خــازوق دّقَ بأسـفلكم، مـن لسـبوس إلى باســاو.

 

د. جميل م. شاهين 31.10.2015

 

اقتنـعَ كثيرون من المخدوعين أخيراً أنّ السـيدة ميركـل استقبلت اللاجئين السوريين ليس عشـقاً بأراكيلهم، أو بحثـاً عن عبقريتهم، لكن قسـماً آخر مازال يرتدي عدسـاتٍ لاصقة تعميهِ عن رؤيـة الحقيقة، فيركب البـلم أو يركبُ البـلم عليـه.

أتحدثُ اليوم عن أحـدِ أهـمّ بواعث العشق الألماني للاجئين السوريين وهـو الضغـط السـياسي. فكلما ازداد عـدد الهاربين من حكـم مـا وُصِفَ بالديكتاتـوري، كلما شكّلَ ذلكَ ضغطاً عليه للرحيل، وهذا بيت القصيد الألماني بالاتفاق مع باقي دول الاتحاد وواشنطن.

كان المرجو أن يأتيهم لاجئون من العائـلات “أكابـر”، لتكثر صـور الأطفال والنسـاء الذين عانـوا من البراميل.

كان المرجو أن يكون معظم الذين جاؤوا من المعارضين للحكم في سـوريا.

كان المرجـو أن تثور ثائـرة الشعوب الأوروبية وهم يرون ما يفعلهُ الجيش السوري بهؤلاء المساكين، حسب ما يصوّرُ إعلامهم.

الذي حصل هو العكس تمـاماً:

ــ “لاجئـون أم قِـردة” هذا ما قالتـه صحيفة  Patriotes en Colère الفرنسية قبل يومين بعد استقل مئات اللاجئين قطاراً أوصلهم باريس، بينهم عشرات السوريين، وأوثقوا ذلك بصور مخجلة أعتذر عن نشرها هنا، وأضافت الصحيفة: “شاهدوا احتـرام وحضـارة هؤلاء. إنّ الخراب الذي فعلوهُ بالقطـار لا يُقاس بمـا سـيفعلهُ هؤلاء عندمـا يسـتقرون في أوروبــا.”

ــ أكثر من 70% من اللاجئيـن هم شـباب ذكور، يحملون آي فون و”ويطقشون” صور سيلفي في الحاجـة ميركل، ومعظمهم هـارب من الخدمـة العسكرية.

ــ أقل من نصف اللاجئين يُعتبـر مُعارضـاً، ولكن بينهم مَـنْ حمل السلاح وقاتل وقَـتَـلَ وهو حرّ طليق بين الشعب الألماني. ويكفي أن نعرف أنه خلال الأسبوع الأخير جرت ثلاث جرائم اغتصاب، في مدينة ماغدي بورغ وكارلسروه، للأسف أحد أبطالها لاجئ سـوري في الـ23 سنة من عمره.

النصف الآخر مُعارضٌ للمعارضـة بل يحتقرهـا ويتمـنى لو تعـود سـوريا لمـا قبل 2011.

ــ بين اللاجئين أقل من 10% يحملون شهاداتٍ جامعية، أي أنّ شـركة مرسيدس لن تسـتفيد كثيراً من خدماتهـم العبقريـة، وهي تبحثُ عـن 50 ألف وظيفـة للسوريين كمـا تناقـل بعض “الأذكيـاء” هذه الإشـاعة.

ــ الشعب الأوروبي وتحديداً الألماني فهـم الحقيقـة، ولم يخرج بأيّـة مظاهـرة تأييداً للاجئين، بل ضد التمييز العنصري وبتوجيـه من الحكومة، لهـذا جـاء استطلاع الرأي لمحطة إن تي في الألمانية يقول: 91% من الشعب الألماني ضد اسـتقبال أي لاجئ جديد.

قال لي أحـد المسؤولين عن مراكز الهجرة هنـا في برلين، وأنا أستعرض معه ازدياد نسـبة الجرائم في ألمانيـا بشكل غير مسبوق في تاريخها، قال: “أعتقـد أن حكومتكم مسـرورة الآن بتخلصها من آلاف المجرمين، والعاطلين عن العمل والكسالى. هؤلاء لا ينفهعـم حاكم سـوى صـدام حسـين.”.

نعـم بدأتْ ألمانيـا تشـعرُ بالخـازوق، وهي ترى ما يحدث في شـوارعها ومراكز اللجـوء وأقسـام الشرطة والسجون، والأهم اقتصادها الذي تتباهى بـه، وهي الآن “تتسـوّلُ” من الشعب الألماني وتضع أرقـام الهواتف للتبرع للاجئين، بل تضعها على أبـواب المدارس: “من مال الله يا ألمــان.”.

نعـم انقلبَ السـحرُ على السـاحر، والقـادم أعظم، وجرائم الاغتصاب وسرقة المحلات والسيارات والمخدرات، سـتكون نزهـة عشـاق للشرطة الألمانية، قبل أن يتحـرك الدواعش، وقد بــدأوا. نزهـة عشـاق قبـل أن يحدث التصـادم الكبيـر بين الشعب الألماني ومئات آلاف اللاجئين غير القادرين على اسـتيعاب أنهـم في بلاد لها عاداتها ونظامها وحضارتهـا. عندهـا سـتكون ألمانيـا وخليفــة ميركـل أمام حلّين: إمـا أن يقـوم بترحيـل اللاجئيـن أو يُرحّــل الشـعب الألماني إلى بـلاد الله الواسـعة.

هـو خـازوق دُقّ بمطرقـة ذكيـة، أوله عنـد جزيرة لسبوس اليونانيـة، ورأسـه عنـد مدينـة باســاو، وهنـاك وراء الكواليـس مَنْ يصيـح ببرلين: “هـل تريـدينْ، المزيـد من اللاجئيـنْ، يا حبيبتنــا برليــنْ؟” د. جميل م. شاهين