المخابرات السعودي السابق اللواء أنور عشقي، على رأس وفد لإسرائيل في تموز 2015، معروفة.

طبعاً المغرب وغيره من الدول العربية، هناك زيارات متبادلة ولقاءات منذ سنوات طويلة، في حين تتفاخر هذه البلدان بأنها لا تقيم علاقات ديبلوماسية مع تل أبيب!.

عُمان نموذج عن الدول العربية، لكن لماذا مسقط؟

السلطان قابوس بن سعيد، أطاحَ بوالده سعيد بن تيمور عام 1970، واستولى على الحكم، وهو عميد الزعماء العرب حالياً. بعد ذلك وفي عام 1976، حدثت ثورة في إقليم ظفار بدعم من الدول القومية العربية، فقامت بريطانيا بإخمادها بمساعدة شاه إيران. دور إسرائيل كان تزويد السلطان قابوس بالسلاح… إذاً العلاقات تعود لعام 1976 على الأقل، لهذا قلنا عشرات السنين.

في أيلول 1978، ثلاث دول عربية دعمت اتفاقية “كامب ديفيد” بين إسرائيل ومصر، هي المغرب والسودان و… عُمان، والأخيرة رفضت قطع علاقاتها الديبلوماسية مع القاهرة.

ازدادت الزيارات الاستخباراتية بين تل أبيب ومسقط بعد الثورة الإيرانية وإسقاط الشاه الحليف للدولتين.

منذ شباط 1994، باتت لقاءات نائب وزير الخارجية الإسرائيلية يوسي بيلين، بوزير خارجية عُمان، علنية. لتتوج بلقاء إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل بالسلطان قابوس في 27 كانون الأول 1994.

الاجتماعات العلنية منذ نلك التاريخ خرجت للإعلام، وباتت لقاءات وزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيرس، بوزير خارجية عُمان يوسف بن علوي دائمة، ليشارك الأخير بجنازة اسحق رابين، بينما يزور شمعون بيريز عُمان في نيسان 1996، ويُستقبل في القصر السلطاني، مع عزف النشيد الإسرائيلي! بعد افتتاح مكاتب تمثيل تجاري بينهما أوائل 1996.

حركاتٌ إعلامية لامتصاص غضب الجماهير “المؤقت” كانت تقوم بها الدول العربية، ومنها عُمان، كإغلاق مكاتب التمثيل الإسرائيلية، ريثما يخفُّ هذا الغضب سريع العطب. الجماهير “الساذجة” تُصدّق وتصفّقُ كما صفقت لصديق إسرائيل أردوغان عندما استغبى الملايين بعدائه لتل أبيب…

بعد ذلك تعود اللقاءات، وهذه المرة تقودها “صديقة” المسؤولين العرب، وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، فتلتقي وزير خارجية عُمان في… الدوحة 2008.

سفارات تل أبيب قادمة في معظم الدول العربية

توقعنا ضمن أحداث 2018 في مركز فيريل للدراسات أن تظهر العلاقات العربية الإسرائيلة للعلن، وافتتاح سفارات لإسرائيل لم يعد بعيداً…

القادم وحسب توقعاتنا هو “إسهال عربي” تجاه إسرائيل… الحياء ذهب إلى غير رجعة، والشعوب العربية، كالعادة، تثور ساعاتٍ ثم تبرد والحكام العرب لا يقيمون وزناً لهذه الشعوب التي يسهل انقيادها كل يوم، باتجاه عدوّ جديد عبر خطبة جمعة واحدة… خطبة واحدة فقط.

العدو الآن هو إيران وسوريا وروسيا. إسرائيل هي الصديقة وابنة العم، والإله هو أردوغان حامي الحمى…

تل أبيب نجحت بوضوح، ليس لذكائها بل لغباء أعدائها، وأعلامها سوف ترفرف فوق عواصم الدول العربية.

صفقة القرن تمشي بخطىً ثابتة، بدءاً من عُمان مروراً بعواصم الخليج وانتهاءً بالقاهرة، القدس ضاعت والتهويد على قدم وساق… بينما الجماهير الثائرة تُفرّغُ شحناتها بحرق العلم الإسرائيلي، وهي تردد: “سوف نحرر فلسطين من النهر إلى البحر” دون أن تنسى هذه الجماهير كلمة “فشروا”… مركز فيريل للدراسات. 09.11.2018.