ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان في سوريا. الدكتور جميل م. شاهين. مركز فيريل للدراسات ـ برلين

عدد القراءات 14048. تاريخ النشر 02.10.2016

سبق ونشرنا عام 2016 حول ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان في سوريا. ثار بعض “مراهقي الفيس بوك”، واعتبروا كلامنا تهويلاً. اليوم وبعد ثلاث سنوات من نشرنا للتحذير، هل تأكد هؤلاء أنهم مازالوا مراهقين؟ 

نحن الآن في شباط 2019، وتقريرنا كان في 2 تشرين الأول 2016، وللأسف ما ذكرناه وحذرنا منه كان صحيحاً… اختصاصية أمراض الدم في مشفى ابن النفيس وسمة العشاوي، أكدت حدوث ارتفاع في حالات الإصابة بالأورام السرطانية ضمن شرائح الصغار في سوريا، خاصة ذوي الأعمار المبكرة، وهي الفئة التي لم تكن الأورام شائعة وسطها، قبل سنوات. أغلب تلك الحالات تأتي من المناطق الشمالية الشرقية في البلاد (الحسكة، والرقة، ودير الزور).

عن منظمة الصحة العالمية ننقل: مرض السرطان سينهي حياة ما يقارب 9.6 ملايين شخص قبل نهاية 2018، وسيكون مسؤولا عن واحدة من كل ثماني وفيات بين الرجال، وحالة وفاة بين إحدى عشرة حالة بين النساء. سرطان الرئة هو الأكثر انتشاراً يليه سرطان الثدي. 

لم يكن الدمار والقتل والتهجير الذي حدث في سوريا منذ 2011 كافياً، حتى يأتينا القدر بارتفاع نسبة الإصابة بأمراض قاتلة كالسرطان. سبق وأن نشرنا بحثاً واسعاً أجراه مركز فيريل للدراسات في 31.05.2016، بعنوان “سُـــوريا بين 2010 و 2016″، تحدثنا في أحد أبوابه عن الواقع الصحي في سوريا. اليوم نخصص هذا البحث لارتفاع نسبة الإصابة والموت بالسرطان بشكل مختصر.

لمراجعة البحث يمكنم مشاهدتة هنا:



سوريا بين 2010 و 2016 بحث لمركز فيريل للدراسات ـ برلين أيار 2016

  • ارتفع عدد حالات الإصابة بالسرطان في معظم دول العالم بشكل كبير، خاصة البلدان النامية، لتصل إلى 14 مليون إصابة سنوياً، ويتوقع أن تصل إلى 19 مليوناً عام 2025، و 24 مليون حالة عام 2035، والسبب حسب WHO هو ازدياد التلوث نتيجة الصناعة والحروب والتدخين والكحول والبدانة والأشعة الطبية وأشعة الشمس. نحن في سوريا ضمن هذه البلدان النامية، لكن المشكلة أننا صرنا نحتل المراكز الأولى بانتشار هذا القاتل بعد عام 2011…

سبب ارتفاع نسبة الإصابة والموت بالسرطان في سوريا، يمكن تلخيصهُ بسبب رئيسي هو الحرب ونتائجها

نتيجة الحرب، انتشرت بعض الأمراض التي تعتبر مؤهبة لحدوث السرطان، إن بقيت بدون علاج، مثل فيروس Humane Papillomviren HPV، وفيروس التهاب الكبد und C Hepatitis B، الأمراض الجنسية خاصة متلازمة الإيدز Acquired Immune Deficiency Syndrome، المنتشرة على الحدود التركية والرقة وإدلب، بين صفوف إرهابيي داعش والنصرة خاصة.

ارتفاع نسبة التلوث في البيئة، الهواء والتربة والماء، نتج عن دخان المعارك واستخدام مواد متفجرة مُسرطنة، أو مواد كيميائية، وحرق النفط الخام الذي يستخرجه الإرهابيون والانفصاليون بطرق بدائية، خاصة في محافظات دير الزور والحسكة والرقة، ويسبب اصابات تنفسية  واضطرابات دائمة في الجهاز العصبي، واستنشاق هذا الدخان، سبب رئيسي لارتفاع سرطان الرئة والحنجرة بشكل كبير في سوريا.

تراكمت الجثث والقمامة والركام، وتلوثت مياه الشرب واختلطت بالصرف الصحي.

أيضاً؛ استخدام المولدات الكهربائية بسبب انقطاع الكهرباء، والتي تنفث دخانها بين المنازل ساعات طويلة يومياً، ويكفي أن نعلم أن مولدة كهرباء واحدة في دمشق، تسبب تلوثاً بقدر ما تسببه 8 سيارات.

بسبب الحرب أيضاً تراجعت صناعة الدواء بنسبة 60%، بعد أن كانت سوريا عام 2010 الأولى على المستوى العربي، وجودة الدواء السوري جعلته ينافس مثيله الأوروبي كونه يُصنّع  وفق شروط  Good manufacturing practices GMP، ومرخّصٌ من الشركات الأوروبية والأميركية المانحة للامتياز  والتي وصل عددها إلى 59 شركة. نقص الدواء واللقاح يسمح بتفاقم الاصابات والأمراض الأخرى التي قد تكون مرحلة ما قبل سرطانية، وتتحول لسرطانية.

نوعية الغذاء وطبيعته:

نتيجة الحرب والحصار الاقتصادي، وتقطّع المناطق وتراجع الزراعة، بات المواطن السوري يعتمد في غذائه على المواد الأساسية والمعلبات التي تقدمها الدولة أو المنظمات “الإنسانية”، وبعض المأكولات “الروتينية” اليومية التي يشتريها من راتبه “الشحيح”، وابتعد عن الخضروات والفواكه والأطعمة الطازجة.

هنا نؤكد من مركز فيريل للدراسات على التالي:

تدخل سوريا بطريقة شرعية أو غير شرعية، بعض المواد الغذائية منتهية الصلاحية، أو تحمل مواد مسرطنة، وقد تم اكتشاف لحوم وفراريج مُجمدة في حماة، ومعلبات منتهية الصلاحية في دمشق، يتم بيعها بعد تغيير مدة الصلاحية أو محوها، تصلنا هذه المواد عبر تركيا ولبنان والأردن بطرق التهريب، أو عن طريق مساعدات “إنسانية” من منظمات مختلفة، يتم التلاعب بها من قبل تجار الأزمة السورية بمستويات عالية…” هنا نُطالب من مركز فيريل وزارة الصحة بالظهور العلني على الإعلام بعد فحص هذه المواد والتأكد منها، ونفي الخبر أو تأكيده، خاصة مع انتشار خبر القمح المُسرطن اللبناني…” بانتظارك يا وزارة الصحة

العقوبات المفروضة على سوريا:

تجعل الحصول على الأدوية الخاصة بعلاج السرطان، أو أجهزة الكشف المبكر، أمراً صعباً، خاصة مع ضعف الاقتصاد السوري، وتراجع خزينة الدولة من العملات الصعبة، وتدني دخل الفرد ليصبح 10% من دخله عام 2010، وبالتالي لا يمكنه شراء أي دواء أو مراجعة الطبيب للكشف عن حالات إصابة، وبات همّ المواطن تأمين لقمة عيشه وتفادي أماكن الموت السريع.

تعطل عدد كبير من المشافي نتيجة الحرب أو قصفها أو وقوعها بيد الإرهابيين، كمشفى الكندي في حلب، الذي يعتبر أكبر مركز لعلاج الأورام، ودشن في كانون الثاني 2010. كما تراجع الكادر الطبي الأخصائي بعلاج السرطان، نتيجة الهجرة خارج سوريا أو وفاة كثيرين بسبب التفجيرات والقصف والخطف.

14569587_935605166567232_279805103_n

  • السرطان في سوريا بالأرقام:

حصل مركز فيريل للدراسات على أرقام بمدى ارتفاع نسبة الإصابة والموت بالسرطان، من وزارة الصحة السورية، وهي أرقام من السجلات الرسمية للمشافي والمراكز الصحية التابعة للدولة، وأيضاً من بعض الأطباء في المناطق التي يسيطر عليها المسلحون، وهي أرقام تقديرية.

السرطان هو السبب الأول في الوفاة من بين باقي الأمراض في سوريا ونسبتهُ 54%، والنسبة العالمية هي 21%.

المناطق الأكثر إصابة بالسرطان في الجسم، هي الرئة والسرطان الهضمي /الكولون، المستقيم، الكبد، المعدة/، ثم الثدي لدى المرأة. وهنا لب الموضوع، والتأكيد على ما ذكرناه في بحثنا لأسباب ارتفاع الإصابة: التلوث، والطعام.

تضاعفت الإصابة بالسرطان بأنواعه في سوريا بنسبة 112% مقارنة بعام 2010، والنسبة العالمية 18% لزيادة الإصابة بالسرطان، أي أن نسبة الإصابة في سوريا بالسرطان هي أكثر بست مرات من النسبة التي حددتها منظمة الصحة العالمية WHO.

يتم تسجيل 110 إلى 120 حالة سرطان يومياً في سوريا. لتصل إلى 43800 إصابة جديدة سنوياً.

ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان بين الأطفال دون سن الـ 18 سنة، وقد بلغ عدد الأطفال المصابين بالسرطان 16% من إجمالي الإصابات، وهي واحدة من أعلى النسب في العالم.

عدد الوفيات بمرض السرطان في سوريا حوالي 47 ألف حالة وفاة سنوياً من أصل 87 ألف وفاة بسبب الأمراض الأخرى، وهي تعادل 54%، وتعتبر من أعلى النسب في العالم، والسبب الرئيسي في الوفاة هو التشخيص المتأخر للمرض وتأخر العلاج، أو عدم وجوده.


اطلع مركز فيريل للدراسات أثناء زيارته لمشفى البيروني في دمشق، على الخدمات الطبية المجانية التي تقدمها للمصابين بهذا المرض، حيث يصل عدد الجرعات اليومية إلى 170 جرعة علاج. وبشكل عام نقول: الخدمات ضمن الظروف الحالية جيدة، لكن هناك نقص في الأدوية المعالجة للسرطان بشكل كبير، واستغلال للمواطنين من قبل التجار، حيث يضطر المريض لشراء الدواء المهرّب بعشرة أضعاف ثمنه، إن لم يستطع تأمينهُ من المشفى. وبذلك حتى بمرض السرطان: “الغني يعيش أطول والفقير يموت بسرعة أكبر”.

يتقدم مركز فيريل للدراسات بالشكر لكل مَنْ زودنا بمعلومات رسمية وخاصّة، ونشكر أيضاً فريق فيريل العامل في سوريا.  02.10.2016 الدكتور جميل م. شاهين