روسيا تسحبُ قواتها من سوريا نحو أوكرانيا!

عنوان نصف مثير، العنوان المثير أكثر هو ما يتناقلهُ أعداء روسيا وسوريا ويقول: (موسكو: سنسحب قواتنا من سوريا نحو أوكرانيا، وستحلّ محلها قوات إيرانية وحزب الله). لاحظوا أنّ صاحب التصريح هو موسكو. القنوات الفضائية تناقلت الخبر وكأنه صادر عن الكرملين، فما هي حقيقتهُ وكيف ستبني عليه تل أبيب؟

الصحف الإسرائيلية والعربية تُصعّد ضد سوريا وحزب الله

صحيفة The Times of Israel نشرت مقالة الأحد باللغة الإنكليزية تحت عنوان “موسكو تقول أنها تسحب قواتها من سوريا نحو أوكرانيا”، تقول فيه: “تطور مُقلق لإسرائيل، فقد كشف تقرير أن موسكو بدأت عملية لسحب بعض قواتها المرابطة في سوريا لتعزيز قواتها في أوكرانيا والعاملة ضمن “العملية الخاصة” التي بدأت في شباط الماضي. فقد نقلت العديد من الوحدات العسكرية من قواعد في جميع أنحاء البلاد إلى 3 مطارات في البحر المتوسط لنقلها لاحقاً إلى أوكرانيا. القواعد التي تركها الجيش الروسي انتقلَ إليها الحرس الثوري الإيراني وحزب الله … كانت موسكو القوة الرئيسية التي تمنع التوسع الإيراني، حيث نشرت 63 ألف جندي في سوريا…”.

طبعاً موسكو لم تُصرّح بذلك، والمصدر هو مختلف تماماً، بينما وسائل إعلام عبرية وعربية تحديداً، بدأت تنقل الخبر مع تحليلات وإضافات لغايات في نفس يعقوب.

مصدر الخبر ليس موسكو

موسكو تايمز (TMT)  Moscow Times صحيفة روسية معارضة مستقلة تنشر على الإنترنت بالإنكليزية والروسية منذ 2017، أسست في موسكو عام 1992 كصحيفة يومية مطبوعة توزّع “مجاناً”. بعد بدء الحرب في أوكرانيا تم حظرها في روسيا، لتتخذ من أمستردام هولندا مقراً رئيسياً لها وتلقى الدعم الغربي والإسرائيلي، هذه الصحيفة قدّمت تقريرها هذا ضمن سلسلة تقارير أخرى تحمل نفس الطريقة والأسلوب. الإعلام الإسرائيلي أخذ التقرير سواء كان صحيحاً أم كاذباً وبدأ يبني عليه لزيادة التصعيد

في اليوم التالي تحدثت القناة 12 الإسرائيلية وعلى لسان الخبير في شؤون الشرق الأوسط إيهود يعاري: (بدون النفوذ الروسي في دمشق، يمكن لطهران بسهولة دفع وحداتها إلى سوريا… ليس لدى إسرائيل أية طريقة للتأثير على الانتشار الروسي هناك، لهذا فإنّ خفض الوجود الروسي العسكري سيساعد على إحكام قبضة إيران المتزايدة في المنطقة.).

العلاقات الروسية الإسرائيلية في أسوأ أيامها

حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت تجنّبَ انتقاد روسيا مباشرة بسبب حربها في أوكرانيا، مقابل الحفاظ على حريتها في الأجواء السورية التي تسيطر عليها القوات الروسية. حتى أنّ تل أبيب عرضت التوسط بين كييف وموسكو، مدعية أنها ترسل لأوكرانيا مساعدات إنسانية فقط. توترت العلاقات بعد توارد أنباء عن وجود مقاتلين إسرائيليين في صفوف الجيش الأوكراني وتزويد الجيش هناك ببعض الأسلحة، فردت موسكو بالتذكير بأن الجولان أرض سورية. ليأتي كلام لافروف عن دم هتلر اليهودي فيزيد هذا التوتر، هنا يكذب نفتالي ويقول أنّ بوتين اعتذر منه، واليوم تستغلُ إسرائيل هذا الخبر إلى أبعد حدود.

إجتماعات في الكنيست لمناقشة الانسحاب الروسي المزعوم

اجتمع أعضاء الكنيست البارحة لمناقشة موضوعين رئيسيين، وحسب المراسلة السياسية تال شنايدر ؛ الحرب في أوكرانيا وتداعياتها، وتأثير سحب الجيش الروسي من سوريا ودخول حزب الله والحرس الثوري الإيراني مكانه.

هل سحبَ الجيش الروسي فعلاً قواتٍ كبيرة من سوريا؟ الحديث عن 63 ألف جندي روسي متواجد فوق الأراضي السورية أمر مبالغ فيه كثيراً. ويبدو أنّ الذين تحدثوا عن سحب قوات كبيرة من الجيش الروسي، استندوا لقرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحب الجنرال ألكسندر دفورنيكوف من سوريا وتعيينه قائداً للعمليات في أوكرانيا في 10 نيسان الماضي. نعتقدُ أنّ موسكو سحبت بعض المستشارين العسكريين والضباط الذين يمتلكون خبرة في الحرب، ليس أكثر.

تحليل مركز فيريل للدراسات

الحكومة الإسرائيلية الحالية تُصارع  من أجل البقاء، بعد أن خسرت أغلبيتها بسبب انشقاق رئيسة الائتلاف السابقة وعضو الكنيست عن حزب يمينا، عيديت سيلمان في 06 نيسان الماضي، أي أنّ الأغلبية لم تعد موجودة فتعادلت أصوات الإئتلاف الحاكم والمعارضة 60 صوتاً لكل منهما. احتمال إسقاط الحكومة الحالية وارد في أية لحظة. هذه نقطة هامة.

حكومة نفتالي بحاجة لنصر ما ضمن عمل عسكري. الاقتراحات المعلنة أن يكون في جنين أو غزة، لكن ما نراه في مركز فيريل للدراسات أن بين المقترحات غير المعلنة، زيادة عدد الضربات في سوريا وتوسيعها.

التقرير المزعوم من الصحيفة “الهولندية” المذكورة، يُقدّم ذريعة إضافية لشن اعتداءات قد تطال مناطق جديدة فوق الأراضي السورية، فقد ذكرت مواقع أخلاها الجيش الروسي في درعا وتلميحات لمطارات سورية كان فيها للجيش الروسي حضور ما.

في 17 آذار 2016، نشرت صحيفة The Times of Israel نفسها خبراً عنوانهُ: (بعد إعلان روسيا سحب قواتها، تستعد إيران لإرسال قوات خاصة إلى سوريا). كما في الصورة، بعد ذلك زادت حدة الاعتداءات الإسرائيلية وكانت الحجة الدائمة أنها تُهاجم ميليشيات إيرانية. إيران على بعد خطوة من إجراء “تجربة نووية” بينما الاتفاق النووي في مخاض طويل. روسيا مشغولة بأوكرانيا وعلاقاتها متوترة بتل أبيب. فهل سيتجاوز الطيران الإسرائيلي هذه المرة الحدود المرسومة له باتفاق مع بايدن أو بدون اتفاق؟ مركز فيريل للدراسات. 10.05.2022. Firil Center For Studies. FCFS Dr. Jameel M. Shaheen