ألمانيا تستعد للحرب!

ألمانيا تستعد للحرب! 02.05.2022 Firil Center For Studies FCFS. Berlin

فاجأت وزيرة الداخلية الألمانية Nancy Faeser، بطلبها من الشعب الألماني الاستعداد للطوارئ وتخزين المواد الغذائية والطبية ولانقطاع الكهرباء والإنترنت والكثير  الكثير.

لو أنّ هذا الكلام صادرٌ عن وزير بريطاني أو أميركي أو حتى روسي، لقلنا بروباغندا إعلامية، لكن أن يصدر عن وزيرة ألمانية عُرفت بدقة التعبير والذكاء والحنكة، فهذا يمنحُ كلامها مصداقية أكثر وضرورة تحليله والتفكير به بروية.

السيدة نانسي السياسية المخضرمة والمحامية وأول إمرأة تشغل منصب وزير الداخلية، رئيسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) في ولاية Hessen منذ 2 تشرين الثاني 2019، زعيمة المعارضة سابقاً، كل هذا يؤكد أنها لا تقول كلامها إلا عن ثقة كاملة ورؤية مستقبلية لما قد تنزلق إليه الحرب في أوكرانيا. دعونا أولاً نقرأ ما قالته الوزيرة في لقاء مع صحيفة Handelsblatt نُشر صباح البارحة الأحد 01 أيار 2022:

على المواطن الألماني الاستعداد للطوارئ وبينها الحرب

(ننصح المواطنين باتخاذ الاحتياطات اللازمة في حالات الأزمات والطوارئ. على سبيل المثال، في حدوث هجمات سيبرانية على البنية التحتية الحيوية. إذا انقطعت الكهرباء لفترة طويلة أو كانت الحياة اليومية مقيدة بطريقة ما، فمن المنطقي بالتأكيد أن يكون لديك إمدادات طوارئ في المنزل.). هنا أشارت السيدة فيسر إلى القائمة التي نشرها المكتب الفيدرالي للدفاع المدني Bundesamt für Bevölkerungsschutz. تتابع:

(نولي الدفاع المدني حالياً أهمية قصوى، من أجل التعامل مع الأزمات وحالات الطوارئ المختلفة؛ الأوبئة، تغيّر المناخ، ومخاطر الحرب)

هنا تُحدّد الوزيرة أكثر بعد أن طلبت من المواطنين مراجعة التدابير المتبعة في حالة الطوارئ: (الأمر لا ينطبق على الأمور التقنية فقط، بل يجب التحقق من التدابير الوقائية الأخرى كالإمدادات الغذائية أو الأدوية أو المستلزمات الطبية.). مطالبة المواطنين بالتأكد من مخزونات المواد الغذائية والأدوية ومواد الإسعافات الطبية. ثم تابعت الحديث عن الإجراءات المتبعة لتحضير 599 ملجأً وعدة أماكن أخرى في ألمانيا.

إعادة فتح وبناء الملاجئ النووية

كانت ألمانيا بشقيها الشرقي والغربي، تعجّ بالملاجئ النووية والتقليدية. لكن مع إنهيار الاتحاد السوفيتي وتوحيد شطري ألمانيا، اطمأنت الحكومات المتتالية بطريقة مبالغ فيها لدرجة أنها افتتحت الملاجئ السرية متاحف للجمهور. ومنها الملجأ الفيدرالي الأكثر سرية في العالم والواقع في Moseltal والذي خبّأ فيه البنك المركزي الألماني (Bundesbank) 15 مليار  مارك للطوارئ عام 1962. الملجأ النووي كان بمدخل عادي لمرآب ببابين للسيارات ومكان للتنزه، ولكن أحداً من المنطقة لم يكن يعلم حقيقة ما يوجد على عمق 30 متراً وبمساحة 9000 متر مربع.

بناء ملاجئ نهاية العالم وحسب شركات مثل شركة Vivos وشركة Rising S Company وغيرها؛ تضاعف أكثر من عشر مرات حول العالم وخاصة في دول الناتو. أمّا بالنسبة لألمانيا فقد أغلقت حتى ملاجئ القسم الشرقي منذ أكثر من 30 عاماً، حتى باتت غير صالحة حالياً للعيش حسب الـ (BBK). كما أنّ بناء ملاجئ جديدة مُكلفٌ جداً ويحتاج لشهور طويلة.

الحكومة الألمانية أعادت فتح بعض الملاجئ كملجأ Salzgitter القريب من هانوفر، لتجد أنّ النظام الوحيد الذي مازال يعمل به هو نظام التهوية، بينما يحتاج البناء للترميم ومن ثم تأثيثه وإنارته وتأمين نظام التدفئة والتبريد وأماكن حفظ الطعام والماء… عِلماً أنّ طاقته القصوى 1000 شخص فقط. الغريب أنّ الملجأ الوحيد الجاهز وُجِدَ في مدينة Magdeburg ويتبع للحقبة السوفيتية!

اكتشاف هذا التقصير، جعل بعض السياسيين “الأذكياء” يقترحون الإختباء في الطوابق السفلية وحتى المترو، لكنّ دائرة الدفاع المدني أكدت أن ذلك قد يحمي من القنابل والصواريخ العادية، لكنه لا يحمي من الهجمات النووية أو حتى الصواريخ والقنابل الكبيرة.  

ترميم الملاجئ وإعادة تجهيزها يحتاجُ لمليارات إضافية تزيد العبء على الاقتصاد الألماني الذي يُعاني من أعلى تضخم له منذ عام 1981 وصل إلى 7,4% مع نهاية نيسان، مع ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية بين 8 و 12% خلال شهر واحد تضاف إلى 6,2% في آذار و 5,2% في شباط، وارتفاع الوقود 39%. هذا باعتراف المكتب الاتحادي الألماني للإحصاء. معلومة سريعة: ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية خلال عام 2021 كاملاً 3,1%.

الآن تواجه الحكومة الألمانية قصوراً كبيراً في الدفاع والاقتصاد والطاقة والغذاء، وتكللت بعجز في الملاجئ النووية وحتى العادية، والوقت لا يسمح ببناء المزيد منها، وأقصى ما يمكنها فعله هو صيانة المتوفر وسؤال المولى اللطفَ في قضائه. إدارة التحرير في مركز فيريل للدراسات. 02.05.2022