داعِش تعودُ من جديد، لكن… تحقيق مركز فيريل للدراسات

 

عندما أُسّس تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، لم يكن مؤسسوها يتوقعون أن يتم اختصارها بداعش، لهذا بات تداول هذا الاختصار محظوراً من قِبَل هذا التنظيم، ويُعاقب مَن يستخدمه بقطع الرأس. كذلك الأمر بالنسبة لميليشيات قَسُد الذي أطلقهُ مركز فيريل على قوات سوريا الديموقراطية…

اليوم ومع اندحار داعش بأسرع مما خططت له دوائر المخابرات الغربية، يجري الإعداد لتأسيس “داعش جديدة”، فمن غير المعقول أن تبقى الساحة فارغة دون وجود عدوّ دائم ذو فترة صلاحية محددة.! وهل هناك أنسبُ وأسهلُ من المنظمات الإسلامية المتطرفة كخردة لهذه الصناعة الرخيصة؟ الأفضل أن يكون اسمها واحداً مثل “القاعدة” كي لا يتم اختزاله.

تمهيد شعبي للإرهاب القادم

فور الإعلان عن هزيمة داعش في الموصل، وكي لا يستبشر الناس خيراً، بدأت تصريحات من المسؤولين الأمريكيين وعبر الإعلام البريطاني حول تنظيم جهادي بديل! الجنرال الأميركي Stephen J. Townsend، ألماني المولد، شارك في حرب أفغانستان والعراق، قال: (الحرب ضد داعش لم تنتهِ بانتصار الموصل) الأهم: (قد يطرح تنظيم داعش نفسَهُ بصورة جديدة)!. إذاً داعش لم ولن تنتهي كفكرة وكتنظيم إرهابي، وعلى العالم أجمع ومنطقة الشرق الأوسط خاصة، أن تظل تُعاني.

اجتماعات استخباراتية لتأسيس تنظيم إرهابي جديد

رغم الكم الهائل من المعلومات التي وصلت مركز فيريل للدراسات، حول اجتماعات لتأسيس تنظيم جديد، إلا أنّ التأكد من صحة هذه المعلومات، صعبٌ للغاية، لهذا لن نستفيض بذكر تفاصيل وأسماء حالياً. اجتماعات جرى معظمها في تركيا وشاركت فيها استخباراتٌ عربية وغربية، في أواخر أيار 2017. كما طرحت أسماءٌ لضباط وشيوخ إرهابيين من إسرائيل والسعودية وتركيا والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، شاركوا في هذه الاجتماعات. الهدف اختيار عناصر أساسية لتشكيل هذا التنظيم البديل، وتدريب عناصره، ووضع أهدافه.

المؤكد أنّ طائراتٍ عسكرية أميركية قامت بمهمات سرية، في عدة مناطق ومدن سورية وعراقية، وحسب اعترافات الجيش الأميركي نفسه. ففي يوم الإثنين 9 كانون الثاني 2017، قامت مروحيات أميركية وفي وضح النهار، الساعة 2:45، بإنزال جنود أميركيين قريتي الكبر والجزرة بريف دير الزور الغربي، فنصبت حواجز، وأوقفت سياراتٍ تضم قياديين من داعش قادمين من الرقة. الغريب في الأمر أنّ عناصر داعش لم تطلق طلقة واحدة على الأمريكيين. وقام الجنود الأمريكيين بأخذ عدد من الأحياء معهم، ثم قتلوا الباقي، وحتى “الجثث” أخذوها معهم!!. بعدها خرجت صحيفة تايمز اللندنية لتؤكد مشاركة بريطانيا في العملية، وأنّهم قتلوا أبو أنس العراقي، القيادي في داعش، وأخذوا معهم 25 جثة!!.

لماذا أخذوا الجثث؟ بالتأكيد ليس للصلاة عليها، بل هوية إرهابيين لا يُفترض أن يُعرفَ أنهم كانوا في صفوف داعش.

عملية الإنزال وتهريب قياديي داعش تواصلت في الموصل، والرقة بمشاركة ميليشيات قسد، حيث فتحت ممرات لتهريب هؤلاء، وعندما حاول الطيران السوري قصفهم، قامت بإسقاط الطائرة السورية في منطقة الرصافة في 18 حزيران الماضي.

أين اختفى قياديو وعناصر داعش؟

يُقدّر عناصر داعش بعشرات الآلاف، إن لم يصل إلى 100 ألف، ومهما قتلت منهم الجيوش المشاركة، فهناك عشرات الآلاف اختفوا أو سيختفون فجأة، فإلى أين. هناك أربعة طرق:

أولاً: العودة للحياة المدنية بعد خلع لبوس داعش، والانخراط في المجتمع في سوريا والعراق وباقي الدول التي جاؤوا منها، بشكل خلايا نائمة تتحيّنُ فرصة جديدة للظهور المسلح ثانية.

ثانياً: قتلى بجثث ظاهرة أو جثث اخفيت بقصد، لمحو هوية أصحابها وانتمائهم الفكري وجنسيتهم، كما رأينا سابقاً.

ثالثاً: هروبهم إلى دول أخرى أوروبية مثلاً، وحصولهم على إقامات بطريقة اللجوء، أو عودتهم لأوطانهم.

رابعاً: تمّ ويتم نقلهم إلى دول أخرى. ليدخلوا معسكرات تدريب وتأهيلٍ فكري وعسكري، تمهيداً للخطوات القادمة. المؤكد لنا في مركز فيريل أن تركيا أقامت معسكرات تدريب وتجمعات لهم في مناطق نائية جنوب البلاد، والعنوان “معارضة سورية معتدلة”، كما انتقل قسمٌ إلى إيران وأفغانستان ومصر والجزائر وإفريقيا.

ماذا عن سوريا من هذا التنظيم الجديد؟

التنظيم الجديد سيضرب دولاً بعينها، ليثير الفوضى أكثر في العالم، هناك لائحة بها لكن أهمها:

روسيا، إيران، مصر، الجزائر.

نلفتُ النظر هنا إلى أنّ تصنيف جيش مصر في المرتبة العاشرة عالمياً، لم يأتِ عن عبث، وبالتأكيد فإنّ إسرائيل ليست سعيدة بهذا الخبر، لكن القادم لمصر… كثير.

بالنسبة لسوريا، نؤكدُ من مركز فيريل أنّ خلايا داعش النائمة موجودة في عدة أماكن، وسوف تتحرّكُ عندما تأتيها الأوامر، وحسب المتوفر لنا من معلومات، من بين العائدين إلى “حضن الوطن” خلايا نائمة. كما يتواجد ممن يتم إعدادهم في معرة النعمان وإعزاز وتل أبيض، ومخيمات اللجوء في الشمال الغربي عند حدود تركيا ولواء اسكندرون. كما يتواجد قسم آخر في الجنوب بالقرب من الحدود مع الجولان المحتل والأردن. بالإضافة لما سيتبقى في الرقة ودير الزور.

القضية ليست قضية أفراد فقط، هي فكر إرهابي وهابي مازال راسخاً في المجتمعات الإسلامية… لهذا تتبخر داعش وتأتي غيرها، وهكذا دواليك.

الخطوة القادمة لمؤسسي داعش

قبيل القضاء على داعش في سوريا والعراق، سيظهر التنظيم الإرهابيّ الجديد. الظهور سيتم بعمليات إرهابية حتى في الدول التي أسسته فتُعلن منظمة لم يسمعُ بها أحد مسؤوليتها عن تلك العمليات، أي أنّ الصورة النمطية ستتكرر ويتكرر معها الفكر الوهابي ذاتهُ، وهؤلاء الإرهابيون الانتحاريون الباحثون عن حور العين.

أربعةُ أمور ستكون جديدة في هذا التنظيم حسب ما علمنا في مركز فيريل:

  • عمليات إرهابية “مُبرمجــة” في دول كانت ممنوعة سابقاً، كإسرائيل والولايات المتحدة ودول الخليج، وهذا سيعطي الذريعة لتل أبيب وواشنطن وحتى الرياض، للمشاركة في حرب ضد الإرهاب، وضرب التنظيم الجديد في دول سيتم تجميعه فيها، مثل مصر وإيران والجزائر. وهذا أحد أخطر ما يُخطط له.
  • استخدام التنظيم الإرهابي الجديد للتكنولوجيا وبعض الأسلحة الحديثة في عملياته، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية، وأسلحة نتحفظُ عن ذكرها هنا…
  • لن يستولي التنظيم الجديد على مناطق شاسعة أو مدن كبيرة، وسيتلافى الخطأ الذي وقع فيه في سوريا والعراق عندما احتل الرقة والموصل، بل سيكوّن مجموعات واسعة الانتشار يصعب حصارها والقضاء عليها.
  • اسم جديد يتم تداوله لهذا التنظيم. الرأي لم يستقر بعد لكن المطروح الأول حسب فيريل هو اسم “تنظيم القارِعة” تيمناً بسورة القارعة: ﴿ الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ * فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ ﴾ أي “تنظيم القيامة”. مركز فيريل للدراسات 12.07.2017

يمكنم مشاهدة الفيديو